أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة الثامنة والعشرون - صـ 642

جلسة 22 من مايو سنة 1977

برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينه، ويعيش محمد رشدي، ومحمد وهبه، وأحمد موسى.

(135)
الطعن رقم 166 لسنة 47 القضائية

(1) حكم. "عرض حكم الإعدام". عقوبة الإعدام. "محكمة النقض". سلطتها.
وجوب عرض الحكم الحضوري الصادر بالإعدام. على محكمة النقض مشفوعاً. برأي النيابة.
حق محكمة النقض في نقض الحكم الخطأ في القانون. أو البطلان. ولو من تلقاء نفسها.
عدم تقيدها بحدود أوجه الطعن أو رأى النيابة. المادة 35/ 2 ق 57 لسنة 1959.
(2) إثبات. "بوجه عام". خبرة. عاهة عقلية. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
تقدير حالة المتهم العقلية. موضوعي. على المحكمة إجابة طلب ندب خبير للبت في هذه الحالة. إن لم تفعل عليها بيان أسس الرفض. مخالفة ذلك إخلال بحق الدفاع.
1- أن المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 تنص على أنه "مع عدم الإخلال بالأحكام المتقدمة إذا كان الحكم صادراً حضورياً بعقوبة الإعدام يجب على النيابة العامة أن تعرض القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم وذلك في الميعاد المبين بالمادة 34 وتحكم المحكمة طبقاً لما هو مقرر في الفقرة الثانية من المادة 35 والفقرتين الثانية والثالثة من المادة 39" ومفاد ذلك أن وظيفة محكمة النقض في شأن الأحكام الصادرة بالإعدام ذات طبيعة خاصة تقتضيها أعمال رقابتها على عناصر الحكم كافة موضوعية وشكلية وتقضى بنقض الحكم في أية حالة من حالات الخطأ في القانون أو البطلان ولو من تلقاء نفسها غير مقيدة في ذلك بحدود أوجه الطعن أو مبنى الرأي الذي تعرض به النيابة العامة تلك الأحكام وذلك هو المستفاد من الجمع بين الفقرة الثانية والثالثة من المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 المشار إليه.
2- من المقرر أن تقدير حالة المتهم العقلية وإن كان في الأصل من المسائل الموضوعية التي تختص محكمة الموضوع بالفصل فيها، إلا أنه يتعين ليكون قضاؤها سليماً أن تعين خبيراً للبت في هذه الحالة وجوداً وعدماً لما يترتب عليها من قيام أو انتقاء مسئولية المتهم، فإن لم تفعل كان عليها أن تبين في القليل الأسباب التي تبنى عليها قضاؤها برفض هذا الطلب بياناً كافياً وذلك إذا ما رأت من ظروف الحال ووقائع الدعوى وحالة المتهم أن قواه العقلية سليمة وأنه مسئول عن الجرم الذي وقع منه فإذا هي لم تفعل شيئاً من ذلك فإن حكمها يكون مشوباً بعيب القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع مما يبطله.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من (1)....... (2)......... (3)........ (4)....... (5)....... بأنهم المتهمون الأربعة الأول: قتلوا ومتهمه أخرى حدث........ عمداً بأن كتم أولهم أنفاسها بقطعة من القطن مبللة بسائل وطرحها أرضاً ووضع فوق صدرها أكياساً معبأة بالأسمنت ليزهق روحها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها، وقد كان القصد من ارتكاب هذه الجريمة تسهيل سرقة المتهمين المذكورين لنقود وأشياء المجني عليها الموصوفة بالتحقيقات من مسكنها فسعت المتهمتان الثانية والثالثة والمتهمة الحدث إلى مسكن المجني عليها في اليوم السابق على الحادث وانتظر المتهمان الأول والرابع على مقهى قريب حتى يبلغا الأولى بعدم تواجد أحد آخر مع المجني عليها وأن الظروف تمكن من مقارفتهم الحادث فلما تبين لهم جميعاً وجود جار للمجني عليها معها اعتاد مصاحبتها أرجأوا تنفيذ جريمتهم حتى اليوم التالي، وفيه التقى المتهمان الحدث والرابع بجار المجني عليها خارج المسكن ليمنعاه من الذهاب إليها بينما توجه المتهمون الثلاثة الأول إلى المسكن المذكور ودخلوه زاعماً أولهم أنه عامل بشركة المياه قادم لإصلاح العداد، ثم قتل هذا المتهم المجني عليها على النحو السابق وسرقوا النقود والأشياء المذكورين الأمر المعاقب عليه بعقوبة الجنحة طبقاً لنص المادة 317/ 1 – 5 من قانون العقوبات، وقد كانت جناية القتل نتيجة محتملة لجريمة السرقة المتفق عليها بين الجناه والمتهمة الخامسة. اشتركت بطريقى التحريض والاتفاق مع المتهمين الأربعة الأول والمتهمة الحدث في ارتكاب الجريمة سالفة الذكر بأن اتفقت معهم على سرقة نقود وأشياء المجني عليها ووضعت لهم خطة تنفيذ جريمتهم فتمت الجريمة بناء على هذا التحريض وذلك الاتفاق وكانت جناية القتل نتيجة محتملة لجريمة السرقة المتفق عليها فيما بينها وبين المتهمين الآخرين على مقارفتها وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 40/ 1 – 2 و41 و43 و224/ 1 - 3 من قانون العقوبات. فقرر ذلك. ومحكمة جنايات الإسكندرية قررت إحالة الأوراق إلى مفتي الجمهورية بالنسبة إلى المتهم الأول وأجلت النطق بالحكم لجلسة 18 ديسمبر سنة 1976 وفيما قضت حضورياً بالنسبة إلى المتهمين الأول والثانية والثالثة والخامسة (الطاعنين) وغيابياً للمتهم الرابع...... عملاً بالمواد 39 و40 و41 و43 و243/ 1 – 2 و235 و312 و317 و17 من قانون العقوبات. (أولاً) بإجماع الآراء بمعاقبة المتهم الأول....... بالإعدام شنقاً (ثانياً) بمعاقبة كل من المتهمين....... و........ بالأشغال الشاقة المؤبدة. (ثالثاً) بمعاقبة المتهمة....... بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات. (رابعاً) بمعاقبة المتهمة....... بالسجن لمدة خمس سنوات وذلك بعد أن عدلت المحكمة الوصف بالنسبة للمتهمين على النحو الآتي: المتهمون الثلاثة الأول: قتلوا...... عمد بأن أطبق المتهم الأول على وجهها بقطعة من القطن المشبعة بالبنج زودته بها المتهمة الثانية حتى إذا سقطت على الأرض وضع على صدرها ثلاث شكاير معبأة بالأسمنت قاصداً من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها وكان القتل لتسهيل ارتكاب هؤلاء المتهمين لجريمة سرقة نقود وأموال المجني عليها وكان القتل نتيجة محتملة لجريمة السرقة التي كان متفقاً عليها بين جميع المتهمين. المتهمين الرابع والخامسة: اشتركا مع المتهمين الثلاثة الأول في قتل المجني عليها....... عمداً بأن اشتركا مع هؤلاء المتهمين بطريق الاتفاق والتحريض على ارتكاب جريمة سرقة أموال المجني عليها سالفة الذكر كما ساعدهم المتهم الأول على ارتكابها وكان القتل للمساعدة على ارتكاب السرقة ونتيجة محتملة لها. فطعن المحكوم عليهم (الطاعنين) في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة عرضت القضية على هذه المحكمة طبقاً لما هو مقرر بالمادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض وقدمت مذكرة برأيها طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام الطاعن الأول.
وحيث إن المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 سالف البيان تنص على أنه "مع عدم الإخلال بالإحكام المتقدمة إذا كان الحكم صادراً حضورياً بعقوبة الإعدام يجب على النيابة العامة أن تعرض القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم وذلك في الميعاد المبين بالمادة 34 وتحكم المحكمة طبقاً لما هو مقرر في الفقرة الثانية من المادة 35 والفقرتين الثانية والثالثة من المادة 39" ومفاد ذلك أن وظيفة محكمة النقض في شأن الأحكام الصادرة بالإعدام ذات طبيعة خاصة تقتضيها أعمال رقابتها على عناصر الحكم كافة موضوعية وشكلية وتقضي بنقض الحكم في أية حالة من حالات الخطأ في القانون أو البطلان ولو من تلقاء نفسها غير مقيدة في ذلك بحدود أوجه الطعن أو مبنى الرأي الذي تعرض به النيابة العامة تلك الأحكام وذلك هو المستفاد من الجمع بين الفقرة الثانية من المادة 35 والفقرتين الثانية والثالثة من المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 المشار إليه لما كان ذلك، وكان يبين من الإطلاع على المفردات المضمومة أن المدافع عن الطاعن الأول قدم طلباً للنيابة العامة بتاريخ 21 يونيه سنة 1976 – أثناء تحقيقها الدعوى – جاء به أن الطاعن أصيب في حرب أكتوبر سنة 1973 مما أثر في تمييزه وأن تصرفاته تدل على انعدام إدراكه وبالتالي انتفاء مسئوليته عن الحادث وانتهى إلى طلب ضم ملف خدمة الطاعن بالقوات المسلحة وإحالته إلى الطبيب الشرعي لفحصه وتقرير مدى مسئوليته عن أفعاله وقد دفع الحاضر مع الطاعن أمام قاضي المعارضات في ذات التاريخ بانعدام مسئوليته لفقده الإدراك، كما أثار محاميه ذات الدفاع أمام مستشار الإحالة بجلسة 14 يونيه سنة 1976 وأبدى نفس الطلب كما ردده أيضاً أمام محكمة الجنايات بجلسة 28 يوليو سنة 1976 عند نظر طلب سماع الأقوال وقدم شهادات وأوراق خاصة به من بينها شهادة طبية مؤرخة 24 يوليو سنة 1976 صادرة من الدكتور........ تفيد أنه كان يعالج الطاعن في فترات مختلفة خلال عامي 74/ 1975 من تخلف عقلي نسبي وضعف في القدرة على التركيز. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أغفل هذا الدفاع ولم يرد عليه رغم جوهريته إذ أن مؤداه – لو ثبتت صحته انتفاء مسئولية الطاعن عملاً بنص المادة 62 من قانون العقوبات، وكان من المقرر أن تقدير حالة المتهم العقلية وإن كان في الأصل من المسائل الموضوعية التي تختص محكمة الموضوع بالفصل فيها، إلا أنه يتعين ليكون قضاؤها سليماً وأن تعين خبيراً للبت في هذه الحالة وجوداً وعدماً لما يترتب عليها من قيام أو انتفاء مسئولية المتهم، فإن لم تفعل كان عليها أن تبين في القليل الأسباب التي تبنى عليها قضاؤها برفض هذا الطلب بياناً وكافياً وذلك إذا ما رأت من ظروف الحال ووقائع الدعوى وحالة المتهم أن قواه العقلية سليمة وأنه مسئول عن الجرم الذي وقع منه، فإذا هي لم تفعل شيئاً من ذلك فإن حكمها يكون مشوباً بعيب القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع مما يبطله. لما كان ذلك، وكان البطلان الذي لحق الحكم المطعون فيه يندرج تحت حكم الحالة الثانية من المادة 30 التي أحالت إليها الفقرة الثانية من المادة 39، وكانت المادة 46 من القانون سالف الذكر قد أوجبت على هذه المحكمة أن تقضى من تلقاء نفسها بنقض الحكم إذا ما وقع فيه بطلان من هذا القبيل فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بالنسبة للطاعن الأول المحكوم عليه بإعدامه وباقي الطاعنين لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة، وذلك بغير حاجة إلى بحث ما يثيره الطاعنون في أوجه طعنهم.