أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الحادية والأربعون - صـ 182

جلسة 18 من يناير سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ محمد رفيق البسطويسى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد أحمد حسن وعبد اللطيف أبو النيل وعمار ابراهيم ومحمد حسين مصطفى.

(27)
الطعن رقم 7846 لسنة 59 القضائية.

(1) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم رسم القانون شكلا خاصا لصياغة الحكم. كفاية أن يكون مجموع ما أورده الحكم مؤديا إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(2) دستور. شريعه إسلامية. قانون " تطبيقه".
النص فى المادة الثانية من الدستور على أن الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع. دعوة للشارع بالتزام ذلك فيما يستنه من قوانين.
تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية منوط بإستجابة الشارع لدعوة الدستور وافراغ أحكامها فى نصوص تشريعيه محددة ومنضبطة تنقلها إلى مجال التنفيذ.
(3) إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها فى تكوين عقيدتها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم تقيد القاضى الجنائى بنصاب معين فى الشهادة. حقه فى تكوين عقيدته من أى دليل يطمئن إليه. ما دام له مأخذه الصحيح من الأوراق.
(4) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". ايجار أماكن. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها ".
مثال لتسبيب سائغ لحكم بالإدانة فى جريمة تقاضى مقدم ايجار فى غير حالات اجازته.
1 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلا خاصا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التى وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - كافيا فى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققا لحكم القانون.
2 - لما كان ما نص عليه الدستور فى المادة الثانية منه من أن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع ليس واجب الإعمال بذاته إنما هى دعوة للشارع كى يتخذ الشريعة الإسلامية مصدرا رئيسيا فيما يستنه من قوانين. ومن ثم فإن أحكام تلك الشريعة لا تكون واجبة التطبيق بالتعويل على نص الدستور المشار إليه إلا إذا استجاب الشارع لدعوته وأفرغ هذه الأحكام فى نصوص تشريعية محددة ومضبطة تنقلها إلى مجال العمل والتنفيذ.
3 - لما كان الشارع لم يقيد القاضى الجنائى فى المحاكمات الجنائية بنصاب معين فى الشهادة وإنما ترك له حرية تكوين عقيدته من أى دليل يطمئن إليه مادام أن له مأخذه الصحيح فى الأوراق فان منهج الحكم المطعون فيه فى الاستدلال بشهادة الشاهدة..... - ضمن الأدلة الأخرى القائمة فى الدعوى - ليس فيه مخالفة للقانون وينحل نعى الطاعنة فى هذا الصدد إلى جدل فى تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى ادانة الطاعنة عن جريمة تقاضى مبلغ ثلاثة آلاف وخمسمائة جنيه خارج نطاق عقد الايجار - كمقدم ايجار استنادا إلى ما اطمأن إليه من أقوال المجنى عليه والشاهدين آنفى الذكر وخلص إلى عدم توافر شروط إنطباق المادة السادسة من القانون رقم 136 لسنة 1981 التى تجيز لمالك العقار تقاضى مقدم ايجار من المستأجر لا يجاوز أجرة سنتين ركونا إلى ما قررته المتهمة من إنها لم تقم ببناء الشقة المتعاقد عليها مع المجنى عليه. فى حين انه يتعين لاستحقاق هذا المقدم فى الحدود المقررة - أجرة سنتين - أن تكون اعمال البناء تحت التشطيب. فانه يكون قد التزم التفسير الصحيح لحكم القانون ويكون منعى الطاعنه على الحكم بدعوى الخطأ فى تطبيق القانون على غيرسند مستوجب الرفض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة: بأنها تقاضت المبالغ المبينة بالاوراق خارج نطاق عقد الايجار كمقابل لتحريره. وطلبت عقابها بالمادتين 26، 77 من القانون رقم 49 لسنة 1977 المعدل. ومحكمة أمن الدولة الجزئية بالجيزة قضت حضوريا اعتباريا عملاً بمادتى الإتهام بحبس المتهمة ثلاثة اشهر مع الشغل وغرامة ضعف المبلغ المدفوع والزامها برد المبلغ وكفالة مائة جنيه لوقف التنفيذ. استأنفت المحكوم عليها. ومحكمة الجيزة الابتدائية بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بتغريم المتهمة سبعة الاف جنيه والزامها برد مبلغ ثلاثة آلاف وخمسمائة جنيه.
فطعن الاستاذ/ ....... المحامى نيابة عن المحكوم عليها فى هذا الحكم بطريق النقض فى... الخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه إنه إذ دانها بجريمة تقاضى مبالغ خارج نطاق عقد الايجار قد شابه القصور فى التسبيب والاخلال بحق الدفاع والفساد فى الاستدلال والتناقض فى التسبيب والخطأ فى تطبيق القانون ذلك بأنه لم يستعرض وقائع الدعوى وأدلة الثبوت فيها على نحو يبين منه وجه الاستدلال بها واكتفى فى ذلك بسرد اقوال الشهود، وعول الحكم على اقوال المجنى عليه من انه هو الذى قام بتسليم المبالغ للطاعنة فى حين الثابت أن أخرى هى التى قامت بذلك وخلا حكم أول درجة من تناول أوجه دفاع الطاعنة خاصة ما تعلق منها بعدم ثبوت التهمة فى حقها ثبوتا يقينيا، كما انه وقد نص الدستور على أن مبادئ الشريعة الأسلامية المصدر الرئيسى للتشريع، فانه لا تقبل شهادة شاهدة واحدة لتخلف شرط النصاب الشرعى فى الشهادة، كما عول الحكم على أقوال المتهمة المتضمنة تقاضيها مبلغ تسعمائة وستين جنيها، كما ان عدم استكمال الشقة يرجع لظروف خارجة عن ارادتها وهى بهذه المثابة لا تصلح للاستدلال بها. وفى حين أنه قضى بالزامها برد مبالغ تجاوز ضعف المبلغ الذى اقرت باستلامه، هذا إلى أن الجريمة التى دينت بها الطاعنة لاتتوافر اركانها كما عناها القانون إلا إذا كانت المرحلة المتبقية من البناء هى مرحلة التشطيب دون تلك المبالغ التى تدفع قبل استكمال البناء. وكل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وإن ذكر فى معرض بيان واقعة الدعوى أن المجنى عليه تعاقد من الطاعنة على استئجار شقة بالعقار ملكها وانها تقاضت منه فى سبيل ذلك مبلغ ثلاثة آلاف وخمسمائة جنيه منها مبالغ 960 جنيه تسعمائة وستين جنيها كمقدم ايجار وباقى المبلغ كخلو رجل، وأن كلا من..... وشقيقها.... قد شهد الواقعة تلك، وأن المجنى عليه قدم اثباتا لذلك عقد ايجار محرر بينه وبين الطاعنة يتضمن استئجاره شقه بعقار مملوك للطاعنة بأجرة شهرية مقدارها أربعون جنيها إعتبارا من أول يناير سنة 1985، إلا انه عاد من بعد فى معرض بيان أدلة الثبوت على صحة الاتهام وثبوته فى حق الطاعنة وأفصح عن أخذه باقوال كل من...... وشقيقها...... التى حصلها فيما شهدا من أن مبلغ الثلاثة آلاف وخمسمائة جنيه التى تسلمتها الطاعنة قد دفعت من المجنى عليه للطاعنة على أساس انها مقدم ايجار يخصم من الأجرة. لما كان ذلك، وكان البين مما أورده الحكم المطعون فيه على النحو المتقدم تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة تقاضى مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار كمقدم إيجار والتى دينت بها الطاعنة. كما أورد الحكم على ثبوتها فى حقها أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها. وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلا خاصا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التى وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - كافيا فى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققا لحكم القانون. ومن ثم فإن قالة القصور التى ترمى بها الطاعنة الحكم المطعون فيه تكون منتفية. لما كان ذلك، وكان ما نص عليه الدستور فى المادة الثانية منه من أن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع ليس واجب الإعمال بذاته إنما هى دعوة للشارع كى يتخذ الشريعة الإسلامية مصدرا رئيسيا فيما يستنه من قوانين. ومن ثم فان أحكام تلك الشريعة لا تكون واجبة التطبيق بالتعويل على نص الدستور المشار إليه إلا إذا استجاب الشارع لدعوته وإفرغ هذه الأحكام فى نصوص تشريعية محددة ومضبطة تنقلها إلى مجال العمل والتنفيذ. ولما كان الشارع لم يقيد القاضى الجنائى فى المحاكمات الجنائية بنصاب معين فى الشهادة وإنما ترك له حرية تكوين عقيدته من أى دليل يطمئن إليه مادام أن له مأخذه الصحيح فى الأوراق فان منهج الحكم المطعون فيه فى الاستدلال بشهادة الشاهدة..... - ضمن الأدلة الأخرى القائمة فى الدعوى - ليس فيه مخالفة للقانون وينحل نعى الطاعنة فى هذا الصدد إلى جدل فى تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى إدانة الطاعنة عن جريمة تقاضى مبلغ ثلاثة آلاف وخمسمائة جنيه خارج نطاق عقد الايجار - كمقدم ايجار إستنادا إلى ما اطمأن إليه من أقوال المجنى عليه والشاهدين آنفى الذكر وخلص إلى عدم توافر شروط انطباق المادة السادسة من القانون رقم 136 لسنة 1981 التى تجيز لمالك العقار تقاضى مقدم ايجار من المستأجر لايجاوز أجرة سنتين ركونا إلى ما قررته المتهمة من انها لم تقم ببناء الشقة المتعاقد عليها مع المجنى عليه. فى حين إنه يتعين لاستحقاق هذا المقدم فى الحدود المقررة - أجرة سنتين - أن تكون اعمال البناء تحت التشطيب. فانه يكون قد التزم التفسير الصحيح لحكم القانون ويكون منعى الطاعنه على الحكم بدعوى الخطأ فى تطبيق القانون على غيرسند مستوجب الرفض. لما كان ذلك فان الطعن برمته يكون على غير أساس. ومن ثم يتعين التقرير بعدم قبوله مع مصادرة الكفالة عملا بنص المادة 36 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.