أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة الثامنة والعشرون - صـ 452

جلسة 3 من أبريل سنة 1977

برياسة السيد المستشار حسن المغربي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينه، ويعيش محمد رشدي، ومحمد محمد وهبه، وأحمد علي موسى.

(93)
الطعن رقم 1505 لسنة 46 القضائية

قتل عمد. تلبس. قبض. مأمور والضبط القضائي. "سلطتهم في تقدير حالة التلبس". إثبات. "بوجه عام. اعتراف".
تقدير توافر أو انتفاء حالة التلبس. لرجل الضبط القضائي. تحت رقابة سلطة التحقيق وإشراف محكمة الموضوع.
توافر التلبس بجناية. القبض على متهم فيها. واعترافه على آخر بارتكابها معه. حق رجل الضبط القضائي في القبض على الآخر. مثال؟
لما كان تقدير توافر حالة التلبس وعدم توافرها هو من الأمور الموضوعية البحت التي توكل بداءة لرجل الضبط القضائي على أن يكون خاضعاً لرقابة سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وفق الوقائع المعروضة عليها - بغير معقب، ما دامت النتيجة التي انتهت إليها تتفق منطقياً مع المقدمات والوقائع التي أثبتتها في حكمها، كما أن التلبس صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها. وإذ ما رتبه الحكم – على الاعتبارات السائغة التي أوردها – من إجازة القبض على الطاعنة صحيحاً في القانون، وذلك على تقدير توافر حالة التلبس بجناية القتل – وفق المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية – حين القبض على المحكوم عليه الآخر عقب ارتكابها ببرهة يسيرة مع وجود إصابات في يده وآثار دماء بملابسه في ذلك الوقت تنبئ عن مساهمته في تلك الجريمة، وعلى اعتبار أن هذا المحكوم عليه إذ اعترف على الطاعنة – وقد وقع القبض عليه صحيحاً – بارتكابها الجريمة معه، فضلاً عن ضبط حليها السالف الإشارة إليها، فقد توافرت بذلك الدلائل الكافية – في حالة التلبس بالجناية – على اتهام الطاعنة بما يبيح لمأمور القضائي أن يصدر أمراً بالقبض عليها ما دامت حاضرة وبضبطها وإحضارها إذا لم تكن كذلك إعمالاً للمادتين 34 و35 فقرة أولى من القانون المشار إليه بعد تعديلها بالقانون رقم 37 لسنة 1972.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من 1-....... 2-....... (الطاعنة) بأنهما في يوم 19 أكتوبر سنة 1975 بدائرة مركز قويسنا محافظة المنوفية قتلا....... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتا النية على قتله وأعدا لذلك آلة صلبة حادة (سكيناً) وانتظره المتهم الأول في المكان الذي اتفقا فيه على استدراج المتهمة الثانية له وما أن ظفرا به حتى فاجأه المتهم الأول بالطعن بالسكين، ثم انهالا عليه سوياً طعناً قاصدين قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي التي أودت بحياته. وطلبت معاقبتهما بالمواد 230 و231 و232 من قانون العقوبات. ومحكمة أحداث قويسنا الجزئية قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام والمواد 7/ 6 و13 و15/ 1 من القانون رقم 31 لسنة 1974 بشأن الأحداث بمعاقبة المتهم الأول بالسجن لمدة خمسة عشرة عاماً وكفالة مائتي جنيه لإيقاف التنفيذ وإيداع المتهمة الثانية في إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية للأحداث التابعة لوزارة الشئون الاجتماعية أو المعترف بها منها لمدة خمس سنوات وكفالة مائتي جنيه لإيقاف التنفيذ. فاستأنف المحكوم عليهما. ومحكمة شبين الكوم الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضورياً بعد أن طبقت المادة 17 من قانون العقوبات بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف بالنسبة للمتهم الأول والاكتفاء بمعاقبته بالسجن لمدة خمس سنوات وتأييده فيما عدا ذلك. فطعن والد المحكوم عليها – بصفته الولي الطبيعي على ابنته – في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنة بجريمة قتل عمد، قد انطوى على خطأ في تطبيق القانون وفساد في الاستدلال. ذلك بأن المدافع عن الطاعنة دفع أمام محكمة أول درجة ببطلان الاعتراف المعزو إليها لأنه كان وليد قبض باطل فرد الحكم على هذا الدفع بأن القبض وقع صحيحاً لتوافر حالة التلبس، في حين أن الشرطة قامت بداءة بالقبض على الطاعنة لدى انصرافها بعد سؤالها كشاهدة في تحقيقات النيابة العامة ثم قدمت بعد ذلك تحريات مؤداها أنها والمحكوم عليه الآخر هما مرتكبا الحادث وأنه تم القبض عليهما واعترفا، ومن ثم فلا تكون – والحال كذلك – ثمة حالة من حالات التلبس تبيح القبض على الطاعنة، الأمر الذي يبطل الاعتراف المنسوب إليها بالتحقيقات، وإذ خالف الحكم هذا النظر وعول في قضائه – ضمن ما عول – على ذلك الاعتراف فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من محاضر جلسات محكمة الموضوع – بدرجتيها – أن قصارى ما أثاره المدافع عن الطاعنة في خصوص ما ورد بوجه الطعن هو ما دفع به أمام محكمة أول درجة من بطلان ضبطها وما تلي ذلك من اعتراف نسب إليها، ويبين من الحكم الابتدائي – المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه – أنه بعد فراغه من سرد مضمون أدلة الثبوت في الدعوى، ومن بينها اعتراف الطاعنة في تحقيقات النيابة العامة – وموجزه إنها كانت قد اتفقت مع المحكوم عليه الآخر على قتل زوجها المجني عليه، ثم أخبرته بموعد خروجها مع المجني عليه مساء يوم الحادث ليتربص له في الطريق ومعه سكين، وبعد ما تبادلا طعن المجني عليه بالسكين وتحققا من موته، سلمته حليها لما اتفقا عليه من تصوير الحادث بأن مجهولين سرقوا الحلي وقتلوا زوجها - عرض الحكم للرد على الدفع سالف الذكر، فبدأ باستعراض أحكام المواد 30 و34 و35 فقرة أولى من قانون الإجراءات الجنائية – المعدل بالقانون رقم 37 لسنة 1972 – ثم عقب على ذلك بقوله "لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن مأمور مركز قويسنا وهو من رجال الضبط القضائي عقب إخطاره بمقتل المجني عليه بنحو نصف ساعة قد بادر في الساعة التاسعة مساء يوم الحادث بالانتقال إلى مكان وقوعه حيث شاهد بنفسه جثة المجني عليه غارقة في الدماء التي نزفت منها وهى آثار تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة شاهدها رجل الضبط القضائي بنفسه عقب وقوع الجريمة بوقت قصير ويتحقق بها إحدى حالات التلبس بالجريمة الواردة في المادة30 إجراءات جنائية. لما كان ذلك، وكان الثابت أيضاً أنه أثر توصل التحريات التي قام بها رئيس المباحث الجنائية ووكيليها إلى أن المتهمين الطاعنة والمحكوم عليه الآخر – هما مرتكبا الحادث وعقب وقوع الجريمة بوقت قصير لا زال التحقيق خلاله جارياً فقد توجه وكيل المباحث الرائد...... وهو من رجال الضبط القضائي لاستدعاء المتهم الأول فشاهد بنفسه إصابات بيد ذلك المتهم وآثار دماء على ملابسه وهى مظاهر خارجية مؤيدة بالتحريات تنبئ عن صلة ذلك المتهم بجريمة القتل وأنه مساهم فيها ويتحقق بها حالة أخرى من حالات التلبس بالجريمة طبقاً للمادة 30 إجراءات جنائية، ومتى كان التلبس بجريمة القتل قد تحقق في هاتين الصورتين فقد حق لرجل الضبط القضائي أن يقبض على المتهم الأول وأن يفتش مسكنه ويكون القبض عليه قد وقع صحيحاً طبقاً للقانون. ولما كان المتهم الأول قد اعترف على المتهمة الثانية بارتكابها الجريمة معه وتوافرت بهذا الاعتراف وبضبط حلي المتهمة الثانية التي كانت معها وقت وقوع الحادث بإقرارها في أقوالها الأولى في تحقيقات النيابة ومنها خاتم خطبتها إلى المجني عليه والذي يحمل اسمه توافرت بذلك الدلائل الكافية على مساهمتها في الجريمة المتلبس بها، فإن القبض عليها بعد ذلك يكون قد وقع صحيحاً طبقاً للقانون ويكون الدفع المبدي من المتهمين ببطلان القبض عليهما على غير سند من صحيح الواقع أو القانون وتلتفت عنه المحكمة ولا أثر له في صحة اعترافهما بالجريمة بتحقيقات النيابة ذلك الاعتراف الذي صدر منهما صحيحاً". لما كان ذلك، وكان تقدير توافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من الأمور الموضوعية البحت التي توكل بداءة لرجل الضبط القضائي على أن يكون تقديره خاضعاً لرقابة سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع – وفق الوقائع المعروضة عليها – بغير معقب، ما دامت النتيجة التي انتهت إليها تتفق منطقياً مع المقدمات والوقائع التي أثبتتها في حكمها، كما أن التلبس صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها. وإذ كان ما رتبه الحكم – على الاعتبارات السائغة التي أوردها فيما سلف بيانه – من أجازة القبض على الطاعنة صحيحاً في القانون، وذلك على تقدير توافر حالة التلبس بجناية القتل – وفق المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية – حين القبض على المحكوم عليه الآخر عقب ارتكابها ببرهة يسيرة مع وجود إصابات في يده وآثار دماء بملابسه في ذلك الوقت تنبئ عن مساهمته في تلك الجريمة، وعلى اعتبار أن هذا المحكوم عليه إذ اعترف على الطاعنة – وقد وقع القبض عليه صحيحاً – بارتكابها الجريمة معه، فضلاً عن ضبط حليها السالف الإشارة إليها، فقد توافرت بذلك الدلائل الكافية – في حالة التلبس بالجناية – على اتهام الطاعنة بما يبيح لمأمور الضبط القضائي أن يصدر أمراً بالقبض عليها ما دامت حاضرة أو بضبطها وإحضارها إذا لم تكن كذلك إعمالاً للمادتين 34 و35 فقرة أولى من القانون المشار إليه بعد تعديلهما بالقانون رقم 37 لسنة 1972. لما كان ذلك، وكان الثابت – وهو ما لا تمارى فيه الطاعنة – أنها لم يسبق لها أن أثارت، هي أو المدافع عنها، أمام محكمة الموضوع منازعة في تصوير واقعة القبض عليها – على النحو الذي تدعيه بوجه الطعن – ومن ثم فلا يقبل منها طرح هذه المنازعة لأول مرة على محكمة النقض لما يتطلبه ذلك من إجراء تحقيق موضوعي تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.