أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة الثامنة عشرة - صـ 1242

جلسة 11 من ديسمبر سنة 1967

برياسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد صبري، ومحمد عبد الوهاب خليل، وحسين سامح، ومحمود عطيفة.

(263)
الطعن رقم 1819 لسنة 37 القضائية

(أ) قبض. تفتيش. "إذن التفتيش". نيابة عامة. مأمورو الضبط القضائي. مواد مخدرة.
جواز تفتيش المتهم كلما جاز القبض عليه قانوناً. المادة 46 إجراءات. الإذن بالضبط هو في حقيقته أمر بالقبض ولا يفترق عنه إلا في مدة الحجز فحسب.
(ب، ج) دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إجراءات المحاكمة. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "إثبات بوجه عام".
(ب) وجوب سماع أوجه دفاع المتهم وتحقيقها - إلا إذا وضحت الواقعة لدى المحكمة أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى.
(ج) عدم التزام المحكمة بطلب ضم قضية لا يتجه مباشرة إلى نفي الأفعال المكونة للجريمة أو استحالة حصول الحادث بالكيفية التي رواها الشهود.
(د) محكمة الموضوع. إثبات. "إثبات بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير أدلة الدعوى. موضوعي.
1 - تجيز المادة 46 من قانون الإجراءات الجنائية لمأمور الضبط القضائي في سائر الأحوال التي يجوز فيها القبض على المتهم أن يفتشه مهما كان سبب القبض أو الغرض منه، فإذا كان إذن النيابة العامة بتفتيش محل المتهم قد تضمن الأمر بضبطه، وكان الإذن بالضبط هو في حقيقته أمراً بالقبض ولا يفترق عنه إلا في مدة الحجز فحسب، فإن تفتيش شخص المتهم يكون صحيحاً في القانون.
2 - من المقرر أنه وإن كان القانون قد أوجب سماع ما يبديه المتهم من أوجه الدفاع وتحقيقه إلا أن للمحكمة إذا كانت قد وضحت لديها الواقعة، أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى - أن تعرض عن ذلك بشرط أن تبين علة عدم إجابتها لهذا الطلب.
3 - لا تلتزم المحكمة بإجابة طلب ضم قضية لا يتجه مباشرة إلى نفي الأفعال المكونة للجريمة أو استحالة حصول الحادث بالكيفية التي رواها شاهد الإثبات.
4 - تقدير أدلة الدعوى من إطلاقات محكمة الموضوع، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من تلفيق التهمة عليه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً حول أدلة الدعوى لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 28/ 9/ 1964 بدائرة قسم ثاني المنصورة محافظة الدقهلية: حاز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "حشيشاً" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته على محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً لمواد الاتهام، فقرر بذلك. ومحكمة جنايات المنصورة بعد أن دفع الحاضر مع المتهم ببطلان التفتيش قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 و2 و7 و34/ 1 - أ و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبند رقم 12 من الجدول المرافق بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وتغريمه 5000 جنيه والمصادرة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو أن الطاعن دفع ببطلان تفتيشه لأن إذن النيابة العامة به كان قاصراً على ضبط الطاعن وتفتيش محله ولم يرد به التصريح بتفتيش شخصه غير أن الحكم المطعون فيه استند في رفضه هذا الدفع إلى أن التفتيش تم صحيحاً طبقاً لنص المادة 46 من قانون الإجراءات الجنائية وهو رد ينطوي على خطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن إذن النيابة بالتعرض لحرية شخص من ناحية معينة لا يبيح التعرض لحريته من ناحية أخرى كما أن الأمر بالقبض على متهم لا يبيح لمأمور الضبط القضائي تفتيشه إلا إذا وجد في حالة تلبس بالجريمة وهو ما لم يتوافر قيامه في الدعوى.
وحيث إن الحكم المطعون فيه عرض إلى ما يثيره الطاعن في هذا الوجه ورد عليه في قوله "ولما كان الرائد مصطفى رشدي رئيس مكتب مكافحة المخدرات بالمنصورة وهو من مأموري الضبط القضائي لديه أمر بضبط المتهم........... وهذا الأمر صادر من السلطة المختصة بإصداره قانوناً وهي النيابة العامة بناءً على محضر التحريات الذي أثبت فيه الضابط المذكور أن التحريات دلت على أن المتهم يتجر في المواد المخدرة فهذا الأمر في حقيقته أمر بالقبض على المتهم ومن ثم يجوز للضابط مصطفى رشدي قانوناً أن يفتشه طبقاً لنص المادة 46/ 1 أ. ج كما سلف بيانه ولذلك يكون تفتيش المتهم قد تم صحيحاً وفقاً لأحكام قانون الإجراءات الجنائية ويكون الدفع ببطلانه غير قائم على أساس صحيح ويتعين الالتفات عنه" وما قاله الحكم فيما تقدم وأسس عليه قضاءه صحيح في القانون ويصح الاستناد إليه في رفض ما دفع به الطاعن، إذ أنه ما دام أن إذن النيابة العامة بتفتيش محل الطاعن قد تضمن الأمر بضبطه وصدر من سلطة تملك إصداره وحصل صحيحاً موافقاً للقانون، فإن تفتيش شخصه على هذه الصورة يكون صحيحاً أيضاً، لأن الإذن بالضبط هو في حقيقته أمر بالقبض ولا يفترق عنه إلا في مدة الحجز فحسب وفي سائر الأحوال التي يجوز فيها القبض قانوناً على المتهم يجوز لمأمور الضبط القضائي أن يفتشه مهما كان سبب القبض أو الغرض منه كما هو مقتضى المادة 46 من قانون الإجراءات الجنائية، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الوجه لا يكون له محل.
وحيث إن مبنى الوجهين الثاني والثالث من الطعن هو الإخلال بحق الدفاع والخطأ في الإسناد. وبيان ذلك أن الطاعن طلب ضم القضية رقم 318 لسنة 1964 جنايات قسم ثان المنصورة للتدليل على تلفيق الاتهام عليه إلا أن المحكمة لم تجبه إلى مطلبه، كما أن الحكم رد على ما دفع به الطاعن من تلفيق التهمة عليه من رضوان الشافعي ومحمدي الشافعي بأن الشكويين المقدمتين منه ضدهما لا تنهضان دليلاً على ذلك وأن ما شهد به محمد عبد السلام كان نقلاً عن الطاعن نفسه في حين أن الثابت من هاتين الشكويين أن الطاعن أبلغ ضد المشكو في حقهما قبل ضبطه بشهرين بأنهما هدداه بتلفيق تهمة مخدرات ضده وهو ما يقطع بتلفيق الاتهام عليه كما أن ما شهد به محمد عبد السلام لم يكن نقلاً عن الطاعن. مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد مؤدى أدلة الثبوت فيها عرض إلى ما أثاره الطاعن في شأن تلفيق التهمة ورد عليه في قوله... "ولا تعول المحكمة على ما أبداه المتهم من دفاع ينصب على أن التهمة ملفقة له بمعرفة المحمدي الشافعي الذي ينافسه في تجارة الأسماك والضابط مصطفى رشيد والرقيب إبراهيم الدسوقي لأنه لم يقم دليل على هذا التلفيق إذ لا ينهض الشكويان الإداريتان اللتان قدمهما المتهم ضد رضوان الشافعي والمحمدي الشافعي دليلا على التلفيق المدعى به إذ لم يشهد أحد بأنه سمع المحمدي فؤاد الشافعي وهو يهدد بإدخاله السجن كما يدعى كما لم يشهد أحد بوجود علاقة بين المحمدي الشافعي والضابط مصطفى رشدي والرقيب إبراهيم الدسوقي أو اتفاقهم على تلفيق التهمة للمتهم وكل ما أدلى به محمد عبد السلام مندوب شياخة قسم ثان المنصورة في تحقيق النيابة كان نقلاً عن المتهم نفسه كما جاء على لسان الشاهد المذكور أنه لا يعرف المحمدي ولا رضوان ولا يعرف ما إذا كان المحمدي يبيع سمكاً في عزبة عقل أم لا ولا ترى المحكمة إجابة طلب المتهم الاحتياطي الخاص بضم القضية رقم 318 لسنة 1964 جنايات قسم ثان المنصورة المتهم فيها الرقيب إبراهيم الدسوقي بالاتفاق الجنائي على قتل الرائد مصطفى رشدي كما قرر الدفاع عن المتهم إذ لم يثبت وجود علاقة بين القضية المذكورة والقضية الحالية". لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه وإن كان القانون قد أوجب سماع ما يبديه المتهم من أوجه الدفاع وتحقيقه إلا أن للمحكمة إذا كانت قد وضحت لديها الواقعة أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى أن تعرض عن ذلك بشرط أن تبين علة عدم إجابتها لهذا الطلب. ولما كانت المحكمة قد رأت أن القضية رقم 318 سنة 1964 سالفة البيان غير متعلقة بالدعوى فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي لم تستجب لطلب ضمها. لما كان ذلك، وكان الثابت فوق ما تقدم من دفاع الطاعن المبدي أمام المحكمة وما أورده بأسباب طعنه، أن طلب ضم هذه القضية لا يتجه مباشرة إلى نفي الأفعال المكونة للجريمة أو استحالة حصول الحادث بالكيفية التي رواها شاهدا الإثبات بل المقصود منه في واقع الأمر هو تجريح أقوال هذين الشاهدين الأمر الذي لا تلتزم المحكمة بإجابته. فإن ما يثيره الطاعن من دعوى الإخلال بحق الدفاع لا يكون مقبولا. لما كان ذلك، وكان البين مما أورده الحكم أن المحكمة قد أيدت اطمئنانها إلى أقوال شاهدي الإثبات وأطرحت ما أثاره الطاعن من أن التهمة ملفقة عليه وذلك على أساس أنه لم يقم دليل في الدعوى ينال من قناعتها بصحة أقوالهما، وكان تقدير أدلة الدعوى من إطلاقات محكمة الموضوع فإن ما يثيره الطاعن من تلفيق التهمة عليه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً حول أدلة الدعوى لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم جميعه، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.