أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة الثامنة والعشرون - صـ 393

جلسة 28 من مارس سنة 1977

برياسة السيد المستشار حسن علي المغربي، نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: السيد محمد شرعان، وإسماعيل محمود حفيظ، ومحمد صفوت القاضي، ومحمد علي بليغ.

(84)
الطعن رقم 530 لسنة 46 القضائية

(1) قانون. "قانون أصلح". عقوبة. "العقوبة الأخف". جريمة. "أركانها". نقد.
القانون 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل في النقد الأجنبي يعتبر قانوناً أصلح بما جاء في نصوصه من عقوبات أخف من تلك الواردة بالقانون 80 لسنة 1947.
لكل شخص الاحتفاظ بكل ما يؤول إليه أو يملكه من نقد أجنبي من غير العمليات الممنوعة قانوناً. حظر التعامل بأي عملية من عمليات النقد الأجنبي إلا عن طريق الجهات المحددة قانوناً.
(2) قانون. "تفسيره". نقد. جريمة. "أركانها".
الرقابة على أعمال النقد الأجنبي تنصب على كل عملية من أي نوع أياً كان الاسم الذي يصدق عليها في القانون متى كان موضوعها نقداً أجنبياً وكان من شأنها أن تؤدي بطريق مباشر أو غير مباشر إلى ضياع نقد أجنبي كان من حق الدولة أن تحصل عليه.
(3) جريمة. "أركانها". نقد. شيك.
النشاط المادي في جريمة التعامل بالنقض الأجنبي يتمثل في القيام بعملية من عمليات النقد الأجنبي أياً كان نوعها. الشيك يخضع للتأثيم متى كان موضوع أحد هذه العمليات وكان قوامه نقداً أجنبياً.
(4) إجراءات. "إجراءات تحقيق". نقض. أسباب الطعن. ما لا يقبل منها.
اختيار مكان التحقيق أمر متروك لتقدير المحقق حرصاً على صالح التحقيق وسرعة إنجازه.
(5) إجراءات. "إجراءات تحقيق". مأمورو الضبط القضائي. إكراه.
تواجد ضابط المخابرات أثناء التحقيق ليس فيه ما يعيب إجراءاته. سلطان الوظيفة بما يسبغ على صاحبه من اختصاصات وإمكانيات لا يعد إكراهاً. ما دام لم يستطل على المتهم بأذى مادي أو معنوي.
(6) جريمة. "أركانها". عقوبة. "تقديرها". نقد. غرامة. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
معاقبة المتهم بالغرامة ومصادرة النقد الأجنبي المضبوط طبقاً للمادة 14 من القانون 97 لسنة 1976. يستتبع وجوب القضاء بغرامة إضافية تعادل قيمة النقد الأجنبي موضوع التعامل الذي لم يضبط.
(7) نقد. شيك. جريمة. "أركانها". "انقضائها". تزوير.
ثبوت عدم صحة الشيكات وردها دون صرف. في جريمة تصدير نقد أجنبي – عدم ضياع نقد أجنبي على الدولة. انتفاء الجريمة لتخلف أحد عناصرها.
1- إن القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي الصادر في 12 أغسطس سنة 1976 (18 من شعبان سنة 1396) والمنشور بالجريدة الرسمية العدد 35 مكرر في 28 من أغسطس سنة 1976 والمعمول به اعتباراً من 28 من نوفمبر سنة 1976 – والذي ألغى القانون رقم 80 لسنة1947 بتنظيم الرقابة على عمليات النقد المقدم الطاعن للمحكمة في ظل أحكامه - يعتبر قانوناً أصلح للطاعن بما جاء في نصوصه من عقوبات أخف من تلك الواردة بالقانون الملغى وبإباحته الاحتفاظ بالنقد الأجنبي الناتج عن غير عمليات التصدير السلعي والسياحة، فهو الذي يتبع دون غيره، ولما كان القانون المذكور قد نص في مادته الأولى على أن "لكل شخص طبيعي أو معنوي من غير الجهات الحكومية أو الهيئات العامة ووحدات وشركات القطاع العام أن يحتفظ بكل ما يؤول إليه أو يملكه أو يحوزه من نقد أجنبي عن غير عمليات التصدير السلعي أو السياحة، وللأشخاص الذين أجيز لهم الاحتفاظ بالنقد الأجنبي طبقاً للفقرة السابقة الحق في القيام بأية عملية من عمليات النقد الأجنبي بما في ذلك التحويل للداخل والخارج والتعامل داخلياً على أن يتم هذا التعامل عن طريق المصارف المعتمدة للتعامل في النقد الأجنبي والجهات الأخرى المرخص لها بالتعامل طبقاً لأحكام هذا القانون في جمهورية مصر العربية..." كما نص في مادته العشرين على أن "يصدر الوزير المختص القرارات اللازمة لتنفيذ أحكام هذا القانون في خلال ثلاثة أشهر من تاريخ نشره...." واستناداً إلى هذا النص صدر قرار وزير الاقتصاد والتعاون الاقتصادي رقم 316 لسنة 1976 في 27 من نوفمبر سنة 1976 بإصدار اللائحة التنفيذية للقانون على أن تسرى اعتباراً من تاريخ العمل به. ومؤدى نصوص القانون المذكور في صريح ألفاظها وواضح دلالتها أنها وإن أباحت لكل شخص طبيعي أو معنوي الاحتفاظ بكل ما يؤول إليه أو يملكه أو يحوزه من نقد أجنبي من غير عمليات التصدير السلعي والسياحة سواء خارج البلاد أم داخلها وأعفته بذلك من قيام إلزام باسترداده إلى البلاد أو عرضه على المصارف المعتمدة أو بيعه لها، إلا أن تلك النصوص حظرت القيام بأية عملية من عمليات النقد الأجنبي بما في ذلك التحويل للداخل والخارج والتعامل داخلياً إلا عن طريق المصارف المعتمدة للتعامل في النقد الأجنبي والجهات الأخرى المرخص لها بالتعامل طبقاً لأحكام هذا القانون، وينصرف هذا الحكم إلى كافة صور التعامل داخلياً بما في ذلك نقل الحيازة الشخصية للنقد الأجنبي فيما بين الأشخاص واستخدام النقد الأجنبي في تسوية قيمة معاملات ما لم تكن الجهة أو الشخص المسدد له من الجهات المرخص لها.
2- من المقرر أن البين من تشريع الرقابة على عمليات النقد الأجنبي عموماً ومن مذكرته التفسيرية وأعماله التحضيرية أن الرقابة على عمليات النقد تنصب على كل عملية من أي نوع أياً كان الاسم الذي يصدق عليها في القانون يكون موضوعها نقداً أجنبياً ما دام من شأنها أن تؤدي بطريق مباشر أو غير مباشر إلى ضياع نقد أجنبي كان من حق الدولة أن تحصل عليه، إذ أن الشارع فرض نوعاً من الحجز أو الاستيلاء أو التجميد على النقد الأجنبي كله ووضعه تحت تصرف الدولة المهيمنة على الاقتصاد القومي لا يباح لأي شخص أن يتصرف في مبلغ منه إلا بإذنها وكل إخلال بالتجميد الذي فرضه الشارع في هذا الشأن يقع حتماً في نطاق التأثيم والعقاب.
3- من المقرر أن النشاط المادي في كافة جرائم التعامل بالنقد الأجنبي يتمثل في القيام بعملية من عمليات النقد الأجنبي أياً كان نوعها سواء أكان تعاملاً أو تحويلاً أو تعهداً أو مقاصة أو غير ذلك من العمليات التي بين الفعل نوعها أو غيرها مما لم ينص عليه ما دام قوامها جميعاً التعامل بالنقد الأجنبي وكان الشيك إذا ما استوفى شرائطه القانونية يعتبر أداة دفع ووفاء ويستحق الأداء لدى الاطلاع دائماً ويغنى في استعمال النقود في المعاملات ويعتبر كالنقود سواء بسواء ويجري مجراها في التعامل به فإنه متى كان قوامه نقداً أجنبياً يقع تحت طائلة التأثيم والعقاب.
4- اختيار مكان التحقيق أمر متروك لتقدير المحقق حرصاً على صالح التحقيق وسرعة إنجازه.
5- إن مجرد حضور ضابط المخابرات التحقيق ليس فيه ما يعيب إجراءاته إذ أن سلطان الوظيفة في ذاته بما يسبغه على صاحبه من اختصاصات وإمكانيات لا يعد إكراهاً ما دام هذا السلطان لم يستطل على المتهم بالأذى مادياً كان أو معنوياً، كما أن مجرد الخشية لا يعد قرين الإكراه المبطل للاعتراف لا معنى ولا حكماً.
6- متى كان الثابت أن الطعن مرفوع من المتهم وحده، وكان الحكم المطعون فيه وإن قضى بتغريمه 500 ج والمصادرة التي انصبت على النقد الأجنبي المضبوط لديه، إلا أنه فاته القضاء بغرامة إضافية تعادل قيمة النقد الأجنبي موضوع التعامل الذي لم يضبط، وهو من الحكم خطأ يستفيد منه المتهم، وذلك حتى لا يضار المتهم بطعنه. وترى المحكمة من ظروف الدعوى الاكتفاء بتغريم المتهم 200 مائتي جنيهاً مع مصادرة النقد الأجنبي المضبوط لديه باعتباره متحصلاً من الجريمة المسندة إليه.
7- وحيث إنه عن التهمة الثانية المسندة إلى المتهم وهى تصدير نقد أجنبي إلى الخارج على خلاف الشروط والأوضاع المقررة قانوناً، فإنه قد ثبت من الأوراق أن الشيكات موضوع هذا التعامل مزورة على صاحبها مما حدى بالبنك بالخارج إلى ردها إلى المتهم، وبالتالي فليس لها أي قيمة مادية، وليس من شأن التعامل بها أن تؤدي بطريق مباشر أو غير مباشر إلى ضياع نقد أجنبي كان من حق الدولة أن تحصل عليه، ذلك الحق الذي تحميه قوانين النقد. ومن ثم تضحى هذه الجريمة مفتقدة لعنصر من عناصرها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم في خلال الفترة من نوفمبر سنة 1969 حتى 16 يناير سنة 1970 بدائرة قسم عابدين محافظة القاهرة: (أولاً) تعاملوا في النقد الأجنبي المبين بالأوراق على خلاف الشروط والأوضاع التي قررها وزير الاقتصاد وعن غير طريق المصارف المرخص لها بذلك على النحو المبين بالأوراق. (ثانياً) قاموا بتصدير النقد الأجنبي المبين بالأوراق إلى الخارج على خلاف الشروط والأوضاع المقرر قانوناً. وطلبت عقابهم بالمواد 1 و2 و9 من القانون رقم 80 لسنة 1947 والقرار رقم 893 لسنة 1960. ومحكمة القاهرة للجرائم المالية قضت حضورياً للطاعن وغيابياً للباقين عملاً بمواد الاتهام بتغريم كل المتهمين الأربعة الأول مبلغ خمسمائة جنيه وتغريم المتهم الخامس مائة جنيه ومصادرة المبالغ موضوع الجرائم التي رفعت الدعوى الجنائية بسببها. فاستأنف المتهم (الطاعن) هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن وكيل الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقضى فيه بقبوله شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة جنوب القاهرة الابتدائية لتحكم فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى. أعيدت الدعوى ثانية إلى المحكمة المشار إليها وقضت فيها حضورياً في موضوع الاستئناف برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الأستاذ....... المحامي بصفته عن وكيلاً المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية وقدم تقريراً بأسباب الطعن في التاريخ ذاته موقعاً عليه منه. وبتاريخ 18 من أكتوبر سنة 1976 قضت محكمة النقض بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه.


المحكمة

وحيث إن محصل واقعات الدعوى استخلاصاً من كافة أوراقها وما اتخذ في شأنها من تحقيقات ودار فيها من مرافعات – أن هيئة الأمن القومي بالمخابرات العامة المصرية أبلغت نيابة الشئون المالية بتاريخ 11 من يناير سنة 1970 أنها تلقت بلاغاً من...... الفلبيني الجنسية والطالب بكلية اللغة العربية بالجامعة الأزهرية بتاريخ 6 من ديسمبر سنة 1961 من قيام منظمة تعمل على تزييف أوراق النقد المصرية فئة الخمسة جنيهات وترويجها داخل البلاد وخارجها تضم عدة أشخاص من بينهم......... و........ الموظفين بسفارة الفلبين بالقاهرة، وقد استأجرت المنظمة مسكناً لممارسة نشاطها. وتبين للهيئة أن المتهم....... اليوناني الجنسية على علاقة....... ويمده بمبالغ مالية وقد أذنت النيابة العامة بتفتيش هؤلاء جميعاً ومساكنهم وكذا مقر نشاط المنظمة، وأسفر تفتيش مسكن المتهم عن العثور على ورقة مالية فئة مائة دراخمه يونانية وأربع ورقات فئة كل منها خمسين دراخمة يونانية وورقة من فئة الليرة اللبنانية وعدد مائة وسبعة قطعة معدنية من عملات أجنبية مختلفة وكشف بأرقام عشرة شيكات وقيمة كل منها. كما أسفر تفتيش...... عن العثور على ثلاثة شيكات مسحوبة على بنك Security First National Bank لحاملها أولها مؤرخ 23 من نوفمبر سنة 1969 بمبلغ 300 دولار والثاني في 25/ 11/ 1969 بمبلغ 500 دولار والثالث في 27/ 11/ 1969 بمبلغ 2810 دولار، ومرفق بالشيك الأخير ورقة عليها كلمة RETOUR وتبين وجود بيانات تظهير تلك الشيكات من بنك بلوزان وإقرار بالإنجليزية صادر من J,B, Carrigan في 13/ 11/ 1969 يقر فيه بأن الشيكات المذكورة لم توقع منه، وإيصال محرر بالإنجليزية بتاريخ 12/ 11/ 1969 يفيد استلام الأخير من...... مبلغ 220 جنيهاً كأمانة، وثلاثة إيصالات باللغة الإنجليزية موقعة من ذات الشخص تفيد استلامه من....... في الإيصال الأول المؤرخ 30 من أكتوبر سنة 1969 لمبلغ 1624 جنيهاً مصرياً. وفى الثاني المؤرخ 28/ 10/ 1969 لمبلغ 275 جنيهاً مصرياً وفى الثالث المؤرخ 2/ 11/ 1969 لمبلغ 165 جنيهاً مصرياً. ونظراً لما أسفر عنه التفتيش من العثور على نقد أجنبي ومستندات تنبئ عن قيام المذكورين بالتعامل في هذا النقد فقد صدر إذن مدير إدارة النقد بالسير في الإجراءات قبلهم في 18/ 1/ 1970. وبان من أقوال...... بتحقيق النيابة أنه باع للمتهم خلال المدة من يوليه سنة 1969 حتى نوفمبر من ذات السنة على أربع أو خمس دفعات حوالي خمسة آلاف دولار بسعر ما بين 60، 65 قرشاً للدولار الواحد وأضاف بأن الشيكات الثلاثة المضبوطة لديه كان قد عثر عليها بالطريق ضمن شيكات أخرى تزيد على عشر وأنه سلمها للمتهم وقبض ثمنها بالنقد المصري على أساس 60 قرشاً للدولار، وحرر للمتهم كمبيالة بالمبلغ المدفوع كقرض تأميناً له في حالة عدم صرف الشيكات في الخارج، إلا أن المتهم ردها إليه بعد ذلك لعدم صرفها بسبب إبلاغ مالكها البنك بفقدها، ومضى....... قائلاً بأنه كان قد كلف....... أحد أعضاء منظمة التزييف – بكتابة الثلاث إيصالات التي ضبطت لديه والتي تفيد استلام شخص أسماه J.B.Carrigau منه مبالغ مقابل تلك الشيكات لإقناع المتهم الذي سلمه الشيكات المذكورة بجديتها وقيمتها وإن كان الواقع أنه لا يعرف شخصاً بالاسم المزعوم، كما أن...... كان قد وقع على الشيكات الثلاثة بتوقيع لشخص من ذاكرته وقرر المتهم...... بتحقيق النيابة بأنه تعرف بـ....... و....... عن طريق تردده على سفارة الفلبين بالقاهرة، وأنه حصل على شيكات بنقد أجنبي من أولهما لكي يحجز بها تذاكر سفر له، كما حضر إليه بعد ذلك ثانيهما بمنزله وسلمه شيكات بنقد أجنبي لحجز تذاكر سفر لبعض طلبة الفلبين وقد حول جزءاً من تلك الشيكات بالطريق الرسمي بما يعادل ثمن التذاكر المطلوب حجزها واحتجز باقي الشيكات لديه وقيمتها 250 دولار وسلم...... ما يقابلها بالنقد المصري على أساس 55 قرشاً للدولار الواحد، وأضاف بأنه استبدل تلك الشيكات الباقية من البنك بالعملة المصرية وحصل على إيصال يفيد الاستبدال استعمله في حجز تذاكر سفر لأجانب غير مقيمين حصل على قيمتها بالنقد المصري حيث كان يستفيد من كل تذكرة سفر خمسة جنيهات. وأقر بشرائه الثلاث شيكات المضبوطة لدى...... مقابل 1800 ج مصري وأنه باعها لشخص يدعى...... بذات القيمة التي دفعها وذلك في نوفمبر سنة 1969، ولما رجع الأخير من الخارج رد إليه الشيكات بعد أن أفهمه أن صاحب الشيكات نفى أن التوقيعات الممهرة بها له، ولما واجه...... بذلك استرد منه الشيكات إلا أنه لم يعد إليه ما قبضه منه ثمناً لها حتى تاريخ سؤاله، إلا أنه ذكر في موضع آخر من أقواله أنه بعد أن ظهر الشيكات سالفة الذكر سلمها لزوجته في يوم 4/ 11/ 1969 والتي قدمتها لبنك لوزان لصرفها و إيداع قيمتها بحساب ابنته التي تدرس بالخارج، فاحتفظ بها البنك لحين التحقق من وجود رصيد للساحب ثم ردها إليه بإقرار من مصدرها بسبب رفض المصرف. وأضاف بأن...... باعه شيكاً رابعاً موقع باسم J.B, Carrigan مقابل مبلغ 400 ج مصري وأنه سلم الشيك إلى يوناني يدعى...... وليس لصرفه بالخارج بيد أن الأخير أعاده إليه لرفض البنك صرفه. ومضى المتهم قائلاً بأن...... استبدل منه شيكات أخرى بحوالى 300 أو 400 دولار، وعلل العملة الأجنبية التي ضبطت لديه بأنه كان قد حصل من بنك الإسكندرية على مبلغ 1500 دراخمة يونانية بمناسبة سفره إلى اليونان وقد اشترى بعض المشتريات على متن الطائرة وحصل على الباقي بالليرة اللبنانية وظل محتفظاً بما تبقى معه من تلك العملة، ولم يقدم دليلاً يؤازر دفاعه في هذا الشأن.
وحيث إن النيابة العامة أقامت الدعوى العمومية ضد المتهم – بعد الحصول على إذن من مدير الإدارة العامة للنقد – بوصف أنه في خلال الفترة من نوفمبر سنة 1969 حتى 16 من يناير سنة 1970 بدائرة قسم عابدين محافظة القاهرة: (أولاً) تعامل في النقد الأجنبي المبين بالأوراق على خلاف الشروط والأوضاع التي قررها وزير الاقتصاد وعن غير طريق المصارف المرخص لها بذلك. (ثانياً) قام بتصدير النقد الأجنبي المبين بالأوراق إلى الخارج على خلاف الشروط والأوضاع المقررة قانوناً وطلبت عقابه بالمواد 1 و2 و9 من القانون رقم 80 لسنة 1947 والقرار 893 لسنة 1960 – وقام دفاع الطاعن بمذكراته التي قدمها أمام محكمة الدرجتين الأولى والثانية على بطلان الاعتراف المعزو إليه بتحقيق النيابة لأنه كان وليد ضغط وإكراه نظراً لأن التحقيق تم بدار المخابرات العامة وبحضور ضباطها الذين وقع منهم الإكراه عليه، وأن الشيكات المنسوب إليه تصديرها إلى الخارج موضوع التهمة الثانية المسندة إليه مزورة وليس لها أية قيمة مادية بما ينفى معه ركن أساسي في تلك الجريمة هو أن تكون العملة المصدرة نقداً أو شيكات صحيحة ذات قيمة اقتصادية وإلا كانت الجريمة مستحيلة لا يعاقب عليها القانون، كما أن حيازة نقد أجنبي في مسكن الطاعن لا يستلزم حتماً وبالضرورة القيام بتهريبه سيما وأن المبالغ المضبوطة قليلة القيمة والمعدنية منها لا يمكن استبدالها بعملة وطنية نظراً لأن البنوك في مصر والخارج لا تقبل مثل هذه العملة.
وحيث إن محكمة أول درجة قضت بجلسة 6/ 3/ 1973 بمعاقبة الطاعن بتغريمه خمسمائة جنيه ومصادرة المبالغ موضوع الجرائم التي رفعت الدعوى الجنائية بسببها وقد تأيد هذا الحكم استئنافياً، فطعن المحكوم عليه في الحكم الأخير بطريق النقض، فقضت محكمة النقض بهيئة سابقة بنقض الحكم المطعون فيه والإحالة تأسيساً على أن الحكم المطعون فيه اعتمد في الإدانة على التحريات مكتفياً بالإشارة إليها دون أن يبين مضمونها. وقد أعيد نظر الدعوى أمام هيئة استئنافية أخرى قضت بتأييد الحكم المستأنف، فطعن المحكوم عليه بالنقض للمرة الثانية على الحكم الأخير، وقضت محكمة النقض بنقض الحكم وتحديد جلسة لنظر الموضوع لذات السبب الذي نقض بسببه الحكم السابق وقد نظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة حيث مثل المتهم والمدافع عنه دون أن يدفعا الدعوى بأي دفع أو دفاع. وقد قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم لجلسة اليوم مع التصريح للمتهم بتقديم مذكرة بدفاعه إلى ما قبل الجلسة بأربعة أسابيع، وأودع المدافع عن المتهم مذكرة خلال الأجل المضروب التمس في ختامها القضاء ببراءة المتهم مما هو منسوب إليه تأسيساً على صدور القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي الذي ألغى القانون رقم 80 لسنة 1947 بتنظيم الرقابة على عمليات النقد وكل حكم يخالف أحكامه، وصيرورة الأفعال المنسوبة إلى الطاعن والتي دين من أجلها - وهى حيازة أوراق نقد أجنبي لا تجاوز قيمتها خمسة جنيهات مصرية ولقطع من العملة المعدنية الأجنبية ذات قيمة تافهة لا تقبل البنوك استبدالها ولثلاثة شيكات مزورة وليس لها رصيد – صيرورتها بمقتضى القانون الجديد مباحة وانحسار صفة التجريم عنها، وذلك إعمالاً للفقرة الأولى من المادة الخامسة من قانون العقوبات.
وحيث إن القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي الصادر في 12 من أغسطس سنة 1976 (18 من شعبان سنة 1396) والمنشور بالجريدة الرسمية العدد 35 مكرر في 28 من أغسطس سنة 1976 والمعمول به اعتباراً من 28 من نوفمبر سنة 1976 – والذي ألغى القانون رقم 80 سنة 1947 بتنظيم الرقابة على عمليات النقد المقدم الطاعن للمحاكمة في ظل أحكامه - يعتبر قانوناً أصلح للطاعن بما جاء في نصوصه من عقوبات أخف من تلك الواردة بالقانون الملغي وبإباحته الاحتفاظ بالنقد الأجنبي الناتج عن غير عمليات التصدير السلعي والسياحة، فهو الذي يتبع دون غيره. ولما كان القانون المذكور قد نص في مادته الأولى على أن: "لكل شخص طبيعي أو معنوي من غير الجهات الحكومية والهيئات العامة ووحدات وشركات القطاع العام أن يحتفظ بكل ما يؤول إليه أو يملكه أو يحوزه من نقد أجنبي عن غير عمليات التصدير السلعي أو السياحة، وللأشخاص الذين أجيز لهم الاحتفاظ بالنقد الأجنبي طبقاً للفقرة السابقة الحق في القيام بأية عملية من عمليات النقد الأجنبي بما في ذلك التحويل للداخل والخارج والتعامل داخلياً على أن يتم هذا التعامل عن طريق المصارف المعتمدة للتعامل في النقد الأجنبي والجهات الأخرى المرخص لها بالتعامل طبقاً لأحكام هذا القانون في جمهورية مصر العربية...". كما هي في مادته العشرين على أن: "يصدر الوزير المختص القرارات اللازمة لتنفيذ أحكام هذا القانون في خلال ثلاثة أشهر من تاريخ نشره..." واستناداً إلى هذا النص صدر قرار وزير الاقتصاد والتعاون الاقتصادي رقم 316 لسنة 1976 في 27 من نوفمبر سنة 1976 بإصدار اللائحة التنفيذية للقانون على أن تسرى اعتباراً من تاريخ العمل به. ومؤدى نصوص القانون المذكور في صريح ألفاظها وواضح دلالتها أنها وإن أباحت لكل شخص طبيعي أو معنوي الاحتفاظ بكل ما يؤول إليه أو يملكه أو يحوزه من نقد أجنبي عن غير عمليات التصدير السلعي والسياحة سواء خارج البلاد أم داخلها وأعلنه بذلك من قيام إلزام باسترداده إلى البلاد أو عرضه على المصارف المعتمدة أو بيعه لها، إلا أن تلك النصوص حظرت القيام بأية عملية من عمليات النقد الأجنبي بما في ذلك التحويل للداخل والخارج والتعامل داخلياً إلا عن طريق المصارف المعتمدة للتعامل في النقد الأجنبي والجهات الأخرى المرخص لها بالتعامل طبقاً لأحكام هذا القانون، وينصرف هذا الحكم إلى كافة صور التعامل داخلياً بما في ذلك عقد الحيازة الشخصية للنقد الأجنبي فيما بين الأشخاص واستخدام النقد الأجنبي في تسوية قيمة معاملات ما لم تكن الجهة أو الشخص المحدد له من الجهات المرخص لها. ولما كان الطاعن قدم للمحاكمة في التهمة الأولى بوصف التعامل في النقد الأجنبي المبين بالأوراق على خلاف الشروط والأوضاع التي قررها وزير الاقتصاد وعن غير طريق المرخص لها منه بذلك (وليس لمجرد حيازة النقد الأجنبي الذي ضبط لديه كما ذهب المدافع عنه بمذكرته الأخيرة المقدمة بجلسة المرافعة). وكان من المقرر أن البين من تشريع الرقابة على عمليات النقد الأجنبي عموماً ومن مذكرته التفسيرية وأعماله التحضيرية بأن الرقابة على عمليات النقد تنصب على كل عملية من أي نوع أياً كان الاسم الذي يصدق عليها في القانون يكون موضوعها نقداً أجنبياً ما دام من شأنها أن تؤدي بطريق مباشر أو غير مباشر إلى ضياع نقد أجنبي كان من حق الدولة أن تحصل عليه، إذ أن الشارع فرض نوعاً من الحجز أو الاستيلاء أو التجميد على النقد الأجنبي كله ووضعه تحت تصرف الدولة المهيمنة على الاقتصاد القومي لا يباح لأي شخص أن يتصرف في مبلغ منه إلا بإذنها وكل إخلال بالتجميد الذي فرضه الشارع في هذا الشأن يقع حتماً في نطاق التأثيم والعقاب. كما أنه من المقرر أن النشاط المادي في كافة جرائم التعامل بالنقد الأجنبي يتمثل في القيام بعملية من عمليات النقد الأجنبي أياً كان نوعها سواء أكان تعاملاً أو تحويلاً أو تعهداً أو مقاصة أو غير ذلك من العمليات التي بين النص نوعها أو غيرها مما لم ينص عليه ما دام قوامها جميعاً التعامل بالنقد الأجنبي وكان الشيك إذا ما استوفى شرائطه القانونية يعتبر أداة دفع ووفاء ويستحق الأداء لدى الاطلاع دائماً ويغنى في استعمال النقود في المعاملات ويعتبر كالنقود سواء بسواء ويجري مجراها في التعامل به ما دام قوامه نقداً أجنبياً يقع تحت طائلة التأثيم والعقاب. لما كان ذلك، وكان الثابت من أقوال...... بتحقيقات النيابة أنه باع المتهم خلال الفترة من يوليه سنة 1969 حتى نوفمبر من ذات السنة حوالي خمسة آلاف دولار بسعر يتراوح ما بين 60، 65 قرشاً للدولار الواحد وأن هذا التعامل تم عن غير طريق المصارف المرخص لها في ذلك، والمتهم وإن كان لم يصر بهذه الواقعة بتحقيق النيابة إلا أنه اعترف بسبق تعامله في شيكات مقومة بنقد أجنبي سلمت إليه من...... لحجز تذاكر سفر لطلبة فلبينيين مقابله عمولة واحتفاظه ببعض هذه الشيكات وقيمتها 250 دولار دفع له مقابلها بالنقد المصري على أساس 55 قرشاً للدولار الواحد، كما أقر المتهم بأن...... استبدل منه أيضاً شيكات أخرى بنقد أجنبي تقدر بحوالى 300 أو 400 دولار، هذا بخلاف ثلاثة شيكات أخرى على بنك بالخارج تبين أنها مزورة، وأقر كذلك بأنه سبق أن حصل على شيكات بنقد أجنبي من...... لحجز تذاكر سفر له مقابل عمولة يحصل عليها. وهو ما يكفي لإثبات تعامل المتهم في أوراق النقد الأجنبي والشيكات المقومة بنقد أجنبي، البعض منها بطريق الشراء بالعملة المصرية والبعض الآخر تعامل عليها مقابل عمولة حصل عليها على خلاف الشروط والأوضاع المقررة قانوناً وعن غير طريق المصارف المرخص لها بذلك وهو ما يوفر في حق الطاعن جريمة التعامل في النقد الأجنبي بطريق غير قانوني بعناصرها القانونية، لما هو مقرر بأنه لا يلزم أن يكون التعامل بالنقد الأجنبي محدداً بواقعة واحدة بل يجوز أن ينطوي هذا التعامل على عمليات متعددة. والمحكمة تطمئن في هذا الصدد إلى أقوال الطاعن...... بتحقيق النيابة صدورها عنهما عن طواعية واختيار، ولا ترى المحكمة ظلاً في الأوراق لما أثاره الطاعن أمام محكمة الدرجة الأولى والثانية من بطلان التحقيقات وبطلان اعترافه لما وقع عليه من إكراه أثناء التحقيق، ذلك أن الثابت أن الطاعن سئل أكثر من مرة في تحقيق النيابة دون أن يشير إلى وقوع أي إجراء أو تهديد عليه ولم يلحظ وكيل النيابة ذلك وإلا لأثبته بمحضره. أما ما أثاره من إجراء التحقيق بدار المخابرات العامة وبحضور ضباطها الذين اشتركوا في تعذيبه، فمردود عليه بأن اختيار مكان التحقيق أمر متروك لتقدير المحقق حرصاً على صالح التحقيق وسرعة إنجازه. كما أن مجرد حضور ضباط المخابرات التحقيق ليس فيه ما يعيب إجراءاته إذ أن سلطان الوظيفة في ذاته بما يسبغه على صاحبه من اختصاصات وإمكانيات لا يعد إكراهاً ما دام هذا السلطان لم يستطل على المتهم بالأذى مادياً كان أو معنوياً، كما أن مجرد الخشية لا يعد قرين الإكراه المبطل للاعتراف لا معنى ولا حكماً. لما كان ذلك، فإن التهمة الأولى المنسوبة للمتهم تكون ثابتة قبله ثبوتاً يقينياً مما يتعين معه معاقبته عنها بالعقوبة المقررة في المادة 14 من القانون رقم 97 لسنة 1976، إلا أنه متى كان الثابت أن الطعن مرفوع من المتهم وحده، وكان الحكم المطعون فيه وإن قضى بتغريمه 500 جنيه والمصادرة التي انصبت على النقد الأجنبي المضبوط لديه، إلا أنه فاته القضاء بغرامة إضافية تعادل قيمة النقد الأجنبي موضوع التعامل الذي يضبط، وهو من الحكم خطأ يستفيد منه المتهم، وذلك حتى لا يضار المتهم بطعنه. وترى المحكمة من ظروف الدعوى الاكتفاء بتغريم المتهم 200 ج مع مصادرة النقد الأجنبي المضبوط لديه باعتباره متحصلاً من الجريمة المسندة إليه.
وحيث إنه عن التهمة الثانية المسندة إلى المتهم وهى تصدير نقد أجنبي إلى الخارج على خلاف الشروط والأوضاع المقررة قانوناً، فإنه وقد ثبت من الأوراق أن الشيكات موضوع هذا التعامل مزورة على صاحبها مما حدي بالبنك بالخارج إلى ردها إلى المتهم، وبالتالي فليس لها أي قيمة مادية، وليس من شأن التعامل بها أن تؤدي بطريق مباشر أو غير مباشر إلى ضياع نقد أجنبي كان من حق الدولة أن تحصل عليه، ذلك الحق الذي تحميه قوانين النقد. ومن ثم تضحى هذه الجريمة مفتقدة لعنصر من عناصرها، مما يتعين معه تبرئته منها عملاً بنص المادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية.