مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ الإدارية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة - العدد الثالث (من أول يونيه سنة 1960 إلى آخر سبتمبر سنة 1960) - صـ 1081

(112)
جلسة 11 من يونيه سنة 1960

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني وحسن عبد المجيد أبو علم ومصطفى كامل إسماعيل والدكتور ضياء الدين صالح المستشارين.

القضية رقم 478 لسنة 5 القضائية

كادر العمال - الكتاب الدوري رقم ف 234 - 9/ 53 المؤرخ 16 من أكتوبر سنة 1945 - إيراده حكماً وقتياً بتسوية حالة الموظفين الداخلين في الهيئة والمستخدمين الخارجين عن الهيئة الموجودين بالخدمة وقت نفاذ كادر العمال ويشغلون وظائف مماثلة لوظائف العمال - النص الوارد به بتحويل وظائف هؤلاء الموظفين والمستخدمين - أمر هذا التحويل جوازي للإدارة متى قدرت ملاءمته - أساس ذلك.
إن الفقرة (2) من البند الثالث عشر المتعلق بالقواعد العامة من الكتاب الدوري رقم (ف 234 - 9/ 53) المؤرخ 16 من أكتوبر سنة 1945 بشأن كادر عمال اليومية ترسى قواعد المستخدمين الصناع الذين على درجات، فنصت على أن "المستخدمين الذين يشغلون وظائف خارج الهيئة والموظفين الفنيين المؤقتين - سواءً كانوا على وظيفة دائمة أو على وظيفة مؤقتة - ممن يشغلون وظائف مماثلة لوظائف العمال الذين تنطبق عليهم القواعد المبينة في البنود السابقة، هؤلاء تسوى حالاتهم على أساس ما يناله زملاؤهم أرباب اليومية الذين يتعادلون معهم في الوظائف - ويجوز لإجراء هذه التسوية مجاوزة نهاية ربط الدرجة بشرط ألا تزيد ماهية المستخدم بحال ما على نهاية مربوط الدرجة المحددة لنظيره من عمال اليومية بكادرهم، ويمكن تحويل وظائف المستخدمين المؤقتين والخدمة الخارجين عن الهيئة من سلك الدرجات إلى سلك اليومية بموافقتهم وتنقل الوظائف إلى اعتمادات اليومية والصانع الذي يشغل درجة في كادر الخدمة، أو درجة مؤقتة وسويت حالته طبقاً لقواعد الكادر السالف الذكر وجاوزت ماهيته الجديدة نهاية ربط درجة وظيفته، ولم يوافق على تحويل وظيفته إلى سلك اليومية لا يمنح أي علاوة بعد 30/ 4/ 1945 ما لم يرق إلى درجة أعلى يسمح مربوطها بمنح العلاوات المقررة. أما المستخدم الصانع الدائم فتسوى حالته طبقاً للقاعدة المتقدمة، ولو جاوزت ماهيته بالتسوية نهاية ربط درجة وظيفته فإذا بلغت ماهيته بالتسوية نهاية ربط الدرجة أو جاوزته تقف عند الحد الذي تصل إليه في 1/ 5/ 1945. أما إذا كانت ماهيته بالتسوية لم تصل إلى نهاية ربط الدرجة في هذا التاريخ فيمنح العلاوات المقررة لدرجته حسب أحكام كادر الموظفين العام".
والواضح من عبارات هذا البند، أن المشرع قصد إلى وضع حكم وقتي يقضى بتسوية حالة الموظفين الداخلين في الهيئة، والمستخدمين الخارجين عن الهيئة، الموجودين بالخدمة وقت نفاذ كادر العمال في أول مايو سنة 1945 ويشغلون وقتذاك وظائف مماثلة لوظائف العمال على أساس ما يناله زملاؤهم من أرباب اليومية الذين يتعادلون معهم في الوظائف، إذا كان لهم مثيل من هؤلاء في نفس المصلحة التي يعملون بها. وقد قصد الشارع بهذه التسوية تحديد مرتب الموظف أو المستخدم الفني في ذات السلك الذي ينتمي إليه بحيث يتساوى مع الأجر المقرر لزميله عامل اليومية تحقيقاً للعدالة وحرصاً على المساواة بين من يقومون بعمل واحد في مصلحة واحدة. وظاهر في جلاء أن المشرع، بعد إجراء هذه التسوية، أجاز تحويل وظائف أولئك الموظفين والمستخدمين من سلك الدرجات إلى سلك اليومية، بشرط موافقتهم على هذا التحويل، مما يستفاد منه أن القاعدة العامة في تسوية حالتهم تقتضي حساب مرتباتهم في ذات درجاتهم الداخلة في الهيئة أو الخارجة عنها، على أساس الأجور المقررة لزملائهم من عمال اليومية الذين يتماثلون معهم في الوظائف - وهذه التسوية تجريها الإدارة، إن هي قدرت ملاءمتها، ورأت في ذلك تحقيقاً للمصلحة العامة. وهذا النظر يتفق مع القواعد التي تحكم الميزانية والتي تجعل تحديدها للوظائف المختلفة وتعيين درجاتها وتوزيعها في كل وزارة أو مصلحة قائمة على أساس من المصلحة العامة، وفقاً لاحتياجات المرافق بما يكفل حسن سيرها وسلامة تطويرها.


إجراءات الطعن

في 10 من مارس سنة 1959 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة، تحت رقم 478 لسنة 5 ق، في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة الزراعة بجلسة 10 من يناير سنة 1959، في الدعوى رقم 236 لسنة 5 ق المقامة من أحمد السيد علي، ضد وزارة الزراعة، والذي قضى: "بأحقية المدعى في تسوية حالته بنقله إلى سلك اليومية، عملاً بأحكام كادر العمال، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الوزارة بالمصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للأسباب التي استند إليها في عريضة طعنه: "قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى".
وقد أعلن هذا الطعن إلى الحكومة في 3 من يونيه سنة 1959، وإلى الخصم في 21 منه، وعين لنظره جلسة 8 من مايو سنة 1960 أما دائرة فحص الطعون، وفيها أحيل الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا للمرافعة بجلسة 11 من يوليه سنة 1960، وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة، قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 236 لسنة 5 ق ضد وزارة الزراعة أمام المحكمة الإدارية لوزارة الزراعة بصحيفة أودعها سكرتارية هذه المحكمة في 13 من مايو سنة 1958 يطلب فيها الحكم بأحقيته في تسوية حالته طبقاً لقواعد كادر العمال، ونقل درجته إلى سلك اليومية باعتباره سائق سيارة من بدء التعيين، مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الوزارة بالمصروفات. وقال شرحاً لدعواه أنه عين في 24 من فبراير سنة 1920 بمصلحة الأملاك الأميرية بوظيفة (سائق سيارة) خدمة سايرة صناع بماهية شهرية قدرها (500 م و5 ج) مضافاً إليها بدل سواقة، ثم ألحق القسم الذي كان يعمل به بوزارة الزراعة. وقد تدرج في الترقية حتى وصل إلى درجة كبير أسطوات الورشة من الدرجة العالية ( أ ) صناع اعتباراً من أول يوليه سنة 1943، ورغم أن الوزارة لم تجادله في هذه الوقائع فإنها رفضت أن تصحح وضعه طبقاً لأحكام كادر العمال. ردت الوزارة على الدعوى بأنها سوت حالة المدعي طبقاً لأحكام كادر العمال على أساس أسطى في الدرجة (340/ 500) والتي عدلت إلى (360/ 800) ووصلت أجرته إلى (495 م) يومياً من أول مايو سنة 1945 مضروبة في 25 يوماً، فأصبحت ماهيته الشهرية (500 م، 9 ج) في نفس درجته الخارجة عن هيئة العمال الصناع طبقاً للفقرة (2) من البند الثالث من كتاب المالية رقم ف 234/ 9/ 35 المؤرخ 16 من أكتوبر سنة 1945، ولم يتقدم المدعي بطلب تحويل درجته إلى سلك اليومية سنة 1945 في الوقت الذي كان يجوز فيه التحويل طبقاً للنص المشار إليه. وانتهت الوزارة إلى طلب الحكم برفض الدعوى - وقدم السيد مفوض الدولة أمام المحكمة الإدارية تقريره بأن المدعي، وقد سويت حالته عملاً بأحكام كادر العمال، فإنه لم يطالب بنقل وظيفته من سلك الدرجات إلى سلك اليومية، وقد استقر وضعه وتحدد مركزه القانوني على أساس تلك التسوية، فلا يجوز له المطالبة بنقله إلى سلك اليومية، ورأى السيد المفوض رفض الدعوى.
وبجلسة 10 من يناير سنة 1959 قضت المحكمة "بأحقية المدعي في تسوية حالته بنقله إلى سلك اليومية عملاً بأحكام كادر العمال مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الوزارة المصروفات".
وأقامت قضاءها على أن الأصل مساواة المستخدمين الصناع والموظفين الذين يشغلون درجات خارج الهيئة بزملائهم أرباب اليومية الذين يتعادلون معهم في الوظائف. وأن هذه المساواة تقتضي تبعاً النقل من سلك الدرجات إلى سلك اليومية دون حاجة إلى أن يبدى المستخدم رغبته في ذلك.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن كادر العمال جعل تحويل وظائف المستخدمين والخدمة من سلك الدرجات إلى سلك اليومية اختيارياً للجهة الإدارية، وقصر حق المستخدم على الموافقة على مسلك الجهة الإدارية، وإن هي شاءت هذا التحويل.
ومن حيث إن الفقرة (2) من البند الثالث عشر المتعلق بالقواعد العامة من الكتاب الدوري رقم (ف 234 - 9/ 53) المؤرخ 16 من أكتوبر سنة 1945 بشأن كادر عمال اليومية ترسى قواعد المستخدمين الصناع الذين على درجات، فنصت على أن "المستخدمين الذين يشغلون وظائف خارج الهيئة والموظفين الفنيين المؤقتين. سواء كانوا على وظيفة دائمة أو على وظيفة مؤقتة، ممن يشغلون وظائف مماثلة لوظائف العمال الذين تنطبق عليهم القواعد المبينة في البنود السابقة، هؤلاء تسوى حالاتهم على أساس ما يناله زملاؤهم أرباب اليومية الذين يتعادلون معهم في الوظائف. ويجوز لإجراء هذه التسوية مجاوزة نهاية ربط الدرجة بشرط ألا تزيد ماهية المستخدم بحال ما على نهاية مربوط الدرجة المحددة لنظيره من عمال اليومية بكادرهم. ويمكن تحويل وظائف المستخدمين المؤقتين والخدمة الخارجين عن الهيئة من سلك الدرجات إلى سلك اليومية بموافقتهم، وتنقل الوظائف إلى اعتمادات اليومية. والصانع الذي يشغل درجة في كادر الخدمة، أو درجة مؤقتة، وسويت حالته طبقاً لقواعد الكادر السالف الذكر وجاوزت ماهيته الجديدة نهاية ربط درجة وظيفته، ولم يوافق على تحويل وظيفته إلى سلك اليومية لا يمنح أي علاوة بعد 30/ 4/ 1945 ما لم يرق إلى درجة أعلى يسمح مربوطها بمنح العلاوات المقررة. أما المستخدم الصانع الدائم فتسوى حالته طبقاً للقاعدة المتقدمة، ولو جاوزت ماهيته بالتسوية نهاية ربط درجة وظيفته فإذا بلغت ماهيته بالتسوية نهاية ربط الدرجة أو جاوزته تقف عند الحد الذي تصل إليه في 1/ 5/ 1945. أما إذا كانت ماهيته بالتسوية لم تصل إلى نهاية ربط الدرجة في هذا التاريخ فيمنح العلاوات المقررة لدرجته حسب أحكام كادر الموظفين العام".
ومن حيث إن الواضح من عبارات هذا البند، أن المشرع قصد إلى وضع حكم وقتي يقضي بتسوية حالة الموظفين الداخلين في الهيئة، والمستخدمين الخارجين عن الهيئة، الموجودين بالخدمة وقت نفاذ كادر العمال في أول مايو سنة 1945 ويشغلون وقتذاك وظائف مماثلة لوظائف العمال على أساس ما يناله زملاؤهم من أرباب اليومية الذين يتعادلون معهم في الوظائف، إذا كان لهم مثيل من هؤلاء في نفس المصلحة التي يعملون بها. وقد قصد الشارع بهذه التسوية، تحديد مرتب الموظف أو المستخدم الفني في ذات السلك الذي ينتمي إليه، بحيث يتساوى مع الأجر المقرر لزميله عامل اليومية تحقيقاً للعدالة وحرصاً على المساواة بين من يقومون بعمل واحد في مصلحة واحدة. وظاهر في جلاء المشرع، بعد إجراء هذه التسوية، أجاز تحويل وظائف أولئك الموظفين والمستخدمين من سلك الدرجات إلى سلك اليومية بشرط موافقتهم على هذا التحويل مما يستفاد منه أن القاعدة العامة في تسوية حالتهم تقتضي حساب مرتباتهم في ذات درجاتهم الداخلة في الهيئة أو الخارجة عنها، على أساس الأجور المقررة لزملائهم من عمال اليومية الذين يتماثلون معهم في الوظائف، وهذه التسوية تجريها الإدارة إن هي قدرت ملاءمتها، ورأت في ذلك تحقيقاً للمصلحة العامة، وهذا النظر يتفق مع القواعد التي تحكم الميزانية والتي تجعل تحديدها للوظائف المختلفة وتعيين درجاتها وتوزيعها في كل وزارة أو مصلحة قائمة على أساس المصلحة العامة، وفقاً لاحتياجات المرافق بما يكفل حسن سيرها وسلامة تطويرها.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه، إذ قضى بأحقية المدعي في نقله من سلك الدرجات إلى سلك اليومية، قد خالف في ذلك أحكام كادر العمال وأخطأ في تأويلها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.