أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 21 - صـ 577

جلسة 13 من أبريل سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ محمود العمراوي، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم الديواني، ومحمد السيد الرفاعي، وطه محمد دنانه، ومصطفى الأسيوطي.

(138)
الطعن رقم 879 لسنة 39 القضائية

( أ ) بناء. هدم. تنظيم. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره".
المراد بالمبنى والمقصود من الهدم في خصوص تنظيم وهدم المباني؟
(ب) دخول منزل بقصد ارتكاب جريمة. هدم. ارتباط. نقض. "الحكم في الطعن". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
مثال لغموض وتناقض في التسبيب في جريمتي دخول منزل بقصد ارتكاب جريمة وهدم بناء.
حجب الخطأ القانوني المحكمة عن تمحيص أدلة الدعوى. وجوب أن يكون النقص مقروناً بالإحالة.
1 - المراد بالمبنى في خصوص تنظيم وهدم المباني كل عقار مبني يكون محلاً للانتفاع والاستغلال أياً كان نوعه والمقصود بالهدم إزالته كله أو بعضه على وجه يصير الجزء المهدوم غير صالح للاستعمال فيما أعد له. ولما كان الحكم المطعون فيه لم يستظهر بداءة ما إذا كان هناك مبنى بالمعنى الذي عناه القانون بالدور الثاني وما إذا كان الطاعن أزاله كله أو بعضه، وكان هدم السور وبعض الحوائط لا يتحقق به هذا المعنى، فإنه يكون معيباً بالإخلال بحق الدفاع والقصور في البيان مما يعجز محكمة النقص عن مراقبة صحة تطبيق القانون على واقعة الدعوى كما صار إثباتها فيه بما يستوجب نقضه والإحالة بالنسبة للطاعن والمتهم الأول الذي لم يقرر بالطعن لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة.
2 - متى كان يبين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه ببراءة المطعون ضدهم من جريمة دخول المسكن بقصد ارتكاب جريمة فيه والاشتراك فيها على أن دخولهم كان بناء على اتفاق بينهم وبين المتهم الثالث - المالك - لإقامة بناء الدور الثاني ولم يقصدوا ارتكاب جريمة فيه، إلا أنه عاد بعد ذلك وناقض نفسه وأثبت في حق المتهمين الأول والثالث أنهما ارتكبا جريمة هدم السور والحوائط الموجودة بالدور الثاني توطئة لإقامة مبانيه وعاقبهم عن تلك الجريمة - وهو ما يكفي لتحقق وقيام جريمة دخول مسكن بقصد ارتكاب جريمة فيه، مما لازمه - إن توافرت الأدلة - أن يعاقب الجناة بعقابها وعقاب الجريمة التي ارتكبت معاً بعد تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات إن توافرت شروطها. ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون وران عليه الغموض والتناقض مما يستوجب نقضه. ولما كان هذا الخطأ القانوني قد حجبه عن تمحيص الأدلة القائمة في الدعوى بالنسبة لجريمة دخول المسكن بقصد ارتكاب جريمة فيه ومدى ارتباطها بجريمة الهدم التي ارتكبت، وبالتالي بحث توافر أو عدم توافر انطباق المادة 32 من قانون العقوبات وتوقيع عقوبة الجريمة الأشد، فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة بالنسبة للمطعون ضدهم جميعاً لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهم الأربعة بأنهم في الفترة من 17 أغسطس سنة 1965 إلى 25 أغسطس سنة 1965 بدائرة قسم مصر الجديدة محافظة القاهرة: الأول - في يوم 17 أغسطس سنة 1965 ( أ ) دخل مسكناً في حيازة آخر قاصداً من ذلك منع حيازته بالقوة بأن دخل على رأس مجموعة من العمال حاملين الفؤوس في الفيلا المبينة بالمحضر والتي يحوزها........ ولما اعترض تابعه طريقهم هدده بالاعتداء عليه بالضرب وأمر عماله بالصعود إلى الطابق العلوي من الفيلا وهدم ما بها من حجرات ومبان أخرى والاعتداء على كل من يحاول منعهم وشهر العمال فؤوسهم في وجه التابع المذكور وصعدوا إلى الطابق العلوي وأجروا أعمال الهدم المبينة بالمحضر. (ب) دخل مسكناً في حيازة آخر هو.... بقصد ارتكاب جريمة فيه. (جـ) هدم المباني المبينة بالمحضر بدون ترخيص من السلطة القائمة على أعمال التنظيم. الثاني في يوم 25 أغسطس سنة 1965. ( أ ) دخل مسكناً في حيازة الأستاذ.... قاصداً من ذلك منع حيازته بالقوة (ب) اشترك مع الأول بطريق التحريض والاتفاق في ارتكاب الجرائم الثلاث الأول بأن حرضه واتفق معه على الدخول بالقوة على رأس مجموعة من العمال في الفيلا التي يحوزها المجني عليه وهدم الحجرات الكائنة بالدور العلوي منها فتمت الجرائم الثلاث المذكورة بناء على هذا التحريض وذلك الاتفاق: الثالث والرابع - اشتركا مع المتهم الثاني بطريق التحريض والاتفاق على ارتكاب الجريمة الرابعة بأن حرضاه واتفقا معه على الدخول بالقوة في الفيلا المبينة بالمحضر والتي في حوزة المجني عليه وهدم الحجرات الكائنة بالدور العلوي فتمت الجريمة الأولى المذكورة بناء على هذا التحريض وذلك الاتفاق. الثالث والرابع - اشتركا مع المتهم الثاني بطريق الاتفاق على ارتكاب الجريمة الرابعة بأن حرضاه واتفقا معه على الدخول بالقوة إلى الفيلا المبينة بالمحضر التي يحوزها المجني عليه ومنع حيازته للطابق العلوي منها ووضع أخشاب وأدوات بناء فتمت هذه الجريمة المذكورة بناء على هذا التحريض وذلك الاتفاق. وطلبت معاقبتهم بالمواد 40/ 1 - 2 و41 و317/ 1 و370/ 1 - 2 من قانون العقوبات والمواد 1 و16 من القانون رقم 45 لسنة 1962 والقرار الوزاري رقم 767 لسنة 1962. وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهمين جميعاً بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة مصر الجديدة الجزئية قضت في الدعوى حضورياً عملاً بمواد الاتهام (أولاً) بتغريم المتهم الأول 500 قرش وألزمته بدفع ضعف رسم الترخيص عن التهمة الثالثة المسندة إليه وببراءته من باقي التهم المسندة إليه بلا مصاريف جنائية. (ثانياً) بتغريم المتهم الثالث عشرة جنيهات عن التهمة المسندة إليه. (ثالثاً) إلزام المتهمين الأول والثالث متضامنين بأن يدفعا للمدعي بالحق المدني مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية ومبلغ 200 قرش أتعاب المحاماة. (رابعاً) ببراءة باقي المتهمين من التهم المسندة إليهم ورفض الدعوى المدنية قبلهم بلا مصاريف جنائية. فاستأنف كل من النيابة العامة والمتهمين الأول والثالث الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع: (أولاً) بتعديل الحكم المستأنف بالنسبة للمتهم الثالث والاكتفاء بتغريمه خمسمائة قرش عن تهمة الهدم بدون ترخيص وبراءته فيما عدا ذلك. (ثانياً) تأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك. (ثالثاً) إلزام المتهمين الأول والثاني المصاريف المدنية الاستئنافية. فطعن في هذا الحكم بطريق النقض كل من النيابة العامة والمحكوم عليه الثالث... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما تنعاه النيابة العامة على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضدهم من تهمة دخول مسكن بقصد ارتكاب جريمة فيه والاشتراك فيها، قد خالف القانون ذلك بأنه أقام قضاءه بالبراءة على أنهم لم يقصدوا ارتكاب جريمة في العقار، وأن الدخول كان بغرض إقامة بناء الدور الثاني الذي يعلو المسكن المؤجر للمجني عليه في حين أنه دان المتهم الأول والثالث بجريمة الهدم التي ارتكبت بداخل المسكن بما يوفر الجريمة الأولى، مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه ببراءة المطعون ضدهم من جريمة دخول المسكن بقصد ارتكاب جريمة فيه والاشتراك فيها على أن دخولهم كان بناء على اتفاق بينهم وبين المتهم الثالث المالك لإقامة بناء الدور الثاني ولم يقصدوا ارتكاب جريمة فيه، إلا أنه عاد بعد ذلك وناقض نفسه وأثبت في حق المتهمين الأول والثالث أنهما ارتكبا جريمة هدم السور والحوائط الموجودة بالدور الثاني توطئة لإقامة مبانيه وعاقبهم عن تلك الجريمة - وهو ما يكفي لتحقيق وقيام جريمة دخول مسكن بقصد ارتكاب جريمة فيه، مما لازمه - إن توافرت الأدلة - أن يعاقب الجناة بعقابها وعقاب الجريمة التي ارتكبت معاً، بعد تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات إن توافرت شروطها. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون وران عليه الغموض والتناقض بما يستوجب نقضه. ولما كان هذا الخطأ القانوني قد حجبه عن تمحيص الأدلة القائمة في الدعوى بالنسبة لجريمة دخول المسكن بقصد ارتكاب جريمة فيه ومدى ارتباطها بجريمة الهدم التي ارتكبت، وبالتالي بحث توافر أو عدم توافر انطباق المادة 32 من قانون العقوبات وتوقيع عقوبة الجريمة الأشد، فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة بالنسبة للمطعون ضدهم جميعاً لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة.
وحيث إن الطاعن - المتهم الثالث - ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الهدم بدون ترخيص قد شابه الإخلال بحق الدفاع ذلك أنه لم يرد على دفاعه الجوهري الذي ضمنه مذكرته المصرح له بتقديمها من أن الحجرتين اللتين نسب إليه هدمهما كانتا متهدمتين من قبل طبقاً لما هو ثابت من معاينة مهندس التنظيم المرفقة والتي منح على أساسها الترخيص بإقامة البناء في مكانهما، مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه قد اقتصر في إقامة قضائه بإدانة الطاعن وزميله المتهم الأول عن جريمة الهدم بدون ترخيص على مجرد القول بأنه ثبت من المعاينة التي أجراها المحقق حصول هدم السور وبعض الحوائط الموجودة فوق سطح الدور الأول، وكان الثابت من المذكرة المصرح بتقديمها أنه ضمن دفاعه أن هذا الهدم قديم ومن قبل تاريخ الحادث بدلالة معاينة مهندس التنظيم المرفقة والتي منح على أساسها الترخيص بإقامة بناء الدور الثاني، وكان البادي مما أثبته الحكم أن معاينة المحقق لم تفصح عن تاريخ حصول الهدم، وكان الحكم المطعون فيه لم يفطن لهذا الدفاع الجوهري - إذ لو صح لتغير وجه الرأي في الدعوى - فلم يعرض له أو يرد عليه، فإنه يكون مشوباً بالإخلال بحق الدفاع والقصور في البيان، ذلك أنه من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المراد بالمبنى في خصوص تنظيم وهدم المباني كل عقار مبني يكون محلاً للانتفاع والاستغلال أياً كان نوعه. وأن المقصود بالهدم إزالته كله أو بعضه على وجه يصير الجزء المهدوم غير صالح للاستعمال فيما أعد له من ذلك، لما كان ذلك، وكان الحكم لم يستظهر بداءة ما إذا كان هناك مبنى بالمعنى الذي عناه القانون "بالدور الثاني" وما إذا كان الطاعن أزاله كله أو بعضه وكان هدم السور وبعض الحوائط لا يتحقق به هذا المعنى، فإنه يكون معيباً بالإخلال بحق الدفاع والقصور في البيان مما يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على واقعة الدعوى كما صار إثباتها فيه بما يستوجب نقضه والإحالة بالنسبة للطاعن والمتهم الأول الذي لم يقرر بالطعن لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة.