مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية - العدد الأول (من أكتوبر سنة 1956 إلى آخر يناير سنة 1957) - صـ 97

(10)
جلسة 24 من نوفمبر سنة 1956

برياسة السيد/ السيد علي السيد - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل - المستشارين.

القضية رقم 1467 لسنة 2 القضائية

( أ ) موظفون منسيون - المادة 40 مكرراً من قانون نظام موظفي الدولة - عدم اشتراطها أن يكون الموظف قد قضى خدمته في الدرجات الثلاث وهو يشغل وظائف داخله في الهيئة - يكفي أن يتحقق فيه وقت تطبيقها صفة الموظف الداخل في الهيئة مع توافر باقي الشروط المطلوبة في هذا النص.
(ب) موظفون منسيون - قرار مجلس الوزراء الصادر في 15/ 10/ 1950 بشأن قواعد التيسير - نصه على اعتبار مدد الخدمة التي قضت بالدرجة الثانية وما فوقها في سلك الخارجين عن الهيئة كأنها مدد قضيت بالدرجة التاسعة - سريان هذا التفسير على من ينطبق عليه حكم المادة 40 مكررة من قانون نظام موظفي الدولة - أساس ذلك.
1- إنه ولئن كانت المادة 40 مكرراً قد وردت في الباب الأول من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة - وهو الباب الخاص بالموظفين الداخلين في الهيئة - إلا أنها لم تشترط أن يكون الموظف قد قضى خدمته في الدرجات الثلاث وهو يشغل وظائف داخلة في الهيئة؛ إذ أن حكمة التيسير على قدامى الموظفين التي قامت عليها هذه المادة تتنافى مع هذا التفسير الضيق، فلا يقف تطبيقها عند حد الموظفين الذين أمضوا المدد المبينة فيها في وظائف داخل الهيئة، بل يصدق حكمها على كل من تحققت فيه وقت تطبيقها صفة الموظف الداخل في الهيئة؛ إذ أن هذه الصفة هي شرط إعمال النص بحكم وروده في الباب الأول من القانون؛ حيث لا تخصيص بلا مخصص، متى توافرت باقي الشروط المتطلبة لإمكان الإفادة من هذا النص.
2- إن قرار مجلس الوزراء الصادر في 15 من أكتوبر سنة 1950 قد نص على اعتبار مدد الخدمة التي قضيت في وظائف من الدرجة الثانية وما فوقها في سلك المستخدمين الخارجين عن الهيئة كأنها مدد قضيت بالدرجة التاسعة، وإذا كان هذا القرار قد استهدف بحكمه أن يطبق في خصوص المدد التي تحسب عند الترقية تيسيراً، طبقاً لقرارات سنة 1950 الصادرة في هذا الشأن، فإن المادة 40 مكرراً التي أضيفت إلى القانون رقم 210 لسنة 1951 بالقانون رقم 94 لسنة 1953 لم تخرج عن أن تكون تقنيناً مجمعاً لقواعد التيسير التي صدر في شأنها قرار مجلس الوزراء سالف الذكر؛ إذ جاء في مذكرتها الإيضاحية: "وقد أضيفت مادة جديدة برقم 40 مكرراً لعلاج حالة قدامى الموظفين"؛ ومن ثم فإن التفسير الوارد في القرار المشار إليه يصدق على كل من ينطبق عليه حكم هذه المادة.


إجراءات الطعن

في 14 من مايو سنة 1956 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لشئون وزارات المالية والتجارة والتموين والزراعة بجلسة 14 من مارس سنة 1956 في الدعوى رقم 1055 لسنة 2 القضائية المرفوعة من السيد/ عطية عبد الله الشاذلي ضد مصلحة الأموال المقررة، والقاضي: "بأحقية المدعي في الدرجة السادسة من أول يوليه سنة 1953 وفي العلاوة الدورية من أول مايو سنة 1953 وذلك بالتطبيق للقانون رقم 210 لسنة 1951، وما يترتب على ذلك من آثار، ورفض ماعدا ذلك من الطلبات". وطلب رئيس هيئة المفوضين، للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن، الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى من استحقاق المدعي للدرجة السادسة من أول يوليه سنة 1953، والحكم برفض هذا الطلب.
وأعلن الطعن للحكومة في 10 من يوليه سنة 1956 وأعلن به المدعي في 22 من يوليه سنة 1956، ثم عين لنظر الطعن جلسة 20 من أكتوبر سنة 1956، وفيها سمعت الإيضاحات على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم أرجئ النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى إجراءاته الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يستفاد من أوراق الطعن، تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 1055 لسنة 2 القضائية أمام المحكمة الإدارية لشئون وزارات المالية والتجارة والتموين والزراعة يطلب الحكم: (أولاً) بضم مدة الخدمة التي قضاها في البوليس من عام 1909 لغاية عام 1920، إذ أن المصلحة ضمت جزءاً منها فقط. (ثانياً) منحة الدرجة السادسة الشخصية تطبيقاً للمادة 40 مكرراً من القانون رقم 210 لسنة 1951 التي تقضي بترقية من أمضى أكثر من ثلاثين سنة في ثلاث درجات إلى الدرجة التالية. (ثالثاً) منحة علاوة دورية من أول مايو سنة 1953. (رابعاً) منحة علاوة الثلاثين سنة. وقال شرحاً لدعواه إنه دخل مدرسة البوليس في سنة 1908 وتخرج فيها في سنة 1909 بدرجة كونستابل وطني بماهية شهرية قدرها 250 م 3 ج، وظل في هذه الدرجة حتى سنة 1919؛ إذ رقي إلى صف ضابط ثم ندب في سنة 1920 بمصلحة الأموال المقررة للعمل في وظيفة محصل بالدرجة الأولى الممتازة بمرتب شهري قدره ستة جنيهات، بلغ تسعة جنيهات في سنة 1930. ثم نقل نهائياً إلى المصلحة في عام 1938، ولم يحصل على أية ترقية منذ التحاقه بالمصلحة حتى عام 1944، كما لم يحصل على أية علاوة من عام 1930 لغاية عام 1944 ولم تطبق عليه قواعد إنصاف المنسيين، ولم تمنحه العلاوة الدورية المستحقة له في أول مايو سنة 1953. وقد ردت المصلحة على ذلك بمذكرتها المؤرخة 12 من إبريل سنة 1955 بأن المدعي من غير حملة المؤهلات الدراسية وله خدمة سابقة بالبوليس من أول أكتوبر سنة 1910 لغاية 30 من نوفمبر سنة 1920، وهذه المدة لا يجوز ضمها لمدة خدمته بالمصلحة طبقاً لقواعد ضم المدد؛ لأنه لا يحمل مؤهلاً دراسياً. ثم ألحق بخدمة المصلحة اعتباراً من أول ديسمبر سنة 1920، ومنح الدرجة الثامنة اعتباراً من أول نوفمبر سنة 1944، ثم رقي للدرجة السابعة من أول يوليه سنة 1949، كما رقي للدرجة السادسة الشخصية اعتباراً من أول يوليه سنة 1953 التاريخ التالي لقضاء أربع سنوات في الدرجة السابعة تطبيقاً للمادة 40 مكرراً من القانون رقم 210 لسنة 1951؛ وذلك لقضائه أكثر من ثلاث وثلاثين سنة في ثلاث درجات متتالية، وقد بلغ سن الخامسة والستين في 9 من مايو سنة 1952، ثم تقرر مد خدمته سنتين، وبلغت ماهيته 500 م و12 ج في أول مايو سنة 1951، ولم يمنح علاوة دورية في أول مايو سنة 1953؛ لأنها تقع في فترة مد خدمته. وذكرت أن موضوع استحقاق هذه العلاوة قيد البحث بينها وبين ديوان الموظفين. أما بخصوص طلب منحة علاوة الثلاثين سنة - طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 25 من يونيه سنة 1950 - فإنه لا ينطبق على حالته؛ لأن مدة الثلاثين سنة انقضت في 30 من نوفمبر سنة 1950 أي بعد التاريخ الذي اعتبره القرار السالف الذكر غاية لتنفيذ أحكامه. وانتهت إلى طلب رفض دعوى المدعي وإلزامه بالمصروفات. وفي أثناء سير الدعوى أوضحت المصلحة في كتابها المؤرخ 19 من نوفمبر سنة 1955 للسيد رئيس المحكمة الإدارية برقم 3 - 0/ 1685 أنها في سبيل منح المدعي العلاوة الدورية المستحقة في أول مايو سنة 1953 بعد أن وافق ديوان الموظفين على منحها. وفي 14 من مارس سنة 1956 قضت المحكمة بأحقية المدعي في الدرجة السادسة من أول يوليه سنة 1953 وفي العلاوة الدورية من أول مايو سنة 1953، وما يترتب على ذلك من آثار، وبرفض ماعدا ذلك من الطلبات. وبنت قضاءها باستحقاق المدعي للدرجة السادسة وللعلاوة الدورية المشار إليهما على أنه عين في الدرجة الأولى الممتازة خارج الهيئة اعتباراً من أول ديسمبر سنة 1920 ورقي إلى الدرجة الثامنة من أول نوفمبر سنة 1944 ثم للدرجة السابعة اعتباراً من أول يوليه سنة 1949 فيكون قد قضى ثلاثين سنة في ثلاث درجات متتالية، واستكمل أربع سنوات في أول يوليه سنة 1953؛ فيحق له الإفادة من أحكام المادة 40 مكرراً من القانون رقم 210 سنة 1951. ثم قالت إن المصلحة ذكرت في كتابه المؤرخ 12 من إبريل سنة 1955 أنها أصدرت قراراً في 2 من أغسطس سنة 1954 بترقية المدعي إلى الدرجة السادسة الشخصية اعتباراً من أول يوليه سنة 1953 بالتطبيق للمادة 40 مكرراً المشار إليها؛ إلا أنها لم تجد هذا القرار بين الأوراق، كما أن المدعي لم يطلب الحكم باعتبار الخصومة منتهية في هذا الشق من الدعوى؛ ومن ثم يتعين إجابته إلى طلبه في هذا الصدد. كما بنت قضاءها باستحقاق المدعي للعلاوة الدورية المستحقة في أول مايو سنة 1953 في الدرجة السابعة وقدرها 500 م و1 ج شهرياً على أن قرار إبقائه في الخدمة بعد سن الخامسة والستين لم يتضمن حرمانه من هذه العلاوة؛ يؤكد ذلك أن مصلحة الأموال المقررة سلمت بحقه فيها، وذلك في كتابها المؤرخ 19 من نوفمبر سنة 1955. وقد طعن رئيس هيئة مفوضي الدولة في هذا الحكم بانياً طعنه على أن المادة 40 مكرراً التي استندت إليها المحكمة في قضاءها للمدعي باستحقاقه للدرجة السادسة في أول يوليه سنة 1953 وردت في الباب الأول من القانون رقم 210 لسنة 1951 وهو الباب الخاص بالموظفين الداخلين في الهيئة، ولا يدخل بداهة في حسابها إلا المدد التي تقضي على درجة من درجات هؤلاء الموظفين دون تلك التي تقضي على غيرها من درجات المستخدمين الخارجين عن الهيئة، ولا يغنيه عن ذلك أنه قضى المدة السابقة على الدرجة الثامنة في الدرجة الممتازة التي يزيد متوسط مربوطها على متوسط مربوط الدرجة التاسعة؛ ذلك لأن قرار مجلس الوزراء الصادر في 15 من أكتوبر سنة 1950 الذي قضى باعتبار تلك المدد كأنها مدد قضت في الدرجة التاسعة إنما صدر بقصد حسابها في المدد التي تحسب بالترقية تيسيراً طبقاً لقرارات سنة 1950 الصادرة في هذا الشأن، فلا يجوز إدخالها بالتالي - استناداً إلى هذا القرار - ضمن المدد التي تدخل في حساب المادة 40 مكرراً.
ومن حيث إنه ولئن كانت المادة 40 مكرراً قد وردت في الباب الأول من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة، وهو الباب الخاص بالموظفين الداخلين في الهيئة إلا أنها لم تشترط أن يكون الموظف قد قضى خدمته في الدرجات الثلاث وهو يشغل وظائف داخلة في الهيئة؛ إذ أن حكمة التيسير على قدامى الموظفين التي قامت عليها هذه المادة تتنافى مع هذا التفسير الضيق، فلا يقف تطبيقها عند حد الموظفين الذين أمضوا المدد المبينة فيها في وظائف داخل الهيئة، بل يصدق حكمها على كل من تحققت فيه وقت تطبيقها صفة الموظف الداخل في الهيئة؛ إذ أن هذه الصفة هي شرط إعمال النص بحكم وروده في الباب الأول من القانون؛ حيث لا تخصيص بلا مخصص، متى توافرت باقي الشروط المتطلبة لإمكان الإفادة من هذا النص. ولا سند من القانون لحرمان المدعي من المزية التي قررتها المادة 40 مكرراً لقدامى الموظفين، وقد حصل على الدرجة لأولى الممتازة في 30 من نوفمبر سنة 1920 في وقت لم يكن للدرجة التاسعة فيه وجود، وكانت هذه الدرجة الأولى الممتازة معتبرة في مستوى الدرجة التاسعة، وكان يتقاضى فيها مرتباً يزيد على أعلى متوسط مربوط الدرجة التاسعة؛ وآية ذلك أنه رقي من هذه الدرجة الممتازة إلى الدرجة الثامنة مباشرة في نوفمبر سنة 1944، ثم إلى الدرجة السابعة في أول يوليه سنة 1953. وقد صدر قرار مجلس الوزراء في 15 من أكتوبر سنة 1950 ناصاً على اعتبار مدد الخدمة التي قضت في وظائف من الدرجة الثانية وما فوقها في سلك المستخدمين الخارجين عن الهيئة كأنها مدد قضيت بالدرجة التاسعة. وإذا كان هذا القرار قد استهدف بحكمه أن يطبق في خصوص المدد التي تحسب عند الترقية تيسيراً طبقاً لقرارات سنة 1950 الصادرة في هذا الشأن. فإن المادة 40 مكرراً التي أضيفت إلى القانون رقم 210 لسنة 1951 بالقانون رقم 94 لسنة 1953 لم تخرج عن أن تكون تقنيناً مجمعاً لقواعد التيسير التي صدر في شأنها قرار مجلس الوزراء سالف الذكر؛ إذ جاء في مذكرتها الإيضاحية: "وقد أضيفت مادة جديدة برقم 40 مكرراً لعلاج حالة قدامى الموظفين"؛ ومن ثم فإن التفسير الوارد في القرار المشار إليه يصدق على كل من ينطبق عليه حكم هذه المادة.
ومن حيث إنه، فضلاً عما تقدم، قد أصدرت مصلحة الأموال المقررة قرارها في 2 من أغسطس سنة 1954 بترقية المطعون عليه أثناء نظر دعواه أمام المحكمة الإدارية إلى الدرجة السادسة بالتطبيق لنص المادة 40 مكرراً سالفة الذكر وذلك اعتباراً من أول يوليه سنة 1953.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد صادف الصواب، ويكون الطعن قد قام على غير أساس سليم من القانون ويتعين رفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً.