أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة الثامنة والعشرون - صـ 410

جلسة 28 من مارس سنة 1977

برياسة السيد المستشار حسن علي المغربي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إسماعيل محمود حفيظ، ومحمد صفوت القاضي، وسيد شرعان، ومحمد علي بليغ.

(86)
الطعن رقم 1285 لسنة 46 القضائية

(1) إثبات. "شهود". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل".. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
[(1)] حق محكمة الموضوع أن تورد أقوال الشهود جملة. متى كان لا اختلاف في أقوالهم.
(2) نقض. "أسباب الطعن. تحديدها. ما يقبل منها". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
أسباب الطعن يجب أن تكون واضحة محددة.
(3) هتك عرض. إثبات. "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
هتك العرض. كل فعل مخل بالحياء يستطيل إلى جسم المجني عليه وعوراته ويخدش منه عاطفة الحياء. لا يشترط أن يترك أثراً بالمجني عليه.
(4) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل. إثبات. "بوجه عام". الأدلة في المواد الجنائية متساندة.
(5) إثبات. "تحقيق". محكمة الاستئناف. "نظرها الدعوى والحكم فيها". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
محكمة ثاني درجة تحكم على مقتضى الأوراق. لا تجرى من التحقيقات إلا ما ترى لزوماً لإجرائه.
(6) إثبات. "تحقيق". محكمة الموضوع. "الإجراءات أمامها" دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
النعي على المحكمة نعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها. غير جائز.
عدم التزام المحكمة بطلبات التحقيقات التي ترد خلال فترة حجز الدعوى للحكم. ما دامت لم تثر بجلسة المرافعة.
1- لما كان من المقرر أنه إذا كانت شهادة الشهود تنصب على واقعة واحدة ولا يوجد فيها خلاف بشأن تلك الواقعة، فلا بأس على المحكمة أن هي أوردت مؤدى شهادتهم جملة ثم نسبته إليهم جميعاً تفادياً للتكرار الذي لا موجب له.
2- أن شرط قبول وجه الطعن أن يكون واضحاً مسبباً.
3- أن هتك العرض هو كل فعل مخل بالحياء يستطل إلى جسم المجني عليه وعوراته ويخدش عاطفة الحياء عنده من هذه الناحية ولا يشترط لتوفره قانوناً أن يترك الفعل أثراً بالمجني عليه كإحداث احتكاك أو إيلاج يترك أثراً وكان الحكم المطعون فيه قد استدل على ثبوت ارتكاب الطاعن للفعل المكون للجريمة بأقوال المجني عليه وباقي شهود الحادث من أن الطاعن كان يضع قضيبه في دبر المجني عليه فإن هذا الذي خلص إليه الحكم سائغ وكاف لحمل قضائه ويتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها.
4- من المقرر أنه لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل فيها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها.
5- من المقرر أن الأصل أن محكمة ثاني درجة إنما تحكم على مقتضى الأوراق. وهى لا تجرى من التحقيقات إلا ما ترى لزوماً لإجرائه.
6- إن محكمة ثاني درجة لا تجرى من التحقيقات إلا ما ترى لزوماً لإجرائه وكان الثابت من الاطلاع على محاضر الجلسات أن الطاعن لم يطلب أمام محكمتي الموضوع سماع أقوال المجني عليه وشهود الإثبات فليس له أن ينعي على المحكمة الإخلال بحقه في الدفاع لقعودها عن إجراء سكت هو عن المطالبة به ولا يغير من ذلك أن وكيل الطاعن قدم طلباته بذلك للمحكمة الاستئنافية في فترة حجز الدعوى للحكم لأن الطاعن لم يطلب سماع شهود أمام محكمة الدرجة الأولى ولأن المحكمة لا تلتزم بإجابة طلبات التحقيق الواردة في فترة حجز الدعوى للحكم سواء بتصريح منها أو بغير تصريح ما دامت لم تثر بجلسة المحاكمة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 8 من يوليه سنة 1974 بدائرة كفر سعد محافظة دمياط: هتك عرض الصبي....... الذي لم يبلغ من العمر ثمانية عشر سنة بغير قوة أو تهديد بأن أولج قضيبه في دبره. وطلبت عقابه بالمادة 219/ 1 من قانون العقوبات. ومحكمة كفر سعد الجزئية قضت في الدعوى حضورياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة ثلاثين جنيهاً لوقف التنفيذ. فاستأنف المتهم الحكم ومحكمة دمياط الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت في الدعوى حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الأستاذ...... المحامي عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة هتك العرض بغير قوة أو تهديد، شابه قصور في البيان وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الحكم عول على أقوال شهود الإثبات التي أوردها جملة دون أن يبين بالتفصيل مؤدى أقوال كل شاهد على حدة ورغم اختلافهم في شأن استقاء شهادتهم بين الرؤية والسماع كما أن الحكم رأى التقرير الطبي الشرعي مؤيداً لما رواه شهود الإثبات مع أن ما ورد بالتقرير لا يجزم بارتكاب المتهم الفعل المنسوب إليه هذا بالإضافة إلى أن المدافع عن الطاعن تمسك بجلسات المحاكمة وفى طلباته المقدمة في الدعوى بضرورة سماع المجني عليه وشهود الواقعة إلا أن المحكمة التفتت عن هذا الطلب بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه أن المجني عليه أبلغ أن المتهم اصطحبه إلى منزل مهجور وهتك عرضه بغير قوة أو تهديد بأن أولج قضيبه في دبره وفى هذه الأثناء شاهدهما...... من فتحة في الحائط ففر كل منهما هارباً وأن هذا الشاهد قرر أنه شاهد المتهم وهو يهتك عرض المجني عليه كما شاهد الواقعة الشاهدين....... و...... ثم أورد الحكم الأدلة على ثبوت هذه الواقعة وصحة إسنادها للمتهم مستمدة من أقوال المجني عليه والشهود سالفي الذكر وفى مجال استدلاله بأقوال الشهود ساق الحكم ما يلي بقوله: "وبما تأيد من أقوال الشهود...... و...... و...... من أنهم شاهدوا المتهم خالعاً سرواله ويضع قضيبه في دبره...". لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه إذا كانت شهادة الشهود تنصب على واقعة واحدة ولا يوجد فيها خلاف بشأن تلك الواقعة، فلا بأس على المحكمة إن هي أوردت مؤدى شهادتهم جملة ثم نسبته إليهم جميعاً تفادياً للتكرار الذي لا موجب له، فإن ما ذهب إليه الحكم على النحو المتقدم يكفي لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة بما يحقق لحكم القانون ويكون ما ذهب إليه الطاعن من تعيب الحكم بقالة القصور لعدم إيراده أقوال كل من الشهود على حدة وجمعه بينهم بإسناد واحد لا محل له، لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يبين أوجه اختلاف الشهود في مصدر شهادتهم بين الرؤية والسماع ومن الشهود سمع بالواقعة ولم يشهدها بل جاء قوله في هذا الصدد مرسلاً غير محدود فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون مقبولاً لما هو مقرر من أن شرط قبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً، لما كان ذلك، وكان قضاء النقض جرى على أن هتك العرض هو كل فعل باطل بالحياء يستطيل إلى جسم المجني عليه وعوراته ويخدش عاطفة الحياء عنده من هذه الناحية ولا يشترط لتوفره قانوناً أن يترك الفعل أثراً بالمجني عليه كأحداث احتكاك أو إيلاج يترك أثراً وكان الحكم المطعون فيه قد استدل على ثبوت ارتكاب الطاعن للفعل المكون للجريمة بأقوال المجني عليه وباقي شهود الحادث من أن الطاعن يضع قضيبه في دبر المجني عليه فإن هذا الذي خلص إليه الحكم سائغ وكاف لحمل قضائه ويتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها فضلاً عن أن استناد الحكم إلى ما جاء بالتقرير الطبي الشرعي من أن فتحة الشرج بالمجني عليه بحالتها الموصوفة بها من الممكن أن تسمح للمتهم بإتيان هذا الفعل دون أن يترك أثراً يدل عليه هو مما يسوغ به الاستدلال على صحة إسناد الاتهام للطاعن كما ذهب الحكم المطعون فيه بما لا يكون للنعي عليه في هذا الشأن محل، لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد الحكم بحيث ينبئ كل دليل فيها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة متساندة وفيها مجتمعة تتكون عقدية القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها – كما هو واقع الحال في الدعوى المطروحة على غير ما بينا – ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه فإن ما يثيره الطاعن من أن التقرير الطبي الشرعي لم يجرم بارتكاب الفعل المسند إليه يكون على غير أساس. لما كان ذلك وكان من المقرر أن الأصل أن محكمة ثاني درجة إنما تحكم على مقتضى الأوراق وهى لا تجرى من التحقيقات إلا ما ترى لزوماً لإجرائه، وكان الثابت من الاطلاع على محاضر الجلسات أن الطاعن لم يطلب أمام محكمتي الموضوع سماع أقوال المجني وشهود الإثبات فليس له أن ينعي على المحكمة الإخلال بحقه في الدفاع لقعودها عن إجراء سكت هو عن المطالبة به ولا يغير من ذلك أن وكيل الطاعن قدم طلباته بذلك للمحكمة الاستئنافية في فترة حجز الدعوى للحكم لأن الطاعن لم يطلب سماع الشهود أمام محكمة الدرجة الأولى ولأن المحكمة لا تلتزم بإجابة طلبات التحقيق الواردة في فترة حجز الدعوى للحكم سواء بتصريح منها أو بغير تصريح ما دامت لم تثر بجلسة المحاكمة، لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.


[(1)] (يراجع أيضا سنة 25 ص 103).