أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 21 - صـ 238

جلسة 8 من فبراير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ سعد الدين عطيه، وعضوية السادة المستشارين: أنور أحمد خلف، ومحمود كامل عطيفة، والدكتور أحمد محمد إبراهيم، والدكتور محمد محمد حسنين.

(59)
الطعن رقم 1782 لسنة 39 القضائية

( أ ) إجراءات المحاكمة. "سماع الشهود".
عدم التزام المحكمة بسماع الشهود جميعاً في جلسة واحدة أو إجراء مواجهة بينهم.
(ب) ارتباط. عقوبة. "عقوبة الجرائم المرتبطة". فعل فاضح علني. تعرض لأنثى على وجه يخدش حياءها. نقض. "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
ملاحقة الطاعن للمجني عليها على سلم المنزل وما صاحب ذلك من أقوال وأفعال تخدش حياءها تتوافر به جريمتا الفعل الفاضح العلني والتعرض لأنثى على وجه يخدش حياءها. قيام الارتباط بين هاتين الجريمتين. وجوب تطبيق المادة 32/ 2 عقوبات والحكم بالعقوبة المقررة لأشدهما وهي عقوبة الجريمة الأولى. مخالفة الحكم هذا النظر. خطأ في تطبيق القانون.
(ج) نقض. "الحكم في الطعن". "سلطة محكمة النقض".
لمحكمة النقض نقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت فيه أنه مبنى على خطأ في تطبيق القانون. المادة 35/ 2 من القانون 57 لسنة 1959
(د، هـ) محكمة استئنافية. "الإجراءات أمامها". "تسبيب أحكامها". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إجراءات المحاكمة. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
(د) محكمة ثاني درجة تحكم في الأصل على مقتضى الأوراق. هي لا تجري من التحقيقات إلا ما ترى لزوماً لإجرائه. مثال لإجراءات صحيحة.
(هـ) عدم التزام المحكمة الاستئنافية عند تأييد الحكم المستأنف للأسباب التي بنى عليها بإعادة ذكر تلك الأسباب في حكمها. كفاية الإحالة إليها.
(و) إثبات. "شهود" حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
وزن أقوال الشاهد. أمر موضوعي. للمحكمة الأخذ بقوله في أية مرحلة ولو كانت مخالفة لما شهد به أمامها دون أن تلتزم ببيان السبب. للمحكمة الإعراض عن أقوال شهود النفي ما دامت لا تثق فيها.
1 - لا توجب المادة 278 من قانون الإجراءات الجنائية على المحكمة سماع الشهود جميعاً في جلسة واحدة أو ضرورة إجراء مواجهة بينهم وإن سوغت ذلك ولم يرتب القانون البطلان على مخالفة الإجراءات المنصوص عليها في المادة المذكورة. ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً ولا يعدو أن يكون نعياً وارداً على سلطة محكمة الموضوع في تقدير الدليل والأخذ منه بما تطمئن إليه وإطراح ما عداه مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض.
2 - إن ملاحقة الطاعن للمجني عليها على سلم المنزل وما صاحب ذلك من أقوال وأفعال حسبما استظهره الحكم المطعون فيه مما تتوافر به أركان جريمة الفعل الفاضح العلني ينطوي في ذاته على جريمة التعرض لأنثى على وجه يخدش حياءها بالقول وبالفعل في مكان مطروق وهي الجريمة المنصوص عليها في المادة 306 مكرراً ( أ ) من قانون العقوبات مما يقتضي تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات والحكم على الطاعن بالعقوبة المقررة للجريمة الأشد وهي جريمة الفعل الفاضح العلني. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أوقع على الطاعن عقوبة عن كل من هاتين الجريمتين، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
3 - تجيز الفقرة الثانية من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض - للمحكمة أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت فيه أنه مبني على خطأ في تطبيق القانون. ولما كان الحكم المطعون فيه إذ أوقع على الطاعن عقوبة عن كل من جريمتي الفعل الفاضح العلني والتعرض لأنثى على وجه يخدش حياءها رغم قيام الارتباط بينهما، يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه نقضه نقضاً جزئياً فيما قضى به من عقوبة الحبس عن جريمة التعرض لأنثى وتصحيحه بإلغاء هذه العقوبة والاكتفاء بعقوبة الغرامة المقضي بها عن جريمة الفعل الفاضح العلني باعتبارها الجريمة الأشد.
4 - المحكمة الاستئنافية إنما تحكم بحسب الأصل على مقتضى الأوراق وهي لا تجري من التحقيقات إلا ما ترى لزوماً لإجرائه. ولما كانت المحكمة المطعون في حكمها قد سمعت أقوال شهود الإثبات وأقوال شاهدي النفي اللذين حضرا، وكانت محكمة أول درجة قد سمعت أقوال شاهدة النفي الثالثة فلم تكن هناك ثمة حاجة لإعادة سؤالها مرة أخرى أمام محكمة ثاني درجة، وكان الثابت من مطالعة المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أن الطاعن لم يعلن شاهد النفي الثاني للحضور لجلسة المرافعة الأخيرة التي حجزت فيها القضية للحكم رغم أن المحكمة الاستئنافية صرحت له بالجلسة السابقة بإعلان شهود نفي، فإن ما يثيره الطاعن في شأن الإخلال بحقه في الدفاع لا يكون له محل.
5 - من المقرر أنه إذا رأت المحكمة الاستئنافية تأييد الحكم المستأنف للأسباب التي بنى عليها فليس في القانون ما يلزمها أن تعيد ذكر تلك الأسباب في حكمها بل يكفي أن تحيل عليها إذ الإحالة على أسباب تقوم مقام إيرادها وبيانها وتدل على أن المحكمة قد اعتبرتها كأنها صادرة منها.
6 - وزن أقوال الشاهد يرجع إلى محكمة الموضوع ولها الأخذ بها في أية مرحلة ولو كانت مخالفة لما شهد به أمامها دون أن تلتزم ببيان السبب، ولها أن تعرض عن أقوال شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 20 يوليو سنة 1968 بدائرة قسم الأزبكية: (أولاً) فعل علانية فعلاً فاضحاً مخلاً بالحياء. (ثانياً) تعرض لأنثى في الطريق العام. وطلبت عقابه بالمادتين 278 و306 مكرر ( أ ) من قانون العقوبات وادعت مدنياً المجني عليها...... وطلبت القضاء لها بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت قبل المتهم. ومحكمة جنح آداب القاهرة قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام (أولاً) بتغريم المتهم خمسة جنيهات عن التهمة الأولى. (ثانياً) بحبسه أربعة وعشرين ساعة عن التهمة الثانية حبساً بسيطاً وكفالة 1 ج لوقف تنفيذ العقوبة. (ثالثاً) بإلزامه أن يدفع للمدعية بالحق المدني قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت وإلزامه بمصاريف الدعوى المدنية ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول استئناف المتهم شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمته المصروفات المدنية الاستئنافية وخمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة بلا مصروفات جنائية. فطعن وكيل المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتي الفعل الفاضح والتعرض لأنثى قد شابه إخلال بحق الدفاع وقصور في التسبيب وبطلان في الإجراءات وأخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن الطاعن طلب من المحكمة سماع أقوال شهود الإثبات والنفي إلا أنها لم تجبه إلى طلبه كما أن الحكم المطعون فيه أخذ بأسباب الحكم الابتدائي رغم أن محكمة أول درجة لم تكن قد سمعت أقوال الشاهد سيد طه الذي سمعته محكمة ثاني درجة فقط كما أطرح الحكم أقوال بعض الشهود لعدم اطمئنانه إليها دون أن يبين العلة في ذلك ثم أن المحكمة سمعت أقوال الشهود في جلسات متفرقة ولم تسمعها في جلسة واحدة ولم تواجه الشهود بعضهم بعضاً وأخيراً فإن الحكم لم يورد أدلة الإدانة ولم يطبق القانون تطبيقاً صحيحاً على واقعة الدعوى.
وحيث إن الثابت من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة الاستئنافية أن المحكمة سمعت أقوال شهود الإثبات وصرحت للطاعن بإعلان شهود نفي فحضر اثنان من هؤلاء الشهود وسمعتهما المحكمة ولم يحضر الاثنان الآخران. لما كان ذلك، وكانت المحكمة الاستئنافية إنما تحكم بحسب الأصل على مقتضى الأوراق وهي لا تجري من التحقيقات إلا ما ترى لزوماً لإجرائه وكانت المحكمة المطعون في حكمها قد سمعت أقوال شهود الإثبات وسمعت أقوال شاهدي النفي اللذين حضرا وكانت محكمة أول درجة قد سمعت أقوال شاهدة النفي نادية جبريل فلم تكن هناك ثمة حاجة لإعادة سؤالها مرة أخرى أمام محكمة ثاني درجة، وكان الثابت من مطالعة المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أن الطاعن لم يعلن عبده سليمان شاهد النفي الثاني للحضور لجلسة المرافعة الأخيرة التي حجزت فيها القضية للحكم رغم أن المحكمة الاستئنافية صرحت له بالجلسة السابقة بإعلان شهود نفي فإن ما يثيره الطاعن في شأن الإخلال بحقه في الدفاع لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي الفعل الفاضح العلني والتعرض لأنثى وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. وكان من المقرر أنه إذا رأت المحكمة الاستئنافية تأييد الحكم المستأنف للأسباب التي بنى عليها فليس في القانون ما يلزمها أن تعيد ذكر تلك الأسباب في حكمها بل يكفي أن تحيل عليها إذ الإحالة على الأسباب تقوم مقام إيرادها وبيانها وتدل على أن المحكمة قد اعتبرتها كأنها صادرة منها. وكان وزن أقوال الشاهد يرجع إلى محكمة الموضوع ولها الأخذ بها في أية مرحلة ولو كانت مخالفة لما شهد به أمامها دون أن تلتزم ببيان السبب ولها أن تعرض عن أقوال شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به. وكانت المادة 278 من قانون الإجراءات الجنائية لا توجب على المحكمة سماع الشهود جميعاً في جلسة واحدة أو ضرورة إجراء مواجهة بينهم وإن سوغت ذلك لها ولم يرتب القانون البطلان على مخالفة الإجراءات المنصوص عليها في المادة المذكورة، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً ولا يعدو أن يكون نعياً وارداً على سلطة محكمة الموضوع في تقدير الدليل والأخذ منه بما تطمئن إليه وإطراح ما عداه مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، وكانت ملاحقة الطاعن للمجني عليها على سلم المنزل وما صاحب ذلك من أقوال وأفعال حسبما استظهره الحكم المطعون فيه، مما تتوافر بها أركان جريمة الفعل الفاضح العلني ينطوي في ذاته على جريمة التعرض لأنثى على وجه يخدش حياءها بالقول وبالفعل في مكان مطروق وهي الجريمة المنصوص عليها في المادة 306 مكرراً ( أ ) من قانون العقوبات مما يقتضي تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات والحكم على الطاعن بالعقوبة المقررة للجريمة الأشد وهي جريمة الفعل الفاضح العلني وكان الحكم المطعون فيه قد أوقع على الطاعن عقوبة عن كل من هاتين الجريمتين فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وإذ كانت المادة 35 فقرة ثانية من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض تجيز للمحكمة أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها، إذا تبين لها مما هو ثابت فيه أنه مبنى على خطأ في تطبيق القانون فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً فيما قضى به من عقوبة الحبس عن جريمة التعرض لأنثى وتصحيحه بإلغاء هذه العقوبة والاكتفاء بعقوبة الغرامة المقضي بها عن جريمة الفعل الفاضح العلني باعتبارها الجريمة الأشد ورفض الطعن فيما عدا ذلك.