أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة الثامنة والعشرون - صـ 463

جلسة 4 من أبريل سنة 1977

برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إسماعيل محمود حفيظ، ومحمد صفوت القاضي، ومحمد عبد الحميد صادق، ومحمد علي بليغ.

(96)
الطعن رقم 1508 لسنة 46 القضائية

(1) دعوى. "جريمة. أركانها". قصد جنائي. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تحقق جريمة تسهيل عادة الفجور أو الدعارة في المحال المفتوحة للجمهور بعلم المالك أو المدير بأن من قبلهم في محله اعتادوا ممارسة الدعارة أو الفجور أو التحريض عليها.
المادة 9/ 2 من القانون 10 لسنة 1961.
(2) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". دعارة. قصد جنائي. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير قيام القصد الجنائي من عدمه – من ظروف الدعوى. موضوعي. مثال في تسهيل دعارة.
(3) إثبات. "بوجه عام". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي، كفاية الاستناد إلى أدلة الثبوت رداً على هذا الدفاع.
1- إن القانون 10 لسنة 1961 في شأن مكافحة الدعارة قد نص في الفقرة الثانية من المادة التاسعة على عقاب كل من يملك أو يدير منزلاً مفروشاً أو غرفة مفروشة أو محلاً مفتوحاً للجمهور يكون قد سهل عادة الفجور أو الدعارة سواء بقبوله أشخاصاً يرتكبون ذلك أو بسماحه في محله بالتحريض على الفجور أو الدعارة، فقد دل ذلك على أنه لا يشترط للعقاب أن يكون المالك أو المدير قد قصد تسهيل الدعارة بل يكفي مجرد علمه بأن من قبلهم في محله ممن اعتادوا ممارسة الدعارة أو الفجور أو التحريض عليها.
2- لما كانت الطاعنة لا تجادل في علمها بممارسة الفتيات المقيمات بمسكنها الدعارة وإنما تقتصر مجادلتها على انتفاء القصد الجنائي لديها، وكان تقدير قيام القصد الجنائي أو عدم قيامه – من ظروف الدعوى يعد مسألة تتعلق بالوقائع تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب، وكان ما أثبته الحكم على ما تقدم ذكره من أن ممارسة الفتيات السالف ذكرهن الدعارة كان معلوماً للطاعنة مما قررته من أنها كانت تعلم بذلك، فإن هذا الذي أورده الحكم يعد سائغاً لاستظهار تحقق القصد الجنائي لدى الطاعنة في الجريمة التي دانها بها.
3- لما كان ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه من التفاته عن دفاعها المؤسس على عدم توافر القصد الجنائي لديها بدليل تسجيلها أسماء الفتيات المقيمات بمسكنها لدى الشرطة فإنه مردود عليه بأن المحكمة ليست ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ أن الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي يوردها الحكم وفى عدم إيرادها لهذا الدفاع ما يدل على أنها أطرحته اطمئناناً منها للأدلة التي عولت عليها في الإدانة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها في يوم 6 ديسمبر سنة 1973 بدائرة قسم باب شرقي محافظة الإسكندرية: (أولاً) سهلت لـ....... وأخريات ارتكاب الدعارة على النحو المبين بالمحضر. (ثانياً) استغلت دعارة المتهمات سالفات الذكر (ثالثاً) وهى مالكة لمسكن مفروش سهلت عادة الدعارة وذلك بقبولها أشخاصاً يرتكبون ذلك. وطلبت عقابها بمواد القانون رقم 10 لسنة 1961. ومحكمة جنح آداب الإسكندرية الجزئية قضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهمة ثلاثة شهور مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لإيقاف التنفيذ والغلق لمدة ثلاثة أشهر عن التهمة الثالثة وبراءتها من التهمتين الأولى والثانية ووضعها تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة. عارضت، وقضى في معارضتها بقبولها شكلاً ورفضها موضوعاً وتأييد الحكم المعارض فيه بلا مصاريف جنائية. فاستأنفت المتهمة هذا الحكم. ومحكمة الإسكندرية الابتدائية بهيئة استئنافية قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه قد شابه خطأ في القانون وقصور في التسبيب، ذلك أنه إذ دانها بجريمة تسهيل الدعارة لقبولها في مسكنها المفروش فتيات يمارسنها، لم يفطن إلى أن مجرد علمها بأمر دعارتهن لا يكفي لتوافر أركان الجريمة التي دانها بها إذ يلزم لعقابها على هذه الجريمة أن تكون قد قصدت تسهيل الدعارة لهن، كما أن المحكمة استخلصت علم الطاعنة باعتياد الفتيات المقيمات بسكنها ممارسة الدعارة على مجرد اشتغالهن بمحال الملاهي الليلية وهو ما لا يكفي دليلا على ذلك، هذا فضلاً عن أن المحكمة التفتت عن دفاعها المؤسس على أنها كانت تقيد أسماء الفتيات المقيمات بمسكنها وتخطر بها الشرطة مما ينتفي معه قصدها تسهيل دعارتهن.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مجمله أن التحريات والتحقيقات دلت على أن الطاعنة اعتادت تسهيل الدعارة لبعض الفتيات بقبولها إقامتهن بمسكنها مع علمها باعتيادهن الدعارة، وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة تؤدي إلى ما رتب عليها مستمدة من أقوال الرائد...... وما أسفر عنه تفتيش مسكن الطاعنة من إقامة بعض الفتيات به ومن اعترافهن بممارسة الدعارة مع علم الطاعنة بذلك، ثم حصل الحكم مؤدى هذه الأدلة بما يتطابق مع ما أورده من واقعة الدعوى في صورة تتفق وسلامة ما استخلصته المحكمة من هذه الأدلة. لما كان ذلك، وكان القانون رقم 10 لسنة 1961 في شأن مكافحة الدعارة قد نص في الفقرة الثانية من المادة التاسعة على عقاب كل من يملك أو يدير منزلاً مفروشاً أو غرفة مفروشة أو محلاً مفتوحاً للجمهور يكون قد سهل عادة الفجور أو الدعارة سواء بقبوله أشخاصاً يرتكبون ذلك أو بسماحه في محله بالتحريض على الفجور أو الدعارة، فقد دل بذلك على أنه لا يشترط للعقاب أن يكون المالك أو المدير قد قصد تسهيل الدعارة بل يكفي مجرد علمه بأن من قبلهم في محله ممن اعتادوا ممارسة الدعارة أو الفجور أو التحريض عليها، وإذ كانت الطاعنة لا تجادل في علمها بممارسة الفتيات المقيمات بمسكنها الدعارة وإنما تقتصر مجادلتها على انتفاء القصد الجنائي لديها، وكان تقدير قيام القصد الجنائي أو عدم قيامه – من ظروف الدعوى – يعد مسألة تتعلق بالوقائع تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب وكان ما أثبته الحكم على ما تقدم ذكره من أن ممارسة الفتيات السالف ذكرهن الدعارة كان معلوماً للطاعنة مما قررته من أنها كانت تعلم بذلك، فإن هذا الذي أورده الحكم يعد سائغاً لاستظهار تحقق القصد الجنائي لدى الطاعنة في الجريمة التي دان الطاعن بها ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً. لما كان ما تقدم، وكان ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه من التفاته عن دفاعها المؤسس على عدم توافر القصد الجنائي لديها بدليل تسجيلها أسماء الفتيات المقيمات بمسكنها لدى الشرطة فإنه مردود عليه بأن المحكمة ليست ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ أن الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي يوردها الحكم وفى عدم إيرادها لهذا الدفاع ما يدل على أنها أطرحته اطمئناناً منها للأدلة التي عولت عليها في الإدانة، لما كان كل ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.