أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 21 - صـ 251

جلسة 9 من فبراير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ محمد أبو الفضل حفني، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم أحمد الديواني، ومحمد السيد الرفاعي، وطه الصديق دنانة، ومصطفى محمود الأسيوطي.

(62)
الطعن رقم 1789 لسنة 39 القضائية

إخفاء أشياء متحصلة من جناية أو جنحة. جريمة. "أركانها". قصد جنائي. قتل عمد. إثبات. "إثبات بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
وجوب استظهار الحكم أن المتهم بإخفاء أشياء متحصلة من جناية، كان يعلم يقيناً بهذه الجناية. علة ذلك: العلم اليقيني بالجناية وملابساتها. هو مناط العقاب وفق المادة 44 مكرر عقوبات.
متى تتحقق جنحة إخفاء الأشياء المتحصلة من جريمة؟
إذا كانت المحكمة لم تستظهر الصلة بين واقعة شراء المتهم للعربة والدابة وتصرفه فيهما على الوجه الذي قالت به واقتنعت بحصوله، وبين جناية قتل المجني عليه التي وقعت بقصد تسهيل السرقة، كما لم تورد في حكمها دليلاً على أن المتهم حين أقدم على الشراء في الظروف المريبة التي ذكرتها، كان عالماً علماً يقينياً بأن ما اشتراه متحصل عن تلك الجناية بالذات محيطاً بما لابسها من الظروف، هذا العلم الذي هو مناط العقاب بمقتضى المادة 44 مكرر من قانون العقوبات، فإنه لا يكفي في هذا الصدد ما أورده الحكم من عبارات مرسلة غير واضحة الدلالة على المراد منها ولا تؤدي بطريق اللزوم إلى تعيين الجناية التي تخلفت عنها الأشياء المخفاة، لأن حاصل هذا القول مجرداً، هو اعتبار تلك الأشياء متحصلة من جناية - لم يثبت من الحكم تحقق علم المطعون ضده بها - ويكون إخفاؤها جنحة منطبقة على الفقرة الأولى من المادة 44 المشار إليها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده وآخرين بأنهم ما بين 30 يونيه 1965، 12 يوليو 1965 بدائرة قسم إمبابة محافظة الجيزة: قتلوا عبد الهادي جمعة عبد العزيز بأن انتووا قتله وهاجموه حال قيادته عربته وطعنوه بآلات حادة وأخرى صلبة في عنقه قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت هذه الجناية بجنحة أخرى هي أنهم في الزمان والمكان سالفى الذكر سرقوا العربة والحمار المبينة وصفاً وقيمة بالتحقيقات المملوكين للمجني عليه السابق حال كون أحدهم حاملاً سلاحاً ظاهراً. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام، فقرر بذلك. ومحكمة جنايات الجيزة قضت حضورياً عملاً بالمادة 44/ 1 - 2 مكرر من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهمين الأول والرابع والمادتين 304/ 1 و381/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة إلى المتهمين الثلاثة الأول وذلك عن تهمة القتل المقترنة بجريمة السرقة (أولاً) بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة مدة ثلاث سنوات (ثانياً) بمعاقبة المتهم الرابع مدة سنة واحدة مع الشغل. (ثالثاً) ببراءة كل من المتهمين الثاني والثالث مما أسند إليهما. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضده بجريمة إخفاء أشياء مسروقة متحصلة من جناية قتل ارتكبت لتسهيل السرقة وطبق في حقه الفقرتين الأولى والثانية من المادة 44 مكرر من قانون العقوبات، قد شابه القصور، ذلك بأنه لم يثبت علمه بظروف جناية القتل المقترن بالسرقة، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن النيابة العامة رفعت الدعوى ضد كل من - المطعون ضده و.... و...... و....... لأن المتهمين الثلاثة الأول: قتلوا عمداً عبد الهادي جمعة عبد العزيز واقترنت هذه الجناية بجنحة سرقة العربة والحمار. والمتهم الرابع: أخفى المسروقات المتحصلة من هذه الجناية مع علمه بذلك. ومحكمة الجنايات دانت المتهم الأول - بعد أن لفتت نظر الدفاع - بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات عن تهمة إخفاء العربة والدابة المسروقة مع علمه بالظرف المشدد عملاً بالفقرة الثانية من المادة 44 مكرر من قانون العقوبات، كما دانت المتهم الرابع بجنحة إخفاء الأشياء المسروقة عملاً بالفقرة الأولى من المادة 44 المشار إليها، وبرأت المتهمين الثاني والثالث مما أسند إليهما. ويبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أن المحكمة دانت المتهم الأول - المطعون ضده - بجناية الإخفاء قولاً منها بما نصه "وحيث إنه لما كانت الواقعة المطروحة على المحكمة وهو ما جاء على لسان المتهم........ من أنه اشترى العربة والدابة ثم باعها بدوره إلى المتهم الرابع....... فإن هذه الواقعة تكون بالنسبة للمتهم الأول........ جريمة إخفاء أشياء مسروقة مع علمه بالظرف المشدد لها، وآية ذلك اعتراف المتهم بأنه اشترى العربة من أناس وهم يسيرون في الهزيع الأخير من الليل، وفي الطريق العام، ثم قام بنقلها إلى ناحية قليوب وتوجه في الصباح الباكر إلى هناك قاصداً سكن قريبة المتهم الرابع........ وباعه إياها أو تركها لديه، كما ورد على لسان هذا الأخير ثم تقديمه هذه المبايعة التي أراد بها إسباغ المشروعية على واقعة الشراء ولكن لم يسانده الزيف، إذ ثبت أن البصمات المقال أنها للبائعين ليست لهؤلاء الأشخاص، ولا جدال في أن العربة المضبوطة والدابة هي الخاصة بالمجني عليه عبد الهادي جمعه عبد العزيز وقد تعرفت عليها والدته على الوجه المشار إليه. وأما عن قيام علم هذا المتهم بالظرف المشدد، فآية ذلك تلك الظروف المريبة التي أحاطت بظروف شراء العربة والدابة، مما يقطع بتوافر علم هذا المتهم...... بأن الأمر تحيط به الشبهات والريب، ومسارعته في توصيل العربة والدابة بعيداً عنه بناحية قليوب لدى قريبه المتهم الرابع........ الذي أخفاها بدوره، كل ذلك يؤكد علمه بالظروف المريبة التي حصل بها على تلك العربة والدابة، ومفاد ما تقدم أن المحكمة دانت المطعون ضده بتهمة إخفاء العربة والدابة المسروقة مع علمه بالظرف المشدد دون أن تستظهر الصلة بين واقعة شرائه للعربة والدابة وتصرفه فيهما على الوجه الذي قالت به واقتنعت بحصوله، وبين جناية قتل المجني عليه عبد الهادي جمعة عبد العزيز التي وقعت بقصد تسهيل السرقة. كما لم تورد دليلاً على أن المطعون ضده حين أقدم على شراء العربة والدابة في الظروف المريبة التي ذكرتها كان عالماً علماً يقينياً بأنها متحصلة عن تلك الجناية بالذات محيطاً بما لابسها من الظروف، هذا العلم الذي هو مناط العقاب بمقتضى الفقرة الثانية من المادة 44 مكرر من قانون العقوبات، ولا يكفي في هذا الصدد ما أورده الحكم من عبارات مرسلة غير واضحة الدلالة على المراد منها ولا تؤدي بطريق اللزوم إلى تعيين الجناية التي تخلفت عنها الأشياء المخفاة، لأن حاصل هذا القول مجرداً هو اعتبار تلك الأشياء متحصلة من جناية - لم يثبت من الحكم تحقق علم المطعون ضده بها - ويكن إخفاؤها جنحة منطبقة على الفقرة الأولى من المادة 44 المشار إليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يبين أو يورد في أسبابه ما يدلل به على توافر علم المطعون ضده بالظروف المشددة التي أحاطت بالجريمة التي تحصلت منها العربة والدابة وهي الجناية المعاقب عليها بالمادة 234/ 1، 2 من قانون العقوبات، فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور. ولما كان ما تقدم، تعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بالنسبة للمطعون ضده وحده دون المحكوم عليه الرابع الذي لم يتصل وجه الطعن به.