أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة الثامنة والعشرون - صـ 614

جلسة 16 من مايو سنة 1977

برياسة السيد المستشار حسن علي المغربي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين محمد صلاح الدين الرشيدي، ومحمد صفوت القاضي، ومحمد عبد الحميد صادق ومحمد علي بليغ.

(130)
الطعن رقم 152 لسنة 47 القضائية

(1) قتل خطأ. حكم. "بيانات حكم الإدانة". "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم رسم القانون شكلاً معيناً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون مجموع ما أورده. مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها.
(2) إثبات. "بوجه عام". قتل خطأ. حكم "بيانات حكم الإدانة". "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم تحديد أي من إطارات المقطورة صدم المجني عليه. لا يعيب الحكم.
(3) محكمة الموضوع. "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". إثبات. "بوجه عام". "شهود". حكم. "تسبيبه تسبيب غير معيب".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمام المحكمة. موضوعي.
(4) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "شهود". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم. موضوعي.
(5) إثبات. "شهادة". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تناقض الشاهد في أقواله. لا يعيب الحكم. متى استخلص الحقيقة منها بما لا تناقض فيه.
(6) محكمة استئنافية. "إجراءات نظرها الدعوى والفصل فيها". إجراءات. "إجراءات المحكمة".
المحكمة الاستئنافية. تحكم أصلاً على مقتضى الأوراق. لا تجرى من التحقيقات إلا ما ترى لزوماً لإجرائه.
(7) محكمة الموضوع. "الإجراءات أمامها". إثبات. "شهود". محكمة استئنافية. "إجراءات نظرها الدعوى والفصل فيها". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم تمسك الطاعن أمام محكمة أول درجة بسماع شاهد الإثبات. يفيد تنازله عن سماعه. التفات المحكمة الاستئنافية عن ذلك الطلب. لا تثريب.
(8) نقض. "أسباب الطعن. تحديدها" دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
شرط قبول وجه الطعن. أن يكون واضحاً محدداً.
(9) خطأ. مسئولية مدنية. مسئولية جنائية. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير الخطأ المستوجب مسئولية مرتكبه جنائياً أو مدنياً. موضوعي.
(10) قتل خطأ. إصابة خطأ. مسئولية جنائية. محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل".
السرعة التي تصلح أساساً للمساءلة الجنائية. في جريمتي القتل الخطأ والإصابة الخطأ. هي مجاوزة الحد الذي يقتضيه ملابسات الحال وظروف المرور وزمانه ومكانه.
(11) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". خطأ. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير ما إذا كانت السرعة في ظروف معينة تعد عنصراً من عناصر الخطأ أو لا تعد. موضوعي.
(12) حكم. "وضعه والتوقيع عليه وإصداره" "بطلان الحكم". محكمة ثاني درجة. "إجراءات نظرها الدعوى والحكم فيها". تحرير الحكم على نموذج مطبوع. لا يبطله. طالما قضى بتأييد الحكم الابتدائي المستأنف أخذاً بأسبابه.
1- لما كان ما أثبته الحكم كافياً لتفهم واقعة الدعوى وظروفها حسبما تبينتها المحكمة – وتتوافر به كافة الأركان القانونية لجريمة القتل الخطأ التي دان الطاعن بها فإن ذلك يحقق حكم القانون إذ لم يرسم القانون شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها.
2- لا يعيب الحكم عدم تحديده أي من إطارات المقطورة قد صدم المجني عليه ذلك لأن هذا ليس ركناً من أركان الجريمة فإن منعي الطاعن في هذا الخصوص لا يكون سديداً. فضلاً عن أن الثابت من مدونات الحكم – وهو ما لا ينازع فيه الطاعن – أنه كان يدفع المقطورة من الخلف بما لا يكون معه مجدياً ما يثيره من أن العجلة الخلفية لها هي التي أصابت المجني عليه.
3- من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
4- من المقرر أن وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدى فيها شهادته وتعويل القضاء على قوله مهما وجه إليه من مطاعن وحام حوله من الشبهات كل هذا مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه.
5- من المقرر أن تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه. ولما كان الطاعن لا يجادل في أن ما حصله الحكم عند إيراده لأقول الشاهد له أصلة الثابت في الأوراق فلا جناح على المحكمة إن هي اعتمدت على شهادته ضمن ما اعتمدت عليه في قضائها والذي يكشف عن أنها اقتنعت بأن إصابة المجني عليه كانت بالعجلة الخلفية اليسرى من المقطورة أخذاً بما جاء بالمعاينة وشهادة الشاهد سالف الذكر.
6- الأصل أن المحكمة الاستئنافية تحكم على مقتضى الأوراق وهى لا تجرى من التحقيقات إلا ما ترى لزوماً لإجرائه.
7- مثول الطاعن أمام محكمة أول درجة وعدم تمسكه بسماع شاهد الإثبات يعد تنازلاً عنه ومن ثم فإن المحكمة الاستئنافية إن التفتت عن ذلك الطلب لا تكون قد أخلت بحق الطاعن في الدفاع على فرض أنه قد طلب سماعه أمام محكمة ثاني درجة.
8- يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً وإذ كان الطاعن لم يفصح عن أوجه الدفاع التي ضمنها مذكرته المقدمة منه حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة فان منعي الطاعن على الحكم إغفاله التعرض لها يضحى غير سديد.
9- من المقرر أن تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائياً أو مدنياً مما يتعلق بموضوع الدعوى ولا تقبل المجادلة فيه أمام محكمة النقض.
10- السرعة التي تصلح للمساءلة الجنائية في جريمتي القتل والإصابة الخطأ ليست لها حدود ثابتة وإنما هي التي تجاوز الحد الذي يقتضيه ملابسات الحال وظروف المرور وزمانه ومكانه.
11- تقدير ما إذا كانت السرعة في ظروف معينة تعد عنصراً من عناصر الخطأ أو لا تعد مسألة موضوعية يرجع الفصل فيها لمحكمة الموضوع وحدها.
12- من المقرر أن تحرير الحكم على نموذج مطبوع لا يقتضى بطلانه ما دام قد قضى بتأييد الحكم الابتدائي المستأنف أخذاً بأسبابه مما يجب معه اعتبار هذه الأسباب صادرة من محكمة ثاني درجة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم تسببوا خطأ في موت....... وكان ذلك ناشئاً عن إهمالهم وعدم احتياطهم بأن قادوا مقطورة بحالة ينجم عنها الخطر فصدمت المجني عليه وأحدثت إصاباته التي أودت بحياته وطلبت عقابهم بالمادة 238/ 1 من قانون العقوبات. ومحكمة بنى مزار الجزئية قضت في الدعوى غيابياً عملاً بمادة الاتهام بحبس كل من المتهمين ستة أشهر مع الشغل وكفالة مائتي قرش لوقف التنفيذ، عارض المتهم الأول (الطاعن) والثاني وقضى في معارضتهما بقبولها شكلاً وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه بالنسبة للطاعن وباعتبارها كأن لم تكن للمتهم الثاني. فاستأنف المحكوم عليهما الحكم ومحكمة المنيا الابتدائية بهيئة استئنافية قضت في الدعوى حضورياً للمتهم الأول (الطاعن) وغيابياً للثاني بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الوكيل عن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة القتل الخطأ قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع. ذلك بأن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه لم يبين كيفية وقوع الحادث وما إذا كان اصطدام المقطورة بالمجني عليه جاء بعجلاتها الأمامية أم الخلفية وخط سير المجني عليه إذ الثابت من الأوراق أن الحادث وقع نتيجة خطأ المجني عليه الذي اندفع بحكم صغر سنه فسقط تحت العجلة الخلفية اليسرى للمقطورة وهو الأمر الذي أيدته المعاينة كما عول الحكم في قضائه بالإدانة على أقوال الشاهد...... رغم تناقضها وإنها تؤكد عدم رؤيته للحادث كما أن محكمة ثاني درجة لم تعرض لدفاع الطاعن الثابت بمذكرته المقدمة أثناء حجز الدعوى للحكم ولم تجب الطاعن إلى طلبه سماع شاهد الإثبات وفضلاً عن ذلك فإن الحكم لم يبين وجه الخطأ الذي أسنده إلى الطاعن واقتصر في الاستدلال على توافره بواقعة الاصطدام ذاتها وما شهد به....... من أن المقطورة كانت مسرعة مع تعارض هذه الرواية مع الثابت من الأوراق أن المقطورة كانت محملة بحمولة ثقيلة وكان يجرها ثلاثة أشخاص بما يستحيل معه أن تكون مسرعة عند دفعها هذا وقد حرر الحكم المطعون فيه على نموذج مطبوع مما يدل على أن المحكمة الاستئنافية لم ترجع إلى أوراق الدعوى ولم تمحص الدليل فيها أو تتصدى لأوجه الدفاع التي أبديت من الطاعن كل ذلك مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي – المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه – أثبت في مدوناته بياناً لواقعة الدعوى ما محصله أن الطاعن ومعه بعض العمال كانوا يدفعون مقطورة يجرها من الأمام ودفعها من الخلف مما أدى إلى سيرها بسرعة فاصطدمت بالمجني عليه الذي كان يسير بالطريق ومرت العجلة اليسرى الخلفية للمقطورة عليه فأدى ذلك إلى قتله، لما كان ذلك وكان ما أثبته الحكم كافياً لتفهم واقعة الدعوى وظروفها حسبما تبينتها المحكمة – وتتوافر به كافة الأركان القانونية لجريمة القتل الخطأ التي دان الطاعن بها فإن ذلك يحقق حكم القانون إذ لم يرسم القانون شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها. لما كان ذلك وكان لا يعيب الحكم عدم تحديده أي من إطارات المقطورة قد صدم المجني عليه ذلك لأن هذا ليس ركناً من أركان الجريمة فإن منعي الطاعن في هذا الخصوص لا يكون سديداً. فضلاً عن أن الثابت من مدونات الحكم – وهو ما لا ينازع فيه الطاعن – أنه كان يدفع المقطورة من الخلف بما لا يكون معه مجدياً ما يثيره من أن العجلة الخلفية لها هي التي أصابت المجني عليه، لما كان ذلك، كان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفه من صور أخرى ما دام استخلاصها مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق وكانت المحكمة قد استخلصت صورة الحادث التي ارتاح إليها وجدانها واستقرت في عقيدتها وكان الطاعن لا يجادل في أن الأدلة التي استندت إليها والتي تؤدي إلى تلك النتيجة لها أصلها الثابت في الأوراق فإن ما يثيره في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة التي استنبطت منها المحكمة معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، لما كان ذلك وكان من المقرر أن وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدى فيها شهادته وتعويل القضاء على قوله مهما وجه إليه من مطاعن وحام حوله من الشبهات كل هذا مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابه لمحكمة النقض عليها، كما أنه من المقرر أن تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه وكان الطاعن لا يجادل في أن ما حصله الحكم عند إيراده لأقوال الشاهد...... له أصله الثابت في الأوراق فلا جناح على المحكمة إن هي اعتمدت على شهادته ضمن ما اعتمدت عليه في قضائها والذي يكشف عن أنها اقتنعت بأن إصابة المجني عليه كانت بالعجلة الخلفية اليسرى من المقطورة أخذاً بما جاء بالمعاينة وشهادة الشاهد سالف الذكر ومن ثم كان ما يثيره الطاعن في هذا الشأن في غير محله، لما كان ذلك وكان الأصل أن المحكمة الاستئنافية تحكم على مقتضى الأوراق وهى لا تجري من التحقيقات إلا ما ترى لزوماً لإجرائه وكان الثابت إن الطاعن مثل أمام محكمة أول درجة ولم يتمسك بسماع شاهد الإثبات مما يعد نازلاً عنه فإن المحكمة الاستئنافية إن التفتت عن ذلك الطلب لا تكون قد أخلت بحق الطاعن في الدفاع على فرض أنه قد طلب سماعه أمام محكمة ثاني درجة، ولما كان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً وإذ كان الطاعن لم يفصح عن أوجه الدفاع التي ضمنها مذكرته المقدمة منه حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة فإن منعى الطاعن على الحكم إغفاله التعرض لها يضحى غير سديد، لما كان ذلك وكان من المقرر أن تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائياً أو مدنياً مما يتعلق بموضوع الدعوى ولا تقبل المجادلة فيه أمام محكمة النقض وأن السرعة التي تصلح أساساً للمساءلة الجنائية في جريمتي القتل والإصابة الخطأ ليست لها حدود ثابتة وإنما هي التي تجاوز الحد الذي يقتضيه ملابسات الحال وظروف المرور وزمانه ومكانه فيتسبب عن هذا التجاوز الموت أو الجرح وتقدير ما إذا كانت السرعة في ظروف معينة تعد عنصراً من عناصر الخطأ أو لا تعد مسألة موضوعية يرجع الفصل فيها لمحكمة الموضوع وحدها وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد واقعة الدعوى أثبت أن الطاعن وآخرين كانوا يقومون بجر المقطورة ودفعها من الخلف مما أدى إلى سرعتها الزائدة واصطدامها بالمجني عليه وحدوث إصاباته التي أودت بحياته ومن ثم فإنه يكون قد أبان خطأ الطاعن ورابطة السببية بين هذا الخطأ والضرر الواقع بوفاة المجني عليه نتيجة ذلك الخطأ مستنداً في ذلك إلى أدلة الدعوى مما لا يجوز المجادلة في توافره أو سلامة الاستدلال عليه أمام هذه المحكمة فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تحرير الحكم على نموذج مطبوع لا يقتضى بطلانه ما دام قد قضى بتأييد الحكم الابتدائي المستأنف أخذاً بأسبابه مما يجب معه اعتبار هذه الأسباب صادرة من محكمة ثاني درجة. فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.