أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 21 - صـ 503

جلسة 5 من أبريل سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ سعد الدين عطية، وعضوية السادة المستشارين: أنور خلف، ومحمود عطيفة، والدكتور أحمد محمد إبراهيم، والدكتور محمد محمد حسنين.

(121)
الطعن رقم 1804 لسنة 39 القضائية

(أ، ب) مواد مخدرة. تفتيش. "إذن التفتيش". "إصداره". إثبات. "خبرة". "بوجه عام". حكم. " تسبيبه. تسبيب معيب".
( أ ) تمحيص الدعوى والإحاطة بظروفها والأدلة المقدمة فيها. لازم لصحة القضاء بالبراءة.
(ب) تبرئة المتهم استناداً إلى وجود كشط في ساعة تحرير الإذن بالقبض عليه وتفتيشه. دون التعرض للدليل المستمد من تحرير الإذن أسفل محضر التحريات مباشرة، ودون التعرض لما قرره وكيل النيابة مصدر الإذن من أن ساعة إصداره له تالية لساعة تحرير محضر التحريات. خطأ. أساس ذلك.
1 - لئن كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تقضي بالبراءة متى تشككت في صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت عليه، إلا أن ذلك مشروط بأن يشتمل حكمها على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة، ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم، أو داخلتها الريبة في صحة عناصر الإثبات.
2 - إذا كان يبين من الاطلاع على المفردات أن الإذن بالقبض والتفتيش حرر على نفس الصحيفة التي حرر عليها محضر التحريات وأسفله مباشرة وقد صدره السيد وكيل النيابة بعبارة "بعد الاطلاع على محضر التحريات المسطر عاليه" كما يبين من مطالعة مذكرة السيد وكيل النيابة في هذا الخصوص، المؤرخة 25 من أكتوبر سنة 1967، أنه جزم بأن ساعة إصداره إذن القبض والتفتيش كانت تالية للساعة التي حرر فيها محضر التحريات، وكان الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى تبرئة المطعون ضده استناداً إلى ما ورد بقسم أبحاث التزييف والتزوير من وجود كشط في ساعة تحرير إذن النيابة بالقبض والتفتيش دون أن تعرض المحكمة للدليل المستمد من تحرير الإذن أسفل محضر التحريات مباشرة، ومما قرره وكيل النيابة مصدر الإذن، في هذا الشأن، ودون أن تدلي برأيها في هذا الدليل بما يفيد أنها على الأقل فطنت إليه ووزنته ولم تقتنع به، أو أن تحققه حتى تصل إلى وجه الحق في الأمر - عن طريق مناقشة المختص فنياً - فإن ذلك مما ينبئ بأنها أصدرت حكمها دون أن تحيط بأدلة الدعوى وتمحصها، مما يعيب الحكم ويوجب نقضه والإحالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 23/ 11/ 1966 بدائرة مركز بلبيس محافظة الشرقية: أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (حشيشاً وأفيوناً) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بمواد الاتهام فصدر قراره بذلك. ومحكمة جنايات الزقازيق قضت حضورياً ببراءة المتهم مما أسند إليه ومصادرة المخدر المضبوط. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعي على الحكم المطعون فيه، أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من تهمة إحراز جواهر مخدرة بقصد الاتجار قد عاره قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال ذلك بأنه أسس البراءة على ما ورد في تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير من وجود تلاعب في وقت تحرير إذن النيابة بضبط وتفتيش المطعون ضده وخلص إلى أن الإذن صدر قبل تحريات الشرطة مما يجعله باطلاً وفات الحكم أن يناقش ما ثبت من مناظرة الإذن من أنه حرر على نفس الصحيفة التي حرر عليها محضر التحريات وأسفله مباشرة مما يقطع بأنه حرر في وقت زمني لاحق على تحرير محضر التحريات، كما أنه لم يتعرض لمذكرة السيد وكيل النيابة مصدر إذن التفتيش والتي جزم فيها بأنه أصدر الإذن في وقت لاحق على تحرير محضر التحريات.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى، كما صورها الاتهام قال تبريراً لقضائه بالبراءة: "ومن حيث إن الواضح من الأوراق أن ثمة تلاعباً في موعد صدور إذن النيابة بضبط وتفتيش المتهم وقد اكتشف هذا التلاعب في قلم النسخ إذ استبان للموظف أن محضر التحريات قد تحرر في تمام الساعة 2 صباحاً في حين أن الإذن قد صدر في تمام الساعة 15و1 صباحاً ذات اليوم مما دعا النيابة إلى إرسال محضري تحريات الشرطة وإذن النيابة إلى قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي وقد استبان للمحكمة من مطالعة هذا التقرير أن تاريخ وساعة تحرير محضر التحريات وكذا تاريخ تحرير إذن التفتيش وهي بيانات أصلية ولا تعديل فيها، وأما وقت تحرير إذن التفتيش فقد ثبت حدوث محو آلي بأداة حادة لبيانات سابقة على يمين رقم (1) من البيان الدال على وقت تحرير إذن التفتيش المؤرخ 23/ 11/ 1966 (الساعة 15و1 صباحاً) وقد جزم التقرير بأنه كان هناك رقم سابق على يمين الرقم الأصلي (1). ومن حيث أن الثابت يقيناً من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير أن ميعاد تحرير محضر التحريات كان في تمام الساعة الثانية صباحاً وأن ميعاد صدور إذن النيابة بالتفتيش كان سابقاً على الساعة 15و1 بدليل ما ذهب إليه هذا التقرير على وجه الجزم بأن هناك رقماً على يمين رقم (1) قد محي بآلة حادة، ومن ثم فبوجود هذا الرقم أياً كان رقمه يجعل ساعة صدور الإذن سابقة على الساعة 15و1 صباحاً وبالتالي يكون هذا الإذن قد صدر قبل تحريات الشرطة ويعتبر باطلاً في صحيح القانون لصدوره دون سبقه بتحريات جدية أو قيام دلائل أو قرائن تسمح بتوجيه الاتهام إلى المتهم تبيح لسلطة التحقيق صدور هذا الإذن. ومن حيث أنه وقد انتهت المحكمة إلى بطلان إذن التفتيش وعدم جديته وأن تفتيش المتهم قد أجرى في ظل إجراءات باطلة، فإنها تطرح ما انتهى إليه من أدلة ولا يسوغ أن يؤخذ بدليل مستمد منه ويصبح الاتهام تبعاً لذلك عار عن الدليل، مما يتعين معه القضاء ببراءة المتهم مما أسند إليه" لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه وإن كان لمحكمة الموضوع أن تقضي بالبراءة متى تشككت في صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت عليه، إلا أن ذلك مشروط بأن يشتمل حكمها على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في صحة عناصر الإثبات. وإذ كان ما تقدم, وكان يبين من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أن الإذن بالقبض والتفتيش حرر على نفس الصحيفة التي حرر عليها محضر التحريات وأسفله مباشرة وقد صدره السيد وكيل النيابة بعبارة "بعد الاطلاع على محضر التحريات عاليه" كما يبين من مطالعة مذكرة السيد وكيل النيابة في هذا الخصوص المؤرخة 25 من أكتوبر سنة 1967 أنه جزم بأن ساعة إصداره إذن القبض والتفتيش كانت تالية للساعة التي حرر فيها محضر التحريات. وكان الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى تبرئة المطعون ضده استناداً إلى ما ورد بتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير من وجود كشط في ساعة تحرير إذن النيابة بالقبض والتفتيش دون أن تعرض المحكمة للدليل المستمد من تحرير الإذن أسفل محضر التحريات مباشرة ومما قرره السيد وكيل النيابة مصدر الإذن في هذا الشأن ودون أن تدلي برأيها في هذا الدليل بما يفيد أنها على الأقل فطنت إليه ووزنته ولم تقتنع به أو أن تحققه حتى تصل إلى وجه الحق في الأمر - عن طريق مناقشة المختص فنياً، فإن ذلك مما ينبئ بأنها أصدرت حكمها دون أن تحيط بأدلة الدعوى وتمحصها مما يعيب الحكم ويوجب نقضه، ولما كانت المحكمة بهذا التقرير القانوني الخاطئ قد حجبت نفسها عن تناول موضوع الدعوى وأدلتها فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.