مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية - العدد الأول (من أكتوبر سنة 1956 إلى آخر يناير سنة 1957) - صـ 65

(6)
جلسة 10 من نوفمبر سنة 1956

برياسة السيد/ السيد علي السيد - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل - المستشارين.

القضية رقم 1395 لسنة 2 القضائية

أثر مباشر - القانون رقم 226 لسنة 1951 - تضمنه مزايا جديدة للموظفين المجندين ترتب أعباء مالية على الخزانة - ليس في نصوصه ما يشير إلى سريانه بأثر رجعي - عدم سريانه إلا من تاريخ العمل به.
إن علاقة الموظف بالحكومة هي علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح، فمركز الموظف من هذه الناحية هو مركز قانوني عام يجوز تغييره في أي وقت؛ ومرد ذلك إلى أن الموظفين هم عمال المرافق العامة، وبهذه المثابة يجب أن يخضع نظامهم القانوني للتعديل والتغيير وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة. ويتفرع عن ذلك أن التنظيم الجديد يسري على الموظف بأثر حال من تاريخ العمل به، ولكنه لا يسري بأثر رجعي إلا بنص خاص في قانون، وليس في أداة أدنى منه كلائحة. وإذا تضمن التنظيم الجديد - قانوناً كان أو لائحة - مزايا جديدة للوظيفة ترتب أعباء مالية على الخزانة العامة، فالأصل ألا يسري التنظيم الجديد في هذا الخصوص إلا من تاريخ العمل به، إلا إذا كان واضحاً أنه قصد أن يكون نفاذه من تاريخ سابق. وعلى مقتضى ما تقدم فإن القانون رقم 226 لسنة 1951 - وإن تضمن مزايا جديدة للمجندين - لا يسري إلا من تاريخ العمل به، وليس من تاريخ أسبق، ما دام ذلك ليس واضحاً من نصوصه.


إجراءات الطعن

في 22 من إبريل سنة 1956 أودع رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثالثة) بجلسة 23 في فبراير سنة 1956 في الدعوى رقم 6554 لسنة 8 ق، المرفوعة من وزارة المواصلات ضد سعيد حنا فهمي، القاضي: "بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه ورفض التظلم وألزمت المدعى عليه بالمصروفات". وطلب رئيس هيئة المفوضين للأسباب المبينة بصحيفة الطعن الحكم "بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وتأييد قرار اللجنة القضائية وإلزام الحكومة بالمصروفات". وقد أعلن الطعن إلى المطعون لصالحه في 8 من يوليه سنة 1956 وإلى وزارة المواصلات في 3 من يوليه سنة 1956، وعين لنظره جلسة 20 من أكتوبر سنة 1956، وفيها سمعت المحكمة الإيضاحات على الوجه المبين بالمحضر، وأرجئ إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من الأوراق، تتحصل في أن المطعون لصالحه تقدم بالتظلم رقم 519 لسنة 1 ق إلى اللجنة القضائية الإضافية لجميع مصالح الحكومة بالإسكندرية، أبان فيه أنه حاصل على الشهادة الابتدائية، وقد عين في 30 من أغسطس سنة 1942 في وظيفة مساح، وفي عام 1947 اجتاز امتحاناً لوظيفة وقاد، وفي 26 ومن إبريل سنة 1948 جند تجنيداً إجبارياً طبقاً للقانون رقم 140 لسنة 1947، وفي 9 من يوليه سنة 1951 أعيد إلى وظيفته بعد تسريحه، غير أنه أثناء تجنيده صدرت حركة ترقيات رقي فيها زملاؤه إلى الدرجة الثامنة بالأقدمية دونه، وطلب لذلك مساواته بهم. وفي 22 من يونيه سنة 1953 أصدرت اللجنة القضائية قراراً "باستحقاق المتظلم الدرجة الثامنة ابتداء من التاريخ الذي منحت فيه هذه الدرجة لزملائه في الأقدمية وما يترتب على ذلك من آثار". وبصحيفة أودعت سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 14 من إبريل سنة 1954 طعنت وزارة المواصلات في قرار اللجنة على أساس أن القانون رقم 226 لسنة 1951 الذي قضى بالاحتفاظ للمجندين بوظائفهم وعلاواتهم وترقياتهم أثناء مدة التجنيد ليس له أثر رجعي؛ ولذلك لا يجوز تطبيقه على المطعون ضده، وأن الذي يسري عليه هو قرار مجلس الوزراء الصادر في 21 من مايو سنة 1952 الذي يقضي بأن من يكون قد جند طبقاً للقانون رقم 140 لسنة 1947 وصدر قرار بفصله تجوز إعادته للخدمة وتحسب له مدة تجنيده في فترة العلاوة فقط، ولم يرد في هذا القرار ما يفيد الاحتفاظ بالترتيبات أيضاً. وبجلسة 23 من فبراير سنة 1956 قضت محكمة القضاء الإداري "بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه ورفض التظلم، وإلزام المدعى عليه المصروفات". وأسست قضاءها على أن المدعى عليه وقت أن جند ونقل زملاؤه من اليومية إلى الدرجة الثامنة لم يكن القانون رقم 226 لسنة 1951 قد صدر بعد؛ ومن ثم فلا تسري أحكام هذا القانون على وقائع نشأت وتمت قبل صدوره.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن القانون رقم 140 لسنة 1947 قد جعل التجنيد إجبارياً فأوجد حالة جديدة لم تكن معروفة من قبل، ومن الطبيعي وقد تمت المساواة في الواجبات أن تتم في الحقوق؛ وتأكيداً لهذا الاتجاه أصدرت اللجنة المالية في 14 من نوفمبر سنة 1949 قراراً من مقتضاه الاحتفاظ للمجندين في ظل القانون رقم 140 لسنة 1947 بوظائفهم، ثم صدر القانون رقم 226 لسنة 1951 في 9 من نوفمبر سنة 1951 ونصت المادة الرابعة منه على أن يحتفظ للموظف أو المستخدم أو العامل أثناء وجوده في الخدمة العسكرية بما يستحق من ترقيات وعلاوات كما لو كان يؤدي عمله، فيكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون.
ومن حيث إنه يبين من الإطلاع على الأوراق أن المطعون عليه جند اعتباراً من 26 من أبريل سنة 1948، ثم عاد إلى الخدمة بعد انتهاء تجنيده اعتباراً من 9 من يوليه سنة 1951، أي قبل نفاذ القانون رقم 226 لسنة 1951 في 9 من نوفمبر سنة 1951.
ومن حيث إن علاقة الموظف بالحكومة هي علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح، فمركز الموظف من هذه الناحية هو مركز قانوني عام يجوز تغييره في أي وقت؛ ومرد ذلك إلى أن الموظفين هم عمال المرافق العامة، وبهذه المثابة يجب أن يخضع نظامهم القانوني للتعديل والتغيير وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة. ويتفرع عن ذلك أن التنظيم الجديد يسري على الموظف بأثر حال من تاريخ العمل به ولكنه لا يسري بأثر رجعي إلا بنص خاص في قانون وليس في أداة أدنى منه كلائحة. وإذا تضمن التنظيم الجديد - قانوناً كان أو لائحة - مزايا جديدة للوظيفة ترتب أعباء مالية على الخزانة العامة، فالأصل ألا يسري التنظيم الجديد في هذا الخصوص إلا من تاريخ العمل به، إلا إذا كان واضحاً أنه قصد أن يكون نفاذه من تاريخ سابق؛ وعلى مقتضى ما تقدم فإن القانون رقم 226 لسنة 1951، وإن تضمن مزايا جديدة للمجندين، إلا أنه لا يسري إلا من تاريخ العمل به، وليس من تاريخ أسبق؛ ما دام ذلك ليس واضحاً من نصوصه.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم يكون الطعن قد قام على غير أساس سليم من القانون متعينا رفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول شكلاً، وبرفضه موضوعاً.