أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الحادية والأربعون - صـ 107

جلسة 11 من يناير سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ محمد رفيق البسطويسى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد أحمد حسن وعبد الوهاب الخياط وعبد اللطيف أبوالنيل وعمار ابراهيم.

(14)
الطعن رقم 14599 لسنة 59 القضائية

حكم "وضعه واصداره" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم رسم القانون شكلا خاصا لصياغة الحكم. كفاية أن يكون مجموع ما أورده الحكم مؤديا إلى تفهم الواقعة باركانها وظروفها.
(2) دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل".
كفاية ايراد الحكم الادلة المنتجة التى صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم تعقبه فى كل جزئية من جزئيات دفاعه. غير لازم.
(3) إثبات "بوجه عام" "قرائن". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل".
عدم اشتراط أن يكون الدليل صريحا دالا على الواقعة المراد اثباتها. كفاية أن يكون ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما يتكشف من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات.
(4) سرقة. جريمة "اركانها". قصد جنائى. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". حكم "ما لا يعيبه فى نطاق التدليل".
القصد الجنائى فى جريمة السرقة. قوامه: علم الجانى وقت ارتكاب الفعل. أنه يختلس منقولا مملوكا للغير من غير رضائه بنية تملكه. تحدث الحكم عنه صراحه. لا يعيبه.
(5) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل".
الادلة فى المواد الجنائية. ضمائم متساندة. مناقشتها فرادى. غير جائزة.
(6) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". حكم "ما لا يعيبه فى نطاق التدليل".
تناقض الشاهد وتضاربه فى أقواله. لا يعيب الحكم. متى استخلص الحقيقة منها بما لا تناقض فيه.
(7) إثبات "شهود". إجراءات "إجراءات التحقيق". استعراف. بطلان. محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم رسم القانون صورة معينة لتعرف الشاهد على المتهم. أثر ذلك ؟.
عدم التزام المحكمة باجراء تحقيق لم يطلب منها. متى اطمأنت من الادلة السائغة التى اوردتها إلى صحة الواقعة.
الجدل الموضوعى فى تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
1- من المقرر إن القانون لم يرسم شكلا خاصا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التى وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - كافيا فى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققا لحكم القانون.
2- حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الادلة المنتجة التى صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة الى المتهم ولا عليه أن يتعقبه فى كل جزئية من جزئيات دفاعه لان مفاد التفاته عنها أنه أطرحها.
3- من المقرر أنه لا يشترط فى الدليل أن يكون صريحا دالا بنفسه على الواقعة المراد اثباتها، بل يكفى أن يكون ثبوتها منه عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات.
4- لما كان من المقرر أن القصد الجنائى فى جريمة السرقة هو قيام العلم عند الجانى وقت ارتكاب الفعل بأنه يختلس المنقول المملوك للغير من غير رضاء مالكه بنية تملكه، فإن ما يثيره الطاعن من انتفاء نية السرقة لديه مردود ذلك أن الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد خلص فى بيان كاف الى توافر أركان جريمة الشروع فى السرقة - بظروفها المشدده - وتوافر الدليل عليها فلا يعيبه عدم تحدثه صراحة عن نية السرقة.
5- العبرة فى المحاكمات الجنائية هى باقتناع قاضى الموضوع بناء على الأدلة المطروحة عليه بادانة المتهم أن ببراءته ولا يشترط أن تكون الأدلة التى يعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها أو يقطع فى كل جزئية من جزئيات الدعوى اذ الأدلة فى المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضها ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر الى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقى الأدلة بل يكفى أن تكون الأدلة مؤدية الى ما قصده الحكم منها ومنتجة فى اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها الى ما انتهت اليه.
6- إن تناقض الشاهد وتضاربه فى أقواله لا يعيب الحكم مادامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال بما لا تناقض فيه.
7- إن القانون لم يرسم للتعرف صورة خاصة يبطل اذا لم يتم عليها وأن من حق محكمة الموضوع أن تأخذ بتعرف الشاهد على المتهم مادامت قد اطمأنت اليه اذ العبرة هى باطمئنان المحكمة الى صدق الشاهد نفسه ولا عليها ان هى اعتمدت على الدليل المستمد منه مادام تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع وحدها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه فى مقام تحصيله لواقعة الدعوى ومؤدى الأدلة التى استمد منها قضاءه - ومن بينها أقوال الشاهدة...... - والتى حصل منها ما مؤداه أنها استشعرت ضوضاء خارج المنزل حال اسيقاظها فجرا لاداء فريضة الصلاة فأضاءت المصباح الكهربائى الخارجى وأطلت من نافذة المسكن فشاهدت الطاعن وآخر يحملان علب البوية وأن المتهم...... كان يخرج من نافذة مخزن البويات بناء على أمر الطاعن اليه، كما وأنها تعرفت على الطاعن حال عرضه عليها، وكان الطاعن لا يمارى فى أن ما حصله الحكم واستدل به من أقوال الشاهدة هذه ضمن أدلة الدعوى له معينه من الأوراق - وكان لا يتأبى على العقل والمنطق أن تتمكن الشاهدة المذكورة وقد اضاءت المصباح الكهربائى أطلت من نافذة المسكن أن تشاهد ما يجرى فى مكان الحادث، وكان الطاعن لم يثر بجلسة المحاكمة ما يدعيه من تناقض فى أقوال تلك الشاهدة كما وأنه وان كان قد أثار دفاعا بتعذر الرؤية الا أنه لم يطلب من المحكمة - ما أثاره بأسباب طعنه - من اجراء تجربة رؤية لمكان الحادث فى وقت معاصر لوقوعه، وكانت المحكمة غير ملزمة باجراء تحقيق أو اتخاذ اجراء لم يطلب منها مادامت المحكمة قد اطمأنت من الادلة السائغه التى أوردتها إلى صحة الواقعة وتوافر الادلة الكافية على نسبتها إلى الطاعن - ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن من قبيل الجدل الموضوعى فى تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز اثارته أمام محكمة النقض


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: شرع وآخران فى سرقة المنقولات المبينة وصفا وقيمة بالتحقيقات المملوكة لـ.......... وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لارادتهما فيه هو استغاثة الشاهدة الاولى حالة كون أحدهم يحمل سلاحا (سكين). وأحالته إلى محكمة جنايات أسيوط لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمواد 45، 46، 311، 316 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه إنه إذ دانه وآخران بجريمة الشروع فى السرقة ليلا مع حمل السلاح، قد شابه القصور فى التسبيب ذلك بأنه لم يورد بيانا كافيا للواقعة تتحقق به أركان الجريمة وأدلة ثبوتها فى حق الطاعن والدور الذى قام به ولم يوضح الصلة بينه وبين باقى المتهمين كما خلت الأوراق من توافر نية السرقة لديه ولم يبين الحكم مشاهدة الشاهدة الاولى للواقعة وكيفية تعرفها على الطاعن والحالة التى كان عليها ولم تحط المحكمة بدفاع الطاعن القائم على عدم اجراء تجربة رؤية فى توقيت معاصر لوقوع الحادث وتناقض أقوال المجنى عليهما، وذلك كله يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه أن....... الشاهدة الأولى - إثر استيقاظها من نومها فجر ليلة الحادث للصلاة أحست بطرق وضجيج أسفل مسكنها فأضاءت مصباح الكهرباء الخارجى واستطلعت الأمر من النافذه فشاهدت الطاعن وآخر يحملان علب البويات بينما كان المتهم..... يخرج من نافذة مخزن البويات الخاص بالشاهد الثانى فأبلغت الأخير بذلك حيث تولى ابلاغ الشرطة وأسفرت المعاينة التى أجراها معاون مباحث القسم عن العثور على سكين ملقاه بداخل المحل وتعلق بها آثار البوية، ثم أورد الحكم مؤدى أدلة الثبوت التى استند اليها فى قضائه بادانه الطاعن والمستمدة من شهادة..... و...... و...... وتحريات الشرطة ومعاينة مكان الحادث وما قرره المتهم..... وحصل أقوال الشاهدة الأولى بما يتفق وما أورده في بيان الواقعة وما أوضحته من أن الطاعن طلب من المتهم..... الخروج من المحل بعد مشاهدتها لهما فامتثل الأخير لطلبه وخرج من نافذة المحل ثم قذفها ببعض الاحجار، وأنها تعرفت على الطاعن لدى عرضه عليها، كما حصل الحكم أقوال الشاهدين الثانى والثالث بما مفاده انتقالهما لمكان الحادث عقب ابلاغها فتبينا كسر نافذة المحل وأن بعض علب البوية ملقاه بالطريق أمامه كما لاحظا انسكاب احدى هذه العلب بداخل المحل وتم العثور على السكين المضبوطة، وتضمنت التحريات أن الطاعن قد ارتكب الحادث مع آخرين، ثم أثبت الحكم ما أقر به المتهم..... من قيامه بفتح نافذة محل المجنى عليه وأن الطاعن كان يرافقه آنذاك، وأن السكين المضبوطه قد سقطت منه بداخل المحل. ثم خلص الحكم إلى ادانة الطاعن بالجريمة المسندة اليه. لما كان ذلك، وكان القانون لم يرسم شكلا خاصا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التى وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - كافيا فى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققا لحكم القانون. وكان حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الادلة المنتجة التى صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة الى المتهم ولا عليه أن يتعقبه فى كل جزئية من جزئيات دفاعه لان مفاد التفاته عنها أنه أطرحها. وكان ما أورده الحكم - على السياق المتقدم - يتضمن بيانا كافيا لواقعة الدعوى ومؤدى أدلة الثبوت التى أقام عليها قضاءه فان منعى الطاعن على الحكم بالقصور - فى هذا الشأن لا يكون سديدا. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يشترط فى الدليل أن يكون صريحا دالا بنفسه على الواقعة المراد اثباتها، بل يكفى أن يكون ثبوتها منه عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات, وكان من المقرر أن القصد الجنائى فى جريمة السرقة هو قيام العلم عند الجانى وقت ارتكاب الفعل بأنه يختلس المنقول المملوك للغير من غير رضاء مالكه بنية تملكه، فان ما يثيره الطاعن من انتفاء نية السرقة لديه مردود ذلك أن الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد خلص فى بيان كاف إلى توافر أركان جريمة الشروع فى السرقة - بظروفها المشددة - وتوافر الدليل عليها فلا يعيبه عدم تحدثه صراحة عن نية السرقة. لما كان ذلك، وكانت العبرة فى المحاكمات الجنائية هى باقتناع قاضى الموضوع بناء على الأدلة المطروحة عليه بادانة المتهم أن ببراءته ولا يشترط أن تكون الأدلة التى يعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها أو يقطع فى كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة فى المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقى الأدلة بل يكفى أن تكون الأدلة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة فى اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه, وأن تناقض الشاهد وتضاربه فى أقواله لا يعيب الحكم مادامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال بما لا تناقض فيه, وأن القانون لم يرسم للتعرف صورة خاصة يبطل إذا لم يتم عليها وأن من حق محكمة الموضوع أن تأخذ بتعرف الشاهد على المتهم مادامت قد اطمأنت اليه إذ العبرة هى باطمئنان المحكمة إلى صدق الشاهد نفسه ولا عليها ان هى اعتمدت على الدليل المستمد منه مادام تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع وحدها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه فى مقام تحصيله لواقعة الدعوى ومؤدى الأدلة التى استمد منها قضاءه - ومن بينها أقوال الشاهدة...... - والتى حصل منها ما مؤداه أنها استشعرت ضوضاء خارج المنزل حال استيقاظها فجرا لأداء فريضة الصلاة فأضاءت المصباح الكهربائى الخارجى وأطلت من نافذة المسكن فشاهدت الطاعن وآخر يحملان علب البوية وأن المتهم...... كان يخرج من نافذة مخزن البويات بناء على أمر الطاعن اليه، كما وأنها تعرفت على الطاعن حال عرضه عليها، وكان الطاعن لا يمارى فى أن ما حصله الحكم واستدل به من أقوال الشاهدة هذه ضمن أدلة الدعوى له معينه من الأوراق - وكان لا يتأبى على العقل والمنطق أن تتمكن الشاهدة المذكورة وقد اضاءت المصباح الكهربائى أطلت من نافذة المسكن أن تشاهد ما يجرى فى مكان الحادث، وكان الطاعن لم يثر بجلسة المحاكمة ما يدعيه من تناقض فى أقوال تلك الشاهدة، كما وأنه وإن كان قد أثار دفاعا بتعذر الرؤية الا أنه لم يطلب من المحكمة - ما أثاره بأسباب طعنه - من اجراء تجربة رؤية لمكان الحادث فى وقت معاصر لوقوعه، وكانت المحكمة غير ملزمة باجراء تحقيق أو اتخاذ اجراء لم يطلب منها مادامت المحكمة قد اطمأنت من الادلة السائغة التى أوردتها إلى صحة الواقعة وتوافر الادلة الكافية على نسبتها إلى الطاعن - ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن من قبيل الجدل الموضوعى فى تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز اثارته أمام محكمة النقض، لما كان ما تقدم فان الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.