أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 21 - صـ 260

جلسة 9 من فبراير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ محمد أبو الفضل حفني، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم أحمد الديواني، ومحمد السيد الرفاعي، وطه الصديق دنانه، ومصطفى محمود الأسيوطي.

(64)
الطعن رقم 1793 لسنة 39 القضائية

(أ، ب، ج) دخان. تبغ. مأمورو الضبط القضائي. نيابة عامة. تفتيش. "التفتيش الإداري". بطلان. "بطلان التفتيش". محال عامة. عقوبة. مصادرة. قانون. "تفسيره". دعوى مدنية. تعويض. إثبات. "إثبات بوجه عام". "شهادة". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". محكمة النقض. "سلطتها". نقض. "أحوال الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
( أ ) دخول رجل الضبط المحال العامة لمراقبة تنفيذ القوانين واللوائح. شرطه أن يكون الدخول في الأوقات التي تباشر فيها تلك المحال نشاطها. علة ذلك؟
حق مأمور الضبط في تفتيش مصانع الدخان ليلاً أو نهاراً. مشروط بأن يكون المصنع مداراً في الواقع. بصرف النظر عن فتح الأبواب أو غلقها.
نطاق حق دخول المحال المفتوحة للجمهور. من حيث الزمان والمكان والغرض من الدخول؟
(ب) تفتيش مصنع دخان في غير أوقات مباشرة العمل فيه. باطل. بطلان الدليل المستمد من هذا التفتيش. لا يصححه حضور معاون نيابة من تلقاء نفسه أثناء التفتيش.
مصادرة التبغ السوداني رغم الحكم بالبراءة. واجبة. علة ذلك: خروج الدخان المذكور من دائرة التعامل.
(ج) عدم وجود دليل في الدعوى سوى ذلك المستمد من التفتيش الباطل. استبعاد هذا الدليل. وجوب القضاء برفض الدعوى المدنية.
1 - لئن كان لمأمور الضبطية القضائية دخول المحال العامة المفتوحة للجمهور لمراقبة تنفيذ القوانين واللوائح في الأوقات التي تباشر فيها تلك المحال نشاطها عادة، إلا أن هذه المحال تأخذ حكم المساكن في الأوقات التي لا يباح فيها للجمهور أن يدخلها، وليس في عبارة المادة الثالثة من القانون رقم 74 لسنة 1933 من النص على أن لمأمور الضبطية القضائية الحق في تفتيش مصانع الدخان في أي وقت - خروج على هذه القاعدة - إذ قصد الشارع بها أن يكون له حق الدخول للتفتيش الإداري ليلاً أو نهاراً طالما كان المصنع مداراً، والعبرة في ذلك بالواقع بصرف النظر عن فتح الأبواب أو إغلاقها، ذلك بأن الشارع إذ أجاز لمأموري الضبط دخول المحال العامة المفتوحة للجمهور لمراقبة تنفيذ القوانين واللوائح، إنما أباح لهم الاستطلاع بالقدر الذي يحقق الغرض المقصود من بسط هذه الرقابة، ولا يتعداه بالإجازة إلى غيره، فلا يتناول من حيث المكان ما كان منها سكناً، ولا يشمل من حيث الزمان إلا أوقات العمل دون الأوقات التي تغلق فيها، ولا من حيث الغرض إلا بالقدر الذي يمكنه من التحقق من تنفيذ تلك القوانين واللوائح دون التعرض للأشياء والأماكن الأخرى التي تخرج عن هذا النطاق، وعلة الإجازة أن المحال في الوقت الذي تكون فيه مفتوحة للجمهور لا يعقل أن تغلق في وجه مأمور الضبط المكلف بمراقبة تنفيذ القوانين لمحض كونه كذلك وليس من آحاد الناس.
2 - متى كان الثابت من مدونات الحكم أن تفتيش المصنع حصل في يوم الراحة الأسبوعية للعمال وفي غيبة صاحبه ومديره المسئول وبغير إذن منهما، ومن ثم يكون هذا الإجراء قد تم في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، ولا يصححه حضور معاون نيابة من تلقاء نفسه أثناء التفتيش، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون فيما ذهب إليه من صحة إجراءات التفتيش غير سديد في القانون مما يتعين معه نقضه والقضاء ببراءة المتهم تأسيساً على استبعاد الدليل من هذا الإجراء عملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، والمادة 304 من قانون الإجراءات الجنائية، مع مصادرة كمية التبغ السوداني المضبوطة الخارج بطبيعته عن دائرة التعامل، ورفض الدعوى المدنية وإلزام رافعها مصروفاتها.
3 - إن مؤدى الحكم بالبراءة تأسيساً على بطلان التفتيش استبعاد الدليل المستمد من هذا الإجراء - الذي لا يوجد في الدعوى دليل سواه - فتكون الواقعة التي أسس طلب التعويض عليها قد فقدت دليل إسنادها إلى المتهم وصحة نسبتها إليه، فلا تملك المحكمة الحكم عليه بالتعويض عنها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما في يوم 19 أغسطس سنة 1966 بدائرة مركز دكرنس محافظة الدقهلية: الأول بصفته صاحب مصنع أدخنة والثاني مديره المسئول حازا كمية التبغ السوداني الموضحة بالتحقيقات وهو محظور إدخاله إلى البلاد. وطلبت عقابهما بالمواد 1 - 2 (ثانياً) 3 - 4 من القانون رقم 62 سنة 1964. وادعت مدنياً مصلحة الجمارك وطلبت القضاء لها قبل المتهمين متضامنين بمبلغ 722 ج على سبيل التعويض. ومحكمة دكرنس الجزئية قضت عملاً بمواد الاتهام حضورياً للمتهم الأول وغيابياً للمتهم الثاني بتغريم كل منهما مائة جنية، وفي الدعوى المدنية بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا للمدعى بالحق المدني وبصفته مبلغ 722 ج ومصروفات هذه الدعوى ومائة قرش مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. فاستأنف المتهم الأول هذا الحكم. ومحكمة المنصورة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة كمية من التبغ السوداني المحظور إدخاله إلى البلاد قد شابه الخطأ في تطبيق القانون الإجرائي ذلك بأنه رفض الدفع ببطلان تفتيشه لمصنع الطاعن على الرغم من أنه تم يوم جمعه وهو يوم الغلق الأسبوعي للمصنع.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قال إيراداً للدفع بالبطلان ورداً عليه ما نصه "أما القول بعدم جواز التفتيش يوم الجمعة المحدد راحة أسبوعية للعمال ولإغلاق المصنع فإن هذا القول لا سند له من القانون ذلك أن نص المادة الثالثة من القانون رقم 74 لسنة 1933 سالفة الإشارة إليه جاء مطلقاً من قيد اشتراط التفتيش في أوقات العمل فضلاً عن صراحته التامة بقوله "لمأمور الضبطية القضائية الحق في تفتيش مصانع الدخان في أي وقت". وما ذهب إليه الحكم فيما تقدم غير سديد في القانون، ذلك أنه وإن كان لمأمور الضبطية القضائية دخول المحال العامة المفتوحة للجمهور لمراقبة تنفيذ القوانين واللوائح في الأوقات التي تباشر فيها تلك المحال نشاطها عادة، إلا أن هذه المحال تأخذ حكم المساكن في الأوقات التي لا يباح فيها للجمهور أن يدخلها، وليس في عبارة المادة الثالثة من القانون رقم 74 لسنة 1933 من النعي على أن لمأمور الضبطية القضائية الحق في تفتيش مصانع الدخان في أي وقت - خروج على هذه القاعدة - إذ قصد الشارع بها أن يكون له حق الدخول للتفتيش الإداري ليلاً أو نهاراً، طالما كان المصنع مداراً والعبرة في ذلك بالواقع بصرف النظر عن فتح الأبواب أو إغلاقها ذلك بأن الشارع إذ أجاز لمأموري الضبط دخول المحال العامة المفتوحة للجمهور لمراقبة تنفيذ القوانين واللوائح إنما أباح لهم الاستطلاع بالقدر الذي يحقق الغرض المقصود من بسط هذه الرقابة، ولا يتعداه بالإجازة إلى غيره فلا يتناول من حيث المكان ما كان منها سكناً، ولا يشمل من حيث الزمان إلا أوقات العمل دون الأوقات التي تغلق فيها، ولا من حيث الغرض إلا بالقدر الذي يمكنهم من التحقق من تنفيذ تلك القوانين واللوائح دون التعرض للأشياء والأماكن الأخرى التي تخرج عن هذا النطاق، وعلة الإجازة أن المحال في الوقت الذي تكون فيه مفتوحة للجمهور لا يعقل أن تغلق في وجه مأمور الضبط المكلف بمراقبة تنفيذ القوانين لمحض كونه كذلك وليس من آحاد الناس. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم - أن تفتيش المصنع حصل في يوم الراحة الأسبوعية للعمال وفي غيبة صاحبه ومديره المسئول وبغير إذن منهما، ومن ثم يكون هذا الإجراء قد تم في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، ولا يصححه حضور معاون النيابة من تلقاء نفسه أثناء التفتيش - وفقاً للثابت في الحكم. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون فيما ذهب إليه من صحة إجراءات التفتيش غير سديد في القانون مما يتعين معه نقضه والقضاء ببراءة المتهم تأسيساً على استبعاد الدليل المستمد من هذا الإجراء عملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض والمادة 304 من قانون الإجراءات الجنائية، مع مصادرة كمية التبغ السوداني المضبوطة الخارج بطبيعته عن دائرة التعامل، ورفض الدعوى المدنية وإلزام رافعها مصروفاتها إذ أن مؤدى الحكم بالبراءة تأسيساً على بطلان التفتيش استبعاد الدليل المستمد من هذا الإجراء والذي لا يوجد في الدعوى دليل سواه فتكون الواقعة التي أسس طلب التعويض عليها قد فقدت دليل إسنادها إلى المتهم وصحة نسبتها إليه، فلا تملك المحكمة الحكم عليه بالتعويض عنها.