أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة الثامنة عشرة - صـ 1264

جلسة 18 من ديسمبر سنة 1967

برياسة السيد المستشار/ محمد محفوظ، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد الوهاب خليل، وحسين سامح، ومحمود العمراوي، ومحمود عطيفة.

(268)
الطعن رقم 1589 لسنة 37 القضائية

تهديد. قصد جنائي. جريمة. نقض. "حالات الطعن بالنقض. الخطأ في تطبيق القانون".
توافر القصد الجنائي في جريمة التهديد بالقتل المصحوب بطلب. متى ثبت أن الجاني ارتكب التهديد مدركاً أثره من حيث إيقاع الرعب في نفس المجني عليه.
القصد الجنائي في جريمة التهديد بالقتل المصحوب بطلب يتوافر متى ثبت أن الجاني ارتكب التهديد وهو يدرك أثره من حيث إيقاع الرعب في نفس المجني عليه بغض النظر عما إذا كان الجاني قد قصد إلى تنفيذ التهديد فعلاً ومن غير حاجة إلى تعرف الأثر الفعلي الذي أحدثه التهديد في نفس المجني عليه. ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى ببراءة المتهم استناداً إلى أنه لم يثبت أنه قصد تنفيذ التهديد، يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 7 من أبريل سنة 1963 بدائرة مركز دسوق محافظة كفر الشيخ: هدد ومجهول علي أحمد أبو السعود كتابة بارتكاب جريمة ضد النفس معاقب عليها بالقتل، وكان التهديد مصحوباً بطلب وذلك بأن أرسل إليه خطاباً بطريق البريد أثر قيام المجهول بكتابته يهدده فيه بالقتل إذ لم ينقل من بلدة شباس الشهداء لمكان آخر. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته طبقاً لمواد الاتهام. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات كفر الشيخ قضت حضورياً عملاً بالمادتين 304/ 1 و381 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهم مما أسند إليه. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من جريمة التهديد المصحوب بطلب استناداً إلى أنه يشترط لتوافر هذه الجريمة أن يكون الجاني قد انتوى تنفيذ ما أشار إليه من تهديد قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن القصد الجنائي في هذه الجريمة يتوافر متى ثبت أن الجاني ارتكب التهديد وهو يدرك أثره من حيث إيقاع الرعب في نفس المجني عليه وأنه يريد تحقيق ذلك الأثر بما قد يترتب عليه من إذعان المجني عليه في إجابة الطلب بغض النظر عما إذا كان الجاني قد قصد إلى تنفيذ التهديد فعلاً.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله إنها "تتحصل في أن مصطفى محمد قاسم مندوب الإصلاح الزراعي بمنطقة دسوق تسلم بطريق البريد خطاباً يتضمن أن أهالي ناحية شباس الشهداء يتضررون من وجود المهندس الزراعي علي أحمد أبو السعود في العمل ويهددون بقتله إذا لم ينقل من بلدتهم فعرض الخطاب على هذا الأخير الذي شهد أنه لما قرأ ذلك الخطاب تأثر به وخشي سوء العاقبة وطالب بنقله وتنفيذ النقل فعلاً وأسند جريمة التهديد إلى المتهم بإدعاء أنه كان قد رفض تعيينه في لجنة تنظيم الكيماوي لسوء سلوكه وأن المتهم يهدف بهذا التهديد أن يعين مهندس آخر بدله لحاجة في نفسه" وأورد الحكم بعد ذلك عبارات التهديد التي تضمنها هذا الخطاب وأقوال بعض الموقعين عليه الذين قرروا أن المطعون ضده هو الذي كان يتولى جمع التوقيعات عليه وأنهم لا يعرفون حقيقة ما هو مكتوب فيه واعتراف المطعون ضده باستلام الخطاب من الأهالي وتسجيله بالبريد، ثم عرض لتوافر أركان جريمة التهديد فقال إنه يشترط أن يكون التهديد على جانب من الجدية وأن يكون الجاني قد انتوى تنفيذ ما أشار إليه من تهديد وأنه لم يثبت على وجه اليقين أن مرسل هذا الخطاب يقصد تنفيذ ما أشار إليه من إيذاء وخلص الحكم من ذلك إلى أن الواقعة لا تعدو أن تكون شكوى كتابية من أهالي بلدة ضد تصرف أحد الموظفين بقصد إبعاده عن محيط هذه البلدة وانتهى إلى القضاء ببراءة المطعون ضده من التهمة المسندة إليه. لما كان ذلك، وكان القصد الجنائي في جريمة التهديد بالقتل المصحوب بطلب يتوافر متى ثبت أن الجاني ارتكب التهديد وهو يدرك أثره من حيث إيقاع الرعب في نفس المجني عليه بغض النظر عما إذا كان الجاني قد قصد إلى تنفيذ التهديد فعلاً ومن غير حاجة إلى تعرف الأثر الفعلي الذي أحدثه التهديد في نفس المجني عليه فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى ببراءة المتهم استناداً إلى أنه لم يثبت أنه قصد تنفيذ التهديد يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه نقضه، ولما كان البادي من باقي سياق الحكم أن خطأ الحكم في القانون قد حجب المحكمة عن تقدير وقائع الدعوى التقدير السليم الذي يمكن معه لمحكمة النقض أن تراقب سلامة تطبيق القانون على واقعة الدعوى كما صار إثباتها في الحكم فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.