أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة الثامنة والعشرون - صـ 416

جلسة 28 من مارس سنة 1977

برياسة السيد المستشار/ حسن علي المغربي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إسماعيل محمود حفيظ، ومحمد صفوت، والسيد محمد شرعان، ومحمد علي بليغ.

(87)
الطعن رقم 1287 لسنة 46 القضائية

(1) مواد مخدرة. تفتيش. "التفتيش بإذن". "التفتيش بغير إذن". فليس حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الحالات التي يجوز فيها تفتيش من يتواجد مع المأذون بتفتيشه؟
(2) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير حالة التلبس". تلبس. مأمور الضبط القضائي. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير قيام حالة التلبس أو انتفاؤها. وتقدير الدلائل على صلة المتهم بالجريمة المتلبس بها. ومبلغ كفايتها. وتقدير القرائن على إخفاء المتهم ما يفيد في كشف الحقيقة. لرجل الضبط تحت رقابة سلطة التحقيق وإشراف محكمة الموضوع.
(3) تفتيش. "التفتيش بغير إذن". إثبات. "بوجه عام". قبض. مأمور الضبط القضائي. اشتباه. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الاشتباه لغير ذوي الشبهة. غير وارد في القوانين الجنائية مجرد الارتباك والحيرة. لا تتحقق بها الدلائل الكافية على وجود اتهام يبرر القبض والتفتيش.
1- متى اقتصر الإذن بالتفتيش على المتهم الآخر ومسكنه، فإنه ما كان يجوز لرجل الضبط القضائي المأذون له بإجرائه أن يفتش المطعون ضده إلا إذا توافرت في حقه حالة التلبس بالجريمة طبقاً للمادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية أو وجدت دلائل كافية على اتهامه في جناية إحراز المخدر المضبوط مع المتهم الآخر وفقاً للمادتين 34/ 1 و46/ 1 من القانون المذكور، أو قامت قرائن قوية على أنه يخفي معه شيئاً يفيد في كشف الحقيقة طبقاً للمادة 49 من ذات القانون.
2- ولما كان تقدير قيام أو انتفاء التلبس بالجريمة وتقدير الدلائل على صلة المتهم بالجريمة المتلبس بها ومبلغ كفايتها وكذا تقدير القرائن على إخفاء المتهم ما يفيد في كشف الحقيقة يكون بداءة لرجل الضبط القضائي تحت رقابة سلطة التحقيق وإشراف محكمة الموضوع بغير معقب عليها، فلا يصح النعي على المحكمة وهى بسبيل ممارسة حقها في التقدير بأنها تجاوزت سلطتها.
3- لما كان مفاد ما أوردته محكمة الموضوع في مدونات حكمها المطعون عليه أنها رأت فيما قرره الضابط والشرطي المرافق له بتحقيق النيابة من ارتباك المطعون ضده أثناء تفتيش المتهم الآخر ما لا ينبئ بذاته عن اتصاله بجريمة إحراز هذا الأخير لمادة المخدر المتلبس بها ولا تقوم به الدلائل الكافية على اتهامه بها أو القرائن القوية على إخفائه ما يفيد في كشف الحقيقة فيها مما يجيز القبض عليه وتفتيشه، فإن ما انتهى إليه الحكم من قبول الدفع ببطلان القبض عليه وتفتيشه يكون سديداً في القانون، ذلك أن القوانين الجنائية لا تعرف الاشتباه لغير ذوي الشبهة والمتشردين وليس في مجرد ما يبدو على الفرد من حيرة وارتباك دلائل كافية على وجود اتهام يبرر القبض عليه وتفتيشه. ولا يصح من بعد الاستناد إلى الدليل المستمد من ضبط المادة المخدرة معه باعتباره وليد القبض والتفتيش الباطلين وينحل ما تثيره النيابة العامة في هذا الشأن إلى جدل موضوعي لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 24 من أبريل سنة 1973 بدائرة مركز منوف محافظة المنوفية: أحرز بقصد التعاطي جوهراً مخدراً "أفيوناً" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 1/ 1 و2 و37/ 1 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند الأول من الجدول رقم (1) الملحق فقرر ذلك. ومحكمة جنايات شبين الكوم قضت في الدعوى حضورياً ببراءة المتهم مما أسند إليه. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعي على الحكم المطعون فيه إنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من تهمة إحراز المخدر استناداً إلى بطلان القبض عليه وتفتيشه لانتفاء حالة التلبس، قد شابه الخطأ في تطبيق القانون وانطوى على القصور في التسبيب، ذلك أن التلبس صفة تلحق بالجريمة لا بشخص مرتكبها، وقد كانت الجريمة في حالة تلبس بالنسبة للمتهم الآخر المأذون بتفتيشه بعد أن أسفر تفتيشه عن ضبط مخدر الحشيش معه. ومن ثم فإن ذلك يبيح لرجل الضبط القضائي القبض على المطعون ضده وتفتيشه لأنه كان يجالس المتهم الآخر وقت الضبط، وإذ لم تأخذ المحكمة بهذا النظر يكون حكمها معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى استخلاصاً من أقوال النقيب....... رئيس مكتب مكافحة المخدرات بالمنوفية والشرطي السري...... بما مؤداه أنه حال مجالسة المطعون ضده....... – المتهم الآخر المأذون بتفتيشه – من النيابة العامة لضبط ما يحوزه من جواهر مخدرة – قدم الضابط ومرافقه وبعد أن قام بتفتيش المأذون له بتفتيشه وعثوره على مادة مخدرة أجرى تفتيش المطعون ضده حيث عثر بجيب صديريه الأيسر على لفافة بها مادة مخدرة تبين من تقرير التحليل أنها دون الوزن لمخدر الأفيون. وأنكر المطعون ضده التهمة ودفع الحاضر معه ببطلان إجراءات ضبطه وتفتيشه نظراً لعدم صدور إذن بذلك فضلاً عن أنه لم يكن في إحدى حالات التلبس التي تجيز ضبطه وتفتيشه، وقضى الحكم ببراءة المطعون ضده على سند من قوله أن إذن التفتيش الصادر لم يكن خاصاً بالمطعون ضده الذي جمعته الصدفة بالمتهم الآخر المقصود بالضبط والتفتيش وأن مجرد دخول القوة لمنزل المأذون بتفتيشه يجعل المطعون ضده في رهبة من الموقف سيما بعد أن قبض عليه الضابط القائم بضبط وتفتيش المتهم الآخر المأذون بتفتيشه وسلمه لجندي الشرطة المرافق له للتحفظ عليه، وأن هذا الموقف لا ينبئ عن قيام حالة من حالات التلبس المحددة في القانون التي تجيز القبض على المطعون ضده وتفتيشه ومن ثم يكون القبض عليه وتفتيشه قد وقعا باطلين ويبطل تبعاً لذلك ما نتج عنهما لما كان ذلك، وكان ما خلص إليه الحكم فيما تقدم صحيح في القانون، ذلك بأنه وقد اقتصر الإذن بالتفتيش على المتهم الآخر ومسكنه، فإنه ما كان يجوز لرجل الضبط القضائي المأذون له بإجرائه أن يفتش المطعون ضده إلا إذا توافر في حقه حالة التلبس بالجريمة طبقاً للمادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية أو وجدت دلائل كافية على اتهامه في جناية إحراز المخدر المضبوط مع المتهم الآخر وفقاً للمادتين 34/ 1، 46/ 1 من القانون المذكور، أو قامت قرائن قوية على أنه يخفي معه شيئاً يفيد في كشف الحقيقة طبقاً للمادة 49 من ذات القانون. ولما كان تقدير قيام أو انتفاء التلبس والجريمة وتقدير الدلائل على صلة المتكلم بالجريمة المتلبس بها ومبلغ كفايتها وكذا تقدير القرائن على إخفاء المتهم ما يفيد في كشف الحقيقة يكون بداءة لرجل الضبط القضائي تحت رقابة سلطة التحقيق وإشراف محكمة الموضوع بغير معقب عليها، فلا يصح النعي على المحكمة وهى بسبيل ممارسة حقها في التقدير بأنها تجاوزت سلطتها إذ في ذلك ما يجر في النهاية إلى توقيع العقاب على برئ وهو أمر يؤذي العدالة وتتأذى منه الجماعة مما يتحتم عليه إطلاق يد القاضي الجنائي في تقدير سلامة الدليل وقوته ودون قيد فيما عدا الأحوال المستثناة قانوناً، ما دامت الأسباب والاعتبارات التي بنيت عليها هذا التقدير سائغة وصالحة لأن تؤدي النتيجة التي إليها. ولما كان مفاد ما أوردته محكمة الموضوع في مدونات حكمها المطعون عليه أنها رأت فيما قرره الضابط والشرطي المرافق له بتحقيق النيابة من ارتباك المطعون ضده أثناء تفتيش المتهم الآخر بما لا ينبئ بذاته عن اتصاله بجريمة إحراز هذا الأخير لمادة المخدر المتلبس بها ولا تقوم به الدلائل الكافية على اتهامه بها أو القرائن القوية على إخفائه ما يفيد في كشف الحقيقة فيها مما يجيز القبض عليه وتفتيشه، فإن ما انتهى إليه الحكم من قبول الدفع ببطلان القبض عليه وتفتيشه يكون سديداً في القانون، ذلك أن القوانين الجنائية لا تعرف الاشتباه لغير ذوي الشبهة والمتشردين وليس في مجرد ما يبدو على الفرد من حيرة وارتباك دلائل كافية على وجود اتهام يبرر القبض عليه وتفتيشه. ولا يصح من بعد الاستناد إلى الدليل المستمد من ضبط المادة المخدرة معه باعتباره وليد القبض والتفتيش الباطلين، وينحل ما تثيره النيابة العامة في هذا الشأن إلى جدل موضوعي لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.