أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 21 - صـ 569

جلسة 12 من أبريل سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ نصر الدين حسن عزام، وعضوية السادة المستشارين: سعد الدين عطية، وأنور أحمد خلف، ومحمود كامل عطيفة، والدكتور محمد محمد حسنين.

(136)
الطعن رقم 319 لسنة 40 القضائية

تقليد. "تقليد الرسوم والنماذج الصناعية". براءة اختراع. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "إثبات بوجه عام". نقض. "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
الأحكام الخاصة بكل من تقليد براءات الاختراع وتقليد الرسوم والنماذج الصناعية؟
مثال لتسبيب معيب في تقليد براءة اختراع.
وجوب استناد القاضي في المواد الجنائية في ثبوت الحقائق القانونية إلى الدليل الذي يقتنع به وحده. ليس له أن يؤسس حكمه على رأي غيره.
عالج القانون رقم 132 لسنة 1949 أحكام نوعين من التقليد هما تقليد براءة الاختراع وتقليد الرسوم والنماذج الصناعية وبينت نصوصه ماهية كل منهما. ولما كانت واقعة الدعوى هي تقليد براءة الاختراع وليست تقليد نموذج صناعي مسجل، فإن الحكم إذ أقام قضاءه على ما تحدث به عن تقليد نموذج صناعي مسجل يكون قد خلط بين نوعي التقليد رغم اختلاف الأحكام الخاصة بكل منهما، ويكون بذلك قد أخطأ في تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على الواقعة. وفضلاً عن ذلك فإن الحكم المطعون فيه وقد استند في القول بعدم توافر ركن التقليد على رأي مدير إدارة الفحص الفني للاختراع من عدم وجود تشابه أو تطابق بين الاختراع الممنوح براءته للمجني عليه وجهاز المطعون ضده دون أن يعني الحكم بوصف كل منهما وبيان أوجه التشابه بينهما من حيث العناصر الجوهرية إثباتاً ونفياً يكون مشوباً بالقصور لأن القاضي في المواد الجنائية إنما يستند في ثبوت الحقائق القانونية إلى الدليل الذي يقتنع به وحده ولا يجوز له أن يؤسس حكمه على رأي غيره. ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يستوجب نقضه والإحالة.


الوقائع

أقام المدعي بالحق المدني دعواه بالطريق المباشر ضد المطعون ضده أمام محكمة جنح باب الشعرية الجزئية متهماً إياه بأنه في أكتوبر سنة 1963 قلد موضوع اختراع منح عنه براءة وعرض للبيع منتجات مقلدة. وطلب عقابه بالمادة 48 من القانون رقم 132 لسنة 1949 وإلزامه بأن يدفع له مبلغ خمسة آلاف جنيه على سبيل التعويض والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بتغريم المتهم مائة جنيه وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المختصة للفصل فيها. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم من التهمة المنسوبة إليه. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بإلغاء الحكم المستأنف وتبرئة المطعون ضده من جريمة تقليد اختراع منحت عنه براءة قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب ذلك بأن الحكم أقام قضاءه على ما تحدث به عن تقليد نموذج صناعي مع أن التهمة المسندة إلى المطعون ضده هي تقليد اختراع لها حكمها الخاص في القانون رقم 132 لسنة 1949 ثم إن الحكم نفى توافر ركن التقليد استناداً إلى مؤدى أقوال مدير إدارة الفحص الفني للاختراع من أنه لا يوجد تطابق ولا تشابه بين جهازي المطعون ضده والمجني عليه دون أن يعني الحكم بوصف الاختراع الذي منحت براءته للمجني عليه والنموذج الصناعي الخاص بالمطعون ضده ولم يقل كلمته بصدد التشابه بينهما إثباتاً ونفياً.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مفاده أن المجني عليه منح بتاريخ 14/ 3/ 1961 براءة عن اختراع لجهاز تسخين كهربائي من الداخل لتدميس الفول وعهد بمهمة إنتاج هذا الجهاز إلى "الكتريكا" التي عهدت بدورها إلى المطعون ضده لتوريد قدر وغطاء ليتم فيها تركيب جهاز التسخين الكهربائي الداخلي الأمر الذي أتاح لهذا الأخير الوقوف على فكرة الاختراع وفي أكتوبر سنة 1963 فوجئ المجني عليه بأن فكرة اختراعه قد استخدمت في قدور من إنتاج المطعون ضده تحمل اسم "دماسة الصوفاني" وبأن مقادير كبيرة من هذا الإنتاج تباع بالأسواق ثم خلص الحكم إلى القضاء ببراءة المطعون ضده في قوله "وحيث إن المقرر أن جريمة تقليد الرسم الصناعي المنصوص عليها في المادة 48 من القانون رقم 132 لسنة 1949 الخاص ببراءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية تتحقق إذا ما وجد تشابه في الرسم والنموذج من شأنه أن يخدع المتعاملين بالسلع التي قلدت رسمياً أو نموذجياً وأن القاعدة القانونية المقررة في جرائم التقليد تقضي بأن العبرة بأوجه الشبه لا بأوجه الخلاف. وحيث إنه على هدى ذلك ولما كان الثابت من أقوال مدير إدارة الفحص الفني للاختراع أنه ليس ثمة تطابق ولا تشابه بين جهازي المتهم والمجني عليه وأن جهاز المتهم كامل الصنع وبه جميع أجزائه وقابل للاستغلال الصناعي بينما جهاز المجني عليه تنقصه التجارب لعمل جهاز قابل للاستغلال الصناعي وأنه وإن كانت فكرة التسخين واحدة في الجهازين إلا أنها معروفة منذ أكثر من خمسين سنة فإن أوجه الشبه والحال كذلك تكون مقصورة على أساس العمليات الطبيعية والكيمائية المشتركة علمياً والمعروفة للكافة بفكرة التسخين الكهربائي بينما هي أي أوجه الشبه معدومة بين الجهازين من حيث الشكل والخامات والتكامل والقابلية للاستغلال الصناعي وتختلف في كل منهما عن الآخر ومن ثم فإن الاتهام المسند إلى المتهم يفقد ركنه الأساسي مما يتعين معه إلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم مما أسند إليه" لما كان ذلك، وكان القانون رقم 122 لسنة 1949 قد عالج أحكام نوعين من التقليد هما تقليد براءة الاختراع وتقليد الرسوم والنماذج الصناعية وبينت نصوصه ماهية كل منهما وكانت واقعة الدعوى هي تقليد براعة الاختراع وليست تقليد نموذج صناعي مسجل فإن الحكم إذا أقام قضاءه على ما تحدث به فيما سلف إيراده عن تقليد نموذج صناعي مسجل يكون قد خلط بين نوعي التقليد رغم اختلاف الأحكام الخاصة بكل منهما ويكون بذلك قد أخطأ في تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على الواقعة، وفضلاً عن ذلك فإن الحكم المطعون فيه وقد استند في القول بعدم توافر ركن التقليد على رأي مدير إدارة الفحص الفني للاختراع من عدم وجود تشابه أو تطابق بين الاختراع الممنوح براءته للمجني عليه وجهاز المطعون ضده دون أن يعني الحكم بوصف كل منهما وبيان أوجه التشابه بينهما من حيث العناصر الجوهرية إثباتاً ونفياً يكون مشوباً بالقصور لأن القاضي في المواد الجنائية إنما يستند في ثبوت الحقائق القانونية إلى الدليل الذي يقتنع به وحده ولا يجوز له أن يؤسس حكمه على رأي غيره. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يستوجب نقضه والإحالة.