مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية - العدد الأول (من أكتوبر سنة 1956 إلى آخر يناير سنة 1957) - صـ 287

(33)
جلسة 29 من ديسمبر سنة 1956

برياسة السيد/ السيد علي السيد - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل - المستشارين.

القضية رقم 593 لسنة 2 القضائية

( أ ) إنصاف - مبدأ تخصيص الإنصاف - عدم جواز الجمع بين مزايا أكثر من إنصاف واحد - من نال إنصافاً كاملاً في ظل سلك معين انتمى إليه في فترة ما من خدمته لا يكون له حق في إنصاف جديد عن الفترة نفسها.
(ب) كادر العمال - الإنصاف المقرر بمقتضاه لا يفيد منه إلا فريقان من العمال: من لم يسبق إنصافه أصلاً، ومن سبق إنصافه إنصافاً أدنى - مثال لحالات لا يسري عليها كادر العمال.
1 - يتفرع على مبدأ تخصيص الإنصاف عدم جواز ازدواج الإفادة من قواعد الإنصاف بالجمع بين مزايا أكثر من إنصاف واحد، فمن نال إنصافاً سابقاً كاملاً في ظل سلك معين انتمى إليه في فترة ما من خدمته لا يكون له حق في إنصاف جديد عن هذه الفترة ذاتها؛ ذلك أن كل إنصاف يجري أعماله في مجال تطبيقه مقصوراً على الأشخاص الذين قصد أن يشملهم حكمه والذين اقتضت الأوضاع الخاصة بهم صدوره لتنظيم حالتهم دون سواهم، فلا يتعدى أثره إلى غير هؤلاء الأشخاص، ومن باب أولى إلى من سبق إنصافه وفقاً للقواعد المقررة لأمثاله.
2 - إن الإنصاف المقرر بمقتضى كادر عمال اليومية الصادر في 23 من نوفمبر و28 من ديسمبر سنة 1944 لا يفيد منه إلا فريقان من العمال: من لم يسبق إنصافه أصلاً، ومن سبق إنصافه إنصافاً غير كامل أي أدنى مما يستحقه بتطبيق أحكام هذا الكادر. أما من سبق أن منح إنصافاً كاملاً بمقتضى قواعد 30 من يناير و12 و19 من أغسطس سنة 1944 فلا يسوغ له التمسك بتطبيق أحكام التسويات الواردة بهذا الكادر على حالته، وخاصة إذا كان الإنصاف الذي ناله أجدى عليه من هذه التسويات؛ لانتفاء المصلحة في هذه الحالة.


إجراءات الطعن

في 25 من فبراير سنة 1956 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد تحت رقم 593 لسنة 2 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثالثة) بجلسة 29 من ديسمبر سنة 1955 في الدعوى رقم 627 لسنة 8 القضائية المقامة من وزارة المواصلات ضد مصطفى ضوي متولي، القاضي: "بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بتعديل قرار اللجنة القضائية إلى أحقية المطعون ضده في الإفادة من قواعد كادر العمال باعتباره مساعد صانع منذ أول أغسطس سنة 1948، وتسوية حالته على هذا الأساس وما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الحكومة بالمصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وإلغاء قرار اللجنة القضائية، ورفض التظلم"، وإلزام المتظلم بالمصروفات". وقد أعلن هذا الطعن إلى وزارة المواصلات في 21 من مايو سنة 1956 وإلى المطعون عليه في 27 منه، وعين لنظره أمام هذه المحكمة جلسة أول ديسمبر سنة 1956. وقد أبلغ الطرفان في 18 و22 من سبتمبر سنة 1956 بميعاد هذه الجلسة وانقضت المواعيد القانونية المقررة دون أن يقدم أي منهما مذكرة بملاحظاته. وقد سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم قررت إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل في أن المطعون عليه رفع أمام اللجنة القضائية لوزارة المواصلات التظلم رقم 2977 لسنة 1 القضائية بعريضة أودعها سكرتيرية اللجنة في 15 من مارس سنة 1953 ذكر فيها أنه حصل على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية في سنة 1940 وأنه عين بمصلحة تلغرافات وتليفونات الحكومة في 21 من نوفمبر سنة 1943 بأجر يومي قدره 120 م زيد إلى 200 م على أساس اشتغاله 25 يوماً في الشهر وذلك بتطبيق قواعد الإنصاف على حالته، ثم منح علاوتين دوريتين حتى أصبح أجره اليومي 240 م في سنة 1950، ولما كانت الوظيفة التي يشغلها وظيفة فنية تحتاج إلى دقة ممتازة فإنه يطلب إنصافه باعتباره في درجة مساعد صانع من تاريخ تعيينه بالمصلحة مع تسوية حالته بوضعه في درجة صانع دقيق بعد مضي خمس سنوات من تاريخ هذا التعيين طبقاً لأحكام كادر العمال. ولم ترد المصلحة على هذا التظلم فأصدرت اللجنة القضائية قرارها بجلسة 8 من يونيه سنة 1953 "باستحقاق المتظلم لدرجة صانع دقيق 300/ 400 م بعد مضي خمس سنوات من تعيينه، وما يترتب على ذلك من آثار"؛ واستندت في أسباب هذا القرار إلى أن كادر العمال قد نص على أن من دخل الخدمة بوظيفة صانع بدون امتحان وكان حاصلاً على الشهادة الابتدائية تفترض ترقيته لدرجة صانع دقيق بأجرة 300 م بعد انقضاء خمس سنوات، وهذا الحكم ينطبق على حالة المتظلم الذي يعتبر قد التحق بوظيفة صانع لقيامه فعلاً بعمل مراقب بطاريات تليفونات من تاريخ تعيينه، وهذه الحرفة مخصصة لها كادر العمال درجة 300/ 400 م. وقد طعنت وزارة المواصلات في قرار اللجنة القضائية أمام محكمة القضاء الإداري بالدعوى رقم 627 لسنة 8 القضائية، بعريضة أودعتها سكرتيرية المحكمة في 7 من نوفمبر سنة 1953 طلبت فيها "الحكم بإلغاء قرار اللجنة المطعون فيه، وإلزام المطعون ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة"؛ وأسست طعنها على أن المتظلم يقوم بأعمال كتابية، وأنه كان قد أرسل إلى مدرسة التعليم الفني للتمرين على الأعمال الفنية إلا أن المدرسة ردت في 20 من ديسمبر سنة 1943 بأن البرنامج الذي ندب للتمرين عليه قارب الانتهاء وبذلك أعيد إلى الأعمال الكتابية وسويت حالته طبقاً لقواعد الإنصاف على هذا الأساس، وبجلسة 29 من ديسمبر سنة 1955 قضت محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثالثة) في هذه الدعوى "بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بتعديل قرار اللجنة القضائية إلى أحقية المطعون ضده في الإفادة من قواعد كادر العمال باعتباره مساعد صانع منذ أول أغسطس سنة 1944 وتسوية حالته على هذا الأساس وما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الحكومة بالمصروفات"؛ وأقامت قضاءها على أنه ثبت لديها أن المتظلم يقوم بعمل صانع منذ أول أغسطس سنة 1948 وليس بعمل كتابي؛ إذ أنه حصل على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية ولم يؤد امتحاناً؛ ومن ثم فإن من حقه أن تسوى حالته على أساس اعتباره مساعد صانع من أول أغسطس سنة 1944، وأن يرقى بعد مضي خمس سنوات من ذلك التاريخ إلى درجة صانع دقيق بأجرة قدرها 300 م إذا وجدت درجة خالية، ويتعين تعديل قرار اللجنة القضائية المطعون فيه وفق ذلك؛ إذ أن قواعد كادر العمال وإن كانت تخول وضع من كان نظيراً للمتظلم في درجة صانع دقيق بأجر قدره 300 م بعد خمس سنوات من تاريخ تعيينه في درجة صانع إلا أن ذلك مشروط بوجود درجة خالية. وقد طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة في هذا الحكم بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة في 25 من فبراير سنة 1956 نوه فيها بوقوع خطأ مادي في منطوق الحكم المطعون فيه في تاريخ اعتبار المتظلم مساعد صانع، وبأن هذا الحكم قد قضى في أسبابه بترقية المتظلم إلى درجة صانع دقيق بعد خمس سنوات اعتباراً من أول أغسطس سنة 1944 إذا وجدت درجة خالية في حين أن المتظلم لا يستكمل هذه المدة لغاية أول مايو سنة 1945، وبذلك يخضع في الترقية لدرجة صانع دقيق لأحكام الترقية الواردة في كادر العمال وهي جوازية تترخص الإدارة في تقدير ملاءمتها وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة فلا ينشأ المركز القانوني فيها من تلقاء ذاته. على أن ما يؤخذ على الحكم هو إغفاله أن المتظلم قد شمله الإنصاف السابق على صدور كادر العمال برفع أجره إلى 200 م يومياً مضروباً في 25 يوماً على ألا يقل مرتبه عن خمس جنيهات شهرياً، وذلك على أساس حصوله على الشهادة الابتدائية. وقد نصت الكتب الدورية الصادرة من وزارة المالية في هذا الشأن على قصر سريان أحكام التسويات الواردة بكادر العمال على من لم يشملهم الإنصاف السابق أو على من منحوا فيه أقل مما يستحقونه بتطبيق أحكام هذه التسويات. والواقع أن المتظلم باعتباره مساعد صانع من أول أغسطس سنة 1944 لا يستحق بالتطبيق لقواعد التسويات الواردة بكادر العمال سوى أجر قدره 150 م يومياً، في حين أن أجره بلغ بالتطبيق لقواعد الإنصاف السابق 200 م يومياً مضروباً في 25 يوماً على ألا يقل مرتبه عن خمسة جنيهات شهرياً. ومن ثم يكون قد منح في الإنصاف السابق أكثر مما يستحقه فيما لو طبقت عليه أحكام كادر العمال، ويكون تظلمه على غير أساس سليم من القانون. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد وقع مخالفاً للقانون وتكون قد قامت به الحالة الأولى من أحوال الطعن في الأحكام أمام المحكمة الإدارية العليا المنصوص عليها في المادة 15 من قانون مجلس الدولة. وانتهى السيد رئيس هيئة المفوضين من هذا إلى طلب "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وإلغاء قرار اللجنة القضائية، ورفض التظلم، وإلزام المتظلم بالمصروفات".
ومن حيث إن ما نعاه الطعن على الحكم المطعون فيه - من وقوع خطأ مادي بمنطوقه في تاريخ اعتبار المتظلم مساعد صانع على خلاف ما ورد بأسبابه من تحديد لتاريخ أقرب إلى التمشي مع سياق الحكم - مردود بما هو ثابت بذيل الحكم المذكور من صدور قرار من رئيس الهيئة التي أصدرته بتصحيح منطوقة بمقتضى محضر مؤرخ 28 من مارس 1956.
ومن حيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت [(1)] بأن ترقية العامل بعد أول مايو سنة 1945، ولو كان معيناً قبل هذا التاريخ، من درجة إلى الدرجة التالية لها وفقاً لأحكام كادر العمال بعد استكماله المدة المقررة لذلك التي هي شرط صلاحية أساسه اكتساب الخبرة الفنية لا شرط لزوم، هي أمر جوازي تترخص الإدارة في تقدير ملاءمته وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة وليست حتمية ولا واقعة بقوة القانون، فلا ينشأ المركز القانوني فيها من تلقاء ذاته، بل يخضع لتقدير الإدارة ولما أورده الكادر المشار إليه على الترقية من قيود سواء من حيث وجوب مراعاة نسبة معينة لكل فئة من الصناع في القسم الواحد من الوزارة أو المصلحة، أو من حيث ضرورة التزام حدود اعتماد مالي معين، أو وجود درجات خالية. ومن ثم فإن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه في أسبابه من أن من حق المتظلم "أن تسوي حالته على أساس اعتباره مساعد صانع اعتباراً من أول أغسطس سنة 1944 وأن يرقي بعد خمس سنوات من ذلك التاريخ إلى درجة صانع دقيق بأجر قدره 300 م إذا وجدت درجة خالية"، يكون في غير محله ما دامت هذه الترقية سيحل موعدها بعد أول مايو سنة 1945، تاريخ تنفيذ كادر العمال، ولا يكفي الاقتصار على تقييدها بوجود درجة خالية فحسب وإغفال باقي القيود الأخرى التي سلف بيانها.
ومن حيث إن هذه المحكمة سبق أيضاً أن قضت بأنه يتفرع على مبدأ تخصيص الإنصاف عدم جواز ازدواج الإفادة من قواعد الإنصاف بالجمع بين مزايا أكثر من إنصاف واحد. فمن نال إنصافاً سابقاً كاملاً في ظل سلك معين انتمى إليه في فترة ما من خدمته لا يكون له حق في إنصاف جديد عن هذه الفترة ذاتها؛ ذلك أن كل إنصاف يجري إعماله في مجال تطبيقه مقصوراً على الأشخاص الذين قصد أن يشملهم حكمه والذين اقتضت الأوضاع الخاصة بهم صدوره لتنظيم حالتهم دون سواهم، فلا يتعدى أثره إلى غير هؤلاء الأشخاص، ومن باب أولى إلى من سبق إنصافه وفقاً للقواعد المقررة لأمثاله.
ومن حيث إنه جاء بمذكرة وزارة المالية التي وافق عليها مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة في 23 من نوفمبر سنة 1944 بشأن كادر عمال اليومية أن الحكومة "ستضطر إلى فتح اعتمادات جديدة لمواجهة نفقات إنصاف العمال والخدمة السائرة وصغار الموظفين والأئمة وحملة الشهادات المتوسطة وغيرهم ممن لم يلحقهم الإنصاف أصلاً أو كاملاً من قبل". كما ورد في هذه المذكرة تحت عنوان "كيفية تطبيق هذه القواعد" أن "التسوية المتقدمة تسري على من لم يشملهم الإنصاف السابق، والذين منحوا فيه أقل مما يستحق بتطبيق القواعد المتقدمة تزاد أجورهم إلى الحد الذي تخوله لهم هذه القواعد". كذلك ورد بكتاب وزارة المالية الدوري ملف رقم ف 234 - 9/ 53 المؤرخ 16 من أكتوبر سنة 1945 في شأن كادر عمال اليومية تحت البند "سادساً - على من تسري هذه التسويات المتقدمة" أن "التسويات المتقدمة تسري على من لم يشمهلم الإنصاف السابق الصادر به كتاب المالية الدوري رقم ف 234 - 1/ 302 المؤرخ 6/ 9/ 1944 والكتب الدورية المتممة له، والذين منحوا في الإنصاف السابق أقل مما يستحقونه بتطبيق القواعد المتقدمة تزاد أجورهم إلى الحد الذي تخوله لهم هذه القواعد". وكتاب المالية الدوري المشار إليه رقم ف 324 - 1/ 302 المؤرخ 6 من سبتمبر سنة 1944 هو الخاص بتنفيذ الإنصاف الصادرة بها قرارات مجلس الوزراء في 30 من يناير سنة 1944 و12 و19 من أغسطس سنة 1944 بالنسبة إلى بعض ذوي المؤهلات الدراسية. ومفاد هذا أن الإنصاف المقرر بمقتضى كادر عمال اليومية الصادر في 23 من نوفمبر و28 من ديسمبر سنة 1944 لا يفيد منه إلا فريقان من العمال: من لم يسبق إنصافه أصلاً، ومن سبق إنصافه إنصافاً غير كامل أي أدنى مما يستحقه بتطبيق أحكام هذا الكادر. أما من سبق أن منح إنصافاً كاملاً بمقتضى قواعد 30 من يناير و12 و19 من أغسطس سنة 1944 فلا يسوغ له التمسك بتطبيق أحكام التسويات الواردة بهذا الكادر على حالته، وخاصة إذا كان الإنصاف الذي ناله أجدى عليه من هذه التسويات لانتفاء المصلحة في هذه الحالة.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن المطعون عليه حاصل على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية في شهر يونيه سنة 1941، وأنه التحق بخدمة مصلحة التلغرافات والتليفونات بوظيفة عامل مؤقت بأجر يومي قدره 80 م اعتباراً من 21 من نوفمبر سنة 1943 على مقايسات أسوان - حلفا على أن يقدم نفسه أولاً لقسم التحسينات للتمرن على أعمال الكارير، ثم أقترح إرساله لمدرسة التعليم الفني للتمرن على سنترالات الماجنيتو والبطارية المشتركة حتى يتسنى له الإلمام بأعمال الكارير. وقد رد مهندس التعليم الفني في 30 من ديسمبر سنة 1943 بأن البرنامج الذي ندب المذكور للتمرن عليه قد قارب الانتهاء بحيث لا يستطيع الإفادة منه أو الإلمام بشيء، ولذلك رؤى إعادته إلى قسمه، ثم نقل إلى أسوان للعمل بمحطة تقوية الصوت بها اعتباراً من أول أغسطس سنة 1944. وقد اعتبر شاغلاً للدرجة 160/ 360 م المخصصة لوظيفة كاتب أجرية مؤقت من تاريخ التحاقه بخدمة الحكومة، ورفع أجره إلى 120 م يومياً اعتباراً من ذلك التاريخ. وعند صدور قواعد الإنصاف طبقت عليه هذه القواعد على أساس أنه من حملة شهادة إتمام الدراسة الابتدائية فرفع أجره إلى 200 م يومياً مضروباً في 25 يوماً على ألا يتعدى ما يصرف إليه شهرياً خمسة جنيهات واستحق علاوة دورية قدرها 20 م يومياً اعتباراً عن أول مايو سنة 1952.
ومن حيث إنه لما كان الثابت أن المطعون عليه قد أنصف بالفعل على أساس معاملته بقواعد الإنصاف الصادرة في 1944 وأن حالته سويت تسوية صحيحة وفقاً لهذه القواعد بوصفه حاصلاً على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية، فليس له أن يفيد من تطبيق أحكام كادر عمال اليومية على حالته، خاصة وأن ما ناله بمقتضى التسوية التي أجريت له وفقاً للإنصاف الذي حصل عليه يزيد على ما يستحقه فيما لو طبقت عليه أحكام التسويات الواردة بكادر العمال بمراعاة أن ترقيته إلى درجة صانع دقيق كانت جوازية لا حتمية لعدم استكمال مدتها إلا بعد أول مايو سنة 1945 وأن الأجر الذي منحه بمقتضى قواعد الإنصاف يجاوز الأجر الذي يقرره له كادر العمال. ومن ثم فإن الطعن يكون في محله ويكون ما ذهب إليه كل من قرار اللجنة القضائية والحكم المطعون فيه من أحقية المتظلم في الإفادة من قواعد كادر عمال اليومية على خلاف بينهما في مدى هذه الإفادة قد جانب الصواب، ويتعين القضاء بإلغائهما وبرفض التظلم.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.


[(1)] راجع السنة الأولى من هذه المجموعة بند 14 صفحة 103.