أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الحادية والأربعون - صـ 55

جلسة 9 من يناير سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ أحمد محمود هيكل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سمير ناجى ونبيل رياض نائبى رئيس المحكمة وجابر عبد التواب ومصطفى الشناوى.

(6)
الطعن رقم 6927 لسنة 59 القضائية

(1) حكم "وصف الحكم". نقض "أسباب الطعن. مالا يقبل منها".
العبرة فى تحديد ماهية الحكم: هى بحقيقة الواقع فى الدعوى. لا بما يرد فى أسبابه ومنطوقه سهواً.
مثال:
(2) شيك بدون رصيد. مسئولية جنائية. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". جريمة "أركانها". قصد جنائى.
جريمة إعطاء شيك بدون رصيد. متى تتحقق ؟
الأسباب التى دعت إلى إعطاء الشيك. دوافع لا أثر لها على المسئولية الجنائية.
(3) شيك بدون رصيد. أسباب الاباحة "ضياع الشيك أو الحصول عليه عن طريق جرائم سلب المال". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حالة ضياع الشيك وما يدخل فى حكمها. هى التى تجيز للساحب إتخاذ ما يصون به ماله بغير توقف على حكم القضاء. علة ذلك ؟
مثال لتسبيب سائغ فى جريمة إعطاء شيك بدون رصيد.
(4) نقض "المصلحة فى الطعن والصفة فيه".
المناط فى قبول وجه الطعن. أن يكون متصلاً بشخص الطاعن وله مصلحة فيه.
(5) دعوى مدنية "تحريكها". دعوى مباشرة. وكالة. محاماه.
إشتراط توكيل خاص. غير لازم. الا فى حالة الشكوى. عدم إنسحاب ذلك الادعاء المباشر. المادة الثالثة إجراءات.
(6) دعوى جنائية "وقف السير فيها". دفوع " الدفع بالايقاف". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل".
الدفع بوقف الدعوى الجنائية حتى يفصل فى دعوى جنائية أخرى. تقدير جديته. موضوعى.
(7) شيك بدون رصيد. إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض " أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
خطأ الحكم فيما تزيد فيه والذى لا أثر له فى النتيجة التى إنتهى إليها. لا يعيبه.
1- لما كانت العبرة فى تحديد ماهية الحكم هى بحقيقة الواقع فى الدعوى لا بما يرد فى أسبابه ومنطوقه سهوا وكان الثابت من الأوراق أن المعارض حضر بجلسة........... التى حجزت فيها الدعوى للحكم لجلسة......... التى صدر فيها الحكم المطعون فيه فقضت المحكمة فى موضوع المعارضة المرفوعة من الطاعن عن الحكم الغيابى الاستئنافى الصادر بادانته، فإنه لا ينال من سلامته أنه لم يفصل فى شكل معارضة الطاعن الاستئنافيه إذ لا يعدو مجرد سهو لا يغير من حقيقة الواقع، فإن مما ينعاه الطاعن فى هذا الشأن يكون غير مقبول.
2- من المقرر أن جريمة اعطاء شيك بدون رصيد تتم بمجرد اعطاء الساحب الشيك إلى المستفيد مع علمه بعدم وجود مقابل وفاء له قابل للسحب فى تاريخ الاستحقاق، إذ يتم بذلك طرح الشيك فى التداول فتنعطف عليه الحماية القانونية التى اسبغها الشارع على الشيك فى التداول باعتباره أداة وفاء تجرى مجرى النقود فى المعاملات، ولا عبرة بعد ذلك بالأسباب التى دعت صاحب الشيك إلى اصداره لأنها دوافع لا أثر لها على مسئوليته الجنائية.
3- حالات الاستثناء التى تندرج تحت مفهوم حالة ضياع الشيك - وهى الحالات التى يتحصل فيها على الشيك عن طريق جرائم سلب المال كالسرقة البسيطة والسرقة بظروف والنصب والتبديد وأيضا الحصول عليه بطريق التهديد. فحالة الضياع وما يدخل فى حكمها هى التى أبيح فيها للساحب أن يتخذ من جانبه ما يصون به ماله بغير توقف على حكم القضاء تقديرا من الشارع بعلو حق الساحب فى تلك الحال على حق المستفيد استنادا إلى سبب من أسباب الاباحة وهى مالا يصدق على الحقوق الأخرى التى لابد لحمايتها من دعوى ولا تصلح مجردة سببا للاباحة، كما لا يجدى الطاعن كذلك ما يدعيه من أنه سدد قيمة خطابات الضمان ما دام أنه - على فرض صحة ذلك - لم يسترد الشيك منه، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اعتنق هذا النظر فلم يعتد بالأسباب التى دعت لاصدار الشيك ورد على دفاع الطاعن فى هذا الشأن واطرحه فى منطق سائغ فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص يكون غير سديد.
4- الأصل أن لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلا منها بشخص الطاعن وكان له مصلحة فيه.
5- إن المادة الثالثة من قانون الاجراءات الجنائية لا تشترط أن يصدر المدعى بالحق المدنى توكيلاً خاصاً لمحاميه إلا فى حالة تقديم الشكوى ولا ينسحب حكمها على الادعاء المباشر.
6- لما كانت المادة 222 من قانون الاجراءات الجنائية وإن أوجبت وقف الدعوى الجنائية إذ كان الحكم فيها يتوقف على نتيجة الفصل فى دعوى جنائية أخرى إلا أنها لم تقيد حق المحكمة فى تقدير جدية الدفع بالايقاف وما إذا كان يستوجب وقف الدعوى أو أنه دفع لايؤيده الظاهر قصد به عرقلة السير فى الدعوى وتأخير الفصل فيها.
7- لما كان ما أورده الحكم المطعون فيه بشأن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها وعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية لانتفاء صفة المدعى المدنى لا يعدو أن يكون تزيدا لا أثر له فى النتيجة التى انتهى إليها الحكم ولم تكن المحكمة فى حاجة إليه بعد أن خلصت إلى توافر أركان جريمة اصدار شيك بدون رصيد فى حق الطاعن.


الوقائع

أقام المدعى بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح مصر الجديدة ضد الطاعن بوصف أنه اعطى له شيكا لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب وطلبت عقابه بالمادتين 336، 337 من قانون العقوبات والزامه بان يؤدى له مبلغ 101 جنيها على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح مصر الجديدة قضت غيابيا عملا بمادتى الاتهام بمعاقبة المتهم بالحبس ثلاث سنوات مع الشغل وفى الدعوى المدنية بأن يؤدى للمدعى بالحقوق المدنية مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. عارض وقضى فى معارضته بقبولها شكلا ورفضها موضوعا وتأييد الحكم المعارض فيه. استأنف ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت غيابيا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف عارض وقضى فى معارضته باعتبارها كأن لم تكن فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض (قيد بجدول محكمة النقض برقم........ لسنة.... القضائية). وهذه المحكمة قضت بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والاعادة إلى محكمة شمال القاهرة الابتدائية لتفصل فيها من جديد هيئة/ استئنافية أخرى. ومحكمة الاعادة (بهيئة أخرى) قضت حضوريا بحبس المتهم ثلاث سنوات مع الشغل والزامه بأن يؤدى للمدعى بالحق المدنى مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه والأستاذ/ ........... المحامى نيابة عنه فى هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.


المحكمة

حيث إن الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة اعطاء شيك بدون رصيد التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها استمدها مما ابلغ به المدعى بالحقوق المدنية وما ثبت من الاطلاع على الشيك الذى أصدره الطاعن وافادة البنك بعدم وجود رصيد قائم وقابل للسحب وهو ما لم يجادل الطاعن فى أن له أصله الثابت بالأوراق. لما كان ذلك، وكانت العبرة فى تحديد ماهية الحكم هى بحقيقة الواقع فى الدعوى لا بما يرد فى أسبابه ومنوقه سهوا وكان الثابت من الأوراق أن المعارض حضر بجلسة....... التى حجزت فيها الدعوى للحكم لجلسة...... التى صدر فيها الحكم المطعون فيه فقضت المحكمة فى موضوع المعارضة المرفوعة من الطاعن عن الحكم الغيابى الاستئنافى الصادر بادانته، فإنه لا ينال من سلامته أنه لم يفصل فى شكل معارضة الطاعن الاستئنافية إذ لا يعدو مجرد سهو لا يغير من حقيقة الواقع، فإن مما ينعاه الطاعن فى هذا الشأن يكون غير مقبول - لما كان ذلك وكان من المقرر أن جريمة اعطاء شيك بدون رصيد تتم بمجرد اعطاء الساحب الشيك إلى المستفيد مع علمه بعدم وجود مقابل وفاء له قابل للسحب فى تاريخ الاستحقاق، إذ يتم بذلك طرح الشيك فى التداول فتنعطف عليه الحماية القانونية التى اسبغها الشارع على الشيك فى التداول باعتباره أداة وفاء تجرى مجرى النقود فى المعاملات، ولا عبرة بعد ذلك بالأسباب التى دعت صاحب الشيك إلى إصداره لأنها دوافع لا أثر لها على مسئوليته الجنائية، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الشيك الذى اصدره الطاعن استوفى شرائطه القانونية فإنه لا يجديه ما يثيره من جدل حول الأسباب والظروف التى دعته إلى اصداره ولا وجه لما يتذرع به فى صدد نفى مسئوليته الجنائية بقوله أنه اصدر الشيك للمدعى بالحق المدنى ضمانا للوفاء بقرض تم سداده فعلا، وأنه سلمه الشيك على سبيل الامانة بما كان يتعين معه أن تمتد إليه أسباب (الاباحة) على ما جرت به أحكام محكمة النقض، ذلك أنه فضلا عن أن الحكم قد دلل تدليلا سائغا على أن دفاع الطاعن فى هذا الشأن يفتقر إلى الدليل المثبت له، فان هذه الحالة لا تدخل فى حالات الاستثناء التى تندرج تحت مفهوم حالة ضياع الشيك - وهى الحالات التى يتحصل فيها على الشيك عن طريق جرائم سلب المال كالسرقة البسيطة والسرقة بظروف والنصب والتبديد وأيضا الحصول عليه بطريق التهديد. فحالة الضياع وما يدخل فى حكمها هى التى أبيح فيها للساحب أن يتخذ من جانبه ما يصون به ماله بغير توقف على حكم القضاء تقديرا من الشارع بعلو حق الساحب فى تلك الحاله على حق المستفيد استنادا إلى سبب من أسباب الاباحة وهى ما لا يصدق على الحقوق الأخرى التى لابد لحمايتها من دعوى ولا تصلح مجردة سببا للاباحة، كما لا يجدى الطاعن كذلك ما يدعيه من أنه سدد قيمة خطابات الضمان ما دام إنه - على فرض صحة ذلك - لم يسترد الشيك منه، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اعتنق هذا النظر فلم يعتد بالأسباب التى دعت لاصدار الشيك ورد على دفاع الطاعن فى هذا الشأن واطرحه فى منطق سائغ فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الأصل أن لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلا منها بشخص الطاعن وكان له مصلحة فيه، فان ما يثيره الطاعن من أن محامى المدعى بالحقوق المدنية رفع الدعوى المباشرة بموجب توكيل مزور لا يكون مقبولا، هذا فضلا عن أن المادة الثالثة من قانون الاجراءات الجنائية لا تشترط أن يصدر المدعى بالحق المدنى توكيلاً خاصاً لمحاميه إلا فى حالة تقديم الشكوى ولا ينسحب حكمها على الادعاء المباشر. لما كان ذلك، وكانت المادة 222 من قانون الاجراءات الجنائية وإن أوجبت وقف الدعوى الجنائية إذ كان الحكم فيها يتوقف على نتيجة الفصل فى دعوى جنائية أخرى إلا أنها لم تقيد حق المحكمة فى تقدير جدية الدفع بالايقاف وما إذا كان يستوجب وقف الدعوى أو أنه دفع لا يؤيده الظاهر قصد به عرقلة السير فى الدعوى وتأخير الفصل فيها، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى رفض هذا الطلب بعد أن خلص الى ثبوت التهمة فى حق الطاعن ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن فى هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه بشأن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها وعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية لانتفاء صفة المدعى المدنى لا يعدو أن يكون تزيدا لا أثر له فى النتيجة التى انتهى إليها الحكم ولم تكن المحكمة فى حاجة إليه بعد أن خلصت إلى توافر أركان جريمة اصدار شيك بدون رصيد فى حق الطاعن. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين عدم قبول الطعن.