أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 21 - صـ 518

جلسة 5 من أبريل سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ نصر الدين عزام، وعضوية السادة المستشارين: سعد الدين عطية، وأنور خلف، ومحمود عطيفه، والدكتور أحمد محمد إبراهيم.

(125)
الطعن رقم 205 لسنة 40 القضائية

هتك عرض. فعل فاضح. شروع. جريمة. "أركانها". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض. "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
الركن المادي في جريمة هتك العرض. ماهيته؟
متى يعد الفعل شروعاً في هتك عرض ومتى يعتبر فعلاً فاضحاً؟ مثال لتسبيب معيب.
إنه وإن كان الركن المادي في جريمة هتك العرض لا يتحقق إلا بوقوع فعل مخل بالحياء العرضي للمجني عليه يستطيل إلى جسمه فيصيب عورة من عوراته ويخدش عاطفة الحياء عنده من هذه الناحية، إلا أنه متى ارتكب الجاني أفعالاً لا تبلغ درجة الجسامة التي تسوغ عدها من قبيل هتك العرض التام، فإن ذلك يقتضي تقصي قصد الجاني من ارتكابها، فإذا كان قصده قد انصرف إلى ما وقع منه فقط فالفعل قد لا يخرج عن دائرة الفعل الفاضح، أما إذا كانت تلك الأفعال قد ارتكبت بقصد التوغل في أعمال الفحش فإن ما وقع منه يعد بدءاً في تنفيذ جريمة هتك العرض وفقاً للقواعد العامة ولو كانت هذه الأفعال في ذاتها غير منافية للآداب. وإذ كان لا يشترط لتحقيق الشروع أن يبدأ الفاعل تنفيذ جزء من الأعمال المكونة للركن المادي للجريمة بل يكفي لاعتباره شارعاً في ارتكاب جريمة أن يأتي فعلاً سابقاً على تنفيذ الركن المادي لها ومؤدياً إليه حالاً، وكان الثابت في الحكم أن المطعون ضده الأول قد استدرج الغلام المجني عليه إلى منزل المطعون ضده الثاني وأنهما راوداه عن نفسه فلم يستجب لتحقيق رغبتهما، وعندئذ أمسك المطعون ضده الأول بلباسه محاولاً عبثاً إنزاله - بعد أن خلع هو (بنطلونه) - وأقبل المطعون ضده الثاني الذي كان متوارياً في حجرة أخرى يرقب ما يحدث وأمسك بالمجني عليه وقبله في وجهه، فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يعن بالبحث في مقصد المطعون ضدهما من إتيان هذه الأفعال وهل كان من شأنها أن تؤدي بهما حالاً ومباشرة إلى تحقيق قصدهما من العبث بعرض المجني عليه، يكون فضلاً عن خطئه في تطبيق القانون معيباً بالقصور في التسبيب بما يوجب نقضه والإحالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهما بأنهما في يوم 3/ 2/ 1968 بدائرة مركز سوهاج محافظة سوهاج: شرعا في هتك عرض عامر خفاجي عبد الرحمن بالقوة حالة كونه لم يبلغ ست عشرة سنة كاملة وكون أولهما من المسئولين عن تربيته (مدرس) بأن استدرجه إلى منزل المتهم الثاني وجذب سرواله عنوة محاولاً خلعه وأمسك به المتهم الثاني وقبله وأوقفت الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهما فيه هو مقاومة المجني عليه واستغاثته. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهما على محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمواد 45 و267/ 2 و268/ 1 - 2 من قانون العقوبات، فقرر بذلك. ومحكمة جنايات سوهاج قضت حضورياً عملاً بالمادتين 304/ 1 و381 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهمين مما أسند إليهما. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بتبرئة المطعون ضدهما من تهمة هتك العرض بالقوة قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب، ذلك بأنه انتهى إلى أن الأفعال التي ارتكبها المطعون ضدهما لا تتوافر بها جريمة الشروع في هتك عرض دون أن يعني ببحث مقصدهما من إتيان هذه الأفعال وهل كان من شأنها أن تؤدي حالاً ومباشرة إلى تحقيق قصدهما من العبث بعرض المجني عليه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه برر قضاءه بالبراءة بقوله "إنه من المقرر أن هتك العرض هو كل فعل مخل بالحياء ويستطيل إلى جسم المجني عليه وعوراته ويخدش عاطفة الحياء عنده وأن المشرع قصد بالعقاب على جريمة هتك العرض حماية تلك المناعة الأدبية التي يصون بها الرجل أو المرأة عرضه من أية ملامسة مخلة بالحياء العرضي ولا فرق بين أن تقع هذه الملامسة والأجسام عارية أو محجوبة بالملابس ما دامت هذه الملامسة قد استطالت إلى جزء من جسم المجني عليه يعد عورة من العورات التي يحرص على صونها وحجبها عن الأنظار والتي لا يجوز العبث بحرمتها، كما وإن مجرد تقبيل المجني عليه لا يعد هتكاً لعرضه وإنما هو مما يخجله وفيه مغايرة للآداب. إذ كان ذلك، وكان الثابت على لسان الغلام المجني عليه أن أحداً من المتهمين لم يرتكب معه أي فعل مخل بحيائه استطال إلى جسمه أو عوراته أو خدش عاطفة الحياء عنده ولم تحصل من أيهم أي ملامسة مخلة بحيائه العرضي وكل ما هنالك أنهما راوداه عن نفسه فلم يستجب لتحقيق رغبتهما الدنيئة وأن المتهم الأول طلب إليه الجلوس على حجره وخلع لباسه إلا أن الغلام رفض ذلك، وإن كان المتهم الأول أمسك بلباسه محاولاً عبثاً إنزاله إلا أنه لم يكشف عن جزء من جسمه يعد عورة ومن ثم فتكون الواقعة بالصورة التي قال بها المجني عليه لا تتحقق معها جريمة هتك العرض أو الشروع في هذه الجريمة" وهذا الذي انتهى إليه الحكم لا يتفق وصحيح القانون، ذلك إنه وإن كان الركن المادي في جريمة هتك العرض لا يتحقق إلا بوقوع فعل مخل بالحياء العرضي للمجني عليه يستطيل إلى جسمه فيصيب عورة من عوراته ويخدش عاطفة الحياء عنده من هذه الناحية إلا أنه متى ارتكب الجاني أفعالاً لا تبلغ درجة الجسامة التي تسوغ عدها من قبيل هتك العرض التام فإن ذلك يقتضي تقصي قصد الجاني عن ارتكابها، فإذا كان قصده قد انصرف إلى ما وقع منه فقط فالفعل قد لا يخرج عن دائرة الفعل الفاضح، أما إذا كانت تلك الأفعال قد ارتكبت بقصد التوغل في أعمال الفحش فإن ما وقع منه يعد بدءاً في تنفيذ جريمة هتك العرض وفقاً للقواعد العامة ولو كانت هذه الأفعال في ذاتها غير منافية للآداب. وإذ كان لا يشترط لتحقيق الشروع أن يبدأ الفاعل تنفيذ جزء من الأعمال المكونة للركن المادي للجريمة بل يكفي لاعتباره شارعاً في ارتكاب جريمة أن يأتي فعلاً سابقاً على تنفيذ الركن المادي لها ومؤدياً إليه حالاً، وكان الثابت في الحكم أن المطعون ضده الأول قد استدرج الغلام المجني عليه إلى منزل المطعون ضده الثاني وأنهما راوداه عن نفسه فلم يستجب لتحقيق رغبتهما، وعندئذ أمسك المطعون ضده الأول بلباسه محاولاً عبثاً إنزاله - بعد أن خلع هو (بنطلونه) - وأقبل المطعون ضده الثاني الذي كان متوارياً في حجرة أخرى يرقب ما يحدث وأمسك بالمجني عليه وقبله في وجهه، فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يعن بالبحث في مقصد المطعون ضدهما من إتيان هذه الأفعال وهل كان من شأنها أن تؤدي بهما حالاً ومباشرة إلى تحقيق قصدهما من العبث بعرض المجني عليه أن يكون فضلاً عن خطئه في تطبيق القانون - معيباً بالقصور في التسبيب بما يوجب نقضه والإحالة.