مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية - العدد الأول (من أكتوبر سنة 1956 إلى آخر يناير سنة 1957) - صـ 196

(23)
جلسة 15 من ديسمبر سنة 1956

برياسة السيد/ السيد علي السيد - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل - المستشارين.

القضية رقم 344 لسنة 2 القضائية

( أ ) مدة خدمة سابقة - ضمها - شروط ذلك - قرارات مجلس الوزراء الصادرة في 11/ 5/ 1947 و20/ 8/ 1950 و15/ 10/ 1950.
(ب) مدة خدمة سابقة - ضمها - لا تحسب كاملة بالنسبة لحملة المؤهلات الدراسية إلا إذا كانت قد قضيت في إحدى وزارات الحكومة ومصالحها - وجوب أن يكون الموظف قد تقاضى مرتبه أو أجره من ربط ميزانية الوزارة أو المصلحة التي كان يعمل بها.
(ج) مأذون - اعتباره موظفاً - عدم تقاضيه مرتباً أو أجراً من ميزانية الوزارة - عدم استحقاقه ضم مدة خدمته في المأذونية كاملة - إمكان ضم نصف مدة الخدمة إن توافرت بقية الشروط التي تنص عليها قرارات مجلس الوزراء في شأن ضم مدد الخدمة السابقة - أساس ذلك.
(د) مأذون - إنفاق عمله في طبيعته مع عمل الكاتب.
1- يبين من استقراء قرارات مجلس الوزراء الخاصة بضم مدد الخدمة السابقة في الأقدمية وتحديد الماهية، أن القرار الصادر في 11 من مايو سنة 1947 نص على أن تحسب مدد الخدمة السابقة كاملة إذا كانت قد قضيت في المصالح الحكومية وكانت متصلة، وتحسب ثلاثة أرباعها إذا كانت منفصلة بما لا يزيد عن خمس سنوات عن مراعاة الشروط الآتية في حساب هذه المدد: (1) ألا تقل مدة الخدمة السابقة عن ثلاثة سنوات، ولا يجوز أن تضم مدد يقل كل منها منفردة عن ستة أشهر بعضها إلى بعض (2) أن يتحد العمل السابق مع العمل الجديد في طبيعته (3) ألا تقل المؤهلات الدراسية خلال مدة الخدمة السابقة عنها خلال مدة الخدمة الحالية (4) ألا تقل الدرجة السابقة عن الدرجة الجديدة. وذلك بالنسبة لمن لهم مدة خدمة في الحكومة أو في المصالح الشبيهة بالحكومة التي بها درجات مماثلة لدرجات الحكومة (5) ألا يكون سبب انتهاء الخدمة السابقة قراراً تأديبياً أو حكماً مانعاً من التوظف أو سوء السلوك (6) ألا تزيد مدة ترك العمل بين مدتي الخدمة السابقة والحالية على خمس سنوات، فإن لم يتوفر شرط من هذه الشروط الستة كان التعيين تعييناً جديداً يخضع فيه الموظف لما يخضع له كل مرشح جديد. وتتبع القاعدة ذاتها بالنسبة للمدد التي تقضي في الهيئات الشبيهة بالحكومة التي تطبق نظم الحكومة، أما في غير هذه الهيئات فتحسب نصف المدة فقط متصلة كانت أو منفصلة مع مراعاة باقي الشروط. وفي 20 من أغسطس و15 من أكتوبر سنة 1950 وافق مجلس الوزراء على حساب مدد الخدمة السابقة كاملة في أقدمية الدرجة بالنسبة لحملة المؤهلات الدراسية سواء كانت تلك المدد قضيت على اعتماد في درجة أو على غير درجة أو باليومية أو في درجة أقل من الدرجة المقررة للمؤهل الدراسي مع مراعاة الشرطين الآتيين: (1) ألا يكون السبب في انتهاء الخدمة السابقة قراراً تأديبياً أو حكماً مانعاً من التوظف أو سوء السلوك. (2) ألا تزيد مدة ترك العمل بين مدتي الخدمة السابقة والحالية على خمس سنوات.
2- يؤخذ من الإطلاع على قرارات مجلس الوزراء الصادرة في 11/ 5/ 1947 و20/ 8/ 1950 و15/ 10/ 1950 "أن مدد الخدمة السابقة لا تحسب كاملة في الأقدمية بالنسبة لحملة المؤهلات الدراسية إلا إذا كانت قد قضيت في إحدى وزارات الحكومة ومصالحها، سواء قضيت على اعتماد في درجة أو على غير درجة أو باليومية أو في درجة أقل من الدرجة المقررة للمؤهل الدراسي، ومقتضى ذلك أن يكون الموظف قد تقاضى مرتبه أو أجره في تلك المدة من ربط ميزانية الوزارة أو المصلحة التي كان يعمل بها.
3- إنه ولئن كان المأذون موظفاً عمومياً يتبع وزارة العدل ويخضع لرقابتها وتوجيهها وللنظم الخاصة بوظيفته، إلا أنه لا يتقاضى مرتباً أو أجراً من ميزانيتها، وبهذه المثابة لا يستحق ضم مدة خدمته في المأذونية كاملة إلى مدة خدمته اللاحقة بالتطبيق لقرارات مجلس الوزراء الصادرة بشأن ضم مدة الخدمة السابقة. ولكن قرارات مجلس الوزراء المشار إليها نصت على ضم نصف مدة الخدمة في الهيئات والمؤسسات والجمعيات المنصوص عليها في تلك القرارات، مع أنها ليست هيئات حكومية أو شبيهة بالحكومية، وذلك متى توافر شرط الاتحاد في طبيعة العمل وسائر الشروط الأخرى. وطبعي أن الموظف العمومي - الذي يعمل في وزارة أو مصلحة ويخضع لنظمها ولرقابتها وتوجهها، ولكنه لا يتقاضى مرتباً أو أجراً من ربط ميزانيتها مما يمتنع معه ضم هذه المدة كاملة لخدمته اللاحقة - لا يمكن، بحكم اللزوم وعلى هدى روح قرارات مجلس الوزراء سالفة الذكر، أن يكون أسوأ حالاً من موظفي الهيئات والمؤسسات والجمعيات غير الحكومية أو الشبيهة بالحكومية، بل يستحق أن تضم له نصف مدة خدمته السابقة إلى خدمته اللاحقة متى اتحدت طبيعة العمل وتوافرت سائر الشروط الأخرى.
4- إن عمل المأذون هو توثيق عقود الزواج والطلاق، وهو عمل كتابي دقيق ذو مسئولية، بل يجمع إلى ذلك جانباً فنياً من الناحية الفقهية. وليس من شك أنه في جانبه الكتابي بل وعلى الحد الأدنى منه يتفق في طبيعته مع العمل الذي يقوم به الكاتب من الدرجة التاسعة.


إجراءات الطعن

في 16 من فبراير سنة 1956 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لشئون القصر ورياسة مجلس الوزراء ووزارات الداخلية والخارجية والعدل، بجلسة 18 من ديسمبر سنة 1955 في الدعوى رقم 564 لسنة 2 القضائية المقامة من عثمان محمد الجلالي ضد وزارة الداخلية، القاضي: "بأحقية المدعي في ضم مدة خدمته بالمأذونية إلى مدة خدمته الحالية تطبيقاً لقراري مجلس الوزراء الصادرين في 20 من أغسطس سنة 1950 و15 من أكتوبر سنة 1950 على ألا يترتب على ذلك زيادة في المرتب وألزمت الحكومة بالمصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للأسباب التي استند إليها في عريضة طعنه "قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه، ورفض الدعوى، وبإلزام المدعي بالمصروفات". وقد أعلن هذا الطعن إلى وزارة الداخلية في 4 من مارس سنة 1956 وإلى المطعون عليه في 8 من مارسي سنة 1956، وعين لنظره أمام هذه المحكمة جلسة 10 من نوفمبر سنة 1956، وأبلغ الطرفان في 18 من سبتمبر سنة 1956 بميعاد هذه الجلسة، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم قررت إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تنحصر، حسبما يبين من أوراق الطعن، في أن المدعي أقام الدعوى رقم 564 لسنة 2 القضائية أمام المحكمة الإدارية لشئون القصر ورياسة مجلس الوزراء ووزارات الداخلية والخارجية والعدل بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة في 5 من يونيه سنة 1955 ذكر فيها أنه حصل على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية من جامعة الأزهر الشريف في 11 من يناير سنة 1936. وفي 26 من مايو سنة 1936 عين مأذوناً شرعياً لناحية ميت معلا التابعة لمركز بلبيس واستمر قائماً بهذا العمل حتى 8 من إبريل سنة 1950 إذ عين كاتباً بحكمدارية بوليس القاهرة بالدرجة التاسعة بمرتب قدره خمسة جنيهات شهرياً وقد قدم طلبات عدة إلى وزارة الداخلية لضم مدة خدمته التي قضاها في المأذونية من 26 من مايو سنة 1936 لغاية 8 من إبريل سنة 1950 إلى مدة خدمته بوزارة الداخلية وذلك استناداً إلى قراري مجلس الوزراء الصادرين في 20 من أغسطس سنة 1950 و15 من أكتوبر سنة 1950، وتسوية حالته على هذا الأساس وما يترتب على ذلك من آثار. ولما لم تستجب الوزارة لطلبة أقام الدعوى طالباً فيها الحكم بضم مدة خدمته بالمأذونية إلى مدة خدمته الحالية بوزارة الداخلية وحساب أقدميته على هذا الأساس طبقاً لقراري مجلس الوزراء المشار إليهما وما يترتب على ذلك من آثار، مع إلزام الوزارة بمصروفات الدعوى ومقابل أتعاب المحاماة. وقال تأييداً لدعواه إن المأذون يقوم بوظيفة موثق رسمي للعقود الموكولة إليه، وهو بوضعه هذا يعتبر موظفاً عمومياً في وظيفة دائمة لا تنفك عنه إلا بوفاته أو عجزه عن العمل أو تخليه عنه أو عزله منه، ويخضع المأذون في تعيينه إلى الشروط الواردة بالمادة الثالثة من لائحة المأذونين، وهي نفس الشروط اللازمة للتعيين في الوظائف العامة، كما وأن المأذون يتقاضى مرتباً من الخزانة العامة ما دام قائماً بأعمال وظيفته؛ إذ حددت لائحة الرسوم الشرعية أجراً قدره ثلاثون مليماً للمأذون عن كل عقد زواج يقوم بتوثيقه، وكذلك فإن اللائحة تتضمن أحكاماً خاصة بتأديب المأذونين مثل باقي موظفي الدولة والعقوبات التي توقع عليهم وهي الإنذار والوقف والعزل. وخلص من ذلك إلى أن وظيفة المأذون هي من الوظائف العامة التي تخضع للقواعد العامة للتوظف الواردة في القانون رقم 210 لسنة 1951 وتسري عليها الأحكام الواردة في قراري مجلس الوزراء الصادرين في 20 من أغسطس سنة 1950 و15 من أكتوبر سنة 1950. وجميع الشروط الواردة في القرارين المذكورين تتوفر في حالته؛ إذ أن مدة خدمته متصلة بمدة خدمته الحالية، كما أنه لم يترك وظيفة المأذونية بسبب قرار تأديبي أو حكم مانع من التوظف أو لسوء السلوك. وقد ردت الوزارة على ذلك بأن الشرط الأساسي لضم مدة خدمة سابقة إلى مدة خدمة حالية هو أن تكون المدة السابقة قضيت في وظيفة تخضع للقواعد العامة للتوظف الواردة بالقانون رقم 210 لسنة 1951 والتشريعات السابقة عليه وأن هذا مستفاد من قراري مجلس الوزراء المشار إليهما؛ إذ جاء فيهما أن مدد الخدمة السابقة تضم سواء قضيت على اعتماد في درجة أو على غير درجة أو باليومية أو في درجة أقل من الدرجة المقررة للمؤهل، وقالت الوزارة إن هذا لا يكون إلا في الوظائف التي تخضع لقواعد التوظف؛ إذ أن هناك وظائف تعتبر من الوظائف العامة ولكنها مع ذلك لا تخضع لقواعد التوظف كالعمد ومشايخ البلاد، فكل منهم موظف عمومي يقوم بخدمة مرفق عام، ولكن الموظف العمومي الحكومي يتميز بأنه يقبض من الخزانة مرتباً شهرياً لا ينقطع عنه ما دام في الخدمة ويخضع في تعيينه وتأديبه وإحالته إلى المعاش للقواعد التي تضمنتها قوانين التوظف، أما المأذون فلا يتقاضى مرتباً شهرياً من الخزانة العامة ولا يخضع في تعيينه وإحالته إلى المعاش للقواعد المذكورة، وطلبت رفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات. وبجلسة 18 من ديسمبر سنة 1955 قضت المحكمة بأحقية المدعي في ضم مدة خدمته بالمأذونية إلى مدة خدمته الحالية تطبيقاً لقراري مجلس الوزراء الصادرين في 20 من أغسطس و15 من أكتوبر سنة 1950، على أن لا يترتب على ذلك زيادة في المرتب، وألزمت الوزارة بالمصروفات. وأقامت قضاءها على أنه يستفاد من لائحة المأذونين أن المأذون موظف عام يقوم بمهمة التوثيق في الحدود المقررة له، وتبدأ علاقته بالوظيفة بإجراءات وشروط خاصة، ولا تنفك عنه إلا بالوفاة أو تخليه عنها أو عزله منها، وأن القضاء الإداري استقر على أن الحصول على المرتب من خزانة الدولة ليس من الخصائص اللازمة للوظيفة العامة، بل يكفي أن يؤدي الموظف خدمة عامة في مرفق عام على سبيل الانتظام في حدود القوانين واللوائح الموضوعة لذلك المرفق العام، وعلاوة على ذلك فإن لائحة الرسوم الشرعية خولت وزير العدل تقدير أتعاب المأذون عن العقود التي يحررها، وقد صدر منشور من وزير العدل بتحديد مكافأة للمأذون قدرها ثلاثون مليماً عن كل عقد يقوم بتوثيقه؛ ومن ثم فإن للمدعي الحق في طلب ضم المدة التي قضاها بالمأذونية باعتبار أنه كان موظفاً عاماً في خلالها إلى مدة خدمته الحالية تطبيقاً لقراري مجلس الوزراء المنوه عنهما إذ تتوافر في حالته الشروط الواردة فيهما.
وقد طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة في هذا الحكم بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة في 16 من فبراير سنة 1956 طلب فيها "الحكم بقبول هذا الطعن شكلاً، وفي الموضوع بالقضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه، ورفض الدعوى، وإلزام المدعي بالمصروفات". وأسس طعنه على أن قرارات مجلس الوزراء الصادرة في 11 من يونيه و20 من أغسطس و15 من أكتوبر سنة 1950 صريحة في أن المقصود بها هي مدد الخدمة التي تقضي في وزارات الحكومة ومصالحها سواء قضيت على اعتمادات مقسمة أو غير مقسمة إلى درجات أو باليومية أو في درجة أقل من الدرجة المقررة للمؤهل الدراسي؛ ولذلك فإن مدة المأذونية ليست من عداد تلك المدد؛ لأن المأذون وإن اعتبر موظفاً عمومياً إلا أنه لا يتقاضى راتباً من خزانة الدولة وغير خاضع للكادر العام الذي تدور في نطاقه القرارات آنفة الذكر؛ فمن ثم لا يجوز حساب تلك المدد بالتطبيق لها، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مخالفاً فإنه يكون قد خالف القانون وتكون قد قامت به حالة من حالات الطعن في الأحكام أمام هذه المحكمة.
ومن حيث إنه يبين من استقراء قرارات مجلس الوزراء الخاصة بضم مدد الخدمة السابقة في الأقدمية وتحديد الماهية أن القرار الصادر في 11 من مايو سنة 1947 نص على أن تحسب مدد الخدمة السابقة كاملة، إذا كانت قضيت في المصالح الحكومية وكانت متصلة، وتحسب ثلاثة أرباعها إذا كانت منفصلة بما لا يزيد عن خمس سنوات مع مراعاة الشروط الآتية في حساب هذه المدد: (1) ألا تقل مدة الخدمة السابقة عن ثلاث سنوات، ولا يجوز أن تضم مدد يقل كل منها منفردة عن ستة أشهر بعضها إلى بعض. (2) أن يتحد العمل السابق مع العمل الجديد في طبيعته. (3) ألا تقل المؤهلات الدراسية خلال مدة الخدمة السابقة عنها خلال مدة الخدمة الحالية. (4) ألا تقل الدرجة السابقة عن الدرجة الجديدة، وذلك بالنسبة لمن لهم، مدة خدمة في الحكومة أو في المصالح الشبيهة بالحكومة التي بها درجات مماثلة لدرجات الحكومة. (5) ألا يكون سبب انتهاء الخدمة السابقة قراراً تأديبياً أو حكماً مانعاً من التوظف أو سوء السلوك. (6) ألا تزيد مدة ترك العمل بين مدتي الخدمة السابقة والحالية على خمس سنوات. فإن لم يتوفر شرط من هذه الشروط الستة كان التعيين تعييناً جديداً يخضع فيه الموظف لما يخضع له كل مرشح جديد. وتتبع القاعدة ذاتها بالنسبة للمدد التي تقضى في الهيئات الشبيهة بالحكومة التي تطبق نظم الحكومة، أما في غير هذه الهيئات فتحسب نصف المدة فقط متصلة كانت أو منفصلة مع مراعاة باقي الشروط. وفي 20 من أغسطس سنة 1950 و15 من أكتوبر سنة 1950 وافق مجلس الوزراء على حساب مدد الخدمة السابقة كاملة وفي أقدمية الدرجة بالنسبة لحملة المؤهلات الدراسية سواء كانت تلك المدد قضيت على اعتماد في درجة أو على غير درجة أو باليومية أو في درجة أقل من الدرجة المقررة للمؤهل الدراسي مع مراعاة الشرطين الآتيين: (1) ألا يكون السبب في انتهاء الخدمة السابقة قراراً تأديبياً أو حكماً مانعاً من التوظف أو سوء السلوك. (2) ألا تزيد مدة ترك العمل بين مدتي الخدمة السابقة والحالية على خمس سنوات.
ومن حيث إنه يؤخذ من هذه القرارات أن مدد الخدمة السابقة لا تحسب كاملة في الأقدمية بالنسبة لحملة المؤهلات الدراسية إلا إذا كانت قد قضيت في إحدى وزارات الحكومة ومصالحها، سواء قضيت على اعتماد في درجة أو على غير درجة أو باليومية أو في درجة أقل من الدرجة المقررة للمؤهل الدراسي، ومقتضى ذلك أن يكون الموظف قد تقاضى مرتبه أو أجره في تلك المدة من ربط ميزانية الوزارة أو المصلحة التي كان يعمل بها.
ومن حيث إنه ولئن كان المأذون موظفاً عمومياً يتبع وزارة العدل ويخضع لرقابتها وتوجيهها وللنظم الخاصة بوظيفته إلا أنه لا يتقاضى مرتباً أو أجراً من ميزانيتها؛ وبهذه المثابة لا يستحق ضم مدة خدمته في المأذونية كاملة إلى مدة خدمته اللاحقة، ولكن يبقى بعد ذلك البحث فيما إذا كان يستحق أن يضم له نصف هذه المدة على أساس آخر.
ومن حيث إن قرارات مجلس الوزراء المشار إليها نصت على ضم نصف مدة الخدمة في الهيئات والمؤسسات والجمعيات المنصوص عليها في تلك القرارات مع أنها ليست هيئات حكومية أو شبيهة بالحكومية، وذلك متى توافر شرط الاتحاد في طبيعة العمل وسائر الشروط الأخرى.
ومن حيث إن الموظف العمومي الذي يعمل في وزارة أو مصلحة ويخضع لنظمها ولرقابتها وتوجيهها ولكنه لا يتقاضى مرتباً أو أجراً من ربط ميزانيتها مما يمتنع معه ضم هذه المدة كاملة لخدمته اللاحقة، لا يمكن - بحكم اللزوم وعلى هدى روح قرارات مجلس الوزراء سالفة الذكر - أن يكون أسوأ حالاً من موظفي الهيئات والمؤسسات والجمعيات غير الحكومية أو الشبيهة بالحكومية، بل يستحق أن تضم له نصف مدة خدمته السابقة إلى خدمته اللاحقة متى اتحدت طبيعة العمل وتوافرت سائر الشروط الأخرى.
ومن حيث إن الشروط المطلوبة متوافرة في المدعي؛ فهو حاصل على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية عام 1936 من الأزهر الشريف وشغل وظيفة مأذون اعتباراً من 9 من يوليه سنة 1936 إلى أن استقال منها في نوفمبر سنة 1950 بمناسبة تعيينه كاتباً في وظيفة من الدرجة التاسعة بوزارة الداخلية من 8 إبريل سنة 1950. وعمل المأذون هو توثيق عقود الزواج والطلاق، وهو عمل كتابي دقيق ذو مسئولية، بل يجمع إلى ذلك جانباً فنياً من الناحية الفقهية، وليس من شك أنه في جانبه الكتابي بل وعلى الحد الأدنى منه يتفق في طبيعته مع العمل الذي يقوم به الكاتب من الدرجة التاسعة، ولم يكن السب في ترك عمله السابق قراراً تأديبياً أو حكماً مانعاً من التوظف أو سوء السلوك، كما وأنه لم يكن هناك فاصل زمني بين عمله السابق ومدة خدمته الحالية.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه - إذ قضي بضم مدة المأذونية كاملة - قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله، فيتعين إلغاؤه وضم نصف هذه المدة فقط على ألا يترتب على ذلك زيادة في المرتب.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وباستحقاق المدعي لضم نصف مدة اشتغاله مأذوناً إلى مدة خدمته الحالية وما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الحكومة بالمصروفات المناسبة، ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات.