أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة الثامنة والعشرون - صـ 373

جلسة 21 من مارس سنة 1977

برياسة السيد المستشار حسن علي المغربي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إسماعيل محمود حفيظ، ومحمد صفوت القاضي، ومحمد عبد الحميد صادق، ومحمد علي بليغ.

(80)
الطعن رقم 1263 لسنة 46 القضائية

(1) تبديد. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع". ما لا يوفره. "قصد جنائي. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
ادعاء الطاعن أن امتناعه عن تسليم مستندات مودعة أمانة لديه. مردة. عدم تنفيذ المدعي بالحقوق المدنية التزامه بالتوقيع. دفاع جوهري. وجوب تمحيصه. علة ذلك؟
2- تبديد. خيانة أمانة. قصد جنائي. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
مجرد قعود الجاني عن رد الشئ المودع لديه لا يتحقق به القصد الجنائي في جريمة التهديد وجوب ثبوت نية تملكه الشئ.
1- يجب على المحكمة أن تقل كلمتها بشأن ما ادعاه الطاعن من أن امتناعه عن تسليم المستندات كان لعدم تنفيذ المطعون ضده الالتزام بتوقيعه على محضر الصلح في الشهر العقاري هو زوجته وتسليم زوجة والده المنقولات المودعة بالمنزل المبيع خاصة وأن هذا الدفاع شهدت به المستندات التي قدمها للمحكمة الاستئنافية وما حصله الحكم الابتدائي نقلاً عما قرره شهود النفي أمام المحكمة من أنهم أيدوا الطاعن في دفاعه وأضافوا أن عقد الصلح تضمن التزاماً ثالثاً على المطعون ضده هو تسليم المنقولات الخاصة بزوجة والده التي كانت بالمنزل المباع له وأن المطعون ضده لم ينفذ شيئاً من التزاماته حتى تسلم له المستندات المودعة لدى الطاعن وبالإضافة إلى ذلك فلم يفطن الحكم الابتدائي إلى ما أثبته نقلاً عن تحقيق البلاغ المؤرخ 2/ 12/ 1972 عن أن الطاعن قدم في التحقيق أصل عقد البيع الذي تبين مطابقته للصورة التي قدمها المطعون ضده وكذلك إلى ما أثبته من أن الطاعن قدم حافظة مستندات طويت على إنذار من البائعة له بعدم تسلمه عقد البيع الصادر منها ووجوب رده إليها، لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه لم يعن ببحث وتمحيص تلك الأمور مع ما قد يكون لها من دلالة في انتفاء القصد الجنائي لدى الطاعن كما أنه لم يلتفت إلى مسلك الطاعن أمام محكمة أول درجة من أن محاميه قرر استعداده لتسليم ما لديه من أمانات للمحكمة ولم تطلب منه المحكمة شيئاً ثم قيامه بإيداعها المحكمة الاستئنافية.
2- التأخير في رد الشئ أو الامتناع عن رده إلى حين لا يتحقق به الركن المادي لجريمة التبديد ما لم يكن مقروناً بانصراف نية الجاني إلى إضافة المال الذي تسلمه إلى ملكه واختلاسه لنفسه إضراراً بصاحبه إذ من المقرر أن القصد الجنائي في هذه الجريمة لا يتحقق بمجرد قعود الجاني عن الرد إنما يتطلب فوق ذلك ثبوت نية تملكه إياه وحرمان صاحبه منه، ولما كان الحكم المطعون فيه لم يستظهر هذا الركن الأساسي ولم يرد على دفاع الطاعن بما يفقده يكون قد قصر بيانه قصوراً معيباً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 27 من أغسطس سنة 1972 بدائرة مركز دكرنس محافظة الدقهلية: بدد الأشياء والمبلغ المبين قدراً بالمحضر....... والمسلمة إليه على سبيل الوديعة فاختلسها لنفسه إضراراً بالمجني عليه. وطلبت عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات. وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح دكرنس الجزئية قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام... (أولاً) في الدعوى الجنائية بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة مائة جنيه لإيقاف التنفيذ وأعفته من المصروفات. (ثانياً) وفى الدعوى المدنية بإلزام المتهم بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسون جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة. فاستأنف المتهم هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 3706 لسنة 1974. ومحكمة المنصورة الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضورياً بتاريخ 23 من أبريل سنة 1975 بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ هذا الحكم على أن يكون الإيقاف شاملاً لكافة الآثار الجنائية وأمر بتسليم عقد البيع العرفي والإقرار المقدمين بحافظة المتهم في الدعوى إلى المدعي بالحق المدني. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في 2 يونيه سنة 1975 وقدم الأستاذ....... المحامي عنه تقريراً بأسباب الطعن في التاريخ ذاته موقعاً عليه منه.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة التبديد قد شابه قصور في التسبيب وخطأ في القانون، ذلك بأنه لم يدلل على توافر القصد الجنائي لديه بانتوائه إضافة المستندات التي تسلمها إلى ملكه، كما أن دفاع الطاعن قام على أن سبب احتفاظه بالمستندات هو أن المطعون ضده لم ينفذ ما اشترط عليه في مجلس الصلح ذاته لعدم وجود مصلحة له في النزاع وأن تدخله كان للإصلاح بين المطعون ضده ووالده سلم الأول صوراً من تلك المستندات لمباشرة ما يريد اتخاذه من إجراءات ثم قدمها بعد ذلك للمحكمة الاستئنافية وأودع المبالغ التي تحت يده بخزانة المحكمة وعلى الرغم مما ينطوي عليه هذا الدفاع من اعتبار الواقعة غير مؤثمة فإن الحكم المطعون فيه لم يعن بالرد عليه بما يفنده مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مطالعة الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه أنه بعد أن بين واقعة الدعوى بما محصله أنه على أثر قيام منازعات قضائية بين المطعون ضده ووالده تدخل الطاعن لإنهاء النزاع صلحاً وتم الصلح وحرر عقد بيع ابتدائي صادر للمطعون ضده من زوجة أبيه عن فدان واثنى عشر قيراطاً وكذا إقرار منها بنقل الحيازة وقد أودع العقد والإقرار لدى الطاعن، ولما طالبه المطعون ضده باستلامهما امتنع عن ذلك فقام بالإبلاغ ضده بالتبديد وعول الحكم في قضائه بالإدانة على أقوال المجني عليه وشهوده وما ثبت من إقرار الطاعن بالاستلام وعقد البيع وقرارات النيابة العامة بإلزامه بالتسليم.
وحيث إن البين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أثبت أن دفاع الطاعن قام على انتفاء القصد الجنائي لديه وإن سبب امتناعه عن رد عقد البيع والإقرار والمبلغ موضوع الاتهام كان بسبب عدم تنفيذ المطعون ضده ما اشترط عليه بعقد الصلح من أن يوقع هو وزوجته على عقد الصلح بالشهر العقاري وأن يسلم المنقولات الموجودة بالمنزل الذي باعه له والده إلى زوجة هذا الأخير وأن يوقع على كشف تحديد مساحة الأطيان المباعة من زوجة أبيه إليه ثم رد الحكم على هذا الدفاع بقوله.
وحيث إن الثابت من مطالعة أوراق الدعوى أن المتهم قد أقر بالجلسة الأخيرة وبالتحقيقات أن المستندات التي يطالب بها المدعي بالحق المدني مودعة لديه وقد ثبت ذلك أيضاً من أقوال شهود النفي الذين أشهدهم، ولما كان دفاع المتهم قد انحصر في أن المدعي بالحق المدني لم ينفذ التزاماته المتفق عليها في عقد الصلح والذي يتوقف تسليم المستندات المطالب بها على تنفيذها وكان الثابت من كتاب مصلحة الشهر العقاري المؤرخ 3/ 8/ 1972 أن المدعي بالحق المدني قد نفذ التزاماته الخاصة بطلب تحديد مساحة الأرض المبيعة له بمقتضى عقد البيع المودع لدى المتهم وأن هذا التحديد لم يتم بسبب تخلف البائعة عن الحضور وكان في تمسك المتهم بالاحتفاظ بهذه المستندات وعدم تسليمها المدعي بالحق المدني رغم مطالبة هذا الأخير لها ورغم صدور عدة قرارات من النيابة العامة بإلزامه بتسليمها فضلاً عن إنكاره لها في أول التحقيقات مما تستخلص منه المحكمة أن المتهم تعمد اختلاس هذه المستندات إضراراً بالمدعي بالحق المدني، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في مدوناته دفاع الطاعن على نحو ما سلف بيانه إلا أنه اقتصر في رده على جزئية أن المطعون ضده فقد التزامه بطلب تحديد المساحة المبيعة بمقتضى عقد البيع موضوع الاتهام بينما لم يقل كلمته بشأن ما ادعاه الطاعن من أن امتناعه عن تسليم المستندات كان لعدم تنفيذ المطعون ضده الالتزام بتوقيعه على محضر الصلح في الشهر العقاري هو وزوجته وتسليم زوجة والده المنقولات المودعة بالمنزل المبيع خاصة وأن هذا الدفاع شهدت به المستندات التي قدمها للمحكمة الاستئنافية وما حصله الحكم الابتدائي نقلاً عما قرره شهود النفي أمام المحكمة من أنهم أيدوا الطاعن في دفاعه وأضافوا أن عقد الصلح تضمن التزاماً ثالثاً على المطعون ضده هو تسليم المنقولات الخاصة بزوجة والده التي كانت بالمنزل المباع له وأن المطعون ضده لم ينفذ شيئاً من التزاماته حتى تسلم له المستندات المودعة لدى الطاعن وبالإضافة إلى ذلك فلم يفطن الحكم الابتدائي إلى ما أثبته نقلاً عن تحقيق البلاغ المؤرخ 2/ 12/ 1972 من أن الطاعن قدم في التحقيق أصل عقد البيع الذي تبين مطابقته للصورة التي قدمها المطعون ضده وكذلك إلى ما أثبته من أن الطاعن قدم حافظة مستندات طويت على إنذار من البائعة له بعدم تسليمه عقد البيع الصادر منها ووجوب رده إليها، لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه لم يعن ببحث وتمحيص تلك الأمور مع ما قد يكون لها من دلالة في انتفاء القصد الجنائي لدى الطاعن كما أنه لم يلتفت إلى مسلك الطاعن أمام محكمة أول درجة من أن محاميه قرر استعداده لتسليم ما لديه من أمانات للمحكمة ولم تطلب منه المحكمة شيئاً ثم قيامه بإيداعها المحكمة الاستئنافية وكان التأخير في رد الشئ أو الامتناع عن رده إلى حين لا يتحقق به الركن المادي لجريمة التبديد ما لم يكن مقروناً بانصراف نية الجاني إلى إضافة المال الذي تسلمه إلى ملكه واختلاسه لنفسه إضراراً بصاحبه إذ من المقرر أن القصد الجنائي في هذه الجريمة لا يتحقق بمجرد قعود الجاني عن الرد إنما يتطلب فوق ذلك ثبوت نية تملكه إياه وحرمان صاحبه منه، ولما كان الحكم المطعون فيه لم يستظهر هذا الركن الأساسي ولم يرد على دفاع الطاعن بما يفنده يكون قد قصر بيانه قصوراً معيباً بما يوجب نقضه والإحالة.