أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الحادية والأربعون - صـ 253

جلسة أول فبراير سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ محمد رفيق البسطويسى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعبد اللطيف أبو النيل وعمار ابراهيم ومحمد حسين مصطفى.

(44)
الطعن رقم 15060 لسنة 59 القضائية

(1) ضرب " أفضى إلى موت". مسئولية جنائية. جريمة "أركانها". رابطة السببية. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
مسئولية المتهم فى جريمة الضرب أو احداث جرح عمدا عن جميع النتائج المحتمل حصولها نتيجة سلوكه الاجرامى. ما لم تتداخل عوامل اجنبية غير مألوفة تقطع رابطة السببية بين فعله والنتيجة.
مرض المجنى عليه من الأمور الثانوية. لا يقطع رابطة السببية.
مثال.
(2) إثبات "شهود" "خبرة". إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم معاودة الطاعن التمسك بطلبه مناقشة الطبيب الشرعى أمام المحكمة بعد تغيير هيئتها.
عدم التزام المحكمة باجابته. علة ذلك ؟
(3) إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل".
تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير. موضوعى.
(4) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "بوجه عام".
عدم التزام المحكمة بالرد صراحة على أدلة النفى. استفادة الرد عليها من أدلة الثبوت التى أوردها الحكم.
(5) حكم "تسبييبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام الحكم بتعقب المتهم فى كل جزئية من جزئيات دفاعه. مفاد التفاته عنها أنه أطرحها.
الجدل الموضوعى فى تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(6) نقض "أسباب الطعن. تحديدها".
وجه الطعن. يجب أن يكون واضحا محددا.
(7) إثبات "بوجه عام". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير جدية التحريات".
لمحكمة الموضوع التعويل فى تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة. باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة.
1 - من المقرر إن الجانى فى جريمة الضرب أو احداث جرح عمدا يكون مسئولا عن جميع النتائج المحتمل حصولها نتيجة سلوكه الاجرامى ولو كانت عن طريق غير مباشر ما لم تتداخل عوامل أجنبية غير مألوفة تقطع رابطة السببية بين فعله وبين النتيجة، وان مرض المجنى عليه انما هو من الأمور الثانوية التى لا تقطع هذه الرابطة، وكان مؤدى ما حصله الحكم من تقرير الصفة التشريحية إن الانفعال والمجهود النفسى قد مهدا وعجلا باصابته بنوبة قلبية أودت بحياته فان ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد يكون على غير أساس.
2 - لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الدعوى نظرت بجلسة 28/ 6/ 1988 وحجزت للحكم للجلسة 30/ 6/ 1988 وبالجلسة الأخيرة اعيدت للمرافعة لتحقيق طلب الدفاع مناقشة الاطباء الشرعيين، وتداولت الدعوى بالجلسات لتنفيذ القرار ذاك، وبجلسة 29/ 12/ 1988 تغيرت هيئة المحكمة بتشكيل جديد، حيث ترافع المدافع عن الطاعن ولم يتمسك بمناقشة الطبيب الشرعى حتى مختتم مرافعته التى تناهى فيها إلى طلب تبرئه الطاعن، فان ذلك من المدافع عن الطاعن يفقد طلبه خصائص الطلب الجازم الذى تلتزم المحكمة باجابته إليه لما هو مقرر من أنه اذا تغيرت هيئة المحكمة، فانه لا عليها ان لم تعرض لدفاعه السابق ابداؤه أمام هيئة مغايرة، ما دام أنه لم يعد إلى التمسك به أمامها فى تشكيلها الجديد، فان النعى على الحكم فى هذا الخصوص يكون غير سديد.
3 - لمحكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم اليها.
4 - من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على أدلة النفى التى يتقدم بها المتهم ما دام الرد عليها مستفادا ضمنا من الحكم بالإدانة اعتمادا على أدلة الثبوت التى أوردها.
5 - بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التى صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه فى كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها انه اطرحها، فان ما يثيره الطاعن بشأن نفى التهمة وعدم وجوده على مسرح الجريمة وقت وقوعها لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا فى تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز اثارته أمام محكمة النقض ويكون منعى الطاعن فى هذا الصدد فى غير محله.
6 - من المقرر إنه يتعين لقبول وجه الطعن ان يكون واضحا محددا مبينا به ما يرمى إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته فى الدعوى المطروحة وكونه منتجا مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدى له ايرادا له وردا عليه.
7 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول فى تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطه باعتبارها معززه لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن فى قضية الجناية بانه ضرب عمدا...... بأداة صلبه راضه (عصا حديد) على ساعده الأيسر فأحدث به الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصد من ذلك قتلا ولكن الضرب أفضى إلى موته. واحالته إلى محكمة جنايات دمنهور لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة وادعت أرملة المجنى عليه وأولاده مدنيا قبل المتهم بمبلغ عشرين الف جنيه على سبيل التعويض والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات مع أعمال المادة 17 من القانون ذاته بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة سنتين واحالة الدعوى المدنية الى المحكمة المدنية المختصة.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.


المحكمة

من حيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه هو أنه إذ دانه بجريمة الضرب المفضى الى الموت قد شابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والاخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق، ذلك أنه لم يعرض لعلاقة وفاة المجنى عليه بالاصابة التى حدثت من جراء الاعتداء عليه رغم مرضه بالقلب الذى أدى إلى وفاته. كما أن الطاعن لم يكن يتوقع حصول النتيجة المحتمله لا صابة المجنى عليه، وتمسك المدافع عنه بمناقشة الاطباء الشرعيين لبيان سبب الوفاة، ورغم استجابة المحكمة لهذا الطلب إلا انها عدلت عنه دون تحقيقه، ولم تعرض لدفاعه بعدم وجوده بمكان الحادث ولم تعرض له ايرادا وردا، وعول الحكم فى إدانته على أقوال شاهدى الاثبات رغم قيام التضارب بينهما وعلى الرغم من وجود خلافات بين الشاهد الثانى والطاعن، هذا إلى انه استند الى تحريات الشرطه رغم عدم صلاحيتها كدليل للادانة، كل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة عناصر جريمة الضرب المفضى إلى الموت التى دان الطاعن بها كما هى معرفة فى القانون واورد على ثبوتها فى حقه أدلة سائعة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم بعد أن عرض لرابطة السببية فى قوله "وقد ثبت من التقرير الطبى الشرعى أن المجنى عليه مصاب بالعضد الأيسر اصابة رضية حيوية حديثة يجوز حدوثها من الضرب بعصا من حديد إلا أن الاصابة سطحية بسيطة ولا دخل لها فى حد ذاتها فى احداث الوفاة، إلا أن التشريح أثبت أن المجنى عليه مصاب بحالة مرضية متقدمة بالقلب من شأنها أن تعرضه لنوبات قلبية حادة قد تنتهى بالوفاة، وقد تحدث هذه النوبات أما ذاتيا أو بسبب مؤثر خارجى وأن الطبيب الشرعى الذى قام بالتشريح يرى أن المجهود الجثمانى الناشئ عن الشجار الذى حدث مع المجنى عليه والتماسك أدى إلى تنبيه خطير للقلب المتأثر بالحالة المرضية فجعل بحصول النوبة القلبية التى أدت إلى هبوط حاد سريع بالقلب والدورة الدموية مما أدى إلى الوفاة". وانتهى إلى قوله "....... أنه من المقرر أن مرض المجنى عليه وتقدمه فى السن هو من الأمور الثانوية التى لا تقطع رابطة السببية بين فعل المتهم والنتيجة التى انتهى اليها أمر المجنى عليه بسبب اصابته. ومن ثم فإن المتهم يكون مسئولا عن الضرب الذى كان من نتيجته احداث وفاة المجنى عليه "، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الجانى فى جريمة الضرب أو احداث جرح عمدا يكون مسئولا عن جميع النتائج المحتمل حصولها نتيجة سلوكه الاجرامى ولو كانت عن طريق غير مباشر ما لم تتداخل عوامل أجنبية غير مألوفة تقطع رابطة السببية بين فعله وبين النتيجة، وان مرض المجنى عليه انما هو من الأمور الثانوية التى لا تقطع هذه الرابطة، وكان مؤدى ما حصله الحكم من تقرير الصفة التشريحية أن الانفعال والمجهود النفسى قد مهدا وعجلا باصابته بنوبة قلبية أودت بحياته فان ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الدعوى نظرت بجلسة 28/ 6/ 1988 وحجزت للحكم للجلسة 30/ 6/ 1988 وبالجلسة الأخيرة اعيدت للمرافعة لتحقيق طلب الدفاع مناقشة الاطباء الشرعيين، وتداولت الدعوى بالجلسات لتنفيذ القرار ذاك، وبجلسة 29/ 12/ 1988 تغيرت هيئة المحكمة بتشكيل جديد، حيث ترافع المدافع عن الطاعن ولم يتمسك بمناقشة الطبيب الشرعى حتى مختتم مرافعته التى تناهى فيها إلى طلب تبرئه الطاعن، فان ذلك من المدافع عن الطاعن يفقد طلبه خصائص الطلب الجازم الذى تلتزم المحكمة باجابته إليه، لما هو مقرر من أنه اذا تغيرت هيئة المحكمة، فانه لا عليها أن لم تعرض لدفاعه السابق ابداؤه أمام هيئة مغايرة، ما دام أنه لم يعد إلى التمسك به أمامها فى تشكيلها الجديد، فان النعى على الحكم فى هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان مؤدى ما نقله الحكم من تقرير الصفة التشريحية من أن "المجهود الجثمانى الناشئ عن الشجار الذى حدث بالمجنى عليه والتماسك أدى إلى تنبيه خطير للقلب المتأثر بالحالة المرضية فعجل بحصول النوبة القلبية التى أدت الى هبوط حاد سريع بالقلب والدورة الدموية مما ادى إلى الوفاة". لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم اليها وكان ما اثبته الحكم من مقارفه الطاعن للفعل المسند إليه يكفى فى تسليم المنطق وصحيح القانون ردا على ما اثاره الطاعن من شبهات فى حقيقة الحادث، ومن ثم فإن منعاه فى هذا الشأن يكون فى غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على أدلة النفى التى يتقدم بها المتهم ما دام الرد عليها مستفادا ضمنا من الحكم بالإدانة اعتمادا على أدلة الثبوت التى أوردها، اذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التى صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه فى كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها انه اطرحها، فان ما يثيره الطاعن بشأن نفى التهمة وعدم وجوده على مسرح الجريمة وقت وقوعها لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا فى تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز اثارته أمام محكمة النقض ويكون منعى الطاعن فى هذا الصدد فى غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر إنه يتعين لقبول وجه الطعن ان يكون واضحا محددا مبينا به ما يرمى اليه مقدمه حتى يتضح مدى اهميته فى الدعوى المطروحة وكونه منتجا مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدى له ايرادا له وردا عليه، ولما كان الطاعن لم يكشف بأسباب الطعن عن أوجه التناقض بين أقوال الشهود والتضارب فيها بل ساق قولا مرسلا مجهلا فان منعاه فى هذا الشأن يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول فى تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطه باعتبارها معززه لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث - وهو الحال فى الدعوى الماثلة، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فان الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.