أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة الثامنة عشرة - صـ 1153

جلسة 27 من نوفمبر سنة 1967

برياسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد محفوظ، ومحمد عبد الوهاب خليل، ومحمود العمراوي، ومحمود عطيفة.

(242)
الطعن رقم 1296 لسنة 37 القضائية

(أ) مهندسون. أوامر تكليف. موظفون.
اقتصار حكم المادة الثالثة من القرار بقانون 296 لسنة 1956 على المهندسين المصريين خريجي كليات الهندسة بالجامعات المصرية في شأن وجوب تنفيذ أوامر التكليف الصادرة إليهم بالعمل مدة السنتين المنصوص عليها فيها، بينما يقتصر حكم المادة الخامسة من ذات القانون على من تعين مهندساً بالدرجة الثالثة فما دونها في الوزارات أو الهيئات أو المؤسسات العامة.
(ب) مهندسون. موظفون. استقالة.
عدم الاعتداد باستقالة من تعين مهندساً بالدرجة السادسة بإحدى الوزارات.
(ج) حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". عقوبة. "العقوبة المبررة". نقص. "حالات الطعن بالنقض. الخطأ في تطبيق القانون". مهندسون.
النعي على الحكم إضافته خطأ إلى أسبابه ما يفيد أن المتهم يقع تحت طائلة نص المادة الثالثة من القانون رقم 296 لسنة 1956 لا جدوى منه. ما دام أنه عاقبه بالعقوبة المقررة لجريمة المادة الخامسة من القانون المذكور. طالما أن عقوبة مخالفة أي من المادتين المذكورتين واحدة.
1 - نطاق كل من المادتين الثالثة والخامسة من القرار بقانون رقم 296 لسنة 1956 في شأن أوامر تكليف المهندسين المصريين خريجي الجامعات المصرية، يختلف عن الآخر، فبينما اقتصر حكم المادة الثالثة على الخريجين من كليات الهندسة في شأن وجوب تنفيذ أوامر التكليف الصادرة إليهم بالعمل مدة السنتين المنصوص عليها في المادة، جاء نص المادة الخامسة مطلقاً يحظر على كل من تعين مهندساً بالدرجة الثالثة فما دونها في الوزارات والهيئات والمؤسسات العامة الامتناع عن تأدية وظيفته ما دامت مدة خدمته لم تنته بأحد الأسباب المنصوص عليها قانوناً، عدا الاستقالة فإنه لا يعتد بها سواء كانت صريحة أو ضمنية.
2 - صدور قرار بتعيين المتهم في وظيفة مهندس بالدرجة السادسة بوزارة الأشغال، يضحى معه مهندساً معيناً محظوراً عليه الامتناع عن تأدية أعمال وظيفته بالتطبيق لحكم المادة الخامسة من القانون رقم 296 لسنة 1956، ومن ثم لا يعتد بالاستقالة المقدمة منه.
3 - إذا كان الحكم المطعون فيه وإن أضاف إلى أسبابه خطأ أن مدة التكليف لم تنته، بما مفاده أن المتهم يقع أيضاً تحت طائلة المادة الثالثة من القانون رقم 296 لسنة 1956 وهو ما يشكل خطأ في تطبيق القانون، إلا أنه لا جدوى من النعي عليه بهذا الخطأ طالما أن العقوبة المقررة لمخالفة أي من المادتين الثالثة أو الخامسة والمنصوص عليها في المادة السادسة واحدة، وما دام المتهم لا يجادل في أنه عين في وظيفة مهندس بالدرجة السادسة بوزارة الأشغال كما أثبت الحكم المطعون فيه ذلك.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 20/ 5/ 1962 بدائرة بندر بني سويف: امتنع عن تأدية أعمال وظيفته حالة كونه مهندساً دون أن تنتهي خدمته بأحد الأسباب المنصوص عليها في القانون. وطلبت معاقبته بالمادتين 5 و6 من القانون 296 لسنة 1956 المعدل بالقانون رقم 30 لسنة 1958 ومحكمة بني سويف الجزئية قضت غيابياً عملاً بمادتي الاتهام بتغريم المتهمين خمسين جنيهاً. فعارض، وقضى في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة بني سويف الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً في 7/ 11/ 1966 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف التنفيذ لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صدور الحكم على أن يكون الإيقاف شاملاً للعقوبات التبعية ولجميع الآثار الجنائية لهذا الحكم وذلك عملاً بالمادتين 55 و56 من قانون العقوبات. فطعن وكيل المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة امتناعه عن تأدية أعمال وظيفته حالة كونه مهندساً لم تنته خدمته بأحد الأسباب المنصوص عليها في القانون، قد انطوى على خطأ في تطبيق القانون وتناقض في التسبيب، ذلك بأنه أعمل في حق الطاعن حكم المادة الخامسة من القانون رقم 296 لسنة 1956 مع أن هذه المادة لا تنطبق على واقعة الدعوى إذ أنها خاصة بمهندسي الوزارات والمؤسسات والهيئات من الدرجة الثالثة فما دونها، ولم يكن الطاعن من بين هؤلاء حين صدر الأمر بتكليفه في 17 مايو سنة 1960. ولما كان هذا لأمر قد صدر بتكليف الطاعن بالخدمة في وزارة الأشغال لمدة سنتين إعمالاً لحكم المادة الثالثة من القانون سالف البيان وكان قد أمضى هذه الفترة بالفعل منذ أن تسلم العمل في 21 مايو سنة 1960 حتى تاريخ استقالته منه في 20 مايو سنة 1962 فإن الأمر يضحى ولا جريمة فيه طالما أنه لم يصدر أمر آخر بمد مدة التكليف. وقد خلط الحكم بين صدور أمر التكليف وبين صدور القرار بتعيين الطاعن في وظيفته في 23 يناير سنة 1961. وذهب إلى احتساب مدة السنتين من هذا التاريخ مما ترتب عليه ترديه في الخطأ في تطبيق القانون وشاب أسبابه التناقض مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي الذي اعتنق الحكم المطعون فيه أسبابه، قد بين واقعة الدعوى في قوله: "إنها تخلص فيما أبلغ به تفتيش عام الصرف بوزارة الأشغال العمومية من أن المتهم قد كلف بالعمل بوزارة الأشغال العمومية بقرار وزاري بتاريخ 17/ 5/ 1960 تطبيقاً للقانون رقم 296 لسنة 1956 الخاص بأوامر تكليف المهندسين من 21/ 5/ 1960 تاريخ استلامه العمل لمدة سنتين قابلة للتجديد، وأنه قدم مسوغات تعيينه التي على أساسها صدر القرار الوزاري رقم 1108 سنة 1960 في 23/ 1/ 1961 بتعيينه في وظيفة مهندس من الدرجة السادسة الفنية بماهية قدرها 15 جنيهاً شهرياً اعتباراً من التاريخ المذكور وأنه أرسل استقالته بتاريخ 7/ 5/ 1962 مخالفاً بذلك أحكام القرار الجمهوري رقم 296 سنة 1956 وانقطع عن العمل بتاريخ 20/ 5/ 1962. وحيث إنه يبين مما تقدم أن المتهم قد عين في وظيفة مهندس من الدرجة السادسة بمقتضى القرار الوزاري 1108 سنة 1960 في 23/ 1/ 1961 ومن ثم فإن ما ينعاه المتهم في أنه مكلف وأن مدة تكليفه قد انتهت في غير محله". لما كان ذلك، وكانت المادة الثالثة من القرار بقانون رقم 296 سنة 1956 في شأن أوامر التكليف للمهندسين المصريين خريجي الجامعات المصرية قد نصت على أن "يصدر الوزير المختص أو من ينيبه أمر تكليف إلى الخريجين الذين ترشحهم اللجنة للعمل في الوظائف التي عينتها" ويكون هذا الأمر نافذاً لمدة سنتين قابلة للامتداد" ونصت المادة الخامسة من هذا القرار بقانون على أن "يحظر على مهندسي الوزارات والهيئات والمؤسسات العامة من الدرجة الثالثة فما دونها الامتناع عن تأدية أعمال وظائفهم ما لم تنته خدمتهم بأحد الأسباب المنصوص عليها في المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 المشار إليه، ما عدا الاستقالة سواء كانت صريحة أو ضمنية فإنها تعتبر كأن لم تكن" وكان نص المادة السادسة من القانون المشار إليه قد جرى بأن "يعاقب على مخالفة أحكام هذا القانون بالحبس مدة لا تجاوز ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن خمسين جنيهاً ولا تجاوز ثلاثمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين" فإنه يبين من استقراء هذه النصوص أن نطاق كل من المادتين الثالثة والخامسة يختلف عن الآخر فبينما اقتصر حكم المادة الثالثة على الخريجين من كليات الهندسة في شأن وجوب تنفيذ أوامر التكليف الصادرة إليهم بالعمل مدة السنتين المنصوص عليها في المادة، جاء نص المادة الخامسة مطلقاً يحظر على كل من تعين مهندساً بالدرجة الثالثة فيما دونها في الوزارات والهيئات والمؤسسات العامة الامتناع عن تأدية وظيفته ما دامت مدة خدمته لم تنته بأحد الأسباب المنصوص عليها قانوناً عدا الاستقالة، فإنه لا يعتد بها سواء كانت صريحة أو ضمنية، وقد أفصحت المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 296 لسنة 1956 عن الغاية التي تغياها الشارع من هذا النص وهي الحرص على عدم تعرض المشروعات الحكومية لخطر التوقف وتعويق سير الجهاز الحكومي. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على المفردات المضمومة أنه بعد أن صدر قرار وزاري في 7 مايو سنة 1960 بتكليف الطاعن أثر تخرجه من كلية الهندسة بالعمل في خدمة وزارة الأشغال، وأثناء فترة التكليف التي بدأت في 21 مايو سنة 1960، صدر قرار آخر برقم 1108 سنة 1960 في 23 يناير سنة 1961 بتعيينه في وظيفة مهندس بالدرجة السادسة الفنية بوزارة الأشغال بماهية قدرها 15 جنيهاً شهرياً اعتباراً من التاريخ المذكور، ومن ثم فإنه بتعيينه في هذه الوظيفة يضحى مهندساً معيناً محظوراً عليه الامتناع عن تأدية أعمال وظيفته بالتطبيق لحكم المادة الخامسة من القانون رقم 296 لسنة 1956 المشار إليه، ولا يعتد باستقالته التي قدمها في 7 مايو سنة 1962. ومتى كانت الثابت أنه امتنع عن تأدية أعماله اعتباراً من 20 مايو سنة 1962 فإن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه إذ أخذه بحكم المادة الخامسة، وأطرح دفاعه القائم على أنه أمضى فعلاً مدة التكليف التي تنتهي في 20 مايو سنة 1962 لعدم تعلق هذا الدفاع بالجريمة المسندة إليه يكون قد أصاب صحيح القانون. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه وإن أضاف إلى أسبابه خطأ أن مدة التكليف لم تنته بعد محتسباً إياها من تاريخ 23 يناير سنة 1961 بما مفاده أن الطاعن يقع أيضاً تحت طائلة المادة الثالثة وهو ما يشكل خطأ في تطبيق القانون إلا أنه لا جدوى من النعي عليه بهذا الخطأ طالما أن العقوبة المقررة لمخالفة أي من المادتين الثالثة والخامسة والمنصوص عليها في المادة السادسة واحدة وما دام الطاعن لا يجادل في صحة الوقائع كما صار إثباتها في الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعا.