أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 21 - صـ 454

جلسة 23 من مارس سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ محمد أبو الفضل حفني، وعضوية السادة المستشارين: محمد السيد الرفاعي، وطه الصديق دنانه، ومصطفى محمود الأسيوطي، ومحمد ماهر محمد حسن.

(110)
الطعن رقم 2011 لسنة 39 القضائية

(أ، ب، ج، د) مواد مخدرة. وصف التهمة. جريمة. "أركانها". قصد جنائي. إثبات. "إثبات بوجه عام". خبرة. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره. "قانون". "تفسيره".
( أ ) إسناد النيابة للمتهم أثناء المحاكمة. واقعة إحراز ما ضبط معه من مخدر بقصد التعاطي وهي جزء من كل ما كان منسوباً إليه جلبه. دخول الواقعة المسندة في نطاق تهمة جلب المخدر الموجهة أصلاً للمتهم. لا إخلال بحق الدفاع ولا بطلان في الإجراءات. أساس ذلك؟
جلب المخدر. هو حيازة أو إحراز له.
حق المحكمة في النزول إلى الوصف الأخف الذي ثبت أنه الوصف القانوني الصحيح. ما دام ذلك لا يتضمن إسناد واقعة أو إضافة عناصر جديدة تختلف عن الواقعة التي أسس عليها أمر الإحالة. مثال في مخدرات.
(ب) تحقق القصد الجنائي في جريمة إحراز مخدر. بعلم المتهم أن ما يحرزه مخدراً.
(ج) المادة 38 من القانون 182 لسنة 1960. الهدف منها الإحاطة بكافة الحالات التي يتصور فيها إفلات حائز المخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي. من العقاب.
(د) القطع بحقيقة المادة المخدرة لا يصلح فيه غير التحليل. شم رائحة المخدر. صحة اتخاذه قرينة على علم محرزه بكنه ما يحرزه.
(هـ، و، ز، ح) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إجراءات المحاكمة. بطلان. الدفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". مواد مخدرة.
(هـ) التناقض الذي يعيب الحكم. ماهيته. مثال لحكم لا تناقض فيه. استطراد الحكم إلى ما لا يقدح في سلامته. لا يعيبه.
(و) خطأ الحكم في ذكر مادة العقاب. لا يبطله.
(ز) فض الحرز في حضرة المتهم والدفاع دون اعتراض. لا بطلان. عدم قبول النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها.
(ح) إقامة الحكم قضاءه على ما له أصل صحيح في الأوراق. انحسار الخطأ في الإسناد عنه.
1 - متى كانت الواقعة التي أسندها ممثل الاتهام للطاعن أثناء المحاكمة وهي إحرازه لقطعة المخدر التي ضبطت معه بقصد التعاطي، هي جزء من كل مما كان منسوباً إليه إحرازه من مخدر، فهي داخلة في نطاق تهمة الجلب الموجهة إليه أصلاً المرفوع بها الدعوى تبعاً، ولا يعتبر مسلك النيابة إلا تنبيهاً منها لوصف احتياطي، إذا ما بدا للمحكمة في خلوة المداولة الشك في تهمة الجلب، وهو ما لا وجه معه لدعوى الإخلال بحق الدفاع أو البطلان في الإجراءات، لما تقدم ولأن جلب المواد المخدرة في واقع الأمر لا يعدو أن يكون حيازة أو إحرازاً لهذه المواد، وإذ كانت المحكمة قد أبدت تشككها في صلة الطاعن بالمخدر الذي ضبط مع المتهم الثاني، إلا أنها قطعت في إحرازه لما ضبط معه من مخدر، ولذلك فإن من حقها أن تنزل على هذا الذي أيقنت أنه الوصف القانوني السليم، نزولاً من الوصف المبين بأمر الإحالة إلى وصف أخف، وهو الإحراز بقصد التعاطي، ولا يتضمن هذا التعديل إسناداً لواقعة مادية أو إضافة عناصر جديدة تختلف عن الواقعة التي اتخذها أمر الإحالة أساساً للوصف الذي ارتآه.
2 - القصد الجنائي في جريمة إحراز المخدر، يتوافر بتحقق الحيازة المادية وعلم الجاني بأن ما يحرزه هو من المواد المخدرة الممنوعة قانوناً.
3 - استهدف الشارع بما نص عليه في المادة 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها، على ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون، أن يحيط بكافة الحالات التي يتصور أن تحدث عملاً وقد يفلت فيها حائز المادة المخدرة بغير قصد الاتجار أو التعاطي من العقاب.
4 - لئن كان الكشف عن حقيقة المادة المخدرة والقطع بحقيقتها، لا يصلح فيه غير التحليل، ولا يكتفي فيه بالرائحة، إلا أن شم الرائحة المميزة للمخدر، يصح اتخاذه قرينة على علم محرزه بكنه ما يحرزه من ناحية الواقع، وإذ كان ذلك وكان إدراك وكيل نيابة المخدرات للرائحة المميزة للمخدر هو من الأمور التي لا تخفى عليه بحاسته الطبيعية، ومن ثم فإن النعي على الحكم - بقالة أنه أقام علم الطاعن بأن الحقيبة تحتوي على مخدر على ما لاحظه المحقق من أن رائحة الحشيش تنبعث منها، مع أن الكشف عنها لا يصلح فيه غير التحليل - لا يكون له من وجه كذلك ولا يعتد به.
5 - إن التناقض الذي يعيب الحكم، هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضه ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وإذ كان ما تقدم وكانت أسباب الحكم المطعون فيه قد خلصت في غير تناقض إلى ثبوت جريمة إحراز الطاعن لجوهر الحشيش بقصد التعاطي، فإن استطراد الحكم إلى الإشارة إلى المادة 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها، لا يقدح في سلامته ما دام هو قد أورد مادة العقاب في القانون الواجب التطبيق.
6 - إن خطأ الحكم في ذكر مادة العقاب لا يبطله.
7 - إذا كان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة، أن المحكمة فضت حرز المظروف المضبوط على ذمة الدعوى بحضور الطاعنين والدفاع عنهما وكان محامي الطاعن لم يعترض على شيء في هذا الإجراء ولم يطلب تحقيقاً ما في هذا الشأن، فإنه لا يصح رمي هذا الإجراء بالبطلان، كما لا يصح أن ينعي على المحكمة قعودها عن تحقيق لم يطلب منها.
8 - لا مصلحة للطاعن في التشكي من عدم تعرض الحكم لتهمة أخرى غير التي دين فيها.
9 - إذا كان الطاعن يسلم في أسباب طعنه أن ما حصله الحكم من أقوال الضابط الشاهد في شأن وجود المفتاح عالقاً بالحقيبة، له أصل صحيح في تحقيق النيابة، فإنه بهذا ينتفي الخطأ في الإسناد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما في يوم 21 سبتمبر سنة 1968 بدائرة قسمي قصر النيل ومصر الجديدة محافظة القاهرة: المتهم الأول جلب إلى الجمهورية العربية المتحدة جوهراً مخدراً (حشيشاً) قبل الحصول على الترخيص المبين في القانون. المتهم الثاني (أولاً) اشترك مع المتهم الأول بطريقي الاتفاق والمساعدة في جلب المواد المخدرة من الخارج إلى داخل البلاد بأن اتفق على عملية جلبه للمواد المخدرة وساعده في ترويجها بأن قام بتخزينها وترويجها لحساب المتهم الأول وقد تمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. (ثانياً) حاز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (حشيشاً) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة فقرر بذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 و2 و37 و38 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبند 12 من الجدول ( أ ) الملحق مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهم الأول وذلك على اعتبار أن إحراز المتهم الأول للمخدر كان بقصد التعاطي وإحراز المتهم الثاني للمخدر كان بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي (أولاً) بمعاقبة المتهم الأول بالحبس مع الشغل ستة أشهر وبتغريمه ألف جنيه. (ثانياً) بمعاقبة المتهم الثاني بالسجن لمدة خمس سنوات وبتغريمه ألف جنيه. (ثالثاً) بمصادرة المخدرات والحقيبة المضبوطة. فطعن المحكوم عليهما الأول والثاني في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ


المحكمة

(أولاً) عن الطعن المقدم من الطاعن الأول.
حيث إن الطاعن الأول ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز بقصد التعاطي جوهراً مخدراً (حشيشاً) قد شابه بطلان في الإجراءات أثر في الحكم وخطأ في الإسناد، وتناقض في التسبيب ذلك أن الحكم المطعون فيه دانه عن هذه الواقعة في حين أنها لم ترد في أمر الإحالة بل أضافها ممثل الاتهام الذي ترافع في الدعوى واتخذتها المحكمة أساساً لقضائها مع أن غاية ما كانت تملكه في شأنها إن أرادت هو أن تعمل حق التصدي طبقاً للمادة 11 من قانون الإجراءات الجنائية دون أن يتجاوز ذلك إلى الفصل في موضوع تلك الواقعة، أما وقد فعلت فإنها تكون قد اتصلت بالجريمة بغير الطريق الذي رسمه القانون كما عول الحكم في إدانة الطاعن على أقوال رئيس قسم مكافحة المخدرات التي حصلها على وجهها هذا إلى أنه بعد أن خلص إلى أن الطاعن يحرز مخدر الحشيش بقصد التعاطي طبقاً للمادة 37 من القانون رقم 182 لسنة 1960 أورد المادة 38 من القانون التي تعالج الإحراز المجرد عن هذا القصد مما يجعل الحكم متردداً بين هذين النوعين من الإحراز معيباً بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن ممثل الاتهام أسند إلى الطاعن الأول تهمة إحراز المخدر بالنسبة للقطعة المضبوطة في جيبه إلى جانب القيد والوصف المقدم بهما وذلك في مواجهته وفي حضور محاميه، وقد تناول المدافع عن الطاعن المذكور هذه التهمة وكان الحكم المطعون فيه ضمن تحصيله لواقعة الدعوى قوله "وقد أضافت النيابة العامة في جلسة المحاكمة تهمة جديدة إلى المتهم الأول بالإضافة إلى التهمة الواردة في قرار الإحالة، وتم ذلك في مواجهة المتهم ومحاميه وهي تهمة إحرازه جواهر مخدرة بالنسبة لقطعة الحشيش التي ضبطت في جيب سترته وقد تناول الدفاع عن المتهم في مرافعته عن هذه التهمة مبدياً وجهة نظره في خصوصها. لما كان ذلك، وكانت الواقعة التي أسندها ممثل الاتهام وهي إحراز الطاعن لقطعة المخدر التي ضبطت معه بقصد التعاطي هي جزء من كل - مما كان منسوباً إليه إحرازه من مخدر - فهي داخلة في نطاق تهمة الجلب الموجهة إليه أصلاً المرفوع بها الدعوى تبعاً ولا يعتبر مسلك النيابة إلا تنبيها منها لوصف احتياطي إذ ما بدا للمحكمة في خلوة المداولة الشك في تهمة الجلب وهو ما لا وجه معه لدعوى الإخلال بحق الدفاع أو البطلان في الإجراءات، لهذا ولأن جلب المواد المخدرة في واقع الأمر لا يعدو أن يكون حيازة أو إحراز لهذه المواد وإذا كانت المحكمة قد أبدت تشككها في صلة الطاعن بالمخدر الذي ضبط مع المتهم الثاني إلا أنها قطعت في إحرازه لما ضبط معه من مخدر ولذلك فإن من حقها أن تنزل على هذا الذي أيقنته الوصف القانوني السليم نزولاً من الوصف المبين بأمر الإحالة إلى وصف أخف وهو الإحراز بقصد التعاطي، ولا يتضمن هذا التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عناصر جديدة تختلف عن الواقعة التي اتخذها أمر الإحالة أساساً للوصف الذي ارتآه، ولما كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من مجموع الأدلة والعناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة للواقعة حسبما يؤدي إليه اقتناعها ما دام استخلاصها سائغاً ومستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصل في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود مرجعه إلى محكمة الموضوع التي يحق لها أن تجزئ هذه الأقوال وتأخذ بما تطمئن إليه منها وتطرح ما عداه، وكان من حق محكمة الموضوع كذلك بما لها من سلطة تقديرية أن ترى في تحريات الضابط ما يسوغ الإذن بالتفتيش ويكفي لإسناد واقعة إحراز الجوهر المخدر بقصد التعاطي إلى الطاعن ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذا الإحراز كان بقصد الاتجار، فإن رمي الحكم المطعون فيه بالخطأ في الإسناد على الأساس الذي يثيره الطاعن لا يكون له وجه، ولما كان من المقرر أيضاً أن التناقض الذي يعيب الحكم هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضه ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وكانت أسباب الحكم المطعون فيه قد خلصت في غير تناقض إلى ثبوت جريمة إحراز الطاعن لجوهر الحشيش بقصد التعاطي فإن استطراد الحكم إلى الإشارة للمادة 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها لا يقدح في سلامته ما دام هو قد أورد مادة العقاب في القانون الواجب التطبيق بل إن خطأه في ذكرها لا يبطله. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعين الرفض موضوعاً.
(ثانياً) عن الطعن المقدم من الطاعن الثاني.
حيث إن الطاعن الثاني ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحرازه بغير قصد الاتجار أو التعاطي الشخصي جوهراً مخدراً (حشيشاً) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه الفساد في الاستدلال والبطلان في إجراءات المحاكمة والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت في الأوراق ذلك أن الحكم المطعون فيه قد أقام علم الطاعن بأن الحقيبة تحتوي على مخدر على ما لاحظه المحقق من أن رائحة الحشيش تنبعث منها مع أن الكشف عنها لا يصلح فيه غير التحليل هذا إلى أن تلك الرائحة لم يدركها موظفو الجمارك أو ضباط مكافحة المخدرات وهم أقدر من محقق النيابة في هذا الشأن وأجرت المحكمة فض الحرز دون أن تعني ببيان محتوياته وعرضه على الطاعن مع أنها آخذته بضبط الأكياس الفارغة في مسكنه والتي كانت محرزة على ذمة الدعوى، كما أن ما أورده الحكم المطعون فيه للتدليل على علم الطاعن بأن الحقيبة تحوي مخدر الحشيش لا يؤدي إلى ما رتبه عليه، هذا إلى أنه لم يتناول في أسبابه تهمة الاشتراك في جلب المخدر المسندة إلى الطاعن واستند في إدانته إلى أقوال الرائد أنور الهواري مع تناقضها، ومن ثم يكون الحكم معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الكشف عن حقيقة المادة المضبوطة والقطع بحقيقتها وإن كان لا يصلح فيه غير التحليل ولا يكتفي فيه بالرائحة إلا أن شم الرائحة المميزة للمخدر يصح اتخاذ قرينة على علم محرزه بكنه ما يحرزه من ناحية الواقع، لما كان ذلك، وكان إدراك وكيل نيابة المخدرات للرائحة المميزة للمخدر هو من الأمور التي لا تخفي عليه بحاسته الطبيعية، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له وجه كذلك ولا يعتد به، ولما كان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن المحكمة فضت حرز المظروف المضبوط على ذمة الدعوى بحضور الطاعنين والدفاع عنهما وكان محامي الطاعن لم يعترض على شيء في هذا الإجراء ولم يطلب تحقيقاً ما في هذا الشأن فإنه لا يصح له رمي هذا الإجراء بالبطلان كما لا يصح له أن ينعي على المحكمة قعودها عن تحقيق لم يطلب منها. لما كان ذلك. وكان القصد الجنائي في جريمة إحراز المخدر يتوافر بتحقق الحيازة المادية وعلم الجاني بأن ما يحرزه هو من المواد المخدرة الممنوعة قانوناً. وكان الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعن بجهله كنه ما أحرزه من مخدر بقوله "ترى المحكمة أن هذا الزعم قد قصد به التخلص من التهمة وأن قرائن الأحوال المستمدة من التحقيقات تطمئن المحكمة إلى علمه بكنه ما تحتويها الحقيبة من جواهر مخدرة وهذه القرائن التي تنظر إليها المحكمة متساندة تتمثل فيما يلي - 1 - إن الحقيبة بما تحتويه من هذه الكمية الوافرة من المخدرات تتضح رائحتها بما في داخلها وهو ما أثبته وكيل النيابة المحقق في محضره حين أوضح في أثناء التحقيق أن رائحة المخدر تنبعث من الحقيبة وهي مغلقة - 2 - أن الحقيبة وجدت وبها مفتاحها 3 - أن المحقق وجد بشقة المتهم الثاني عديداً من الأكياس النايلون مماثلة في حجمها وفي الكتابات المسطرة عليها للأكياس المغلقة فيها طرب الحشيش التي تضمها الحقيبة - 4 - أن المتهم بعد تفتيش منزله ظل مختفياً عدة أيام حتى سلم نفسه في يوم 24/ 9/ 1968 وهي قرينة بالإضافة إلى القرائن السابقة وبالتساند معها تلقى ضوءاً في هذا المقام. لما كان ذلك، فإن هذا كاف وسائغ في التدليل على توافر علم الطاعن بكنه ما يحرزه من مخدر. لما كان ذلك، وكانت المادة 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها تنص على عقاب كل من حاز أو أحرز أو اشترى أو سلم أو نقل أو أنتج أو استخرج أو فصل أو صنع جواهر مخدرة وكان ذلك بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي وذلك في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وقد استهدف الشارع بما نص عليه في المادة المذكورة على ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون أن يحيط بكافة الحالات التي يتصور أن تحدث عملاً وقد يفلت فيها حائز المادة المخدرة بغير قصد الاتجار أو التعاطي من العقاب، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أورد في أسبابه اطمئنان المحكمة إلى الدليل على حيازة الطاعن للمخدرات التي ضبطت بمسكنه مع علمه بكنهها وأفصح عن أنه لم يقم دليل يقيني على أن الإحراز قد قصد به الاتجار بل ليس ثمة ما ينفي أن يكون هذا المتهم حاملاً لتلك المخدرات لحساب غيره ممن لم يكشف التحقيق عنه، لما كان ذلك، فإن هذا كاف لحمل قضائه في شأن التهمة التي دين بها ولا مصلحة للطاعن في التشكي من عدم تعرض الحكم لتهمة أخرى غير التي دين فيها. لما كان ذلك، وكان الطاعن يسلم في أسباب طعنه أن ما حصله الحكم من أقوال الرائد أنور إسماعيل الهواري في شأن وجود المفتاح عالقاً بالحقيبة له أصل صحيح في تحقيق النيابة، وبذا ينتفي الخطأ في الإسناد، وكان لمحكمة الموضوع سلطة تقدير الأدلة والأخذ بما ترتاح إليه منها وأن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل التحقيق ولو عدل عنه فإنه لا يقبل من الطاعن ما يثيره في هذا الصدد لأنه من الأمور الموضوعية التي لا تجوز إثارتها أمام محكمة النقض.
وحيث إنه مما تقدم يكون الطعن كله على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.