أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة الثامنة والعشرون - صـ 636

جلسة 22 من مايو سنة 1977

برياسة السيد المستشار: محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينه، ويعيش محمد رشدي، ومحمد وهبه، وأحمد موسى.

(133)
الطعن رقم 158 لسنة 47 القضائية

استدلالات. تفتيش. "التفتيش بإذن". بطلان. "بطلان التفتيش". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "بوجه عام". تقدير جدية التحريات المسوغة للإذن بالتفتيش. موضوعي. اشتمال محضر التحريات على جمع غفير من الناس. دون تحديد محل إقامة أي منهم أو مهنته أو أي بيان يوصل إلى شخصيته. انتهاء المحكمة إلى عدم جدية تلك التحريات. صحيح.
من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لتسويغ إصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي توكل إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وإذ كانت المحكمة قد أفصحت عن عدم اطمئنانها إلى جدية التحريات التي بنى عليها أمر التفتيش – للأسباب التي حاصلها اشتمال محضر التحريات على جمع غفير من الناس مع خلوه من بيان محل إقامة أي منهم أو مهنته أو أي بيان آخر يفيد في التحقيق من شخصيته فضلاً عن عدم الوصول إلى الاسم الكامل للمطعون ضده – ولم تر هي ثمة حاجة للرجوع إلى الضابط الذي أجرى التحريات في هذا الشأن، سواء بسؤاله أو تقصى ما عسى أن يكون قد ورد بأقواله لما كان ذلك، وكانت تلك الأسباب من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبته المحكمة عليها من انتقاء الدلائل الكافية لتحديد شخصية المطعون ضده باعتباره المعنى بالتحريات فإنه لا يجوز من بعد – مصادرة المحكمة في عقيدتها أو مجادلتها فيما انتهت إليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (أفيوناً) دون الحصول على ترخيص بذلك من الجهة الإدارية المختصة. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات الإسكندرية قضت حضورياً ببراءة المتهم مما أسند إليه والمصادرة. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من تهمة إحراز جوهر مخدر، قد شابه فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب، ذلك بأنه أقام قضاءه على صحة الدفع ببطلان الأمر بالتفتيش لعدم جدية التحريات، مستنداً في ذلك إلى أسباب غير مؤدية – خلص منها إلى أنه ليس ثمة من الدلائل ما يكفي لتحديد شخصية المطعون ضده باعتباره المعنى بالتحريات التي بنى عليها أمر التفتيش – وذلك دون أن تستجلى المحكمة من الضابط الذي أجرى التحريات حقيقة الأمر في هذا الشأن، ورغم ما هو مستفاد من أقواله في التحقيق من أن المطعون ضده بذاته هو المعنى بتلك التحريات.
وحيث إن الحكم المطعون فيه استند في قبول الدفع ببطلان الأمر بالتفتيش على قوله: "وحيث إنه عن الدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات فإنه دفع سديد في الواقع صحيح في القانون وآية ذلك ما هو ثابت بمحضر التحريات المؤرخ........ المحرر بمعرفة النقيب....... من أنه جمع عدداً خفيراً من الناس بلغت عدتهم خمسة وعشرين شخصاً قيل إن التحريات السرية دلت على اتجارهم في المواد المخدرة وترويجها بقسم الجمرك ومن بين هؤلاء رجل يقال له........ وأنه إذ كان هذا المحضر قد أتى خالياً من بيان محل إقامة أي من الذين وردت أسماءهم به أو مهنته أو أية بيانات أخرى تفيد في الكشف عن شخصيته فضلاً عن أنه وإن يكن قد جاء بالتحريات أن المتهم – المطعون ضده – اسمه........ فإن هذه التحريات لم تصل إلى اسمه الثلاثي. إذ كان ذلك، فإن المحكمة ترى انه ليس هناك من الدلائل ما يكفي لتحديد شخصية المتهم باعتباره المعنى والمقصود بإذن التفتيش وبالتالي فإنها ترى بحق عدم جدية التحريات التي انبنى عليها هذا الإذن". وخلص الحكم من ذلك إلى القضاء ببراءة المطعون ضده لخلو الأوراق من دليل مستقل عما هو مستمد من التفتيش. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لتسويغ إصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي توكل إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وإذ كانت المحكمة قد أفصحت عن عدم اطمئنانها إلى جدية التحريات التي بنى عليها أمر التفتيش – للأسباب التي ساقتها فيما تقدم بيانه وحاصلها اشتمال محضر التحريات على جمع غفير من الناس مع خلوه من بيان محل إقامة أي منهم أو مهنته أو أي بيان آخر يفيد في التحقيق من شخصيته فضلاً عن عدم الوصول إلى الاسم الكامل للمطعون ضده – ولم تر هي ثمة حاجة للرجوع إلى الضابط الذي أجرى التحريات في هذا الشأن، سواء بسؤاله أو تقصي ما عسى أن يكون قد ورد بأقواله. لما كان ذلك، وكانت تلك الأسباب من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبته المحكمة عليها من انتفاء الدلائل الكافية لتحديد شخصية المطعون ضده باعتباره المعنى بالتحريات، فإنه لا يجوز للطاعنة – من بعد – مصادرة المحكمة في عقيدتها أو مجادلتها فيما انتهت إليه. لما كان ما تقدم، فان الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.