مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ الإدارية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة - العدد الثالث (من أول يونيه سنة 1960 إلى آخر سبتمبر سنة 1960) - صـ 1100

(115)
جلسة 18 من يونيه سنة 1960

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني وعلي بغدادي والدكتور محمود سعد الدين الشريف وحسني جورجي المستشارين.

القضية رقم 996 لسنة 4 القضائية

كادر العمال - صبية - فصلهم من الخدمة - قرار مجلس الوزراء الصادر في 12 من أغسطس سنة 1951 في شأن الصبية الذين لم يكونوا قد أتموا خمس سنوات خدمة في أول مايو سنة 1945 وكذلك الذين عينوا منهم أو يعينون بعد هذا التاريخ - استمرارهم في الخدمة بعد نهاية السنة الخامسة - منوط بالنجاح في الامتحان في المهنة أمام لجنة فنية بدرجة صانع دقيق - تقدير اللجنة كفاية الصبي بدرجة صانع غير دقيق يعتبر رسوباً في الامتحان - تكرار رسوبه مرة ثانية يستتبع الفصل من الخدمة.
إن مجلس الوزراء قد قرر بجلسته المنعقدة في 12 من أغسطس سنة 1951 أن "الصبية الذين لم يكونوا قد أتموا خمس سنوات في الخدمة في أول مايو سنة 1945، وكذا الذين عينوا منهم أو يعينون بعد هذا التاريخ سواء كانوا حاصلين على الشهادة الابتدائية أو غير حاصلين عليها تطبق عليهم كشوف حرف (ب) أي يمنحون الأجور التالية: الستة شهور الأولى مجاناً - 50 مليماً عن باقي السنة الأولى - 100 مليم من أول السنة الثانية - 150 مليماً من أول السنة الثالثة - 200 مليم من أول السنة الرابعة - 250 مليماً من أول السنة الخامسة، وبعد نهاية السنة الخامسة يؤدي الصبي امتحاناً أمام اللجنة الفنية المشكلة بقرار وزاري، إن نجح فيه يرقى إلى درجة صانع دقيق إذا وجدت درجة خالية وفي هذه الحالة يمنح أجرة يومية قدرها 300 م، وإذا رسب يعطى فرصة أخرى بأجر 250 مليماً يومياً، فإن تكرر رسوبه يفصل". ويستفاد من قرار مجلس الوزراء سالف الذكر، أنه يشترط لبقاء الصبي في الخدمة أن يحرز في الامتحان الذي يؤديه بعد نهاية السنة الخامسة من خدمته نجاحاً يرقى به في تقدير الدرجة الفنية إلى مرتبة الصلاحية للترقية إلى درجة (الصانع الدقيق) فإذا قصرت به كفايته الفنية عن بلوغه هذا المستوى حتى أن اللجنة المشار إليها قدرت لمبلغ إجادته لحرفته درجة لا تنهض به فوق مستوى الصانع غير الدقيق، عد راسباً في اختبار الترقي إلى درجة (صانع دقيق) وحق عليه جزاء الفصل من الخدمة، الذي نص عليه قرار مجلس الوزراء آنف الذكر بشرط أن يتكرر هذا الإخفاق للمرة الثانية.


إجراءات الطعن

في 25 من سبتمبر سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 996 لسنة 4 ق في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم بجلسة 31 من يوليه سنة 1958 في الدعوى رقم 574 لسنة 4 القضائية المقامة من السيد/ ياقوت إبراهيم الشرقاوي ضد جامعة القاهرة والقاضي "بإلغاء القرار الصادر بفصل المدعي مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية المصروفات ومبلغ مائتي قرش مقابلاً لأتعاب المحاماة". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه، الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى مع إلزام المدعي المصروفات" وقد أعلن هذا الطعن إلى جامعة القاهرة في 2 من نوفمبر سنة 1958 وإلى المطعون عليه في 4 من نوفمبر سنة 1958. وفى 24 من يناير سنة 1960. أبلغ الخصوم بجلسة 7 من فبراير سنة 1960 المحددة لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التي أحالته إلى المحكمة الإدارية العليا وحددت لنظره أمامها جلسة 21 من مايو سنة 1960 وفي هذه الجلسة سمعت هذه المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة ثم قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل في أن المطعون عليه السيد/ ياقوت إبراهيم الشرقاوي أقام الدعوي رقم 574 لسنة 4 القضائية ضد جامعة القاهرة أمام المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم بصحيفة أودعها سكرتيرية هذه المحكمة في 5 من أغسطس سنة 1957 طالباً فيها الحكم بإلغاء القرار الصادر من مدير عام مستشفيات جامعة القاهرة بفصله من الخدمة اعتباراً من 13 من مارس سنة 1957 وعودته إلى عمله مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعي عليها المصروفات.
وقال شرحاً لدعواه أنه التحق بتاريخ 18 من فبراير سنة 1948 بمستشفيات جامعة القاهرة بصفة صبي بالورش، وظل يتقلب بهذه الصفة في وظائف مختلفة إلى أن استقر في العمل في وظيفة (كهربائي) ثم توجه في عام 1954 لتأدية الامتحان بالورش في تلك الوظيفة غير أن اللجنة قررت إعادة امتحانه بعد ستة أشهر. ولما أعيد اختباره بكلية الهندسة في أوائل عام 1957 في ذات الوظيفة آنفة الذكر قررت اللجنة الفنية صلاحيته لشغل وظيفة كهربائي غير أنها وضعته في الدرجة (200/ 360) مليم، وكان أن صدر من السيد مدير عام المستشفيات نتيجة لذلك قرار بفصل المدعي من الخدمة اعتباراً من 13 من مارس سنة 1957 استناداً إلى أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 12 من أغسطس سنة 1951 يقضي بفصل الصبية في حالة رسوب أي منهم في الامتحان للمرة الثانية، اعتباراً بأن اللجنة الفنية لم تضع المدعي في الدرجة (300/ 500 مليم) التي وقع اختباره في خصوصها مما يفهم منه أنه لم يجتز الامتحان المشار إليه بنجاح، وقال أنه تظلم إلى مدير الجامعة في 8 من إبريل سنة 1957 من قرار الفصل الصادر من مدير عام مستشفيات الجامعة، ولما لم يتلق رداً وجواباً عن تظلمه بادر إلى إقامة هذه الدعوى، وقال إن لجنة الامتحان قد خالفت القانون بتحديدها للمدعي درجة صانع غير دقيق (200/ 360) مليم في الوقت الذي سلمت فيه بنجاحه في الامتحان لوظيفة كهربائي المقرر لها (300/ 500 مليم) طبقاً لكشوف رقم 6 الملحقة بكادر العمال، وبخاصة أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 12 من أغسطس سنة 1951 يقضي بقصر هذه الدرجة على الحرف الواردة في الكشوف رقم 4 حرف (ب) الملحقة بكادر العمال والتي لا تتضمن وظيفة (كهربائي) التي تم امتحان المدعي فيها. ثم استطرد إلى أن اللجنة لا تملك تحديد درجة مالية لوظيفة ما بخلاف ما هو محدد لها من درجة طبقاً لأحكام كادر العمال. وفضلاً عما تقدم فإن قرار مجلس الوزراء سالف الذكر لم يشترط لنجاح الصبية نسبة معينة لا يجوز الانحدار دونها، حتى يقال إن للجنة سلطة الإنفراد بتحديد درجة الصانع، ولو قيل بغير ذلك، لما كفل لأوضاع العمال الاستقرار اللازم لاطمئنانهم على مستقبلهم، وخلص من ذلك إلى القول بأن قرار الفصل مخالف للقانون. وردت الجهة الإدارية بأن المدعي عين صبياً بورش مستشفيات الجامعة اعتباراً من 18 من فبراير سنة 1948 ولما كان قرار مجلس الوزراء الصادر في 12 من أغسطس سنة 1951 بشأن تكملة أنصاف عمال اليومية يقضي بامتحان الصبية أمام لجنة فنية مشكلة بقرار وزاري بعد نهاية السنة الخامسة حتى إذا نجح فيه يرقى إلى درجة صانع دقيق إذا وجدت درجة خالية وفي هذه الحالة يمنح أجراً يومياً قدره 300 مليم وإذا رسب يعطى فرصة سنة أخرى بأجرة 250 مليماً، فإن تكرر رسوبه يفصل من الخدمة، فقد قامت إدارة المستشفيات باختبار المذكور مع صبية آخرين أمام لجنة فنية بوزارة الصحة مشكلة بقرار من وزير التربية والتعليم - على اعتبار أن المستشفيات كانت وقتذاك تابعة لوزارة الصحة - فلم ينجح المذكور في الامتحان وطبقاً لقرار مجلس الوزراء تقرر اختباره مرة ثانية بعد مضي المدة القانونية وذلك أمام لجنة فنية بكلية الهندسة مشكلة من السيد مدير جامعة القاهرة وذلك بتاريخ أول أكتوبر سنة 1956، ورأت هذه اللجنة وضع المذكور في درجة صانع غير دقيق. وقالت الجهة الإدارية أنه بإزاء ما قضى به مجلس الوزراء من لزوم النجاح لدرجة (صانع دقيق)، حررت إدارة المستشفيات للجنة بالكتاب السري رقم 117 في 27 من أكتوبر سنة 1957 مستفسرة عما إذا كان المدعي يعتبر ناجحاً لدرجة صانع دقيق طبقاً لقرار مجلس الوزراء سالف الذكر، فأبدت اللجنة بكتابها رقم 11 في 6 من يناير سنة 1957 أن المذكور لم ينجح في الامتحان المقرر لدرجة (صانع دقيق) ولذلك فقد تقرر فصله من الخدمة اعتباراً من 13 من مارس سنة 1957. وقدم السيد مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً انتهى فيه إلى طلب الحكم "بإلغاء القرار الصادر بفصل المدعي مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الإدارة بالمصروفات".
وبجلسة 31 من يوليه سنة 1958 حكمت المحكمة الإدارية "بإلغاء القرار الصادر بفصل المدعي مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية المصروفات ومبلغ مائتي قرش مقابلاً لأتعاب المحاماة". وأقامت قضاءها على أن "المدعي قد وجد غير صالح في الامتحان الأول وعند إعادة اختباره أمام اللجنة الفنية المشكلة طبقاً للقانون، أوصت اللجنة بوضعه في درجة (صانع غير دقيق) وأن ذلك يعتبر تقديراً من اللجنة لدرجة كفاية المدعي في مهنته وهو لا ينزل به إلى مرتبة عدم الصلاحية وبالتالي لا تستقيم وجهة نظر الجهة الإدارية في اعتبار المدعي راسباً في الامتحان وبالتالي إن تقرر بفصله تطبيقاً لحكم قرار مجلس الوزراء المشار إليها، ولا يغير من ذلك أن تكون مهنة المدعي (كهربائي) قد وردت بالكشف رقم 6 الملحق بكادر العمال في الوظائف التي تحتاج إلى دقة، وذلك أن قرار مجلس الوزراء اشترط النجاح في الامتحان فقط، ولم يستوجب الحصول على درجة معينة يعتبر من دونها راسباً".
ومن حيث إن حاصل ما يقوم عليه الطعن هو أنه "لا يمكن مسايرة الحكم المطعون فيه فيما ذهب إليه من أن اللجنة الفنية المشكلة طبقاً للقانون إذ أوصت بوضع المدعي في درجة صانع غير دقيق لم تنزل به إلى مرتبة عدم الصلاحية، ذلك أن مهمة اللجنة في هذا الشأن مقصورة الأثر على تبيان ما إذا كان العامل صالحاً للمهنة التي امتحن فيها أم لا، فلا تمتد إلى مدى تقدير صلاحيته لمهنة أخرى ولو كانت من المهن الواردة في كشوف كادر العمال فإذا تكشف قرار اللجنة عن عدم صلاحية المدعي لمهنة (كهربائي) بدرجة صانع دقيق، فإنه يعتبر راسباً في الامتحان لهذه المهنة ويطبق في شأنه حكم قرار مجلس الوزراء الصادر في 12 من أغسطس سنة 1951 بصفة تلقائية بصرف النظر عما يتضح للجنة من صلاحيته لمهنة صانع غير دقيق. والقول باستمراره في الخدمة كصبي أو إشراق بعد أن فقد شرط الصلاحية لدرجة (صانع دقيق) لا يجد له سنداً من أحكام الكادر التي تستلزم للتعيين في وظائف بعد أول مايو سنة 1945 اجتياز الامتحان ووجود درجة خالية، وإذ جرى الحكم المطعون فيه على خلاف هذا النظر، فإنه يكون قد خالف القانون".
ومن حيث إنه لا نزاع بين الجهة الإدارية والمدعي على صحة الوقائع من حيث تعيينه في وظيفة صبى في 18 من فبراير سنة 1948 واختباره بعد قضاء خمس سنوات في هذه الوظيفة في سنتي 1954، 1956 وإخفاقه فيهما وتقدير اللجنة الفنية كفايته بدرجة (صانع غير دقيق) ثم فصله من الخدمة بناء على ذلك اعتباراً من 13 من مارس سنة 1957.
ومن حيث إن مجلس الوزراء قد قرر بجلسته المنعقدة في 12 من أغسطس سنة 1951 أن "الصبية الذين لم يكونوا قد أتموا خمس سنوات في الخدمة في أول مايو سنة 1945 وكذا الذين عينوا منهم أو يعينون بعد هذا التاريخ سواء كانوا حاصلين على الشهادة الابتدائية أو غير حاصلين عليها تطبق عليهم كشوف حرف (ب) أي يمنحون الأجور التالية: الستة شهور الأولى مجاناً - 50 مليماً عن باقي السنة الأولى - 100 مليم من أول السنة الثانية - 150 مليماًً من أول السنة الثالثة - 200 مليم من أول السنة الرابعة -250 مليماًً من أول السنة الخامسة وبعد نهاية السنة الخامسة يؤدي الصبي امتحاناً أمام اللجنة الفنية المشكلة بقرار وزاري، أن نجح فيه يرقى إلى درجة صانع دقيق إذا وجدت درجة خالية. وفي هذه الحالة بمنح أجرة يومية قدرها 300 مليم، وإذا رسب يعطى فرصة أخرى بأجر250 مليماً يومياًً فإن تكرر رسوبه يفصل".
ومن حيث إنه يستفاد من قرار مجلس الوزراء آنف الذكر، أنه يشترط لبقاء الصبي في الخدمة أن يحرز في الامتحان الذي يؤديه بعد نهاية السنة الخامسة من خدمته نجاحاً يرقى به في تقدير اللجنة الفنية إلى مرتبة الصلاحية للترقية إلى درجة (الصانع الدقيق) فإذا قصرت به كفايته الفنية عن بلوغه هذا المستوى حتى إن اللجنة المشار إليها قدرت لمبلغ إجادته لحرفته درجة لا تنهض به فوق مستوى الصانع غير الدقيق، عد راسباً في اختبار الترقي إلى درجة (صانع دقيق) وحق عليه جزاء الفصل من الخدمة الذي نص عليه قرار مجلس الوزراء آنف الذكر بشرط أن يتكرر هذا الإخفاق للمرة الثانية.
ومن حيث إنه إذا نظر إلى واقع ما جرى به قضاء هذه المحكمة من أن للجنة الفنية المنوط بها امتحان الصبية وغيرهم من العمال أن تستقل بتقدير كفاية العامل تبعاً لمبلغ توفيقه في تأدية الامتحان المعقود له، وأن لها أن تحدد له من ثم درجة أدنى من درجة الصانع الدقيق، كان طبيعياً أن يؤول تقديرها للدرجة على الوجه السالف إيضاحه بأنه يتضمن تقريراً منها بعدم صلاحية المدعي لدرجة الصانع الدقيق، وهذه النتيجة تستتبع لزاماً إجراء حكم قرار مجلس الوزراء الصادر في 12 من أغسطس سنة 1951 على من لم يتح له النجاح في المرة الثانية إلى درجة (الصانع الدقيق) التي عقد الامتحان لاصطفاء من يصلح لها.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ ذهب غير هذا المذهب يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه ويتعين من ثم إلغاؤه، والقضاء برفض الدعوى مع إلزام رافعها بمصروفاتها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بمصروفاتها.