أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة الثامنة والعشرون - صـ 467

جلسة 10 من أبريل سنة 1977

برياسة السيد المستشار حسن علي المغربي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينه، ويعيش رشدي، وأحمد علي موسى، ومحمد وجدي عبد الصمد.

(97)
الطعن رقم 1319 لسنة 46 القضائية

(1) تزوير. "تزوير الأوراق العرفية". محكمة الموضوع. "سلطتها في استخلاص تاريخ وقوع التزوير". إثبات. "بوجه عام". "قرائن".
استخلاص تاريخ وقوع التزوير. موضوعي. الأخذ بتاريخ الورقة المزورة. غير لازم.
(2) تزوير. "تزوير الأوراق العرفية". جريمة. "أركانها". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
وقوع الضرر بالفعل. ليس شرطاً لقيام جريمة التزوير. كفاية احتمال وقوعه.
انتهاء الحكم إلى توافر ركن الضرر في جريمة تزوير المحرر العرفي. قوله بعد ذلك في معرض تبريره لوقف تنفيذ العقوبة أن التزوير كشف في مهده ولم يترتب ضرر للمدعية بالحق المدني. لا تناقض.
(3) دعوى جنائية. "نظرها والحكم فيها". إجراءات. "إجراءات المحاكمة"
 قرارات تجهيز الدعوى وجمع الأدلة. تحضيرية. جواز العدول عنها.
1- من المقرر أن استخلاص تاريخ وقوع التزوير من ظروف الدعوى والأدلة القائمة فيها هو من شأن قاضي الموضوع وحده، وهو غير ملزم في ذلك بالأخذ بالتاريخ الوارد على الورقة المزورة.
2- إذا كان الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأخذ بأسبابه قد خلص إلى توافر ركن الضرر لجريمة التزوير التي دين بها الطاعن بقوله: "وأما عن الركن الثاني "الضرر" فتحقق توافره من جراء تلك العلاقة الإيجازية التي فرضت على المجني عليها بينها وبين المتهم الثاني بحالة قد لا تكون مناسبة لها كما استحال عليها إيداع العقد الصحيح بالجمعية والمحرر بينها وبين المتهم الأول بما حال بينها وبين اقتضاء الأجرة المستحقة منه إعمالاً لنص المادة 36 مكرراً (ب) من المرسوم بقانون رقم 187 لسنة 1952 المعدل بالقانون رقم 52 لسنة 1966،" فإنه لا يغير من توافر ركن الضرر ما أورده الحكم المطعون فيه تبريراً لقضائه بوقف تنفيذ العقوبة من أن واقعة التزوير قد كشفت في مهدها ولم يترتب ضرر للمدعية بالحق المدني، ذلك أنه من المقرر أنه لا يشترط في التزوير وقوع الضرر بالفعل بل يكفي احتمال وقوعه، على أن البحث في وجود الضرر واحتماله إنما يرجع فيه إلى الوقت الذي وقع فيه تغيير الحقيقة بغير التفات إلى ما يطرأ فيما بعد.
3- القرار الذي تصدره المحكمة في مجال تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق ومن ثم فلا تثريب على المحكمة أن عدلت عن إعادة الدعوى للطب الشرعي لفحص العقد على ضوء التقرير الاستشاري المقدم من الطاعن، خاصة وأنها بررت هذا العدول بما تبينته من رفض الطاعن التوجه للطب الشرعي لاستكتابه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من (1) …. … … (الطاعن) (2) … … … (أولاً) اشتركا في ارتكاب تزوير في محرر عرفي هو عقد الإيجار المؤرخ أول أكتوبر سنة 1963 وكان ذلك بطريق الاصطناع بأن اصطنعا ذلك العقد وأثبتا به وقائع غير صحيحة وقام المتهم الأول بالتوقيع عليه بإمضاء نسبه زوراً إلى المدعية بالحق المدني. (ثانياً) استعمل المتهم الثاني العقد المزور سالف الذكر بأن قدمه إلى الجمعية التعاونية بالمهدية لتسجيله مع علمه بتزويره. وطلبت عقابهما بالمواد 40 و41 و211 و215 من قانون العقوبات. كما أقامت المدعية بالحقوق المدنية دعويين بالطريق المباشر أمام محكمة جنح ههيا الجزئية متهمة الطاعن والمتهم الآخر بذات الاتهام. وطلبت في الدعوى الأولى عقابهما بالمادة 215 من قانون العقوبات وإلزامهما متضامنين بأن يدفعا لها مبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف والنفاذ. وطلبت في الثانية عقابهما بالمادتين 211 و215 من قانون العقوبات وإلزامهما متضامنين بأن يدفعا لها مبلغ 51 ج على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف والنفاذ. وقررت المحكمة ضم الدعويين المباشرتين للدعوى الجنائية المقامة من النيابة ليصدر فيهم حكم واحد. ومحكمة ههيا الجزئية قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام (أولاً) بإثبات ترك المدعية بالحق المدني دعواها المدنية في الدعوى المدنية رقم 3113 سنة 1968 جنح ههيا وألزمتها المصاريف. (ثانياً) بحبس المتهم الأول (الطاعن) شهراً مع الشغل وكفالة مائة قرش لوقف التنفيذ وإلزامه بأن يؤدي للمدعية بالحق المدني مبلغ 50 ج والمصاريف المدنية. (ثالثاً) ببراءة المتهم الثاني مما أسند إليه بلا مصاريف جنائية. فاستأنف المحكوم عليه هذا الحكم، ومحكمة الزقازيق الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس المقضي بها في الدعوى الجنائية لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ هذا الحكم فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة تزوير محرر عرفي قد أخطأ في تطبيق القانون وانطوى على إخلال بحق الدفاع وفساد في الاستدلال ذلك أنه رفض دفعه بانقضاء الدعوى الجنائية استناداً إلى أن تاريخ الواقعة هو أول فبراير سنة 1966 رغم أن تاريخ العقد أول أكتوبر سنة 1963 وقد انقضى أكثر من ثلاث سنوات من هذا التاريخ حتى تاريخ إقامة الدعوى الجنائية. كما أن الحكم دان الطاعن رغم نفيه بأسبابه وقوع الضرر أحد أركان الجريمة التي دين بها. هذا وقد عدلت المحكمة الاستئنافية عن قضائها بإعادة الأوراق إلى الطب الشرعي تحقيقاً لما تضمنه التقرير الإستشارى المقدم من الطاعن مخالفاً للتقرير الطبي الشرعي وقضت في الدعوى دون تنفيذ حكمها أخذاً بالتقرير الأخير بمقولة أن الطاعن تقاعس عن التوجه إلى الطب الشرعي لاستكتابه وهو ما لا أصل له بالأوراق فضلاً عن أن رفضه الاستكتاب لا يؤدي بالضرورة إلى ارتكابه التزوير.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة التزوير التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة تؤدي إلى ما رتبه عليها، عرض للدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بقوله "وغنى عن البيان أن ما أثير عن الدفع بانقضاء الدعوى العمومية لمضي المدة فمردود عليه بأن القدر المتيقن للواقعة حسبما استبان للمحكمة من سائر عناصر الدعوى على نحو ما سلف أن هذا العقد قد اصطنع في تاريخ إيداعه بالجمعية في 1/ 2/ 1966 بعد أن أعطى له تاريخ تحرير مطابق لتاريخ تحرير العقد الصحيح إلا وهو 1/ 10/ 1963 ولم يقم في الأوراق ما يقطع بأن هذا التاريخ الأخير هو تاريخ اصطناع هذا العقد حقاً ومن ثم يتعين لزاماً رفض هذا الدفع وعدم الأخذ به" وقد عرض الحكم المطعون فيه أيضاً لهذا الدفع وساير هذا النظر. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن استخلاص تاريخ وقوع التزوير من ظروف الدعوى والأدلة القائمة فيها هو من شأن قاضي الموضوع وحده، وهو غير ملزم في ذلك بالأخذ بالتاريخ الوارد على الورقة المزورة فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع بانقضاء الدعوى استناداً إلى استخلاصه أن تاريخ تحرير العقد المزور هو أول فبراير سنة 1966 يكون سليماً ويضحى النعي في هذا الصدد في غير محله. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من خطأ الحكم المطعون فيه لإدانته بجريمة التزوير رغم نفيه بأسبابه تحقق الضرر أحد أركان الجريمة، فمردود بأن الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأخذ بأسبابه قد خلص إلى توافر ركن الضرر لجريمة التزوير التي دين بها الطاعن بقوله "وأما عن الركن الثاني "الضرر" فتحقق توافره من جراء تلك العلاقة الإيجارية التي فرضت على المجني عليها بينها وبين المتهم الثاني بحالة قد لا تكون مناسبة لها كما استحال عليها إيداع العقد الصحيح بالجمعية والمحرر بينها وبين المتهم الأول بما حال بينها وبين اقتضاء الأجرة المستحقة منه إعمالاً لنص المادة 360 مكرراً (ب) من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 المعدل بالقانون رقم 52 لسنة 1966" ولا يغير من توافر ركن الضرر ما أورده الحكم المطعون فيه تبريراً لقضائه بوقف تنفيذ العقوبة من أن واقعة التزوير قد كشفت في مهدها ولم يترتب ضرر للمدعية بالحق المدني، ذلك أنه من المقرر أنه لا يشترط في التزوير وقوع الضرر بالفعل بل يكفي احتمال وقوعه، على أن البحث في وجود الضرر واحتماله إنما يرجع فيه إلى الوقت الذي وقع فيه تغيير الحقيقة بغير التفات إلى ما يطرأ فيما بعد. لما كان ذلك، وكان القرار الذي تصدره المحكمة في مجال تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إن عدلت عن إعادة الدعوى للطب الشرعي لفحص العقد على ضوء التقرير الاستشاري المقدم من الطاعن، خاصة وإنها بررت هذا العدول بما تبينته من رفض الطاعن التوجه للطب الشرعي لاستكتابه. لما كان ذلك، وكان الثابت من محاضر جلسات المحكمة الاستئنافية ومدونات الحكم المطعون فيه أن مما أورده الحكم في شأن رفض الطاعن التوجه للطب الشرعي لاستكتابه له سنده في الأوراق. كما أن البين من الحكم أنه لم يستند في الإدانة إلى هذا الرفض كما ذهب الطاعن، وإنما ذكره في مقام التبرير لعدوله عن إعادة فحص العقد بالطب الشرعي ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير مقبول. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس يتعين رفضه موضوعاً.