أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة الثامنة والعشرون - صـ 366

جلسة 21 من مارس سنة 1977

برياسة السيد المستشار حسن علي المغربي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إسماعيل محمود حفيظ، ومحمد صفوت القاضي، والسيد محمد شرعان، ومحمد علي بليغ.

(79)
الطعن رقم 1191 لسنة 46 القضائية

(1) محكمة الموضوع. "سلطتها في تعديل وصف التهمة". نيابة عامة. وصف التهمة. "تزوير أوراق رسمية".
حق محكمة الموضوع في تمحيص الواقعة المطروحة بجميع كيوفها وأوصافها وتطبق صحيح القانون عليها.
(2) تقليد. تزوير. "تزوير أوراق الشركات المملوكة للدولة". جريمة. أركانها. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إثبات المتهم بيانات لأحد العاملين ببنك على جواز سفر ووضع بصمة خاتم مقلد للبنك المذكور عليها. تزوير في أوراق إحدى الشركات المملوكة للدولة. المادتين. المادة 306/ 1 مكرر 1، 214 عقوبات.
(3) طعن. "الحكم في الطعن". عقوبة. "تقديرها". ضرر. وصف التهمة. نقض. "الصفة في الطعن والمصلحة فيه".
اقتصار قاعدة عدم جواز إضرار المتهم بطعنه على مقدار العقوبة فحسب.
(4) تزوير. "تزوير المحررات الخاصة بالشركات المملوكة للدولة". موظفون عموميون. أوراق رسمية.
عدم اشتراط صدور التزوير من موظف مختص فعلاً. كفاية أن تعطي الأوراق المصطنعة شكل الأوراق الرسمية ومظهرها. ولو لم تصدر من موظف عام.
(5) تزوير. "تزوير المحررات الخاصة بالشركات المملوكة للدولة". ضرر. إثبات. بوجه عام.
افتراض الضرر في هذه المحررات لما في هذا التزوير من تقليل الثقة بها.
(6) تزوير. ضرر. تقليد. إثبات. "شهود".
كفاية تغيير الحقيقة في محرر بما يؤدي إلى انخداع البعض به لقيام جريمة التزوير. إتقان التزوير في هذه الحالة ليس بلازم لتحقق الجريمة.
(7) فاعل أصلى. شريك. تقليد. "الصفة في الطعن والمصلحة فيه".
عدم جدوى إثارة الطاعن أنه شريك وليس بفاعل. ما دامت العقوبة لكل منهما واحدة.
1- من المقرر أن محكمة الموضوع مكلفة بأن تمحص الواقعة المطروحة أمامها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً دون أن تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم.
2- إن مقتضى نص المادة 206/ 2 مكرراً من قانون العقوبات المضافة بالقانون رقم 120 لسنة 1962 أن الشارع غلظ العقاب لكل تقليد أو تزوير لختم أو علامة لإحدى الشركات المساهمة إذ كانت الدولة أو إحدى الهيئات العامة تساهم في مالها بنصيب ما بأية صفة كانت، كما أنه بمقتضى نص المادة 214/ 2 مكرراً من قانون العقوبات المضافة بالقانون المذكور 120 لسنة 1962 غلظ الشارع العقاب على كل تزوير يقع في محرر لإحدى الشركات المساهمة إذا كان للدولة أو لإحدى الهيئات العامة نصيب فيها بأية صفة كانت، وذلك – على ما أفصح المشرع في المذكرة التفسيرية للقانون رقم 120 سنة 1962 لإسباغ الحماية اللازمة على أختام وعلامات ومحررات تلك الجهات أسوة بالحماية اللازمة لأختام الحكومة وعلاماتها ومحرراتها. لما كان ذلك. وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن أنه والمحكوم عليه الأول قد قلدا خاتم بنك مصر المملوك للدولة ووضعا بصمة هذا الخاتم وأثبتا صدور بيانات لأحد العاملين بالبنك على جوازات السفر المضبوطة بما يفيد – خلافاً للحقيقة – أن أصحابها قد حول كل منهم ثلاثين ديناراً ليبياً، مما تقوم معه في حق الطاعن والمتهم الآخر الجريمة المنصوص عليها في المادتين 206/ 2 مكرراً و214/ 2 مكرراً من قانون العقوبات دون جريمة التزوير المبينة بالمادة 217 من قانون العقوبات.
3- إن قاعدة عدم جواز إضرار الطاعن بطعنه لا يصح إعمالها إلا من ناحية مقدار العقوبة الذي يعتبر حداً أقصى لا يجوز تعديه ومن ثم فلا يعتبر إسباغ الوصف القانوني الصحيح على الواقعة منطوياً على الإساءة لمركز الطاعن ومن ثم فلا مصلحة له في منعاه بعدم توافر أركان جريمة التزوير في جواز سفر التي دانه بها الحكم المطعون فيه.
4- لا يشترط في جريمة تزوير المحررات الرسمية – وشأن المحررات الخاصة بالشركات المملوكة للدولة كشأنها – أن تصدر فعلاً عن الموظف المختص بتحرير الورقة، بل يكفي أن تعطى هذه الأوراق المصطنعة شكل الأوراق الرسمية ومظهرها ولو نسب صدورها كذباً إلى موظف عام للإيهام برسميتها مع أنها في الحقيقة لم تصدر عنه.
5- من المقرر أن الضرر في تزوير هذه المحررات مفترض لما في التزوير من تقليل الثقة بها على اعتبار أنها من الأوراق التي يعتمد عليها في إثبات ما فيها.
6- لا يلزم في التزوير المعاقب عليه أن يكون متقناً بحيث يلزم لكشفه دراية خاصة بل يستوي أن يكون واضحاً لا يستلزم جهداً في كشفه أو متقناًً يتعذر على الغير أن يكشفه ما دام أن تغيير الحقيقة في الحالتين يجوز أن ينخدع به بعض الناس، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعن والمتهم الآخر قاما بوضع أختام مزورة لبنك مصر على جوازات السفر المضبوطة ودونا عليها ما يفيد أن أصحاب تلك الجوازات قد قاموا بتحويل المبالغ المطلوبة من الدينارات الليبية وذلك على خلاف الحقيقة، كما بان من مدونات الحكم أن النقيب....... قد شهد بأن التزوير الذي حدث قد انخدع به بعض الناس فعلاً إذ تمكن المواطنين من السفر بناء على الأختام والتأشيرات المزورة المنسوبة إلى بنك مصر فإن ما يثيره الطاعن بشأن افتضاح التزوير وانعدام الضرر يكون غير سديد.
7- إن ما يثيره الطاعن من أن المحكوم عليه الأول هو الذي قلد خاتم بنك مصر واستعمله في إضافة البيانات المزورة مردود بأنه بفرض أن المتهم الآخر هو الفاعل الأصلي في الجرائم المذكورة فإن الطاعن يعد حتماً شريكاً فيها فلا مصلحة له من وراء ما أثاره في هذا الشأن لكون العقوبة المقررة للفاعل الأصلي هي بذاتها العقوبة المقررة للشريك لأن من اشترك في جريمة فعلية عقوبتها طبقاً للمادة 41 من قانون العقوبات.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من....... و....... بأنهما في يوم 9 يناير سنة 1972 بدائرة قسم الموسكي محافظة القاهرة: زورا جوازات السفر المبينة بالأوراق والتي كانت صحيحة في الأصل بطريق الإضافة على النحو المبين بالمحضر وطلبت عقابهما بالمادة 217 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح الموسكي الجزئية قضت غيابياً عملاً بمادة الاتهام بحبس كل من المتهمين شهرين مع الشغل وكفالة خمسة جنيهات لإيقاف التنفيذ. عارض المحكوم عليه (الطاعن) وقضى في معارضته بقبولها شكلاً ورفضها موضوعاً وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه. فاستأنف المتهم هذا الحكم وقيد استئنافه. ومحكمة القاهرة الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف. عارض، وقضى في معارضته بقبولها شكلاً وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. فطعن الأستاذ....... المحامي بصفته وكيلاً عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة التزوير في جوازات سفر قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون ذلك بأن الجريمة المسندة إلى الطاعن لم تتوافر أركانها القانونية إذ لم يحدث تغيير في البيانات التي أعدت جوازات السفر لإثباتها، وأن ما وقع من إضافة بما يفيد تحويل دينارات ليبية كان تزويراً مفضوحاً ولم ينشأ عنه ضرر ويطابق التعليمات الرسمية – في شان القدر المسموح بتحويله من العملة الليبية وفضلاً عن هذا فإن مرتكبي التزوير لم يكن إلا المحكوم عليه الآخر كل ذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مجمله أنه وصلت إلى وحدة مكافحة جرائم النقد معلومات تفيد وجود عصابة تقوم بعمل أختام خاصة بالبنوك لاستعمالها في إثبات بيانات مزورة على جوازات سفر المغادرين إلى الجمهورية العربية الليبية من غير الليبيين تتضمن أن كلاً من حامليها قد حول – خلافاً للحقيقة – ثلاثين ديناراً ليبياً لحسابه وذلك لأن الحكومة المصرية لا تسمح إلا بتحويل عشرين ديناراً، ثم أبلغ....... أحد أصحاب محلات الزنكوغراف بأن المحكوم عليه الأول كلفه بعمل خاتم لبنك مصر وأنه يشتبه فيه فتم ضبطه ومعه الخاتم حيث اعترف بأن الطاعن هو الذي كلفه باصطناع هذا الخاتم لاستعماله في ختم جوازات سفر العمال المصريين الذين يرغبون في السفر إلى ليبيا، ووعده بأن يدفع إليه خمسة جنيهات نظير إضافة البيانات المزورة إلى كل واحد منها وسلمه أحد عشر جوازاً تم ضبطها أيضاً، وإذ ضبط الطاعن قرر بصحة ما أسنده إليه المحكوم عليه الأول وبتفتيشه عثر معه على سبع جوازات سفر أعترف بأن البيانات المنسوبة إلى بنك مصر والثابتة عليها مزورة، وتبين أن الطاعن هو الذي تسلم تلك الجوازات من أصحابها لإنهاء إجراءات سفر أصحابها إلى ليبيا نيابة عنهم، وبعد أن أورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذا النحو أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، خلص إلى إدانة الطاعن وزميله بوصفهما فاعلين أصليين في جريمة تزوير جوازات السفر إعمالاً لنص المادة 217 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن محكمة الموضوع مكلفة بأن تمحص الواقعة المطروحة أمامها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً دون أن تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم، وكان مقتضى نص المادة 206/ 2 مكرراً من قانون العقوبات المضافة بالقانون رقم 120 لسنة 1962 أن الشارع غلظ العقاب لكل تقليد أو تزوير لختم أو علامة لإحدى الشركات المساهمة إذا كانت الدولة أو إحدى الهيئات العامة تساهم في مالها بنصيب ما بأية صفة كانت، كما أنه بمقتضى نص المادة 214/ 2 مكرراً من قانون العقوبات المضافة بالقانون المذكور 120 لسنة 1962 غلظ الشارع العقاب على كل تزوير يقع في محرر لإحدى الشركات المساهمة إذا كان للدولة أو لإحدى الهيئات العامة نصيب فيها بأية صفة كانت، وذلك – على ما أفصح المشروع في المذكرة التفسيرية للقانون رقم 120 لسنة 1962 لإسباغ الحماية اللازمة على أختام وعلامات ومحررات تلك الجهات أسوة بالحماية اللازمة لأختام الحكومة وعلاماتها ومحرراتها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن أنه والمحكوم عليه الأول قد قلدا خاتم بنك مصر المملوك للدولة ووضعا بصمة هذا الخاتم وأثبتا صدور بيانات لأحد العاملين بالبنك على جوازات السفر المضبوطة بما يفيد – خلافاً للحقيقة – أن أصحابها قد حول كل منهم ثلاثين ديناراً ليبياً، مما تقوم معه في حق الطاعن والمتهم الآخر الجريمة المنصوص عليها في المادتين 206/ 2 مكرراً و212/ 2 مكرراً من قانون العقوبات دون جريمة التزوير المبينة بالمادة 217 من قانون العقوبات ولا يقدح في ذلك قاعدة عدم جواز أضرار الطاعن بطعنه إذ أن هذه القاعدة لا يصح إعمالها إلا من ناحية مقدار العقوبة الذي يعتبر حداً أقصى لا يجوز تعديه ومن ثم فلا يعتبر إسباغ الوصف القانوني الصحيح على الواقعة منطوياً على الإساءة لمركز الطاعن ومن ثم فلا مصلحة له في منعاه بعدم توافر أركان جريمة التزوير في جواز سفر التي دانه بها الحكم المطعون فيه – لما كان ذلك، وكان لا يشترط في جريمة تزوير المحررات الرسمية – وشأن المحررات الخاصة بالشركات المملوكة للدولة كشأنها – أن تصدر فعلاً عن الموظف المختص بتحرير الورقة، بل يكفي أن تعطي هذه الأوراق المصطنعة شكل الأوراق الرسمية ومظهرها ولو نسب صدورها كذباً إلى موظف عام للإيهام برسميتها مع أنها في الحقيقة لم تصدر عنه، وكان من المقرر أن الضرر في تزوير المحررات مفترض لما في التزوير من تقليل الثقة بها على اعتبار أنها من الأوراق التي يعتمد عليها في إثبات ما فيها، وأنه لا يلزم في التزوير المعاقب عليه أن يكون متقناً بحيث يلزم لكشفه دراية خاصة بل يستوي أن يكون واضحاً لا يستلزم جهداً في كشفه أو متقناً يتعذر على الغير أن يكشفه ما دام أن تغيير الحقيقة في الحالين يجوز أن ينخدع به بعض الناس، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعن والمتهم الآخر قاما بوضع أختام مزورة لبنك مصر على جوازات السفر المضبوطة ودونا عليها ما يفيد أن أصحاب تلك الجوازات قد قاموا بتحويل المبالغ المطلوبة من الدينارات الليبية وذلك على خلاف الحقيقة، كما بان من مدونات الحكم أن النقيب....... قد شهد بأن التزوير الذي حدث قد انخدع به بعض الناس فعلاً إذ تمكن بعض المواطنين من السفر بناء على الأختام والتأشيرات المزورة المنسوبة إلى بنك مصر فإن ما يثيره الطاعن بشأن افتضاح التزوير وانعدام الضرر يكون غير سديد. لما كان ذلك. وكان ما يثيره الطاعن من أن المحكوم عليه الأول هو الذي قلد خاتم بنك مصر واستعمله في إضافة البيانات المزورة مردود بأنه يفرض أن المتهم الآخر هو الفاعل الأصلي في الجرائم المذكورة فإن الطاعن يعد حتماً شريكاً فيها فلا مصلحة له من وراء ما أثاره في هذا الشأن لكون العقوبة المقررة للفاعل الأصلي هي بذاتها العقوبة المقررة للشريك لأن من اشترك في جريمة فعليه عقوبتها طبقاً للمادة 41 من قانون العقوبات. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.