أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 21 - صـ 341

جلسة 2 من مارس سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ محمد أبو الفضل حفني، وعضوية السادة المستشارين: محمد السيد الرفاعي، وطه الصديق دنانة، ومصطفى محمود الأسيوطي، ومحمد ماهر محمد حسن.

(85)
الطعن رقم 124 لسنة 40 القضائية

(أ، ب) إجراءات المحاكمة. محكمة الجنايات. "الإجراءات أمامها". إثبات. "شهادة". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره".
( أ ) رسم القانون طريقاً للمتهم لإعلان شهوده أمام محكمة الجنايات. لا يخل بالأسس الجوهرية للمحاكمة الجنائية التي تقوم على التحقيق الشفوي في مواجهة المتهم وتسمع فيها الشهود. سواء لإثبات التهمة أو نفيها.
(ب) حتمية الاستجابة إلى طلب الدفاع سماع شهود للواقعة لم يرد لهم ذكر في قائمة شهود الإثبات. أساس ذلك: أنهم لا يعدون شهود نفي يلتزم بإعلانهم
المحكمة هي الملاذ الأخير لتحقيق الواقعة وتقصيها على الوجه الصحيح.
انحسار الجدية من المحاكمة الجنائية وغلق باب الدفاع في وجه طارقيه. تأباه العدالة.
1 - إن القانون حين رسم الطريق الذي يتبعه المتهم في إعلان الشهود الذي يرى مصلحته في سماعهم أمام محكمة الجنايات، لم يقصد بذلك إلى الإخلال بالأسس الجوهرية للمحاكمات الجنائية، والتي تقوم على التحقيق الشفوي الذي تجريه المحكمة بالجلسة في مواجهة المتهم وتسمع فيها الشهود، سواء لإثبات التهمة أو نفيها، ما دام سماعهم ممكناً، ثم تجمع بين ما تستخلصه من شهاداتهم وبين عناصر الاستدلال الأخرى في الدعوى المطروحة على بساط البحث لتكون من هذا المجموع عقيدتها في الدعوى.
2 - إنه يتعين إجابة الدفاع إلى طلبه سماع شهود الواقعة، ولو لم يرد لهم ذكر في قائمة شهود الإثبات، أو يقم المتهم بإعلانهم، لأنهم جميعاً لا يعدون شهود نفي بمعنى الكلمة، حتى يلتزم بإعلانهم، ولأن المحكمة هي الملاذ الأخير الذي يتعين أن ينفسح التحقيق الواقعة وتقصيها على الوجه الصحيح، غير مقيدة في ذلك بتصرف النيابة العامة فيما تثبته في قائمة شهود الإثبات، أو تسقطه من أسماء الشهود الذين عاينوا الواقعة، أو يمكن أن يكونوا عاينوها، وإلا انتفت الجدية في المحاكمة وانغلق باب الدفاع في وجه طارقيه، وهو ما تأباه العدالة أشد الإباء. وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أغفل طلب الدفاع في هذا الخصوص، فلم يجبه أو يرد عليه، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما في يوم 17 أغسطس سنة 1968 بدائرة مركز ميت غمر محافظة الدقهلية: قتلا سليمان محمد الحفنى عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن عقدا العزم على قتله وأعدا لذلك الغرض سلاحين راضين (عصاتين) وترصداه في المكان الذي أيقنا سلفاً مروره فيه وما أن ظفروا به حتى انهالا عليه ضرباً بآلتيهما سالفتي الذكر قاصدين من ذلك قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمواد سالفة الذكر، فقرر ذلك، وادعت فتحية السعيد البحراوي مدنياً وطلبت القضاء لها قبل المتهمين متضامنين بمبلغ 250 ج على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. ومحكمة جنايات المنصورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 230 و231 و232 و17 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة خمس عشرة سنة وإلزامهما متضامنين بأن يدفعا للمدعية بالحق المدني مبلغ مائتين وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض والمصاريف المدنية وعشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن ما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد قد أخل بحقهما في الدفاع ذلك بأن المدافع عنهما طلب سماع شهادة أصحاب السواقي بمكان الحادث ونائب العمدة وشيخ الخفراء، غير أن الحكم أغفل هذا الطلب ولم يعرض له بالرد.
وحيث إنه يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعنين طلب سؤال نائب العمدة وشيخ الخفراء وأصحاب السواقي الذين كانوا موجودين وقت وقوع الحادث على مقربة من مكانه تحقيقاً لدفاعهم ولكن المحكمة لم تستجب لهذا الطلب واستمرت في نظر الدعوى. لما كان ذلك، وكان القانون حين رسم الطريق الذي يتبعه المتهم في إعلان الشهود الذين يرى مصلحته في سماعهم أمام محكمة الجنايات لم يقصد بذلك إلى الإخلال بالأسس الجوهرية للمحاكمات الجنائية والتي تقوم على التحقيق الشفوي الذي تجربه المحكمة بجلسة المحاكمة في مواجهة المتهم وتسمع فيها الشهود سواء لإثبات التهمة أو لنفيها ما دام سماعهم ممكناً ثم تجمع بين ما تستخلصه من شهاداتهم وبين عناصر الاستدلال الأخرى في الدعوى المطروحة على بساط البحث لتكون من هذا المجموع عقيدتها في الدعوى، وكان يتعين إجابة الدفاع إلى طلبه سماع شهود الواقعة ولو لم يرد لهم ذكر في قائمة شهود الإثبات أو يقيم المتهم بإعلانهم لأنهم لا يعتبرون شهود نفي بمعنى الكلمة حتى يلتزم بإعلانهم ولأن المحكمة هي الملاذ الأخير الذي يتعين أن ينفسح لتحقيق الواقعة وتقصيها على الوجه الصحيح غير مقيدة في ذلك بتصرف النيابة العامة فيما تثبته في قائمة شهود الإثبات أو تسقطه من أسماء الشهود الذين عاينوا الواقعة أو يمكن أن يكونوا عاينوها وإلا انتفت الجدية في المحاكمة وانغلق باب الدفاع في وجه طارقيه بغير حق، وهو ما تأباه العدالة أشد الإباء. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أغفل طلب الدفاع فلم يجبه أو يرد عليه فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه والإحالة وذلك بغير حاجة إلى بحث الأوجه الأخرى للطعن.