أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة الثامنة عشرة - صـ 1239

جلسة 11 من ديسمبر سنة 1967

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد صبري، ومحمد عبد المنعم حمزاوي، ونصر الدين عزام، وأنور أحمد خلف.

(262)
الطعن رقم 1817 لسنة 37 القضائية

(أ، ب) خيانة أمانة. وديعة. تبديد. جريمة. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
(أ) جريمة خيانة الأمانة. أركانها؟ تسليم المال المبدد إلى المتهم بمقتضى عقد من عقود الأمانة المبينة بالمادة 341 عقوبات.
(ب) التسليم الحقيقي في الوديعة. غير لازم. كفاية التسليم الاعتباري. مثال.
1 - يشترط لقيام جريمة خيانة الأمانة أن يكون الشيء المبدد قد سلم إلى المتهم بمقتضى عقد من عقود الائتمان المبينة بالمادة 341 من قانون العقوبات.
2 - لا يلزم في الوديعة أن يكون التسليم حقيقياً بل يكفي التسليم الاعتباري إذا كان المودع لديه حائزاً للشيء من قبل. ولما كان ما أثبته الحكم من أن المجني عليها تستحق في ذمة الطاعن كمية من الحديد لا يؤدي بذاته إلى مساءلته عن جريمة خيانة الأمانة بل يتعين أن يثبت أن بيع الحديد المذكور قد تم وتعين المبيع وانتقلت ملكيته إلى المجني عليها ولكنه بقي في حيازة البائع - الطاعن - على سبيل الوديعة لحين استلامها له، الأمر الذي أغفل الحكم المطعون فيه استظهاره. ومن ثم يكون معيباً بالقصور الذي يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على واقعة الدعوى كما صار إثباتها في الحكم مما يتعين معه نقضه والإحالة [(1)].


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأ نه في يوم 9 يونيه سنة 1966 بدائرة منيا القمح: بدد كمية الحديد المبينة وصفاً وقيمة بالمحضر والمملوكة لفكرية علي قمحاوي والمسلمة إليه على سبيل الوديعة فاختلسها لنفسه إضراراً بالمجني عليها. وطلبت عقابه بالمادة 341 عقوبات. ومحكمة منيا القمح الجزئية قضت في الدعوى حضورياً بتاريخ 13 نوفمبر سنة 1966 عملاً بمادة الاتهام والمادتين 55/ 1 و56/ 1 من قانون العقوبات بحبس المتهم شهراً مع الشغل وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من يوم صيرورة الحكم نهائياً. فاستأنف المحكوم عليه هذا الحكم. ومحكمة الزقازيق الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 26 ديسمبر سنة 1966 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة التبديد قد أخطأ في تطبيق القانون كما شابه قصور في التسبيب، ذلك بأنه أغفل ما ثبت من الأوراق من أن المجني عليها لم تتسلم باقي كمية الحديد المصرح لها بها لعدم إيجاد سيارة لحملها ولعدم وفائها كامل ثمن الحديد وهو ما تنتفي معه الجريمة التي دين الطاعن بها مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أثبت واقعة الدعوى نقلاً عن أقوال المجني عليها بمحضر جمع الاستدلالات بما مؤداه أنها حصلت على قرار بصرف 1500 كيلو من الحديد من محل الطاعن - وهو من تجار الحديد - وقامت بصرف بعضه وتبقى لها 644 كيلو رفض تسليمها إليها، وأشار الحكم إلى أن المجني عليها قدمت للمحقق فاتورة تحمل اسم الطاعن تثبت استحقاقها لذلك القدر. ثم أورد الحكم أقوال الطاعن وشاهدي النفي وأشار إلى أن الطاعن قدم حافظة مستندات طواها على فاتورة تحمل اسمه مؤرخة 21 من أبريل سنة 1965 تفيد استلام درويش إبراهيم الاكيالي 126 كيلو من الحديد لتوصيلها للمجني عليها وإيصال يفيد استلام عبد الفتاح يس عويس لكمية من الحديد لتوصيلها للمجني عليها، ومخالصة مؤرخة أول أغسطس سنة 1966 تفيد تخالصها مع الطاعن ونزولها عن شكواها. وانتهى الحكم إلى ثبوت جريمة التبديد في حق الطاعن بقوله "وحيث إنه يتضح من سياق ما تقدم أن تهمة خيانة الأمانة المنسوبة للمتهم ثابتة قبله من أقوال المجني عليها سالفة الذكر والمؤيدة بما أثبته المحقق بمحضر جمع الاستدلالات في شأن الاطلاع على الفاتورة التي قدمتها إليه والثابت استحقاقها لكمية الحديد محل الاتهام ومؤداه أن وجود تلك الكمية لدى المتهم كان على وجه الوديعة إلى حين تسليمها إياها، وكان الثابت من أقوال المجني عليها المذكورة أن المتهم راوغها طوال سنة تقريباً في تسليمها الكمية المشار إليها ثم جاهرها في نهاية الأمر برفض تسليمها إياها الأمر الذي يدل على انصراف نيته إلى إضافة كمية الحديد سالفة الذكر إلى ملكه واختلاسه إياها إضراراً بصاحبتها". لما كان ذلك، وكان يشترط لقيام جريمة خيانة الأمانة أن يكون الشيء المبدد قد سلم إلى المتهم بمقتضى عقد من عقود الائتمان المبينة بالمادة 341 من قانون العقوبات. ولا يلزم في الوديعة أن يكون التسليم حقيقياً بل يكفي التسليم الاعتباري إذا كان المودع لديه حائزاً للشيء من قبل. وكان ما أثبته الحكم من واقع الاطلاع على الفاتورة من أن المجني عليها تستحق في ذمة الطاعن كمية من الحديد، لا يؤدي بذاته إلى مسائلته عن جريمة خيانة الأمانة بل يتعين أن يثبت أن بيع الحديد المذكور قد تم وتعين المبيع وانتقلت ملكيته إلى المجني عليها ولكنه بقي في حيازة البائع - الطاعن - على سبيل الوديعة لحين استلامها له، الأمر الذي أغفل الحكم استظهاره. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور الذي يعجز هذه المحكمة عن مراقبة صحة تطبيق القانون على واقعة الدعوى كما صار إثباتها به مما يتعين معه نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث بقية أوجه الطعن الأخرى.


[(1)] هذا المبدأ مقرر أيضا في الطعن رقم 1236 لسنة 37 ق جلسة 16/ 10/ 1967 ولم ينشر.