أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة الثامنة والعشرون - صـ 604

جلسة 16 من مايو سنة 1977

برياسة السيد المستشار/ حسن علي المغربي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: قصدي اسكندر عزت، وإسماعيل محمود حفيظ، ومحمد عبد الحميد صادق، ومحمد علي بليغ.

(128)
الطعن رقم 148 لسنة 47 القضائية

(1) إثبات. "اعتراف". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل".
حق محكمة الموضوع في الأخذ باعتراف المتهم. ولو عدل عنه. متى اطمأنت إلى صحته.
(2) دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". دعوى جنائية. "نظرها والحكم فيها". قتل عمد.
الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته. هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه في طلباته الختامية. طلب الدفاع أثناء مرافعته استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته. عدم إصراره على هذا الطلب في ختام مرافعته التي استمرت إلى اليوم التالي. طلب غير جازم.
(3) وصف التهمة. محكمة الموضوع. "سلطتها في تعديل وصف التهمة". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
حق محكمة الموضوع في رد الواقعة بعد تمحيصها. إلى الوصف القانوني الصحيح. دون لفت نظر الدفاع. ما دامت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة. هي بذاتها التي اتخذت أساساً للوصف الجديد.
قيام المحكمة بتعديل وصف التهمة المسندة إلى المتهم بإدخال آخر مجهول. مجرد تصحيح لبيان كيفية ارتكاب الجريمة. لا يحتاج إلى تنبيه الدفاع.
1- من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع.
2- من المقرر أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية – وكان البين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن وإن كان قد طلب لدى مرافعته بجلسة 21/ 10/ 1975 استدعاء كبير الأطباء الشرعيين أو الطبيب الشرعي الذي قام بتشريح الجثة لمناقشته، إلا أنه لم يعد إلى التحدث عن طلبه هذا في ختام مرافعته التي استمرت إلى اليوم التالي والتي اقتصر فيها على طلب البراءة، ولما كان هذا الطلب بهذا النحو غير حازم. ولم يصر عليه الدفاع في ختام مرافعته، فإن ما ينعاه الطاعن من الإخلال بحق الدفاع لا يكون له محل.
3- الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم، بل هي مكلفة بتمحيص الواقعة المطروحة أمامها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً، دون حاجة إلى أن تلفت نظر الدفاع إلى ذلك، ما دام أن الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم أساساً للوصف الذي دان المتهم به، دون أن تضيف إليها المحكمة شيئاً – كما هو واقع الحال في الدعوى المطروحة، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى تعديل وصف التهمة المسندة إلى الطاعن بإدخال متهم آخر مجهول دون لفت نظره إلى ذلك، وكان التعديل على هذه الصورة لا يخرج عن الواقعة ذاتها التي تضمنها أمر الإحالة. وهى التي كانت مطروحة على بساط البحث بالجلسة ودارت عليها المرافعة، وهو وصف غير جديد في الدعوى ولا مغايرة فيه للعناصر التي كانت مطروحة على المحكمة ولا يعد ذلك في حكم القانون تغييراً لوصف التهمة المحال بها الطاعن، بل هو مجرد تصحيح لبيان كيفية ارتكاب الجريمة مما يصح إجراؤه في الحكم دون تنبيه الدفاع إليه في الجلسة ليتدافع على أساسه، ومن ثم فإن النعي على الحكم لإخلاله بحق الدفاع يكون غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما قتلا...... مع سبق الإصرار بأن بيتا النية على قتله واستدرجاه إلى المزارع وما أن ظفرا به حتى ألقياه في مصرف قاصدين من ذلك قتله فحدثت به الأعراض الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمادتين 230 و231 من قانون العقوبات، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات المنصورة قضت في الدعوى حضورياً عملاً بمادتي الاتهام بمعاقبة المتهم الثاني (الطاعن) بالأشغال الشاقة مدة خمس عشر عاماً وبراءة المتهم الأول مما أسند إليه. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد المسندة إليه قد جاء مشوباً بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع. ذلك أنه اعتمد في إدانته للطاعن على اعترافاته بتحقيقات النيابة رغم أنها جاءت وليدة الإكراه والتعذيب الواقعين عليه أثبتته الكشوف الطبية المتوقعة عليه. وأشارت إليها النيابة العامة في تحقيقاتها. دون أن تعني المحكمة بتمحيص عدوله عنها بالجلسة وإنكاره لما أسند إليه منها. كما جاء الحكم مشوباً بالإخلال بحق الدفاع إذ لم تستجب المحكمة إلى ما طلبه بجلسة 21/ 10/ 1975 بمناقشة كبير الأطباء الشرعيين فيما ورد بنتيجة تشريح جثة المجني عليه من وجود سجحات طفرية بها تتعارض مع اعترافات الطاعن في تصويره للحادث – وكذا بشأن أن وجد من ارشاحات وترسيبات طجنية بالتجويف الصدري والقصبة الهوائية جثة المجني عليه والمدة اللازمة لترسيبها. كذلك لم تلفت المحكمة نظر الطاعن لتعديلها لوصف التهمة حين أدخلت منهما آخر مجهولاً في قائمة الاتهام.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بها مؤداه أن الطاعن مع آخر مجهول انتويا التخلص من المجني عليه – الطفل........ استجابة لما يكنه عم الطاعن نحو الطفل المذكور من حقد وغيرة بسبب ما كان يتمتع به من حب وتدليل لدى والده – جد المتهم لأب – فاستدرجه الأخير من منزله إلى أحد المصارف العمومية يوم 12/ 1/ 1974 وقاما بإغراقه وإزهاق روحه، ثم قاما بعد ذلك بدفن جثته إخفاء لفعلتهما الآثمة – وساق الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة مستمدة من اعترافه في تحقيقات النيابة العامة بأنه استجاب إلى رغبة عمه....... الذي أباح له بحقده على الطفل المجني عليه واصطحب المجني عليه إلى الشاطىء الأيمن للمصرف العمومي حيث لحق به المتهم الأول، وقام بتغريق المجني عليه - وأضاف بأنه علم من المتهم الأول بعد ذلك بمكان إخفاء الجثة وأرشد عنها ضابط المباحث – لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق وأن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع – وكانت المحكمة قد استظهرت في الحكم مؤدى اعتراف الطاعن في تحقيقات النيابة وخلصت – بناء على أسباب سائغة – إلى سلامة الدليل المستمد من هذا الاعتراف لما ارتأته من مطابقته للحقيقة والواقع، بعد أن أطرحت دفاع الطاعن ببطلان اعترافه أمام النيابة المؤصل على الإصابات الشاهدة بجسمه والتي أثبتها وكيل النيابة في محضره المؤرخ 3/ 2/ 1974 بقولها: أنها تعول على هذا الإنكار المتأخر – "إذ أن الثابت بأقوال المتهم المذكور في تحقيقات النيابة أنه أقر صراحة بأن اعترافه صدر منه عن طواعية واختيار دون أن يقع عليه أي إكراه من أحد – أما الإصابات المشاهدة بجسمه والتي أثبتها وكيل النيابة المحقق في محضره الأول المؤرخ 3/ 2/ 1974 فقد وقعت عليه على حد قوله قبل مثوله أمام النيابة في ذلك التاريخ واستمر على إنكاره وقتئذ رغم حدوثها به ونسبة إحداثها إلى رجال المباحث – في حين خلت التحقيقات من وجود أية آثار حديثة بجسمه تنبىء عن وقوع أي تعذيب أو اعتداء عليه عندما مثل أمام النيابة بعد ذلك بتاريخ 9/ 2/ 1974 معترفاً باقتياده المجني عليه إلى حيث تم إغراقه في حضوره على التفصيل الوارد في اعترافه، ثم قيامه بإرشاد رجال الشرطة عن مكان دفن الجثة واستخراجها وتعرف والدي المجني عليه عليها الأمر الذي يجعل ذلك الاعتراف في نظر المحكمة مطابقاً للحقيقة والواقع،" فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً – لما كان ذلك وكان من المقرر أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية – وكان البين من مطالعه محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن وان كان قد طلب لدى مرافعته بجلسة 21/ 10/ 1975 بندب كبير الأطباء الشرعيين أو الطبيب الشرعي الذي قام بتشريح الجثة لمناقشته، إلا أنه لم يعد إلى التحدث عن طلبه هذا في ختام مرافعته التي استمرت إلى اليوم التالي والتي اقتصر فيها على طلب البراءة، ولما كان هذا الطلب بهذا النحو غير جازم ولم يصر عليه الدفاع في ختام مرافعته، فإن ما ينعاه الطاعن من الإخلال بحق الدفاع لا يكون له محل، لما كان ذلك وكان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم، بل هي مكلفة بتمحيص الواقعة المطروحة أمامها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً، دون حاجة إلى أن تلفت نظر الدفاع إلى ذلك، مادام أن الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم أساساًِ للوصف الذي دان المتهم بها، دون أن تضيف إليها المحكمة شيئاً – كما هو واقع الحال في الدعوى المطروحة وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى تعديل وصف التهمة المسندة إلى الطاعن بإدخال متهم آخر مجهول دون لفت نظره إلى ذلك وكان التعديل على هذه الصورة لا يخرج عن الواقعة ذاتها التي تضمنها أمر الإحالة، وهى التي كانت مطروحة على بساط البحث بالجلسة ودارت عليها المرافعة، وهو وصف غير جديد في الدعوى ولا مغايرة فيه للعناصر التي كانت مطروحة على المحكمة ولا يعد ذلك في حكم القانون تغييراً لوصف التهمة المحال بها الطاعن، بل هو مجرد تصحيح لبيان كيفية ارتكاب الجريمة مما يصح إجراؤه في الحكم دون تنبيه الدفاع إليه في الجلسة ليترافع على أساسه، ومن ثم فإن النعي على الحكم لإخلاله بحق الدفاع يكون غير سديد، لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.