مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية - العدد الأول (من أكتوبر سنة 1956 إلى آخر يناير سنة 1957) - صـ 122

(15)
جلسة أول ديسمبر سنة 1956

برياسة السيد/ السيد علي السيد - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل - المستشارين.

القضية رقم 1617 لسنة 2 القضائية

( أ ) مرافعات - سريان قوانين المرافعات من حيث الزمان - الأصل أنها تسري على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى أو تم من الإجراءات قبل تاريخ العمل بها - الاستثناءات من هذا الأصل - المادة الأولى من قانون المرافعات.
(ب) مرافعات - سريان قوانين المرافعات من حيث الزمان - الوضع بالنسبة للقوانين المعادلة للاختصاص، وتلك المنظمة لطرق الطعن في الأحكام - تعريف كل منهما ووجه الفرق بينهما.
(ج) جامعة - القانون رقم 345 لسنة 1956 - تحريمه الطعن بالإلغاء أو وقف التنفيذ أمام أية هيئة قضائية في القرارات والأوامر الصادرة من الهيئات الجامعية في شئون طلابها - اعتباره في هذا الصدد من القوانين المعدلة للاختصاص، لا المنظمة لطرق الطعن في الأحكام - المادة 1/ 1 من قانون المرافعات.
1- الأصل في قوانين المرافعات أنها تسري على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى أو تم من الإجراءات قبل تاريخ العمل بها، وقد ردد صدر المادة الأولى من قانون المرافعات المدنية والتجارية هذا الأصل؛ ومرد ذلك - كما ورد بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون - هو أن "القاعدة في سريان قوانين المرافعات على الدعاوى القائمة هي من الأحوال المسلمة إذ أن القوانين المنظمة لأصول التداعي والترافع والحكم وطرق الطعن والتنفيذ والتحفظ هي في عمومها منظمة لمراكز قانونية خاضعة بطبيعتها للتعديل والتغيير من جانب المشروع دون أن يرمي عمله برجعية الأثر". ولكن النص قد أخرج من هذه القاعدة العامة على سبيل الاستثناء الحالات التي حصرها في الفقرات الثلاث التالية وهي: (1) القوانين المعدلة للاختصاص متى كان تاريخ العمل بها بعد إقفال باب المرافعة في الدعوى، (2) القوانين المعدلة للمواعيد متى كانت قد بدأت قبل تاريخ العمل بها، (3) القوانين المنظمة لطرق الطعن بالنسبة لما صدر من الأحكام قبل تاريخ العمل بها متى كانت ملغية أو منشئة لطريق من تلك الطرق. والحكمة التشريعية في هذه الاستثناءات، هي - كما جاء في المذكرة الإيضاحية - رعاية لحقوق ثبتت أو مصالح رؤى أنها جديرة بالاستثناء؛ ذلك أنه يكون أقرب إلى السداد والقصد ألا تنزع الدعاوى التي حجزت للحكم من المحكمة التي أتمت تحقيقها وسمعت المرافعة فيها؛ لأن الدعوى بعد أن تبلغ هذا المبلغ من الاستواء للحكم تصبح مصلحة الخصوم في عدم انتزاعها في مرتبه الحق الذي لا يصح المساس به إلا بنص خاص، ولأنه متى بدأ الميعاد في ظل قانون معين فمن العدل وحسن النظر أن ينتهي طبقاً لهذا القانون نفسه، كيلا يتبعض الميعاد أو يضطرب حساب بدايته ونهايته ومداه، ولأنه من المساس بالحقوق المكتسبة أن تسري القوانين الجديدة على الأحكام الصادرة قبل العمل بها، متى كانت تلك القوانين ملغية أو منشئة لطريق من طرق الطعن.
2- إن المراد بالقوانين المعدلة للاختصاص - في حكم الفقرة (1) من المادة الأولى من قانون المرافعات - القوانين التي تغير الولاية القضائية أو الاختصاص النوعي أو المحلي، دون أن تلغي محكمة أو تزيل جهة قضاء، وإلا لأحدث هذا الإلغاء أثره حتماً بمجرد نفاذ القانون الذي صدر، وتنتقل الدعاوى التي كانت قائمة أمام المحكمة الملغاة إلى جهة القضاء التي عينها، ما لم ينص على غير ذلك. أما القوانين المنظمة لطرق الطعن فهي تلك التي تلغي طريق طعن كان موجوداً وقت صدور الحكم وأصبح للمحكوم عليه بصدوره الحق في سلوكه، أو أوجدت طريق طعن لم يكن موجوداً قبل صدور الحكم الذي حصل عليه المحكوم له غير قابل لهذا النوع من الطعن، أي بالنسبة إلى أحكام يجعلها القانون الجديد قابلة لطريق طعن جديد يفتحه أو يحرمها من طريق طعن موجود يسده. وغنى عن البيان أن إعمال الفقرة الثالثة يفترض بقاء الاختصاص لجهة القضاء للفصل في النزاع، أما إذا امتنع ذلك عليها بأن أصبحت معزولة عن نظره بحذافيره ممنوعة من سماعه، على وفق الفقرة الأولى، وجب تطبيق هذه الفقرة؛ نزولاً على حكم الشارع في منع أية هيئة قضائية من التصدي لنظر مثل هذا النزاع، أياً كان مثاره أو مرحلته في درجات التقاضي، ما دام القانون المعدل للاختصاص القاضي بمنع جميع جهات القضاء من نظره برمته قد أصبح معمولاً به قبل باب المرافعة في الدعوى.
3- إن نص المادة 291 من القانون رقم 345 لسنة 1956 في شأن تنظيم الجامعات المصرية، إذ قضى بأنه "لا يجوز الطعن بالإلغاء أو وقف التنفيذ أمام أية هيئة قضائية في القرارات والأوامر الصادرة من الهيئات الجامعية في شئون طلابها" لا يهدف إلى مجرد تنظيم طرق الطعن، سواء بالنسبة إلى القرارات الإدارية التي عناها أو الأحكام الصادرة في شأنها، بل يقصد في الواقع من الأمر، إلى منع أية جهة قضائية من نظر منازعة يكون موضوعها الطعن في القرارات والأوامر الصادرة من الهيئات الجامعية في شئون طلابها، وهو بهذه المثابة قانون معدل لاختصاص مجلس الدولة في هذا الخصوص؛ مما لا معدى معه عن تطبيق الفقرة الأولى من المادة الأولى من قانون المرافعات، ما دام ذلك القانون قد أصبح معمولاً به قبل قفل باب المرافعة في هذه المنازعة والنزول على حكمه في القضاء بعدم جواز نظرها.


إجراءات الطعن

في 25 من يونيه سنة 1956 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد تحت رقم 1617 لسنة 2 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الأولى) بجلسة 5 من يونيه سنة 1956 في طلب وقف التنفيذ المقدم في الدعوى رقم 1353 لسنة 10 القضائية المقامة من حلمي شحاتة معوض ضد جامعة عين شمس ووزارة التربية والتعليم، القاضي: "بوقف تنفيذ القرار المطعون". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه "الحكم بقبول هذا الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، ورفض طلب وقف التنفيذ". وقد أعلن هذا الطعن إلى جامعة عين شمس في 27 يونيه سنة 1956 وإلى كل من وزارة التربية والتعليم والمطعون عليه في 28 منه. وعين لنظره أمام هذه المحكمة جلسة 30 من يونيه سنة 1956، وأبلغ الطرفان بميعاد هذه الجلسة، وقد أجل نظر الطعن إلى جلسات أخرى سمعت المحكمة فيها ما رأت سماعه من إيضاحات ذوى الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وبجلسة 27 من أكتوبر سنة 1956 قررت المحكمة مد أجل النطق إلى جلسة اليوم مع الترخيص في تقديم مذكرات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من الأوراق، تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 1353 لسنة 10 القضائية على كل من جامعة عين شمس ووزارة التربية والتعليم أمام محكمة القضاء الإداري بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة في 9 من مايو سنة 1956 طلب فيها - للأسباب المبينة بها - الحكم بوقف تنفيذ القرار الصادر في 28 من إبريل سنة 1956 من لجنة تأديب الطلبة بجامعة عين شمس بفصله من كلية الحقوق إلى أن يفصل في الموضوع، وبإلغاء القرار المذكور مع ما يترتب عليه من أثار، وإلزام الجامعة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وبجلسة 5 من يونيه 1956 قضت محكمة القضاء الإداري (الهيئة الأولى) "بوقف تنفيذ القرار المطعون". وبعريضة مودعة سكرتيرية هذه المحكمة في 25 من يونيه سنة 1956 طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة في هذا الحكم الصادر في طلب وقف التنفيذ طالباً للأسباب التي أستند إليها في عريضة الطعن "الحكم بقبول هذا الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، ورفض طلب وقف التنفيذ". وفي 20 من سبتمبر سنة 1956 نشر بالوقائع المصرية القانون رقم 345 لسنة 1956 الذي نص في المادة 291 منه على أنه "لا يجوز الطعن بالإلغاء أو وقف التنفيذ أمام أية هيئة قضائية في القرارات والأوامر الصادرة من الهيئات الجامعية في شئون طلابها". وقد قام المطعون عليه في 7 من نوفمبر سنة 1956 مذكرة تكميلية قال فيها إن المادة المذكورة لا تسري إلا على ما يقع في ظلها في حين أن الواقعة المنسوبة إليه ترجع إلى 29 من يناير سنة 1956، وبذلك تخرج من نطاق تطبيق القانون رقم 345 لسنة 1956.
ولما كان هذا القانون قد ألغى طريقاً من طرق الطعن فإنه لا يكون له أثر رجعي إلا بنص صريح، وقد خلا من مثل هذا النص، ومن ثم فلا يسري على ما رفع من دعاوى بطلب إلغاء قرارات إدارية صادرة من الهيئات الجامعية في شئون طلابها قبل صدوره، وذلك تطبيقاً للقاعدة القانونية الواردة في الفقرة الثالثة من المادة الأولى من قانون المرافعات. وخلص من هذا إلى أن الدفع بعدم اختصاص هذه المحكمة بنظر الطلب على غير أساس ويتعين رفضه وتأييد الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن الأصل في قوانين المرافعات أنها تسري على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى أو تم من الإجراءات قبل تاريخ العمل بها، وقد ردد صدر هذه المادة الأولى من قانون المرافعات المدنية والتجارية الأصل؛ ومرد ذلك - كما ورد بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون - هو أن "القاعدة في سريان قوانين المرافعات على الدعاوى القائمة هي من الأحوال المسلمة؛ إذ أن القوانين المنظمة لأصول التداعي والترافع والحكم وطرق الطعن والتنفيذ والتحفظ هي في عمومها منظمة لمراكز قانونية خاضعة بطبيعتها للتعديل والتغيير من جانب المشرع دون أن يرمي عمله برجعية الأثر". ولكن النص قد أخرج من هذه القاعدة العامة على سبيل الاستثناء الحالات التي حصرها في الفقرات الثلاث التالية وهي: (1) القوانين المعدلة للاختصاص متى كان تاريخ العمل بها بعد إقفال باب المرافعة في الدعوى، (2) القوانين المعدلة للمواعيد متى كان الميعاد قد بدأ قبل تاريخ العمل بها، (3) القوانين المنظمة لطرق الطعن بالنسبة لما صدر من الأحكام قبل تاريخ العمل بها متى كانت ملغية أو منشئة لطريق من تلك الطرق. والحكمة التشريعية في هذه المستثنيات هي كما جاء بالمذكرة الإيضاحية رعاية لحقوق ثبتت أو مصالح رؤى أنها جديرة بالاستثناء، ذلك أنه يكون أقرب إلى السداد والقصد ألا تنزع الدعاوي التي حجزت للحكم من المحكمة التي أتمت تحقيقها وسمعت المرافعة فيها؛ لأن الدعوى بعد أن تبلغ هذا المبلغ من الاستواء للحكم تصبح مصلحة الخصوم في عدم انتزعها في مرتبة الحق الذي لا يصح المساس به إلا بنص خاص، ولأنه متى بدأ الميعاد في ظل قانون معين فمن العدل وحسن النظر أن ينتهي طبقاً لهذا القانون نفسه؛ كيلا يتبعض الميعاد أو يضطرب حساب بدايته ونهايته ومداه، ولأنه من المساس بالحقوق المكتسبة أن تسري القوانين الجديدة على الأحكام الصادرة قبل العمل بها، متى كانت تلك القوانين ملغية أو منشئة لطريق من طرق الطعن.
ومن حيث إن الفيصل في خصوصية هذا النزاع، على مقتضى ما تقدم من الأحكام، هو ما إذا كان نص المادة 291 من القانون رقم 345 لسنة 1956 المنشور في الوقائع المصرية في 20 من سبتمبر سنة 1956 إذ قضى بأنه "لا يجوز الطعن بالإلغاء أو وقف التنفيذ أمام هيئة قضائية في القرارات والأوامر الصادرة من الهيئات الجامعية في شئون طلابها" يعتبر من القوانين المعدلة للاختصاص وفقاً للفقرة الأولى أم من القوانين المنظمة لطرق الطعن طبقاً للفقرة الثالثة؛ ذلك أنه إذا كانت الأولى سرى النص على خصوصية النزاع، وامتنع على هذه المحكمة نظر الدعوى ما دام القانون المذكور قد أصبح معمولاً به قبل إقفال باب المرافعة فيها، وإن كانت الثانية فلا يسري النص عليها ما دام قد أصبح معمولاً به بعد أن كان قد صدر القرار محل المنازعة وكذلك الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن المراد بالقوانين المعدلة للاختصاص القوانين التي تغير الولاية القضائية أو الاختصاص النوعي أو المحلي دون أن تلغي محكمة أو تزيل جهة قضاء، وإلا لأحدث هذا الإلغاء أثره حتماً بمجرد نفاذ القانون الذي صدر، وتنتقل الدعاوى التي كانت قائمة أمام المحكمة الملغاة إلى جهة القضاء التي عينها، ما لم ينص على غير ذلك، أما القوانين المنظمة لطرق الطعن فهي تلك التي تلغي طريق طعن كان موجوداً وقت صدور الحكم وأصبح للمحكوم عليه بصدوره الحق في سلوكه، أو أوجدت طريق طعن لم يكن موجوداً قبل صدور الحكم الذي حصل عليه المحكوم له غير قابل لهذا النوع من الطعن، أي بالنسبة إلى أحكام يجعلها القانون الجديد قابلة لطريق طعن جديد يفتحه أو يحرمها من طريق طعن موجود يسده. وغنى عن البيان أن إعمال الفقرة الثالثة يفترض بقاء الاختصاص لجهة القضاء للفصل في النزاع، أما إذا أمتنع ذلك عليها بأن أصبحت معزولة عن نظره بحذافيره ممنوعة من سماعه، على وفق الفقرة الأولى، وجب تطبيق هذه الفقرة نزولاً على حكم الشارع في منع أية هيئة قضائية من التصدي لنظر مثل هذا النزاع، أيا كان مثاره أو مرحلته في درجات التقاضي، ما دام القانون المعدل للاختصاص القاضي بمنع جميع جهات القضاء من نظره برمته قد أصبح معمولاً به قبل قفل باب المرافعة في الدعوى.
ومن حيث إن نص المادة 291 من القانون رقم 345 لسنة 1956 لا يهدف إلى مجرد تنظيم طرق الطعن سواء بالنسبة إلى القرارات الإدارية التي عناها أو الأحكام الصادرة في شأنها، بل يقصد في الواقع من الأمر إلى منع أية جهة قضائية من نظر منازعة يكون موضوعها الطعن في القرارات والأوامر الصادرة من الهيئات الجامعية في شئون طلابها، وهو بهذه المثابة قانون معدل لاختصاص مجلس الدولة في هذا الخصوص، مما لا معدي معه عن تطبيق الفقرة الأولى، ما دام ذلك القانون قد أصبح معمولاً به قبل قفل باب المرافعة في هذه المنازعة والنزول على حكمه والقضاء بعدم جواز نظرها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبعدم جواز نظر طلب وقف التنفيذ.