أحكام النقض - المكتب الفني- جنائي
العدد الأول - السنة 21 - صـ 419

جلسة 22 من مارس سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ نصر الدين عزام، وعضوية السادة المستشارين: سعد الدين عطيه، وأنور خلف، ومحمود عطيفة، والدكتور أحمد محمد إبراهيم.

(103)
الطعن رقم 1874 لسنة 39 القضائية

(أ، ب) وصف التهمة. "تعديله". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
( أ ) تصحيح الحكم بيان تاريخ التهمة استخلاصاً من العناصر المطروحة. عدم اعتباره تعديلاً في التهمة يستوجب لفت نظر الدفاع.
(ب) تعديل الحكم في مقدار المبلغ موضوع جريمة عرض الرشوة قاصراً إياه على المبلغ المدفوع يوم ضبط الواقعة دون المبلغ جميعه الذي تظاهر الموظف بطلبه. دون إسناد واقعة مادية أو إضافة عناصر جديدة للواقعة المطروحة. لفت نظر الدفاع إلى هذا التعديل. غير لازم.
(ج) رشوة. تفتيش. "إذن التفتيش. إصداره". دفوع. "الدفع ببطلان إذن التفتيش". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
صدور إذن التفتيش لضبط جريمة رشوة وقعت. صحته.
1 - إن رد الحكم تاريخ الحادث إلى الوقت الذي اطمأن إلى وقوع الجريمة فيه، هو مجرد تصحيح لبيان تاريخ التهمة كما استخلصه من العناصر المطروحة على بساط البحث، وليس تغييراً في كيانها المادي، ومن ثم لا يعد في حكم القانون تعديلاً في التهمة بما يستوجب لفت نظر الدفاع.
2 - متى كان مرد التعديل في مقدار المبلغ موضوع جريمة عرض الرشوة، هو قصره على المبلغ المدفوع يوم ضبط الواقعة دون المبلغ كله الذي تظاهر الموظف بطلبه وبغير أن يتضمن التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عناصر جديدة إلى الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة، وهي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم أساساً لقضائه بالإدانة، فإنه لا محل لما يثيره الطاعن من دعوى الإخلال بحق الدفاع، إذ المحكمة لا تلتزم في مثل هذه الحالة بتنبيه المتهم أو المدافع عنه إلى ما أجرته من تعديل في الوصف.
3 - إذا كان الحكم قد عرض للدفع ببطلان إذن التفتيش المبدي من الطاعن ورد عليه في قوله "إن الحاضر مع المتهم دفع ببطلان إذن التفتيش لأنه قد صدر بالنسبة لجريمة مستقبلة لما تقع، إلا أن هذا الدفع في غير محله لأن إذن الضبط والتفتيش الذي صدر بتاريخ 20/ 2/ 1967 قد استند إلى جريمة عرض الرشوة التي وقعت منذ يوم 6/ 2/ 1967 ولم يكن بصدد جريمة مستقبلة. ولا يخفى أن واقعة ضبط المتهم قد تمت وجريمة عرض الرشوة في حالة تلبس، وقف عليها الشهود وهم رجال الشرطة، وقد تمت تحت سمعهم وبصرهم في مكان عام، وفي ذلك ما يسوغ القبض على المتهم وتفتيشه على سند صحيح من القانون" فإن ما أورده الحكم في شأن صحة إذن التفتيش سائغ ويستقيم به وحده الرد على دفاع الطاعن.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 20/ 2/ 1967 بدائرة بندر الزقازيق محافظة الشرقية: عرض رشوة على موظف عمومي للإخلال بواجبات وظيفته بأن عرض على حسين عواد حسين مأمور الضرائب بمراقبة ضرائب الزقازيق مبلغ مائة وعشرين جنيهاً قدم له منها ثمانين جنيهاً على سبيل الرشوة مقابل تنزيل قدر ضريبة الأرباح التجارية والصناعية المقررة على منشأته (صيدلية) بتحرير محضر مناقشة جديد لصالحه وتسليمه محضري المناقشة المؤرخين 26/ 1/ 1966 و6/ 2/ 1967 ولكن الموظف العمومي لم يقبل الرشوة منه. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 104 و107 مكرر و109 مكرر و110 من قانون العقوبات، فصدر قراره بذلك. ومحكمة جنايات الزقازيق قضت حضورياً عملاً بالمواد 104 و109/ 1 مكرر و110 و55/ 1 و56/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل سنة واحدة وتغريمه خمسمائة جنيه ومصادرة ما دفعه على سبيل الرشوة وأمرت بإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ الحكم، وذلك على اعتبار أنه في الزمان والمكان سالفى الذكر عرض رشوة على موظف عمومي للإخلال بواجبات وظيفته بأن عرض على حسين عواد حسين عافية مأمور الضرائب بمراقبة ضرائب الزقازيق مبلغ 80 ج على سبيل الرشوة مقابل العمل على تخفيض قدر الضرائب على الأرباح التجارية والصناعية التي ستربط على منشأته "صيدلية" عن عام 1965 - 1966 إدارية وذلك بتحرير محضري مناقشة جديدين لصالحه بدلاً من محضرين سبق مناقشته فيهما بتاريخ 26/ 1 و6/ 2/ 1967 وتسليمه المحضرين الآخرين ولكن الموظف العمومي لم يقبل الرشوة منه. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة عرض رشوة قد انطوى على إخلال بحق الدفاع وشابه تناقض وقصور في التسبيب وخطأ في الإسناد ذلك بأن المحكمة أجرت تعديلاً في تاريخ الواقعة، وفي مقدار المبلغ موضوع الجريمة دون أن تنبه الدفاع إلى هذا التعديل. ورد الحكم على الدفع ببطلان إذن التفتيش رداً غير سائغ، وأورد بالنسبة لقيام حالة التلبس أن الرائد مليجي أبو العزم شهد بمضمون ما شهد به المقدم محمد عبد الخالق وهو ما يخالف الثابت بمحضر الجلسة وبالتحقيقات.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مجمله أنه بتاريخ 6 من فبراير سنة 1967 توجه الطاعن إلى السيد/ حسين عواد حسين مأمور الضرائب بالزقازيق في مقر عمله لإبداء أقواله في شأن أرباحه التجارية، وبعد أن تمت المناقشة، وفي طريق انصرافهما من محل العمل دس الطاعن يده في جيب الموظف وبها مبلغ خمسة وعشرون جنيهاً وأعدا إياه بدفع ما يريده له إن هو أنجز التقرير لصالحه فأمهله الموظف إلى موعد آخر وأخطر رئيسه بما اقترفه الطاعن فطلب إليه مسايرته حتى يتم ضبطه. ثم تم بينهما حديث تليفوني تحت رقابة رجال الشرطة تظاهر فيه الموظف بطلب مبلغ مائة وعشرين جنيهاً واتفقا على أن يتقابلا يوم 20 من فبراير سنة 1967 في محطة سكة حديد الزقازيق، وفي المكان والموعد المحددين تم اللقاء بينهما وقدم الطاعن إلى الموظف ستين جنيهاً أتبعها بعشرين أخرى وحينئذ داهمهما رجال الشرطة وضبطت الواقعة. وخلص الحكم إلى القول بأن جريمة عرض الرشوة تكون قد بدأت يوم 6 فبراير سنة 1967 وبلغت نهايتها يوم 20 فبراير سنة 1967 بدفع المبلغ المضبوط. لما كان ذلك، وكان ما انتهى إليه الحكم من رد تاريخ الحادث إلى الوقت الذي اطمأن إلى وقوع الجريمة فيه هو مجرد تصحيح لبيان تاريخ التهمة كما استخلصه من العناصر المطروحة على بساط البحث وليس تغييراً في كيانها المادي، فإن ذلك لا يعد في حكم القانون تعديلاً في التهمة بما يستوجب لفت نظر الدفاع إليه ليترافع على أساسه بل يصح إجراؤه من المحكمة بعد الفراغ من سماع الدعوى. لما كان ذلك، وكان مرد التعديل في مقدار المبلغ موضوع الجريمة هو قصره على المبلغ المدفوع يوم ضبط الواقعة دون المبلغ كله الذي تظاهر الموظف بطلبه، وبغير أن يتضمن التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عناصر جديدة إلى الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة وهي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم أساساً لقضائه بالإدانة فإنه لا محل لما يثيره الطاعن من دعوى الإخلال بحق الدفاع إذ أن المحكمة لا تلتزم في مثل هذه الحالة بتنبيه المتهم أو المدافع عنه إلى ما أجرته من تعديل في الوصف نتيجة تحديدها المبلغ موضوع الجريمة بالقدر الذي عرض يوم ضبط الواقعة. وإذ كان يكفي لتوافر الركن المادي لجريمة عرض الرشوة أن يحصل عرضاً من الراشي إلى الموظف بعطاء بغض النظر عن قيمة هذا العطاء، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يضحى غير منتج. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض للدفع ببطلان إذن التفتيش المبدي من الطاعن ورد عليه في قوله "إن الحاضر مع المتهم دفع ببطلان إذن التفتيش لأنه قد صدر بالنسبة لجريمة مستقبلة لما تقع إلا أن هذا الدفع في غير محله لأن إذن الضبط والتفتيش الذي صدر بتاريخ 20/ 2/ 1967 قد استند إلى جريمة عرض الرشوة التي وقعت منذ يوم 6/ 2/ 1967 ولم يكن بصدد جريمة مستقبلة. ولا يخفي أن واقعة ضبط المتهم قد تمت وجريمة عرض الرشوة في حالة تلبس وقف عليها الشهود وهم رجال الشرطة وقد تمت تحت سمعهم وبصرهم في مكان عام وفي ذلك ما يسوغ القبض على المتهم وتفتيشه على سند صحيح من القانون". فإن ما أورده الحكم في شأن صحة إذن التفتيش سائغ ويستقيم به وحده الرد على دفاع الطاعن، وما استطرد إليه الحكم بعد ذلك في إثبات حالة التلبس لم يكن إلا تزيداً. وإذا كان ما ينعاه الطاعن من خطأ في الإسناد إنما ينصب على أن ما شهد به الرائد مليجي أبو العزم لا يتطابق مع أقوال المقدم محمد عبد الخالق في شأن واقعة رؤية المبلغ وهو في يد الطاعن وقت تسليمه للموظف - إثباتاً لحالة التلبس التي استطرد إليها الحكم - فإنه بفرض وجوده يصبح خطأ غير مؤثم وما دام الثابت أن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أصلية على أقوال الشاهد مليجي أبو العزم وإنما هي أوردتها على سبيل تعزيز الأدلة الأخرى التي اعتمدت عليها والتي تكفي وحدها لحمل قضاء الحكم، فإن ما يثيره الطاعن في صدد أقوال هذا الشاهد لا يقدح في سلامة حكمها. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.