مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية - العدد الأول (من أكتوبر سنة 1956 إلى آخر يناير سنة 1957) - صـ 380

(44)
جلسة 26 من يناير سنة 1957

برياسة السيد/ السيد علي السيد - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل - المستشارين.

القضية رقم 860 لسنة 2 القضائية

عقد العمل - الموظف العام الذي يخضع للقواعد اللائحية - وجوب أن تكون علاقته بالحكومة لها صفة الاستقرار والدوام في خدمة مرفق عام تديره الدولة بالطريق المباشر - العلاقة العارضة تعتبر عقد عمل يندرج في نطاق القانون الخاص - مثال.
لكي يعتبر الشخص موظفاً عاماً خاضعاً لأحكام الوظيفة العامة التي مردها إلى القوانين واللوائح يجب أن تكون علاقته بالحكومة لها صفة الاستقرار والدوام في خدمة مرفق عام تديره الدولة بالطريق المباشر، وليست علاقة عارضة تعتبر عقد عمل يندرج في نطاق القانون الخاص. فإذا كان الثابت أن المطعون عليه بعمل قارئاً لآي الذكر الحكيم قبل صلاة الجمعة من كل أسبوع، ولا تتعدى هذه الخدمة فترة قصيرة يكون بعدها في حل من جميع الالتزامات التي تحكم الموظفين العموميين، ولا تثريب عليه في مزاولة أي عمل خارجي، فإنه بهذه المثابة يعتبر من الأجراء الذين لا يعدو أن تكون علاقة الحكومة بهم كعلاقة الأفراد بعضهم مع البعض الآخر في مجالات القانون الخاص؛ ومن ثم لا يعتبر من الموظفين العامين الذين يحق لهم الإفادة من قواعد الإنصاف حتى يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري في المنازعات الخاصة بذلك.


إجراءات الطعن

في 20 من مارس سنة 1956 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة عريضة طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة الأوقاف بجلسة 21 من يناير سنة 1956 في الدعوى رقم 429 لسنة 1 ق المقامة من شلبي أحمد متولي ضد وزارة الأوقاف، القاضي "باستحقاق المدعي لرفع راتبه إلى ثلاثة جنيهات شهرياً باعتباره من الخدم الخارجين عن هيئة العمال اعتباراً من 30 يناير سنة 1944 مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية طبقاً لقواعد الإنصاف، وألزمت الوزارة المدعى عليها بالمصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للأسباب التي استند إليها في عريضة طعنه "قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بعدم اختصاص القضاء الإداري بنظر الدعوى، مع إلزام المدعي المصروفات". وقد أعلن هذا الطعن إلى المدعي في 9 من يونيه سنة 1956 وإلى وزارة الأوقاف في 12 من يونيه سنة 1956 وعين لنظره جلسة 29 من ديسمبر سنة 1956، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم أرجئ إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل، حسبما يبين من أوراق الطعن، في أن المدعي أقام دعواه بصحيفة أودعت سكرتيرية المحكمة الإدارية في 18 من يوليه سنة 1955، وقال شرحاً لهذه الدعوى إنه عين بوظيفة قارئ بمسجد شيخون البحري منذ 25 عاماً بمرتب قدره 450 م شهرياً زيد إلى 700 م فيما بعد وهذا يخالف قواعد الإنصاف الصادر بها قرار مجلس الوزراء في 30 من يناير سنة 1944 التي تقضي برفع راتبه إلى ثلاثة جنيهات شهرياً، وطلب الحكم باستحقاقه لمرتب شهري قدره ثلاثة جنيهات منذ تعيينه وما يترتب على ذلك من آثار. وبجلسة 21 من يناير سنة 1956 قضت المحكمة الإدارية لوزارة الأوقاف "باستحقاق المدعي لرفع راتبه إلى ثلاثة جنيهات شهرياً باعتباره من الخدم الخارجين عن هيئة العمال اعتباراً من 30 من يناير سنة 1944، مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية طبقاً لقواعد الإنصاف، وألزمت الوزارة المدعى عليها بالمصروفات"؛ وأسست قضاءها على "أن البند التاسع عشر من كتاب وزارة المالية الدوري رقم ف 234 - 1 - 302 المؤرخ 6 من سبتمبر سنة 1944 بشأن تنفيذ قواعد الإنصاف لبعض طوائف الموظفين والخدمة الخارجين عن هيئة العمال قد نص فيما يتعلق بالخدمة الخارجين عن هيئة العمال على أن الموجودين منهم الآن بالخدمة بماهية تقل عن ثلاثة جنيهات ترفع ماهياتهم إلى هذا القدر".
ومن حيث إن مبنى الطعن أن المدعي لا يمكن اعتباره قائماً بعمل دائم يقتضيه ضرورة خدمة المرفق العام، وبالتالي لا يمكن تصور اعتباره من عداد الموظفين العموميين وبهذه المثابة يعتبر أجيراً.
ومن حيث إن هذه المنازعة تثير بادئ ذي بدء بحث ما إذا كانت العلاقة بين الحكومة والمطعون عليه هي علاقة تنظيمية عامة تحكمها القوانين واللوائح مما يدخل في روابط القانون العام فيحق له بهذه المثابة الإفادة من قواعد الإنصاف ويختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالمنازعة الخاصة بذلك طبقاً للمادة الثامنة من القانون رقم 165 لسنة 1955، أم أن تلك العلاقة ليست كذلك بل هي عقد عمل مما يندرج في روابط القانون الخاص؛ ومن ثم لا تطبق في شأنه هذه القواعد كما لا يختص المجلس بنظرها.
ومن حيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت بأنه لكي يعتبر الشخص موظفاً عاماًَ خاضعاً لأحكام الوظيفة العامة التي مردها إلى القوانين واللوائح يجب أن تكون علاقته بالحكومة لها صفة الاستقرار والدوام في خدمة مرفق عام تديره الدولة بالطريق المباشر وليست علاقة عارضة مما تعتبر عقد عمل يندرج في نطاق القانون الخاص.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المطعون عليه يعمل قارئاً لآي الذكر الحكيم قبل صلاة الجمعة من كل أسبوع ولا تتعدى هذه الخدمة فترة قصيرة يكون بعدها في حل من جميع الالتزامات التي تحكم الموظفين العموميين، ولا تثريب عليه في مزاولة أي عمل خارجي، فهو بهذه المثابة من الأجراء الذين لا يعدو أن تكون علاقة الحكومة بهم كعلاقة الأفراد بعضهم مع البعض الآخر في مجالات القانون الخاص، ومن ثم لا يعتبر المطعون عليه من الموظفين العامين الذين يحق لهم الإفادة من قواعد الإنصاف حتى يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري في المنازعات الخاصة بذلك.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه - إذ قضي بتطبيق قواعد الإنصاف على المطعون عليه بوصفه موظفاً عاماً - قد جاء مخالفاً للقانون، ويتعين من أجل ذلك إلغاؤه، والقضاء بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر المنازعة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبعدم اختصاص القضاء الإداري بنظر الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.