أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 21 - صـ 427

جلسة 22 من مارس سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ نصر الدين حسن عزام، وعضوية السادة المستشارين: سعد الدين عطية، وأنور أحمد خلف، ومحمود كامل عطيفة، والدكتور أحمد محمد إبراهيم.

(105)
الطعن رقم 239 لسنة 40 القضائية

قتل خطأ. خطأ. رابطة السببية. إثبات. "إثبات بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
إيراد الحكم لعنصر الخطأ. واجب.
مجرد الانحراف بالسيارة من جهة إلى جهة أخرى ووجود آثار لفراملها. لا يعتبر دليلاً على الخطأ. إلا إذا كان ذلك بغير مسوغ.
خلو الحكم من بيان رابطة السببية بين ما وقع من المتهم وبين وفاة المجني عليه. قصور.
إذا كان ما أورده الحكم في مدوناته، لا يبين منه عناصر الخطأ الذي وقع من الطاعن، وكان مجرد الانحراف من جهة إلى جهة أخرى بالسيارة ووجود آثار فراملها لا يعتبر دليلاً على الخطأ إلا إذا لم يكن هناك ما يبرر ذلك - وهو ما لم يوضحه الحكم - فضلاً عن أن الأسباب التي استند إليها الحكم المطعون فيه خلت من بيان رابطة السببية بين ما وقع من المتهم وبين وفاة المجني عليها، فإن الحكم يكون معيباً بالقصور مما يستوجب نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدائرة مركز إمبابة: (أولاً) تسبب بخطئه في وفاة تيسير محمد مغربي وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احتياطه ومخالفته قوانين المرور وآدابه بأن قاد سيارة بلا حذر أو حيطة فصدم المجني عليها وأحدث بها الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياتها. (ثانياً) قاد سيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص وأموالهم للخطر. وطلبت معاقبته بالمواد 238/ 1 من قانون العقوبات و85، 88، 90 من القانون رقم 449 لسنة 1955 وقرار وزير الداخلية. وادعت منيرة مدبولي خليل - والدة المجني عليها - مدنياً بمبلغ ثلاثة آلاف جنيه قبل المتهم وشركة النصر العامة للمقاولات بصفتها مسئولة عن الحقوق المدنية وذلك على سبيل التعويض. ومحكمة إمبابة الجزئية قضت حضورياً بتاريخ 16/ 1/ 1969 عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة 5 جنيهات لوقف تنفيذ العقوبة وبإلزام المتهم والشركة المسئولة عن الحق المدني بأن يدفعا للمدعية بالحق المدني مبلغ ألف وخمسمائة جنيه ومصروفات الدعوى المدنية ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة. فاستأنف كل من المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية هذا الحكم. ومحكمة الجيزة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع (أولاً) ببطلان الحكم المستأنف لعدم التوقيع عليه في الميعاد القانوني. (ثانياً) بحبس المتهم ستة شهور مع الشغل وإلزامه بأن يدفع والشركة المسئولة بالحق المدني بالتضامن مبلغ ألف جنيه على سبيل التعويض للمدعية بالحق المدني والمصاريف ومبلغ 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين. فطعن وكيل عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي القتل الخطأ وقيادة سيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص وأموالهم للخطر جاء مشوباً بالقصور في التسبيب ذلك بأنه لم يبين عناصر الخطأ الذي نسبه للطاعن بياناً كافياً واكتفى بقوله "إن ما نسب إلى الطاعن ثابت من أقوال الشاهد حلمي عباس محمود ربيع ومن المعاينة التي ثبت بها أن آثار فرامل السيارة ثمانية أمتار ومن تقرير المهندس الفني الذي قرر عدم صلاحية فرامل القدم وضعف فرامل اليد"، كما لم يوضح الحكم العلاقة بين ضعف فرملتي اليد والقدم وبين وقوع الحادث خصوصاً وأن الشاهد عباس محمود ربيع الذي استندت المحكمة إلى أقواله لم يقل إن السيارة كانت مسرعة حتى يمكن أن يقال إن السائق عجز عن إيقاف السيارة في الوقت المناسب، وفي ذلك ما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله "وحيث إن واقعة الدعوى تخلص في أن المتهم أبلغ أنه أثناء قيادته للسيارة التابعة لشركة النصر العامة للمقاولات في طريقه إلى مشروع المائة يوم فوجئ بطفلين في الطريق فحاول مفاداتهما بالاتجاه إلى الناحية اليسرى فانقلبت السيارة وأضاف أن إحدى السيدات قد أصيبت من جراء ذلك وأنه قد استعمل آلة التنبيه وبسؤال سيد حسن رزق قرر بأنه أثناء سير السيارة قيادة المتهم وكان يطلق آلة التنبيه لأطفال أمامه، ظهرت فجأة المصابة أمامه فحاول مفاداتها إلى الجهة اليمنى فاتجهت هي إلى الجهة اليمنى فانحرف إلى الجهة اليسرى إلا أن المجني عليها انحرفت نفس اتجاه السيارة واصطدمت بمؤخرتها وأضاف أن سرعة السيارة كانت بين 35 و40 كيلو وبسؤال حلمي عباس محمود ربيع قرر بأن المجني عليها كانت تسير أمامه بالطريق على يمين الطريق وكانت السيارة مرتكبة الحادث في الجهة المضادة وعلى يسار الطريق فانحرف قائدها ناحية المجني عليها واصطدم بها وأضاف بأن المتهم لم يستعمل آلة التنبيه. وحيث إنه تبين من التقرير الطبي أن المصابة وتدعى تيسير سيد المغربي سن 16 توفيت إلى رحمة الله وسبب الوفاة صدمة عصبية نتيجة كسر بعظم الحوض مع جرح متهتك بأعلى الفخذ اليسرى وكسر بعظام الذراع الأيسر مع جرح متهتك بالذراع. وحيث إنه قد تبين من المعاينة أن السيارة كانت مقلوبة على جانبها الأيسر في اتجاه إمبابة، كما وجدت آثار فرامل للسيارة على يسار الطريق لمسافة 8 متر حتى مكان الحادث والمسافة من آثار الفرامل من اليمين حوالي 4 متر ومن اليسار 2 متر. وحيث إن المهندس الفني أثبت في تقريره أن فرملة القدم بالسيارة غير صالحة وأن فرامل اليد ضعيفة وآلة التنبيه بحالة جيدة ثم خلص الحكم المطعون فيه إلى إدانة الطاعن في قوله "لما كان ذلك، وكان ما نسب إلى المتهم ثابت في حقه من أقوال الشاهد حلمي عباس محمود ربيع ومن المعاينة التي ثبت بها وجود آثار فرامل ثمانية أمتار فضلاً عن تقرير المهندس الفني الذي قام بفحص السيارة والتي ثبت به عدم صلاحية فرامل القدم وضعف فرامل اليد ومن ثم يتعين إدانة المتهم" وما أورده الحكم فيما تقدم، لا يبين منه عناصر الخطأ الذي وقع من الطاعن، إذ أن مجرد الانحراف من جهة إلى أخرى ووجود آثار فرامل لا يعتبر دليلاً على الخطأ إلا إذا لم يكن هناك ما يبرر ذلك - وهو ما لم يوضحه الحكم - فضلاً عن أن الأسباب التي استند إليها الحكم المطعون فيه خلت من بيان رابطة السببية بين ما وقع من المتهم وبين وفاة المجني عليها - وهو قصور يعيب الحكم ويستوجب نقضه دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.