أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 21 - صـ 443

جلسة 23 من مارس سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ محمد أبو الفضل حفني، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم أحمد الديواني، ومحمد السيد الرفاعي، ومصطفى محمود الأسيوطي، ومحمد ماهر محمد حسن.

(107)
الطعن رقم 1883 لسنة 39 القضائية

سيارات. مرور. قتل خطأ.
وقوع واجب التحقق من تمام ركوب الركاب بالذات من السلم الأمامي أساساً على عاتق السائق. إطلاق المحصل لصفارته لا يعفي السائق من القيام بهذا الواجب.
تنص الفقرة الثانية من المادة 74 من القانون رقم 449 لسنة 1955 بشأن السيارات وقواعد المرور فيما حددته من واجبات قائد السيارة الأتوبيس على أنه: "يجب عليه أن لا يبدأ في السير إلا بناء على إشارة المحصل بعد تأكده من نزول وركوب الركاب" كما تنص المادة 13 من قرار وزير الداخلية بتنفيذ أحكام القانون المذكور على أنه: "يحظر على قائدي سيارات النقل العام للركاب التكلم مع أحد الركاب أو عمال السيارة أو السماح لأحد بالجلوس أو بالوقوف بجوارهم أثناء السير". والمستفاد من هذين النصين أن التحقق من تمام ركوب الركاب وبالذات من السلم الأمامي المجاور للسائق يقع الالتزام به أساساً على عاتقه وأن إطلاق المحصل لصفارته لا تعفي السائق من القيام بهذا الواجب. ولا تجب التزامه به.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 19 يناير سنة 1967 بدائرة قسم الجيزة محافظة الجيزة: تسبب خطأ في قتل محمد مسلم منصور بالإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احتياطه بأن قاد سيارة دون التأكد من عدم دخول الركاب على سلمها فوقع المجني عليه وحدثت إصاباته. وطلبت عقابه بالمادة 238 من قانون العقوبات. وادعى مدنياً كل من والدي المجني عليه وطلبا القضاء لهما قبل المتهم والسيد رئيس مجلس إدارة هيئة النقل العام بصفته مسئول عن الحقوق المدنية بمبلغ عشرين ألفاً من الجنيهات على سبيل التعويض والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. ومحكمة الجيزة الجزئية قضت حضورياً عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهم مما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية قبله وقبل المسئول بالحق المدني وألزمت المدعيين بالحق المدني مصروفات دعواهما ومبلغ 100 قرش مقابل أتعاب المحاماة. استأنفت النيابة العامة والمدعيان بالحق المدني هذا الحكم. ومحكمة الجيزة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع برفضهما وبتأييد الحكم المستأنف وألزمت المدعين بالحق المدني المصروفات المدنية وخمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعنان - المدعيان بالحقوق المدنية - على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المتهم من تهمة القتل الخطأ ورفض الدعوى قبله وقبل المسئول عن الحقوق المدنية قد شابه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله والقصور في التسبيب ذلك بأنه عول في براءة المتهم (المطعون ضده) على أن قيامه بالسيارة من المحطة لا يشوبه خطأ أو إهمال إذ أن إطلاق المحصل لصفارته كان هو السبب المباشر لتحركه على حين أن إطلاق الصفارة لا يمكن أن يكون أمراً بالتحرك بل هو إيذان للسائق بالاستعداد للسير عندما لا يكون ثمة ما يمنع في تقديره منه على أن يكون ذلك تحت مسئوليته - إذ هو الملزم بالعمل على سلامة الركاب وقيادة سيارته بغير تعريض لهم للخطر وقد قننت هذا الالتزام وحتمته المادة الثانية من قرار وزير الداخلية بتنفيذ القانون رقم 449 لسنة 1955 - كما عول الحكم في قضائه بالبراءة على أن ازدحام الركاب ووجودهم بجوار المتهم يمنعه من التحقق من تمام ركوبهم داخل السيارة على الرغم من أن في ترك السائق للركاب يحولون بينه وبين رؤية ما يجري عن يمينه سواء عند صعود الركاب أو نزولهم هو خطأ ومخالفة لما أوجبته المادة 13 من القرار المذكور وعلى الرغم من تمسك الطاعنين بهذا الدفاع فإن الحكم المطعون فيه سكت عنه إيراداً له ورداً عليه مع جوهريته مما يعيبه بما يبطله ويوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مدونات الحكم المستأنف المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه وهو في معرض التدليل على براءة المتهم ورفض الدعوى المدنية - قد انتهى إلى أن قيام المتهم بالسيارة من المحطة لا يشوبه خطأ أو إهمال لأن إطلاق المحصل لصفارته كان هو السبب المباشر في تحرك السيارة وأن الظروف والملابسات المحيطة بمحل الحادث وتزاحم الركاب على السلم الأمامي للسيارة كان يحجب الرؤية عن سائقها ويمنعه من التحقق من خلو السلم الأمامي لها من صعود الركاب وأنه لو صح أن هناك خطأ لكان خطأ المحصل إذ أطلق صفارته إيذاناً بالسير قبل أن يتحقق من صعود جميع الركاب المنتظرين بالمحطة وليس خطأ المتهم - قائد السيارة. لما كان ذلك، وكانت الفقرة الثانية من المادة 74 من القانون رقم 449 لسنة 1955 بشأن السيارات وقواعد المرور تنص فيما حددته من واجبات قائد السيارة الأتوبيس على أنه "ويجب عليه أن لا يبدأ في السير إلا بناء على إشارة المحصل بعد تأكده من نزول وركوب الركاب" وكانت المادة 13 من قرار وزير الداخلية بتنفيذ أحكام القانون المذكور تنص على أنه "يحظر على قائدي سيارات النقل العام للركاب التكلم مع أحد من الركاب أو عمال السيارة أو السماح لأحد بالجلوس أو بالوقوف بجوارهم أثناء السير" ولما كان المستفاد من هذين النصين أن التحقق من تمام ركوب الركاب وبالذات من السلم الأمامي المجاور للسائق يقع الالتزام به أساساً على عاتقه وأن إطلاق المحصل لصفارته لا تعفي السائق من القيام بهذا الواجب ولا تجب التزامه به. لما كان ذلك، وكان الحكم المستأنف المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما يخالف النظر المتقدم فإنه يكون قد أخطأ بما يوجب نقضه فيما قضى به في الدعوى المدنية بالنسبة للمتهم والمسئول عن الحقوق المدنية معاً لوحدة الواقعة وإلزام المطعون ضدهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. ولما كان الأمر يستوجب إعادة بحث الدعوى في ضوء التفسير الصحيح للقانون واللائحة الصادرة بتنفيذه فإن الأمر يقتضي أن يكون مع النقض الإحالة - وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي ما أثاره الطاعنان بطعنهما.