أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة الثامنة والعشرون - صـ 446

جلسة 3 من أبريل سنة 1977

برياسة السيد المستشار حسن علي المغربي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينه، ويعيش محمد رشدي، وأحمد طاهر خليل، ومحمد فاروق راتب.

(92)
الطعن رقم 1303 لسنة 46 القضائية

(1) ارتباط. سرقة. "تعدي على موظف عام".
مناط تطبيق المادة 32 عقوبات؟
تقدير قيام الارتباط. بين الجرائم. موضوعي.
استعمال المتهم القوة ضد أحد الخفراء لمنعه من اقتياده إلى مخفر الشرطة. بعد ارتكابه جريمة شروع في سرقة بإكراه. لا ارتباط بين الجريمتين.
(2) جريمة. "أركانها". سرقة. "السرقة بإكراه". شروع. ظروف مشددة. "ظرف الإكراه".
تحقيق الإكراه في السرقة. ولو وقع فعل الإكراه بعد حصولها متى كان القصد منه. الفرار بالمسروقات.
(3) أوراق رسمية. إثبات. "بوجه عام". "أوراق رسمية". أحداث.
جواز الاعتداد بالبطاقة الشخصية. في تقدير سن الحدث. أساس ذلك: أنها وثيقة رسمية.
1- إن مناط تطبيق الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات أن تكون الجرائم قد انتظمتها خطة جنائية واحدة بعدة أقوال مكملة لبعضها البعض بحيث تتكون منها مجتمعة الوحدة الإجرامية التي عناها المشرع بالحكم الوارد بالفقرة المشار إليها، كما أن الأصل أن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع. لما كان ذلك، وكانت الوقائع كما أثبتها الحكم تفيد أن ما وقع من الطاعن من استعماله القوة ضد الخفير النظامي لمنعه من أداء واجبه في القبض عليه بعد ارتكابه جريمة الشروع في السرقة بإكراه واقتياده إلى مخفر الشرطة للإبلاغ عن الواقعة مما لا يوفر وحده النشاط الإجرامي بين الجريمتين اللتين دين بهما ولا يتحقق به الارتباط الذي لا يقبل التجزئة بينهما، فإن الحكم المطعون فيه إذا أوقع على الطاعن عقوبة مستقلة عن كل من هاتين الجريمتين لا يكون قد خالف القانون في شئ.
2- لما كان لا يلزم في الاعتداء الذي تتوافر به جريمة الشروع في السرقة بإكراه أن يكون الاعتداء سابقاً أو مقارناً لفعل الاختلاس بل يكفي أن يكون كذلك ولو أعقب فعل الاختلاس متى كان قد تلاه مباشرة وكان الغرض منه النجاة بالشئ المختلس. وكان الثابت من مدونات الحكم أن الطاعن أخذ يدفع المجني عليها بيديه بقوة وأطبق على عنقها يريد إلقاءها على الأرض حتى يتمكن من الفرار بالمنديل وما به من نقود سرقها من جيب المجني عليها فإن ما أورده الحكم في هذا الشأن مما يتوافر به ظرف الإكراه في جريمة الشروع في السرقة كما هو معرف قانوناً.
3- لما كانت البطاقة الشخصية تعتبر دليل على صحة البيانات الواردة فيها طبقاً لنص المادة 51 من القانون رقم 260 لسنة 1960 في شأن الأحوال المدنية فهي تعد من قبيل الوثيقة الرسمية التي يعتد بها في تقدير سن الحدث طبقاً لنص المادة 32 من القانون رقم 31 لسنة 1974 بشأن الأحداث.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 29 مايو سنة 1974 بدائرة مركز طما محافظة سوهاج (أولاً) شرع في سرقة مبلغ النقود المبين قدراً وقيمة بالتحقيقات والمملوك لـ....... بالإكراه بأن استولى عليه خلسة من جيب جلبابها الخارجي وإذ استشعرت ذلك وأمسكت به دفعها في صدرها وأطبق بيديه على عنقها بقصد تهديدها والإفلات بالمبلغ المسروق وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو ضبطه والجريمة متلبساً بها. (ثانياً) استعمل القوة والتهديد مع الخفير النظامي........ لحمله بغير حق على الامتناع عن عمل من أعمال وظيفته بأن قضم يده اليمنى فأحدث ما بها من إصابات حال قيام الأخير بضبطه متلبساً بالجريمة السابقة قاصداً منعه من اصطحابه لمركز الشرطة المختص إلا أنه لم يبلغ بذلك مقصده. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 45 و46 و137 مكرر و314 من قانون العقوبات، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات سوهاج قضت حضورياً عملاً بالمواد 314 و137 و17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل ثلاث سنوات عن التهمة الأولى وبالحبس مع الشغل سنتين عن التهمة الثانية. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتي الشروع في سرقة بإكراه واستعمال القوة والتهديد مع موظف عام لحمله بغير حق على الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفته قد أخطأ في تطبيق القانون شابه قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الحكم قضى بمعاقبة الطاعن عن كل من الجريمتين المسندتين إليه حالة كونهما مرتبطتين مما كان يتعين معه إعمال نص الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات والحكم عليه بعقوبة واحدة عنهما، كما دانه الحكم عن التهمة الثانية بمقتضى نص المادة 137 مكرراً ( أ ) من قانون العقوبات في حين أن النيابة العامة طلبت عقابه عن هذه التهمة بمقتضى المادة 133 مكرراً من القانون المذكور دون أن تلفت المحكمة نظر الدفاع إلى هذا التعديل فضلاً عن قصور الحكم في استظهار النية الخاصة التي يتطلبها إعمال نص المادة 137 مكرراً ( أ ) سالفة الذكر، وكذلك فقد أخطأ الحكم حين دان الطاعن بجريمة الشروع في السرقة بإكراه مع ما أثبته في تحصيله لواقعة الدعوى من أن اشتباك الطاعن مع المجني عليها وقع بعد تمام الجريمة بما لا يوفر في حقه ظرف الإكراه، كما أغفل الحكم أيضاً الرد على دفاع جوهري للطاعن مؤداه أن المبلغ المسروق لم يضبط معه وأن الواقعة المسندة إليه غير صحيحة هذا إلى أن سن الطاعن كما جاء بالأوراق هو ثماني عشرة سنة وكان على المحكمة أن تلتفت إلى ذلك وتعنى بتحقيقه استجلاء لشبهة كون الطاعن حدثاً وقت وقوع الحادث، كل ذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومن التقرير الطبي. لما كان ذلك، وكان مناط تطبيق الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات أن تكون الجرائم قد انتظمتها خطة جنائية واحدة بعدة أفعال مكملة لبعضها البعض بحيث تتكون منها مجتمعة الوحدة الإجرامية التي عناها المشرع بالحكم الوارد بالفقرة المشار إليها، كما أن الأصل أن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع. وكانت الوقائع كما أثبتها الحكم تفيد أن ما وقع من الطاعن من استعماله القوة ضد الخفير النظامي لمنعه من أداء واجبه في القبض عليه بعد ارتكابه جريمة الشروع في السرقة بإكراه واقتياده إلى مخفر الشرطة للإبلاغ عن الواقعة مما لا يوفر وحده النشاط الإجرامي بين الجريمتين اللتين دين بهما ولا يتحقق به الارتباط الذي لا يقبل التجزئة بينهما، فإن الحكم المطعون فيه إذ أوقع على الطاعن عقوبة مستقلة عن كل من هاتين الجريمتين لا يكون قد خالف القانون في شئ، لما كان ذلك، وكان يبين من الحكم المطعون فيه ومن المفردات المضمومة أن النيابة العامة طلبت معاقبة الطاعن بالمادة 137 مكرراً ( أ ) من قانون العقوبات عن التهمة الثانية المسندة إليه، وأحيلت الدعوى من مستشار الإحالة إلى محكمة الجنايات بهذه المادة، فإن ما ينعاه الطاعن من دعوى أن الحكم قد أعمل في شأنه نص المادة سالفة الذكر مستبدلاً إياها بالمادة 133 مكرراً من قانون العقوبات التي طلبت النيابة تطبيقها دون أن تلفت نظر الدفاع إلى ذلك لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر استظهاراً سليماً من ظروف الواقعة أن غرض الطاعن من تعديه على الخفير النظامي المكلف بخدمة عامة وإحداثه إصابة عضية في يده اليمنى قد انصرف إلى حمل المجني عليه بغير حق على الامتناع عن عمل من أعمال وظيفته هو ضبط الطاعن للتحقيق معه في جريمة الشروع في السرقة بإكراه فإن ذلك يتوافر به الركن الأدبي للجناية المنصوص عليها في المادة 137 مكرراً أ من قانون العقوبات ويكون منعي الطاعن في هذا الشأن غير ذي سند. لما كان ذلك وكان لا يلزم في الاعتداء الذي تتوافر به جريمة الشروع في السرقة بإكراه أن يكون الاعتداء سابقاً أو مقارناً لفعل الاختلاس بل يكفي أن يكون كذلك ولو أعقب فعل الاختلاس متى كان قد تلاه مباشرة وكان الغرض منه النجاة بالشئ المختلس. وكان الثابت من مدونات الحكم أن الطاعن أخذ يدفع المجني عليها بيديه بقوة وأطبق على عنقها يريد إلقاءها على الأرض حتى يتمكن من الفرار بالمنديل وما به من نقود سرقها من جيب المجني عليها فإن ما أورده الحكم في هذا الشأن مما يتوافر به ظرف الإكراه في جريمة الشروع في السرقة كما هو معرف قانوناً ويكون ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن في عدم صحة الواقعة المسندة إليه وما ساقه دليلاً على ذلك وأطرحه اطمئناناً منه إلى أقوال شهود الإثبات المدعمة بالتقرير الطبي والتي لا يجادل الطاعن في أن لها مأخذها من التحقيقات. وكان من المقرر أن مفاد أخذ المحكمة بما أخذت به من أقوال الشهود إنها اطمأنت إلى صحته وأطرحت ما ساقه الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، إذ أن وزن أقوال الشهود وتقدير الدليل إنما هو من إطلاقات محكمة الموضوع فلا تجوز مصادرتها أو مجادلتها أمام محكمة النقض فيما اطمأنت إليه مما يدخل في سلطتها التقديرية. فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على المفردات أن وكيل النيابة المحقق قد اطلع على البطاقة الشخصية للطاعن وأثبت أنه من مواليد 29 من فبراير سنة 1956، ولما كانت البطاقة الشخصية تعتبر دليلاً على صحة البيانات الواردة فيها طبقاً لنص المادة 51 من القانون رقم 260 لسنة 1960 في شأن الأحوال المدنية فهي تعد من قبيل الوثيقة الرسمية التي تعتد بها في تقدير سن الحدث طبقاً لنص المادة 32 من القانون رقم 31 لسنة 1974 بشأن الأحداث، لما كان ذلك، وكانت الجريمتان المسندتان للطاعن قد وقعتا بتاريخ 29 من مايو سنة 1974، فإن سنه وقت ارتكاب الحادث قد تجاوزت الثماني عشرة سنة المحددة كأقصى سن للحدث ويكون منعي الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.