أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة الثامنة والعشرون - صـ 591

جلسة 15 من مايو سنة 1977

برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينة، ويعيش محمد رشدي، ومحمد وهبه، وأحمد طاهر خليل.

(125)
الطعن رقم 119 لسنة 47 القضائية

(1) رجال السلطة العامة. محلات عامة. تفتيش. "التفتيش بغير إذن". تلبس. مأمورو الضبط القضائي.
حق رجال السلطة العامة. ارتياد المحال العامة. لمراقبة تنفيذ القوانين واللوائح فحسب.
إدراك رجل الضبط القضائي بحسه. أن ما يحويه شىء مغلق. تعد حيازته جريمة. تفتيشه له. يكون على أساس حالة التلبس. لا على حق ارتياد المحال العامة.
(2) مواد مخدرة. تلبس. قبض. تفتيش. "التفتيش بغير إذن".
[(1)] دخول الضابط المقهى. أمره الحاضرين بعدم التحرك. تخلى أحدهم عن لفافة تحوي مخدراً. تلبس. يبيح القبض عليه وتفتيشه.
(3) إثبات. "شهادة". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير أقوال الشهود. موضوعي.
تناقض أقوال الشهود. لا يعيب الحكم. متى استخلص الإدانة منها. بما لا تناقض فيه.
1- من المقرر أن لرجال السلطة العامة في دوائر اختصاصهم دخول المحال العامة أو المفتوحة للجمهور لمراقبة تنفيذ القوانين واللوائح. وهو إجراء إداري أكدته المادة 41 من القانون رقم 371 لسنة 1956 في شأن المحال العامة بيد أنه مقيد بالغرض سالف البيان ولا يجاوزه إلى التعرض لحرية الأشخاص أو استكشاف الأشياء المغلقة غير الظاهرة ما لم يدرك مأمور الضبط القضائي بحسه قبل التعرض لها كنه ما فيها مما يجعل أمر حيازتها أو إحرازها جريمة تبيح التفتيش فيكون التفتيش في هذه الحالة قائماً على حالة التلبس لا على حق ارتياد المحال العامة والإشراف على تنفيذ القوانين واللوائح.
2- من المقرر أن الأمر بعدم التحرك الذي يصدره الضابط إلى الحاضرين بالمكان الذي يدخله بوجه قانوني هو إجراء قصد به أن يستقر النظام في هذا المكان حتى يتم المهمة التي حضر من أجلها. لما كان ذلك، وكان ضابطا المباحث قد دخلا إلى المقهى لملاحظة حالة الأمن وأمرا الحاضرين فيه بعدم التحرك استقراراً للنظام، فإن تخلي الطاعن عن اللفافة التي تحوي المادة المخدرة وإلقاءها على الأرض يعتبر أنه حصل طواعية واختياراً مما يرتب حاله التلبس بالجريمة التي تبيح التفتيش والقبض.
3- من المقرر أن تقدير أقوال الشهود هو مما تستقل به محكمة الموضوع وهى تملك حرية تكوين عقيدتها مما ترتاح إليه من أقوالهم، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص للأسباب السائغة التي أوردها أن الطاعن قد ألقى بلفافة المخدر بين قدميه على اثر دخول الضابطين إلى المقهى وكانت هذه الواقعة هي قوام شهادة الضابطين بغير خلف بينهما، وكان ما وقع بينهما من تباين في تقدير عدد الحاضرين بالمقهى – بفرض قيامه – لا يتصل بجوهر الأدلة التي قام عليها قضاء الحكم، وكان الأصل أن ما يشوب أقوال الشهود من تناقض لا يعيب الحكم ما مدام أنه استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه. فإن منعي الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (حشيشاً)في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات طنطا قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 و2 و37 و38 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبند 12 من الجدول رقم 1 المرفق والمادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة وتغريمه خمسمائة جنيه ومصادرة المخدر المضبوط باعتبار أن إحرازه للمخدر كان بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إحراز مخدر قد انطوى على خطأ في القانون وفساد في الاستدلال، ذلك بأن القبض على الطاعن تم بلا سند من القانون إذ أن ضابط المباحث حين دخل إلى المقهى أمر الموجودين به ومن بينهم الطاعن بعدم التحرك فإذا ما تخلى الطاعن عما معه من مخدر على أثر هذا القبض الباطل امتد أثر هذا البطلان إلى الإجراءات المترتبة عليه وما يتولد عنها من دليل قبل الطاعن ويكون الحكم إذا رفض الدفع ببطلان الإجراءات قد أخطأ صحيح القانون. كما فسد استدلاله إذ عول في الإدانة على أقوال ضابط المباحث وزميله على الرغم من تناقض أقوالهما في شأن تحديد المكان الذي سقط فيه المنديل عندما ألقى الطاعن به، وعدد المتواجدين بالمقهى، مما يعيب الحكم المطعون فيه ويوجب نقضه.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال ضابطي مباحث قسم ثان طنطا ومن تقرير التحليل وهى أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتب عليها، عرض لدفاع الطاعن بقوله "وحيث إنه بسؤال المتهم أنكر ما نسب إليه ودفع الحاضر معه بالجلسة ببطلان الإجراءات دون أن يحدد الإجراء الذي يخصه بالدفع بالبطلان، ولما كان الضبط والتفتيش استندا إلى دخول رجلي الضبط القضائي محلاً عاما وأمرهما الجالسين والمتهم ضمنهم بعدم التحرك وهو إجراء وقائي ورؤيتهما المتهم عندئذ يلقي من يده اليمنى على الأرض أمام قدميه منديلاً معقوداً بحالة قام لديهما معها حالة الاشتباه في المتهم فالتقط أحد الضابطين وهو الملازم أول...... اللفافة وبفضها تبين أن بها مادة مشتبهة أثبت التحليل أنها مخدر الحشيش فأجريا ضبط المتهم وتفتيشه والعثور معه على النقود والخواتم الذهبية فإن الإجراءات بهذه الصورة لا تكون مخالفة للقانون في شيء وبالتالي تكون صحيحة في ذاتها وفى النتيجة التي انتهت أليها بما تلتفت معه المحكمة عن الدفع". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لرجال السلطة العامة في دوائر اختصاصهم دخول المحال العامة أو المفتوحة للجمهور لمراقبة تنفيذ القوانين واللوائح. وهو إجراء إداري أكدته المادة 41 من القانون رقم 371 لسنة 1956 في شأن المحال العامة بيد أنه مقيد بالغرض سالف البيان ولا يجاوزه إلى التعرض لحرية الأشخاص أو استكشاف الأشياء المغلقة غير الظاهرة ما لم يدرك مأمور الضبط القضائي بحسه قبل التعرض لها كنه ما فيها مما يجعل أمر حيازتها أو إحرازها جريمة تبيح التفتيش فيكون التفتيش في هذه الحالة قائماً على حالة التلبس لا على حق ارتياد المحال العامة والإشراف على تنفيذ القوانين واللوائح، وكان من المقرر أيضاً أن الأمر بعدم التحرك الذي يصدره الضابط إلى الحاضرين بالمكان الذي يدخله بوجه قانوني هو إجراء قصد به أن يستقر النظام في هذا المكان حتى يتم المهمة التي حضر من أجلها. لما كان ذلك، وكان ضابطا المباحث قد دخلا إلى المقهى لملاحظة حالة الأمن وأمرا الحاضرين فيه بعدم التحرك استقراراً للنظام، فإن تخلي الطاعن عن اللفافة التي تحوي المادة المخدرة وإلقاءها على الأرض يعتبر أنه حصل طواعية واختياراً مما يرتب حالة التلبس بالجريمة التي تبيح التفتيش والقبض، ويكون ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه في الرد على الدفع ببطلان الإجراءات سديداً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير أقوال الشهود هو مما تستقل به محكمة الموضوع وهى تملك حرية تكوين عقيدتها مما ترتاح إليه من أقوالهم، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص للأسباب السائغة التي أوردها أن الطاعن قد ألقى بلفافة المخدر بين قدميه على أثر دخول الضابطين إلى المقهى وكانت هذه الواقعة هي قوام شهادة الضابطين بغير خلف بينهما، وكان ما وقع بينهما من تباين في تقدير عدد الحاضرين بالمقهى – بفرض قيامه – لا يتصل بجوهر الأدلة التي قام عليها قضاء الحكم، وكان الأصل أن ما يشوب أقوال الشهود من تناقض لا يعيب الحكم ما دام أنه استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه فإن منعي الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.


[(1)] السنة 12 ص 170 وقارب السنة 8 ص 851.