أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة الثامنة عشرة - صـ 1228

جلسة 11 من ديسمبر سنة 1967

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد صبري، ومحمد عبد المنعم حمزاوي، ونصر الدين عزام، وأنور أحمد خلف.

(259)
الطعن رقم 1808 لسنة 37 القضائية

(أ، ب) هدم. بناء. جريمة. "أركان الجريمة". ارتباط. نقض. "حالات الطعن بالنقض. الخطأ في تطبيق القانون". عقوبة.
(أ) حظر هدم المباني غير الآيلة للسقوط إلا بعد الحصول على تصريح من اللجنة المنصوص عليها في المادة الثانية من القانون رقم 178 لسنة 1961. وترخيص من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم على ما تقضي به المادة الأولى من القانون رقم 45 لسنة 1962. وجوب توقيع العقوبات المنصوص عليها في القانون الأخير إذا قام مقتضاها إلى جانب العقوبة المنصوص عليها في القانون الأول.
(ب) جريمة هدم البناء بدون تصريح من لجنة تنظيم أعمال الهدم، وهدمه بغير ترخيص من السلطة القائمة على شئون التنظيم. قوام الفعل المادي فيهما - وهو البناء على وجه مخالف للقانون - واحد. وجوب الفصل في الدعوى على أساس الجريمتين. طالما أن الواقعة المادية التي رفعت بها هذه الدعوى قد ترتب عنها هاتان الجريمتان.
(ج) وصف التهمة. محكمة الموضوع. هدم. بناء.
عدم تقيد محكمة الموضوع بالوصف الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم. مثال في هدم بناء بدون ترخيص.
1 - يبين من استعراض نصوص المواد الأولى والثانية والخامسة والسابعة من القانون 178 لسنة 1961 في شأن تنظيم هدم المباني، ومن نص المادتين الأولى والسادسة عشرة من القانون رقم 45 لسنة 1962 في شأن تنظيم المباني الذي حل محل القانون 656 لسنة 1954 - أن القانون قد حظر هدم المباني غير الآيلة للسقوط إلا بعد الحصول على تصريح من لجنة تنظيم أعمال هدم المباني وصدور ترخيص من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم، كما حظر على السلطة الأخيرة أن تصدر ترخيصها بالهدم إلا بعد صدور تصريح من اللجنة المشار إليها في المادة الثانية من القانون الأول، وأوجب توقيع العقوبات المنصوص عليها في قانون تنظيم المباني إذا قام مقتضاها إلى جانب العقوبة المنصوص عليها في قانون تنظيم هدم المباني المشار إليه.
2 - جريمة هدم البناء بدون تصريح من لجنة تنظيم أعمال الهدم، وجريمة هدمه بدون ترخيص من السلطة القائمة على شئون التنظيم - وإن كانت كل منهما تتميز بعناصر مختلفة، إلا أن قوام الفعل المادي المكون للجريمتين واحد وهو هدم البناء على وجه مخالف للقانون. وإذ كانت الواقعة المادية التي رفعت بها التهمة الأولى على المطعون ضدها قد ترتب عنها جريمتا هدم البناء بغير تصريح من لجنة تنظيم أعمال الهدم، وهدم البناء بغير ترخيص من السلطة المختصة بشئون التنظيم. وكان في توافر أركان الجريمة الأولى ما يقتضي - طبقاً للمادة الخامسة من القانون رقم 178 لسنة 1961 - قيام الجريمة الثانية، فإنه كان من المتعين على المحكمة أن تفصل في الدعوى على هذا الأساس وتنزل عليها حكم القانون، وليس في هذا إضافة لواقعة جديدة لم ترفع بها الدعوى ابتداء ما دامت الواقعة المادية المتخذة أساساً لها بين الجريمتين هي - كما تقدم القول - بذاتها التي أقيمت بها الدعوى، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ التفت عن جريمة هدم البناء بدون ترخيص من السلطة القائمة على أعمال التنظيم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه نقضه.
3 - من المقرر أن محكمة الموضوع لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغة النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم - بل من واجبها أن تمحص الواقعة المطروحة عليها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً، ذلك بأنها وهي تفصل في الدعوى غير مقيدة بالواقعة في نطاقها الضيق المرسوم في وصف التهمة المحالة عليها، بل إنها مطالبة بالنظر في الواقعة الجنائية على حقيقتها كما تتبينها من عناصرها المطروحة عليها ومن التحقيق الذي تجريه بالجلسة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدها بأنها في يوم 17 مايو سنة 1965 بدائرة مركز طوخ: (أولاً) قامت بهدم البناء المبين بالمحضر قبل الحصول على تصريح بالهدم وفقاً لأحكام القانون. (ثانياً) قامت بتعلية البناء المبين بالمحضر قبل الحصول على ترخيص بذلك من الجهة المختصة وطلبت عقابها بالمادتين 1 و7 من القانون 178 لسنة 1961 والمادتين 1 و16 من القانون 45 لسنة 1962. ومحكمة طوخ الجزئية قضت في الدعوى غيابياً عملاً بمواد الاتهام والمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية. (أولاً) بتغريم المتهمة 100 قرش وسداد الرسوم المستحقة على الترخيص وبغرامة تعادل ثلاثة أمثال قيمة المبنى المهدوم بالنسبة إلى التهمة الأولى (ثانياً) ببراءة المتهمة مما أسند إليها بالنسبة إلى التهمة الثانية. فعارضت المحكوم عليها. وقضى في معارضتها باعتبارها كأن لم تكن. فاستأنف الحكم كل من المحكوم عليها والنيابة العامة. ومحكمة بنها الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت في الاستئناف حضورياً (أولاً) بعدم قبول استئناف المتهمة شكلاً للتقرير به بعد الميعاد (ثانياً) بقبول إستئناف النيابة العامة شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضدها بجريمة هدم بناء قبل الحصول على تصريح من لجنة توجيه أعمال الهدم والبناء موضوع التهمة الأولى المسندة إليها وقضى بتغريمها مائة قرش وإلزامها سداد رسوم الترخيص وغرامة تعادل ثلاثة أمثال قيمة المبنى المهدوم، قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك، بأن المادة السابعة من القانون رقم 178 لسنة 1961 في شأن تنظيم هدم المباني توجب - فضلاً عن توقيع عقوبة الغرامة التي تعادل ثلاثة أمثال قيمة المبنى المهدوم - توقيع العقوبات المنصوص عليها في القانون رقم 656 لسنة 1954 في شأن تنظيم المباني - الذي حل محله القانون رقم 45 لسنة 1962 - وذلك على اعتبار أن الفعل المادي الذي ارتكبته المتهمة ينطوي أيضاً على جريمة هدم بناء بدون ترخيص من السلطة القائمة على أعمال التنظيم. ولا يغير من ذلك أن تكون النيابة العامة قد أغفلت وصف هدم البناء بدون ترخيص إذ أن من واجب المحكمة أن تمحص الواقعة المطروحة عليها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها القانون تطبيقاً صحيحاً.
وحيث إن القانون رقم 178 لسنة 1961 في شأن تنظيم هدم المباني نص في المادة الأولى على أنه "يحظر داخل حدود المدن هدم المباني غير الآيلة للسقوط - وهي التي لا يسري عليها القانون رقم 605 لسنة 1954 المشار إليها - إلا بعد تصريح بالهدم وفقاً لأحكام هذا القانون" وحددت المادة الثانية تشكيل اللجنة التي تختص بالنظر في طلبات التصريح بهدم المباني في كل محافظة، ثم جرى نص المادة الخامسة على أنه "يحظر على السلطة القائمة على أعمال التنظيم إعطاء رخصة هدم طبقاً للقانون رقم 656 لسنة 1954 المشار إليها إلا بعد صدور التصريح بالهدم طبقاً لهذا القانون" ثم نصت المادة السابعة على أنه "مع عدم الإخلال بالعقوبات المنصوص عليها في القانون رقم 656 لسنة 1954 المشار إليها يعاقب مالك العقار عند مخالفة أحكام المادة الأولى من هذا القانون بغرامة تعادل ثلاثة أمثال قيمة المبنى المهدوم" كما نصت المادة الأولى من القانون رقم 45 لسنة 1962 في شأن تنظيم المباني الذي حل محل القانون رقم 656 لسنة 1954 - والساري المفعول على الواقعة المطروحة - على أنه "لا يجوز لأحد أن ينشئ بناء أو يقيم أعمالاً أو يوسعها أو يعليها أو يعدل فيها أو يدعهما أو يهدمها إلا بعد الحصول على ترخيص في ذلك من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم أو إخطارها بذلك حسب الأحوال ووفقاً لما تبينه اللائحة التنفيذية" ونصت المادة السادسة عشرة منه على أنه "كل مخالفة لأحكام هذا القانون أو القرارات المنفذة له يعاقب عليها بغرامة لا تقل عن خمسة جنيهات ولا تزيد عن عشرين جنيهاً ويجب الحكم فيها فضلاً عن الغرامة بتصحيح أو استكمال أو هدم الأعمال المخالفة فيما لم يصدر في شأنه قرار من اللجنة المحلية المشار إليها في المادة 14 كما يجب الحكم بضعف الرسوم المستحقة عن الترخيص في الأحوال التي يكون فيها موضوع المخالفة هو القيام بالأعمال بدون ترخيص". لما كان ذلك، وكان يبين من استعراض تلك النصوص أن القانون قد حظر هدم المباني غير الآيلة للسقوط إلا بعد الحصول على تصريح من لجنة تنظيم أعمال هدم المباني وصدور ترخيص من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم، كما حظر على السلطة الأخيره أن تصدر ترخيصها بالهدم إلا بعد صدور تصريح من اللجنة المشار إليها، وأوجب توقيع العقوبات المنصوص عليها في قانون تنظيم المباني إذا قام مقتضاها إلى جانب العقوبة المنصوص عليها في قانون تنظيم هدم المباني رقم 178 لسنة 1961. ولما كان من المقرر أن محكمة الموضوع لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم - بل من واجبها أن تمحص الواقعة المطروحة عليها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً، ذلك بأنها وهي تفصل في الدعوى غير مقيدة بالواقعة في نطاقها الضيق المرسوم في وصف التهمة المحالة عليها بل إنها مطالبة بالنظر في الواقعة الجنائية على حقيقتها كما تتبينها من عناصرها المطروحة عليها ومن التحقيق الذي تجريه بالجلسة. ولما كانت جريمة هدم البناء بدون تصريح من لجنة تنظيم إعمال الهدم وجريمة هدم البناء بدون ترخيص من السلطة القائمة على شئون التنظيم - وإن كانت كل منهما تتميز بعناصر مختلفة، إلا أن قوام الفعل المادي المكون للجريمتين واحد وهو هدم البناء على وجه مخالف للقانون. وإذ كانت الواقعة المادية التي رفعت بها التهمة الأولى على المطعون ضدها قد ترتب عنها جريمتا هدم البناء بغير تصريح من لجنة تنظيم أعمال الهدم وهدم البناء بغير ترخيص من السلطة المختصة بشئون التنظيم. وكان في توافر أركان الجريمة الأولى ما يقتضي - طبقاً للمادة الخامسة من القانون رقم 178 لسنة 1961 - قيام الجريمة الثانية، فإنه كان من المتعين على المحكمة أن تفصل في الدعوى على هذا الأساس وتنزل عليها حكم القانون، وليس في هذا إضافة لواقعة جديدة لم ترفع بها الدعوى ابتداء ما دامت الواقعة المادية المتخذة أساساً لها بين الجريمتين هي - كما تقدم القول - بذاتها التي أقيمت بها الدعوى. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ التفت عن جريمة هدم البناء بدون ترخيص من السلطة القائمة على أعمال التنظيم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه نقضه. ولما كانت المحكمة لم توجه الوصف الآخر إلى المتهمة حتى يتسنى لها تقديم دفاعها، فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.