مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية - العدد الأول (من أكتوبر سنة 1956 إلى آخر يناير سنة 1957) - صـ 106

(12)
جلسة 24 من نوفمبر سنة 1956

برياسة السيد/ السيد علي السيد - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل - المستشارين.

القضية رقم 1706 لسنة 2 القضائية

( أ ) تياترات - دور السينما تنظمها أحكام لائحة التياترات مع الأحكام التي تنظم المحال العامة فيما يتصل بتلك الدور - أساس ذلك.
(ب) ترخيص - الترخيص في فتح دار للسينما أو تشغيلها هو عملية إدارية تمر بمراحل وإجراءات خاصة يلزم استيفاؤها قبل أن تتوج بالرخصة النهائية - الإذن المؤقت بتشغيل تلك الدور لا يغني عن هذه الرخصة - من الاشتراطات الواجب توافرها في المحال العامة ما يتصل بالنظام العام كتلك الواردة بالمادة 24 من لائحة المحال العمومية الصادرة بالقانون رقم 38 لسنة 1941 - وجوب احترام الإدارة لذلك - مثال.
1- إن لائحة التياترات الصادرة في 12 من يوليه سنة 1911 نصت في مادتها السادسة عشرة على أن "تسري أحكام هذه اللائحة مع أحكام لائحة المحلات العمومية ليس فقط على التياترات، بل أيضاً على محلات لعب الخيول (السيرك) ومحلات السينما توغراف وقهاوي الموسيقى وما أشبه من المحلات العمومية للفرجة والمشاهدة.....". ويؤخذ من ذلك أن دور السينما تنظمها أحكام تلك اللائحة مع الأحكام التي تنظم المحال العامة فيما يتصل بتلك الدور، وذلك بطريق إحالة اللائحة إلى هذه الأحكام، فيعتبر ما أحيل إليه وكأنه جزء من أحكام اللائحة في هذه الخصوص.
2- إن المادة الأولى من لائحة التياترات قد نصت على أنه "لا يجوز فتح تياترو للعموم أو تشغليه قبل الترخيص بذلك مقدماً من المحافظ أو المدير"، فالرخصة لازمة لفتح المحل أو لتشغيله، وهي تستوجب استيفاء إجراءات وتوافر اشتراطات؛ فتلزم موافقة المحافظ أو المدير على موقع المحل، كما له أن يقرر بعد أخذ رأي قومسيون التياترات ما يلزم رعايته من الأبعاد وما يجب اتخاذه من التدابير المتعلقة بالبناء وكذلك التنسيقات والإنارة.... الخ. ونصت المادة الخامسة من اللائحة على أنه "لا تعطي الرخصة بفتح التياترو إلا بعد أن يتحقق القومسيون بأن جميع الإجراءات التي تقررت صار تنفيذها". ويؤخذ من ذلك كله أن الترخيص في فتح مثل هذا المحل هو عملية إدارية تمر بإجراءات ومراحل خاصة يلزم استيفاؤها قبل أن تتوج بالرخصة النهائية؛ فلا يغني عن هذه الرخصة الإذن المؤقت بتشغيل المحل؛ إذ المفروض من توقيت مثل هذا الإذن أنه لا يقيد الإدارة عند التقرير النهائي لملاءمة الترخيص أو عدمه، حسبما يستبين لها من العناصر التي تجتمع لديها أو تتهيأ لها أخيراً. وعلى مقتضى ذلك، فإن الحكم المطعون فيه، إذ أقام قضاءه على أنه سبق صدور رخصة بفتح المحل وتشغيله للمستغل السابق بما رتب له حقاً مكتسباً، قد جاوز الواقع؛ إذ لم تصدر الرخصة النهائية بالفعل، وغاية الأمر أنه صدر إذن مؤقت بالتشغيل، وهو كما سبق القول لا يغني عن تلك الرخصة، كما لا يجدي في هذا المقام التحدي بسبق موافقة المحافظ على الموقع؛ إذ أن هذه الموافقة كانت بمناسبة الإذن المؤقت المشار إليه، وهذا الإذن - كما سلف القول - لا يقيد الإدارة عند تقرير ملاءمة الرخصة بعد أن تتكامل لديها جميع العناصر التي على مقتضاها تزن المناسبة وزنها النهائي. والواقع من الأمر أن المحافظ، إذ وافق على التشغيل المؤقت، إنما كان متأثراً بموافقة المطران وقتذاك بشروط وقيود قد لا يتعارض فيها التشغيل المؤقت مع أداء فرائض العبادة، وعلى اعتبار أنه سينما صيفي لا شتوي، بينما الترخيص النهائي مطلوب على أساس وضع مغاير لذلك، أي لدار سينما شتوي، ومع ذلك فيجب التنبيه إلى أن من الاشتراطات الواجب توافرها في المحال العامة ما يتصل بالنظام العام، كتلك الواردة في المادة 24 من لائحة المحال العمومية الصادرة بالقانون رقم 38 لسنة 1941 التي تنهي عن فتح مثل هذه المحال بالقرب من الأماكن المعدة لإقامة الشعائر الدينية بحيث يمتنع على الإدارة إهدارها، ما دام الشارع قد قررها بصيغة آمرة مستهدفاً بذلك النظام العام أو الآداب، فلا جناح على الإدارة أن تتدارك ذلك نزولاً على حكم القانون الوارد بالصيغة الآمرة؛ لاتصاله بالنظام العام، وذلك عند تقديرها لملاءمة الترخيص النهائي، كما حصل في خصوصية النزاع.


إجراءات الطعن

في 31 من يوليه سنة 1956 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الأولى) بجلسة 12 من يونيه سنة 1956 في الدعوى رقم 1047 لسنة 10 القضائية في طلب وقف التنفيذ، القاضي بوقف تنفيذ القرار المطعون. وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - الحكم "بقبول هذا الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، ورفض طلب وقف التنفيذ". وقد أعلن هذا الطعن إلى ذوي الشأن في 4 من أغسطس سنة 1956، وعين لنظره جلسة 4 من أغسطس سنة 1956، وفيها وفي الجلسات التالية سمعت إيضاحات الطرفين على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم أرجى النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن المدعي يستند في طلب وقف تنفيذ القرار الصادر من المدير العام لبلدية القاهرة المعلن إلى المدعي في 21 من فبراير سنة 1956 والقاضي برفض الطلب المقدم منه "بالترخيص له في تشغيل دار السينما الشتوي الكائنة بناصية شارعي الظاهر وأرض الحرمين المؤجرة له من وكيل دائني حلمي يوسف" - يستند إلى أن هذا القرار مشوب بمخالفة القانون وبإساءة استعمال السلطة؛ بمقولة إن بلدية القاهرة اعتبرت السينما من المحال العامة في حين أن القانون رقم 38 لسنة 1941 قد استبعدها من عداد هذه المحال، وأن تغيير المستغل لا يبطل الرخصة التي أعطيت لإدارة هذه السينما، ولأن حلمي يوسف عبد النبي كان قد تقدم بعد حريق السينما وحوادث 26 من يناير سنة 1952 إلى التنظيم للترخيص له في تنكيس الحوائط وأنذره فلم يرد عليه، وأنه ما كان يجوز رفض الترخيص في التشغيل بسبب عدم وجود رخصة البناء، وأن أحكام الغلق لا شأن لها بالترخيص، وأن السيد مطران السريان الكاثوليك سبق أن وافق على تشغيل السينما ووافقت الإدارة على الموقع بعد ذلك، فلا يصح العود إلى المجادلة في ملاءمة الموقع.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه، إذ قضى بوقف تنفيذ القرار المشار إليه، قد استند إلى أن الثابت من الأوراق أن السينما قد وافق المحافظ على موقعها في 6 من يوليه سنة 1950، كما وافق على تشغيلها في 13 من الشهر المذكور، واستمر تشغيلها حتى احترقت في حوادث 26 من يناير سنة 1952، وأن الرخصة تظل قائمة قانوناً لا يجوز للسلطة الإدارية سحبها أو الرجوع فيها بعد منحها؛ لما في ذلك من المساس بالحق المكتسب، ولا يؤثر في قيام الرخصة احتراق السينما في حوادث 26 من يناير سنة 1952؛ لأن هذا الحادث قهري ولا يدل بحال على أن صاحبها ترك حقه في الرخصة، كما لا يؤثر في قيامها تغيير المستغل للسينما؛ لأن المادة الثامنة عشرة من لائحة التياترات لم ترتب على ذلك إلغاء الرخصة، بل أوجبت فقط الإخطار عن المستغل الجديد.
ومن حيث إن المحكمة - إذ تستظهر ركن المشروعية في القرار الإداري بالقدر اللازم لنظر وقف التنفيذ، ومع عدم المساس بطلب الإلغاء - تلاحظ بادئ ذي بدء أن لائحة التياترات الصادرة في 12 من يوليه سنة 1911 نصت في مادتها السادسة عشرة على أن "تسري أحكام هذه اللائحة مع أحكام لائحة المحلات العمومية ليس فقط على التياترات، بل أيضاً على محلات لعب الخيول (السيرك) ومحلات السينما توغراف وقهاوي الموسيقى وما أشبه من المحلات العمومية للفرجة والمشاهدة...". ويؤخذ من ذلك أن دور السينما تنظمها أحكام تلك اللائحة مع الأحكام التي تنظم المحال العامة فيما يتصل بتلك الدور، وذلك بطريق إحالة اللائحة إلى هذه الأحكام فيعتبر ما أحيل إليه وكأنه جزء من أحكام اللائحة في هذا الخصوص.
ومن حيث إن المادة الأولى من لائحة التياترات قد نصت على أنه "لا يجوز فتح تياترو للعموم أو تشغيله قبل الترخيص بذلك مقدماً من المحافظ أو المدير". فالرخصة لازمة لفتح المحل أو لتشغيله، وهي تستوجب استيفاء إجراءات وتوافر اشتراطات؛ فتلزم موافقة المحافظ أو المدير على موقع المحل، كما له أن يقرر بعد أخذ رأي قومسيون التيارترات ما يلزم رعايته من الأبعاد وما يجب اتخاذه من التدابير المتعلقة بالبناء وكذلك التنسيقات والإنارة.... إلخ، ونصت المادة الخامسة من اللائحة على أنه "لا تعطي الرخصة بفتح التياترو إلا بعد أن يتحقق القومسيون بأن جميع الإجراءات التي تقررت صار تنفيذها". ويؤخذ من ذلك كله أن الترخيص في فتح مثل هذا المحل هو عملية إدارية تمر بإجراءات ومراحل خاصة يلزم استيفاؤها قبل أن تتوج بالرخصة النهائية، فلا يغني عن هذه الرخصة الإذن المؤقت بتشغيل المحل؛ إذ المفروض من توقيت مثل هذا الإذن أنه لا يقيد الإدارة عند التقرير النهائي لملاءمة الترخيص أو عدمه، حسبما يستبين لها من العناصر التي تجتمع لديها أو تتهيأ لها أخيراً. وعلى مقتضى ذلك فإن الحكم المطعون فيه - إذ أقام قضاءه على أنه سبق صدور رخصة بفتح المحل وتشغيله للمستغل السابق بما رتب له حقاً مكتسباً - قد جاوز الواقع؛ إذ لم تصدر الرخصة النهائية بالفعل، وغاية الأمر أنه صدر إذن مؤقت بالتشغيل، وهو كما سبق القول لا يغني عن تلك الرخصة، كما لا يجدي في هذا المقام التحدي بسبق موافقة المحافظ على الموقع؛ إذ أن هذه الموافقة كانت بمناسبة الإذن المؤقت المشار إليه، وهذا الإذن - كما سلف القول - لا يقيد الإدارة عند تقرير ملاءمة الرخصة بعد أن تتكامل لديها جميع العناصر التي على مقتضاها تزن المناسبة وزنها النهائي. والواقع من الأمر أن المحافظ إذ وافق على التشغيل المؤقت إنما كان متأثراً بموافقة المطران وقتذاك بشروط وقيود قد لا يتعارض فيها التشغيل المؤقت مع أداء فرائض العبادة، وعلى اعتبار أنه سينما صيفي لا شتوي، بينما الترخيص النهائي مطلوب على أساس وضع مغاير لذلك، أي لدار سينما شتوية. ومع ذلك فيجب التنبيه إلى أن من الاشتراطات الواجب توافرها في المحال العامة ما يتصل بالنظام العام كتلك الواردة في المادة 24 من لائحة المحال العمومية الصادرة بالقانون رقم 38 لسنة 1941 التي تنهي عن فتح مثل هذه المحال بالقرب من الأماكن المعدة لإقامة الشعائر الدينية، بحيث يمتنع على الإدارة إهدارها، ما دام الشارع قد قررها بصيغة آمرة، مستهدفاً بذلك النظام العام أو الآداب، فلا جناح على الإدارة أن تتدارك ذلك نزولاً على حكم القانون الوارد بالصيغة الآمرة لاتصاله بالنظام العام وذلك عند تقديرها لملاءمة الترخيص النهائي، كما حصل في خصوصية النزاع. فلهذا كله، ومع عدم المساس بأصل الموضوع، ترى المحكمة - على حسب الظاهر من الأوراق - أن الحكم المطعون فيه قد قام على غير أساس سليم من القانون، فيتعين إلغاؤه، والقضاء برفض طلب وقف التنفيذ، مع إلزام الطالب بالمصروفات الخاصة به.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض طلب وقف التنفيذ، وألزمت المدعي بالمصروفات الخاصة بهذا الطلب.