أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة الثامنة والعشرون - صـ 436

جلسة 3 من أبريل سنة 1977

برياسة السيد المستشار حسن علي المغربي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينه، ويعيش محمد رشدي، ومحمد وجدي عبد الصمد، ومحمد فاروق راتب.

(90)
الطعن رقم 1190 لسنة 46 القضائية

(1) جريمة. "أركانها". قصد جنائي. مواد مخدرة.
مثال على استخلاص سائغ لتوافر علم المتهم بأن ما يحرزه جواهر مخدرة.
(2) إثبات. "اعتراف". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تسمية أقوال المتهم اعترافاً. لا يعيب الحكم. ما دام لم يرتب عليها وحدها الأثر القانوني للاعتراف.
(3) استدلالات. تفتيش. "التفتيش بإذن". إذن تفتيش. "إصداره". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير جدية التحريات المسوغة لإصدار إذن التفتيش. لسلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع.
قيام رجل الضبط القضائي بإجراء التحريات بنفسه. غير لازم.
1- لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعنين، من أنهما كانا ضحية جريمة نصب قام بها بعض تجار المخدرات تحت ستار الإرشاد وأنهما كانا يجهلان حقيقة المادة التي تسلماها من أحدهم ورد عليه في قوله. "فإن هذا القول مردود أيضاً بما ثبت في الأوراق من أن المتهمين (الطاعنين) كانا يخفيان المخدرات وقت ضبطها معهما في جيوب الصديري الذي كان يرتديه كل منهما ومن غير المستساغ أو المقبول أن يودع كل منهما في جيب صديريه الذي يرتديه طرب الحشيش المضبوطة والتي يبين من حالتها الظاهرة أنها مخدرات دون أن يعرف كل منهما كنه وحقيقة ما تحويه خاصة وأن النقيب...... قرر في تحقيقات النيابة أن المتهمين وشقيق المتهم الثاني السيد...... نزلوا من سيارة نصر 1100 حمولتها ثلاثة راكب لم يكن بها خلاف السائق والمتهمين وشقيق المتهم الثاني (الطاعن الثاني) مما يكذب زعم المتهمين أن المدعو...... سلمهما المخدرات المضبوطة معهما قبل نزولهما من السيارة بلحظات كأمانة لتسليمها له فيما بعد دون أن يعرفا كنهها فضلاً عن أن هذه الرواية من جانب المتهمين غير مستساغة عقلاً كما سلف البيان فإن المدعو....... وفقاً لما جاء في تحقيقات الجنحة رقم 4293 سنة 1970 الزيتون قرر بأنه سلم المتهمين المخدرات المضبوطة معهما كهدية لهما ولم يصادق المتهمين فيما زعماه من أنهما تسلما المخدرات كأمانة دون أن يعرف حقيقتها". وكان هذا الذي أورده الحكم كافياً في الدلالة على علم الطاعنين بأن ما كانا يحملانه في جيب صديريهما يحوى مخدراً ولا يخرج ما استخلصه الحكم منهما عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي ويتضمن الرد على دفاعهما بتلفيق التهمة، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن يكون غير سديد.
2- لا يقدح في سلامة الحكم خطأ المحكمة في تسمية أقوال المتهمين اعترافاً طالما أنها لم ترتب عليه وحدة الأثر القانوني للاعتراف – كما أنه لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق.
3- لما كان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وكانت المحكمة قد اقتنعت بما قرره الضابط بالتحقيقات من أنه قام بالمراقبة بنفسه فإنه لا يقبل من الطاعنين مجادلتهما في ذلك أمام محكمة النقض ومع ذلك فإنه لما كان القانون لا يوجب حتماً أن يتولى رجل الضبط القضائي بنفسه التحريات والأبحاث التي يؤسس عليها الطلب بالإذن له بتفتيش الشخص أو أن يكون على معرفة سابقة به، بل له أن يستعين فيما قد يجريه من تحريات وأبحاث أو ما يتخذه من وسائل التنقيب بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين ومن يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم ما دام أنه قد اقتنع شخصياً بصحة ما نقلوه إليه وبصدق ما تلقاه منهم من معلومات، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد لا يكون له محل.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما في يوم 14 من أبريل سنة 1970 بدائرة قسم شبرا محافظة القاهرة: أحرزا جوهراً مخدراً (حشيشاً) وكان ذلك بقصد الاتجار وفى غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بمواد الإحالة، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1/ 1 و2 و37 و28 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبند 16 من الجدول رقم1 المرافق بمعاقبة كل من المتهمين بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريم كل منهما ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط باعتبار أن إحرازهما للمخدر كان بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي. فطعن الأستاذ....... المحامي عن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة إحراز مخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة القانون وانطوى على خطأ في الإسناد، ذلك بأن الطاعنين دفعا بأنهما كان ضحية جريمة نصب وقعت عليهما من ثلاثة من تجار المخدرات وتحرر عنها القضية رقم 4293 سنة 1970 الزيتون قضى فيها بإدانتهم وثبت منها اعتراف أحدهم بأنه تولى إرشاد رجال الشرطة عن الطاعنين بتحريض من زميله ورغم تمسك الطاعنين بهذا الدفاع إلا أن الحكم لم يشر إليه ورد على انتفاء ركن العلم لديهما بما لا يصلح رداً كما عول الحكم – من بين ما عول عليه – في إدانة الطاعنين على اعترافهما بضبط المخدر مع كل منهما مع أنهما أنكرا علمهما بحقيقته وأن الاعتراف هو ما يكون منصباً على ارتكاب الجريمة بأركانها وفضلاً عن ذلك فقد أطرح الحكم دفعهما ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات بمقولة أن الضابط هو الذي قام بالمراقبة مع أنه أثبت في محضر تحرياته أنه لم يقم بها، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة إحراز المخدر التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة لها معينها الصحيح في الأوراق من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، عرض لدفاع الطاعنين من أنهما كانا ضحية جريمة نصب قام بها بعض تجار المخدرات تحت ستار الإرشاد وأنهما كان يجهلان حقيقة المادة التي تسلماها من أحدهم ورد عليه في قوله "فإن هذا القول مردود أيضاً بما ثبت في الأوراق من أن المتهمين (الطاعنين) كانا يخفيان المخدرات وقت ضبطها معهما في جيوب الصديري الذي كان يرتديه كل منهما ومن غير المستساغ أو المقبول أن يودع كل منهما في جيب صديريه الذي يرتديه طرب الحشيش المضبوطة بالمواصفات السابق بيانها والتي يبين من حالتها الظاهرة أنها مخدرات دون أن يعرف كل منهما كنه وحقيقة ما تحويه خاصة وأن النقيب....... قرر في تحقيقات النيابة أن المتهمين وشقيق المتهم الثاني...... نزلوا من سيارة نصر 1100 حمولتها ثلاثة راكب لم يكن بها خلاف السائق والمتهمين وشقيق المتهم الثاني (الطاعن الثاني) مما يكذب زعم المتهمين أن المدعو...... سلمهما المخدرات المضبوطة معهما إبان نزولهما من السيارة بلحظات كأمانة لتسليمها له فيما بعد دون أن يعرفا كنهها فضلاً أن هذه الرواية من جانب المتهمين غير مستساغة عقلاً كما سلف البيان فإن المدعو... وفقاً لما في تحقيقات الجنحة رقم 4293 سنة 1970 الزيتون قرر بأنه سلم المتهمين المخدرات المضبوطة معهما كهدية لهما ولم يصادق المتهمين فيما زعماه من أنهما تسلما المخدرات كأمانة دون أن يعرفا حقيقتها"، وكان هذا الذي أورده الحكم كافياً في الدلالة على علم الطاعنين بأن ما كانا يحملانه في جيب صديريهما يحوي مخدراً ولا يخرج ما استخلصه الحكم منها عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي ويتضمن الرد على دفاعهما بتلفيق التهمة، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان لا يقدح في سلامة الحكم خطأ المحكمة في تسمية أقوال المتهمين اعترافاً طالما أنها لم ترتب عليه وحده الأثر القانوني للاعتراف، كما أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق، ومع هذا فإن الثابت من المفردات المنضمة أن الطاعنين اعترفا بادئ ذي بدء بتحقيقات النيابة عند مواجهتهما بالمضبوطات بأن المخدرات تخصهما. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض للرد على دفاع الطاعنين ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات وأطرحه بما قرره النقيب...... في تحقيقات النيابة بأنه قام بمراقبة الطاعنين طوال مدة تواجدهما في القاهرة وأسفرت تحرياته عنها بأنهما اشتريا مخدرات من القاهرة لنقلها إلى دمنهور وخلص الحكم من ذلك جدية التحريات، وكان الطاعنان لا ينازعان في صحة ما نقله الحكم من ذلك عن التحقيقات، وكان محضر التحريات خلوا مما يزعمه الطاعنان من أن الضابط المذكور أثبت به أنه لم يقم بمراقبة الطاعنين، وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، ولما كانت المحكمة قد اقتنعت بما قرره الضابط بالتحقيقات من أنه قام بالمراقبة بنفسه فإنه لا يقبل من الطاعنين مجادلتهما في ذلك أمام محكمة النقض ومع ذلك فإنه لما كان القانون لا يوجب حتماً أن يتولى رجل الضبط القضائي بنفسه التحريات والأبحاث التي يؤسس عليها الطلب بالإذن له بتفتيش الشخص أو أن يكون على معرفة سابقة به، بل له أن يستعين فيما قد يجريه من تحريات وأبحاث أو ما يتخذه من وسائل التنقيب بمعاونيه من رجال السلطة العامة، والمرشدين السريين ومن يتولى إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم ما دام أنه قد اقتنع شخصياً بصحة ما نقلوه إليه وبصدق ما تلقاه عنهم من معلومات، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد لا يكون له محل.
وحيث إنه لما تقدم ينحل الطعن برمته إلى جدل موضوعي في تقدير الأدلة مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه ولا مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض مما يتعين معه رفض الطعن موضوعاً.