مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية - العدد الأول (من أكتوبر سنة 1956 إلى آخر يناير سنة 1957) - صـ 173

(20)
جلسة 8 من ديسمبر سنة 1956

برياسة السيد/ السيد علي السيد - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل - المستشارين.

القضية رقم 1406 لسنة 2 القضائية

وكيل وزارة دائم - اختصاصه بفصل الموظفين المؤقتين - أساس ذلك.
تنص المادة 26 من قانون نظام موظفي الدولة على أنه "تسري على الموظفين المؤقتين الشاغلين وظائف دائمة جميع الأحكام الواردة في هذا القانون أما الموظفون المعينون على وظائف مؤقتة أو لأعمال مؤقتة فأحكام توظيفهم وتأديبهم وفصلهم يصدر بها قرار من مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير المالية والاقتصاد بعد أخذ رأي ديوان الموظفين". وتنفيذاً لأحكام هذه المادة، أعد ديوان الموظفين صيغة العقد الواجب إبرامه مع الموظفين المعينين على وظائف مؤقتة مثل وظائف الدرجة التاسعة أو لأعمالاً مؤقتة مثل الوظائف المنشأة على اعتمادات الأعمال الجديدة، وقد وافق مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة في 31 من ديسمبر سنة 1952 على صيغة العقد المشار إليها. وقد نصت الفقرة الثانية من البند الخامس لهذا العقد على أنه "لوكيل الوزارة أو لرئيس المصلحة سلطة توقيع العقوبات التأديبية ويكون قراره نهائياً فيما عدا عقوبة الفصل، فتكون من سلطة الوزير". ولما كانت المادة التاسعة من المرسوم بقانون رقم 137 لسنة 1952 بنظام وكلاء الوزارات الدائمين نصت على أنه "ينوب وكيل الوزارة الدائم عن الوزير في مباشرة اختصاصاته المقررة في القانون.... إلخ"، وكان من بين اختصاصات الوزير - المقررة في قرار مجلس الوزراء الصادر في 31 من ديسمبر سنة 1952 - فصل الموظف المؤقت، فإن لوكيل الوزارة الدائم، والحالة هذه، مباشرة هذا الاختصاص.


إجراءات الطعن

في 26 من إبريل سنة 1956 أودع رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات ومصلحة السكك الحديدية بجلسة 27 من فبراير سنة 1956 في الدعوى رقم 401 لسنة 2 ق المرفوعة من موسى محمد موسى ضد مصلحة البريد، القاضي: "بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، وبإلزام المدعي عليها المصروفات وبأن تدفع 200 قرش مقابل أتعاب المحاماة للمدعي". وطلب رئيس هيئة المفوضين للأسباب المبينة بصحيفة الطعن الحكم "بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإعادة القضية للمحكمة الإدارية للفصل فيها من جديد" وقد أعلن الطعن إلى المطعون عليه في 11 من يوليه سنة 1956 وإلى وزارة المواصلات في 7 من يوليه سنة 1956، وعين لنظره جلسة 3 من نوفمبر سنة 1956 وفيها سمعت المحكمة الإيضاحات على الوجه المبين بالمحضر، وأرجئ إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من الأوراق، تتحصل في أن المطعون عليه أقام دعواه بصحيفة مودعة سكرتيرية المحكمة في 7 من فبراير سنة 1955 يطلب فيها الحكم بإلغاء قرار فصله وما يترتب على ذلك من آثار، مع إلزام الحكومة بالمصروفات؛ مؤسساً دعواه على أن القرار المطعون فيه قد قام على أسباب غير صحيحة إثر تقرير مغرض رفع إلى المصلحة من رئيسه زعم فيه أنه متغيب عن عمله بدون إذن وذلك في الوقت الذي كان فيه مريضاً ومرخصاً له في إجازة مرضية تنتهي في 22 من سبتمبر سنة 1954. وقد دفعت الحكومة الدعوى بأن الفصل يرجع إلى كثرة تغيب المدعي عن عمله وتأخيره في الحضور عن المواعيد المقررة بدون مبرر واستهتاره بعمله رغم كثرة جزاءاته. وفي 27 من فبراير سنة 1956 أصدرت المحكمة الإدارية حكمها "بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، وبإلزام المدعى عليها المصروفات"؛ وأسست قضاءها على أن "المدعي وهو من موظفي الدرجة التاسعة أي من الموظفين المؤقتين لا يمكن فصله إلا بقرار يصدر من الوزير المختص، وأن قرار الفصل المطعون فيه الصادر من الوكيل الدائم لوزارة المواصلات في 25 من ديسمبر سنة 1954 لم يصدر من الوزير المختص، وبالتالي يكون قد صدر مشوباً بعيب عدم الاختصاص؛ ومن ثم فيكون قرار فصل المدعي قد صدر باطلاً لصدوره من غير من يملكه قانوناً.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن وكيل الوزارة الدائم أصبح بمقتضى القانون رقم 137 لسنة 1952 الرئيس الإداري لموظفي الوزارة ومستخدميها وله بالنسبة إليهم كافة سلطات الوزير بما في ذلك سلطة الفصل فيكون الحكم المطعون فيه قد جاء مخالفاً للقانون.
ومن حيث إنه يبين من الإطلاع على ملف خدمة المطعون عليه أنه من الموظفين المؤقتين فتطبق في حقه المادة 26 من القانون رقم 210 لسنة 1951 الخاص بنظام موظفي الدولة المعدلة بالمرسوم بقانون رقم 79 لسنة 1952 التي تنص على أنه "تسري على الموظفين المؤقتين الشاغلين وظائف دائمة جميع الأحكام الواردة في هذا القانون أما الموظفون المعينون على وظائف مؤقتة أو لأعمال مؤقتة فأحكام توظيفهم وتأديبهم وفصلهم يصدر بها قرار من مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير المالية والاقتصاد بعد أخذ رأي ديوان الموظفين". وتنفيذاً لأحكام هذه المادة أعد ديوان الموظفين صيغة العقد الواجب إبرامه مع الموظفين المعينين على وظائف مؤقتة مثل وظائف الدرجة التاسعة أو لأعمال مؤقتة مثل الوظائف المنشأة على اعتمادات الأعمال الجديدة. وقد وافق مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة في 31 من ديسمبر سنة 1952 على صيغة العقد المشار إليها. وقد نصت الفقرة الثانية من البند الخامس لهذا العقد على أنه "لوكيل الوزارة أو لرئيس المصلحة سلطة توقيع العقوبات التأديبية ويكون قراره نهائياً فيما عدا عقوبة الفصل فتكون من سلطة الوزير".
ومن حيث إن المادة التاسعة من المرسوم بقانون رقم 137 لسنة 1952 بنظام وكلاء الوزارات الدائمين نصت على أنه "ينوب وكيل الوزارة الدائم عن الوزير في مباشرة اختصاصاته المقررة في القانون... إلخ". ولما كان من بين اختصاصات الوزير - المقررة في قرار مجلس الوزراء الصادر في 31 من ديسمبر سنة 1952 - فصل الموظف المؤقت فيكون لوكيل الوزارة الدائم، والحالة هذه، مباشرة هذا الاختصاص.
ومن حيث إن المطعون عليه ينعى على القرار المطعون فيه أنه انبنى على انقطاعه عن العمل بدون إذن مع أنه كان في إجازة مرضية مرخص بها رسمياً من الطبيب المختص وبذلك يكون فاقد السبب وبالتالي مخالفاً للقانون.
ومن حيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت بأنه وإن كان القرار التأديبي - كأي قرار إداري آخر - يجب أن يقوم على سبب يبرره، فلا تتدخل الإدارة لتوقيع الجزاء إلا إذا قامت حالة واقعية أو قانونية تسوغ تدخلها، وللقضاء الإداري أن يراقب صحة قيام هذه الوقائع وصحة تكييفها القانوني، إلا أن للإدارة حرية تقدير أهمية هذه الحالة والخطورة الناجمة عنها وتقدير الجزاء الذي تراه مناسباً في حدود النصاب القانوني المقرر، ورقابة القضاء الإداري لصحة الحالة الواقعية أو القانونية تجد حدها الطبيعي في التحقق مما إذا كانت النتيجة التي انتهى إليها القرار في هذا الشأن مستخلصة استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها مادياً أو قانوناً، فإذا كانت هذه النتيجة مستخلصة على هذا النحو فقد قام القرار على سببه وكان مطابقاً للقانون.
ومن حيث إن الذنب المنسوب إلى المطعون عليه هو استهتاره بعمله وسوء سلوكه رغم ما وقع عليه من جزاءات كثيرة بالخصم من مرتبه وإنذاره بالفصل، وقد بان للمحكمة من محضر التحقيق أن هذه النتيجة قد استخلصت استخلاصاً سائغاً وأن عقوبة الفصل تدخل في حدود النصاب القانوني المقرر.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد جاء مخالفاً للقانون، فيتعين إلغاؤه، والقضاء برفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.