أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 21 - صـ 593

جلسة 13 من أبريل سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ محمود العمراوي، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم الديواني، ومحمد السيد الرفاعي، ومصطفى الأسيوطي، ومحمد ماهر حسن.

(141)
الطعن رقم 234 لسنة 40 القضائية

( أ ) دخان. تهريب جمركي. رسوم جمركية. تعويض.
على المحكمة عند قضائها بالتعويض إعمالاً للمادة 3 من القانون 92 لسنة 1964 أن تحدد كمية الدخان المهربة مقدرة بالكيلو جرامات وإلا كان حكمها معيباً.
(ب) نيابة عامة. "القيود التي ترد على حقها في رفع الدعوى الجنائية". دعوى جنائية. "تحريكها". دخان. تهريب جمركي.
عدم جواز رفع الدعوى العمومية أو اتخاذ أية إجراءات في الجرائم المنصوص عليها في القانون 92 لسنة 1964 إلا بطلب مكتوب من وزير الخزانة أو من ينيبه. وجوب أن يكون هذا الطلب ثابتاً بالكتابة. عدم استلزام الشارع شكلاً معيناً في الكتابة، أو طريقاً معيناً لتقديم الطلب.
(ج) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "إثبات بوجه عام".
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها.
(د) حكم. "تسبيبه. بيانات التسبيب". دخان. تهريب جمركي.
إشارة الحكم الابتدائي إلى مواد العقاب. إحالة الحكم المطعون فيه إلى الحكم الابتدائي وأخذه بأسبابه. كفاية ذلك بياناً لمواد القانون التي دان الطاعن بمقتضاها.
(هـ) إثبات. "إثبات بوجه عام". "اعتراف". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
للمحكمة تجزئة أي دليل ولو كان اعترافاً والأخذ منه بما تطمئن إليه واطراح سواه.
(و، ز) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
(و) النعي على المحكمة عدم استجابتها لطلب أو تحقيق دفاع لم يطرح عليها. غير جائز.
(ز) اطمئنان المحكمة إلى أن العينة المضبوطة هي التي صار تحليلها وإلى النتيجة التي انتهى إليها التحليل. لا تثريب عليها إن هي قضت في الدعوى بناء على ذلك.
1 - نصت المادة الثالثة من القانون رقم 92 لسنة 1964 على أنه: "يحكم بتعويض قدره عشرون جنيهاً عن كل كيلو جرام أو جزء منه من التبغ الجاف أو منتجاته، ويجوز مضاعفة التعويض في حالة العود" وهو ما يقتضي من المحكمة عند قضائها بالتعويض أن تحدد كمية الدخان المهربة مقدرة بالكيلو جرامات حتى يبين مطابقة التعويض لأحكام القانون وإلا كان حكمها معيباً بما يستوجب نقضه.
2 - تنص المادة الرابعة من القانون رقم 92 لسنة 1964 على أنه: "لا يجوز رفع الدعوى العمومية أو اتخاذ أية إجراءات في الجرائم المنصوص عليها في القانون إلا بطلب مكتوب من وزير الخزانة أو من ينيبه". والبين منها أن الشارع يشترط أن يكون الطلب ثابتاً بالكتابة التي تستلزم شكلاً معيناً سوى صدورها من الشخص المختص وهو وزير الخزانة أو من ينيبه لذلك، كما أن الشارع لم يرسم طريقاً لتقديم الطلب. فمتى صدر الطلب ممن يملكه قانوناً حق للنيابة العامة اتخاذ الإجراءات في شأن الواقعة أو الوقائع التي صدر عنها. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته أن مدير جمرك بور سعيد قد أصدر هذا الطلب المكتوب باتخاذ الإجراءات ورفع الدعوى الجنائية، وكان مدير جمرك بور سعيد يملك إصدار هذا الطلب بناء على القرار الوزاري رقم 13 لسنة 1965 الذي فوضه في ذلك، وكان الطاعن لا ينازع في صدور الطلب كما عبرت عنه المادة 4 من القانون 92 لسنة 1964 عن الجريمة ذاتها التي أسندت إليه، فإن ما يثيره من بطلان الإجراءات يكون على غير أساس متعيناً رفضه.
3 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون.
4 - متى كان الحكم الابتدائي قد أشار إلى مواد الاتهام ومن بينها المادتان 2، 3 من القانون رقم 92 لسنة 1964، وكانت المادة الأولى منها قد اقتصرت على بيان أركان الجريمة ونصت الثانية على وجوب العقاب عليها وانتهى الحكم إلى معاقبة الطاعن طبقاً لها، وكانت إحالة الحكم المطعون فيه إلى الحكم الابتدائي وأخذه بأسبابه تشمل فيما تشمله مادة العقاب فإن ذلك يكفي بياناً لمواد القانون التي دان الطاعن بمقتضاها.
5 - للمحكمة أن تجزئ أي دليل يطرح عليها ولو كان اعترافاً وتأخذ منه بما تطمئن إليه وتطرح سواه.
6 - لا يجوز للطاعن أن ينعي على المحكمة عدم استجابتها لطلب أو تحقيقها دفاعاً لم يطرحه عليها.
7 - متى كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أن العينة المضبوطة هي التي صار تحليلها واطمأنت كذلك إلى النتيجة التي انتهى إليها التحليل فلا تثريب عليها إن هي قضت في الدعوى بناء على ذلك.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن مع آخر بأنهما في يوم 8 يوليو سنة 1965 بدائرة قسم أول المنصورة: حازا أدخنة مهربة من الرسوم الجمركية على النحو المبين بالمحضر. وطلبت عقابهما بالمواد 1 و2 و4 من القانون رقم 623 لسنة 1955 و1 و2 و4 و5 و10 و12 من القرار رقم 91 لسنة 1933 و3 من القانون رقم 87 سنة 1948 و2/ 2، 3، 4 و3/ 2 من القانون رقم 92 لسنة 1964. ومحكمة قسم أول المنصورة الجزئية قضت في الدعوى حضورياً اعتبارياً للأول وحضورياً للثاني عملاً بمواد الاتهام ببراءة المتهم الأول مما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية بالنسبة له وبتغريم المتهم الثاني مائة جنيه وبإلزامه بأن يدفع للمدعي بالحق المدني بصفته مبلغ 146 ج و400 م والمصروفات المدنية. فاستأنف المحكوم عليه الحكم. ومحكمة المنصورة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة حيازة أدخنة مهربة من الرسوم الجمركية قد شابه البطلان والقصور في التسبيب والخطأ في الإسناد والإخلال بحق الدفاع ذلك بأنه لم يبين واقعة الدعوى وخلا من ذكر مادة العقاب وأسند إلى الطاعن - على خلاف الثابت بالأوراق - اعترافاً بمحضر ضبط الواقعة، ولم يستجب إلى طلبه إعادة تحليل العينة المحفوظة بإدارة الإنتاج هذا إلى أنه لم يشر في مدوناته إلى أن الدعوى الجنائية رفعت بناء على طلب مكتوب ممن يملكه كما أنه لم يبين كمية الدخان المهربة وهي الأساس الذي يبنى عليه القضاء بالتعويض.
وحيث إنه يبين من مطالعة الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه أن ما أثبته في مدوناته كاف لتفهم واقعة الدعوى وظروفها - حسبما تبينتها المحكمة - وتتوافر به كافة الأركان القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها. وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت بها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة، كان ذلك محققاً لحكم القانون. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي قد أشار إلى مواد الاتهام ومن بينها المادتان 2، 3 من القانون رقم 92 لسنة 1964، وكانت المادة الأولى منها قد اقتصرت على بيان أركان الجريمة، ونصت الثانية على وجوب العقاب عليها، وانتهى الحكم إلى معاقبة الطاعن طبقاً لها وكانت إحالة الحكم المطعون فيه على الحكم الابتدائي وأخذه بأسبابه تشمل فيما تشمله مادة العقاب، كان ذلك يكفي بياناً لمواد القانون التي دان الطاعن بمقتضاها. لما كان ذلك، وكانت المادة 4 من القانون رقم 92 سنة 1964 تنص على أنه "لا يجوز رفع الدعوى العمومية أو اتخاذ أية إجراءات في الجرائم المنصوص عليها في القانون إلا بطلب مكتوب من وزير الخزانة أو من ينيبه". والبين منها أن الشارع يشترط أن يكون الطلب ثابتاً بالكتابة التي لا تستلزم شكلاً معيناً سوى صدورها من الشخص المختص وهو وزير الخزانة أو من ينيبه لذلك، كما أن الشارع لم يرسم طريقاً لتقديم الطلب. فمتى صدر الطلب ممن يملكه قانوناً حق للنيابة العامة اتخاذ الإجراءات في شأن الواقعة أو الوقائع التي صدر عنها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته أن مدير جمرك بور سعيد قد أصدر هذا الطلب المكتوب باتخاذ الإجراءات ورفع الدعوى الجنائية. وكان مدير جمرك بور سعيد يملك إصدار هذا الطلب بناء على القرار الوزاري رقم 13 لسنة 1965 الذي فوضه في ذلك. لما كان ذلك، وكان الطاعن لا ينازع في صدور الطلب كما عبرت عنه المادة 4 من القانون 92 لسنة 1964 عن الجريمة ذاتها التي أسندت إليه، فإن ما يثيره من بطلان الإجراءات يكون على غير أساس متعيناً رفضه. لما كان ذلك، وكان لم يثبت من مراجعة محاضر الجلسات أن الطاعن طلب من محكمة ثاني درجة تحقيق شيء مما أشار إليه الوجه الأخير من طعنه فلا يجوز له من بعد أن ينعي عليها عدم استجابتها لطلب أو تحقيقها دفاعاً لم يطرحه عليها. وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أن العينة المضبوطة هي التي صار تحليلها واطمأنت كذلك إلى النتيجة التي انتهى إليها التحليل، فلا تثريب عليها إن هي قضت في الدعوى بناء على ذلك. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على الحكم الابتدائي أنه أثبت في مدوناته "إنه بتاريخ 8 يوليو 1965 أخذت باكوات دخان معسل من محل بقالة المتهم الأول بعضها إنتاج مؤسسة الدقهلية للدخان والبعض الآخر ماركة الجمل إنتاج المتهم الثاني - الطاعن - وقد وردت نتيجة تحليل العينة الأولى بأنها مطابقة ووردت نتيجة تحليل العينة الثانية تفيد أن العينة تحتوي على كمية من الدخان الطرابلسي. وبمواجهة المتهم الأول بذلك قرر بأن المتهم الثاني - الطاعن - هو المسئول حيث أن الدخان من إنتاج مصنعه وبمواجهة الطاعن بنتيجة التحليل قرر أن باكوات الدخان المعسل من إنتاج مصنعه وأنه يشك في نتيجة التحليل، وبعد أن بين الحكم واقعة الدعوى على النحو السالف بيانه أورد الأدلة التي استخلصت منها المحكمة وقوع الجريمة منه وهي أدلة مستمدة من محضر الضبط واعتراف الطاعن بأن الدخان المضبوط من إنتاجه ومن نتيجة التحليل. لما كان ذلك، وكان للمحكمة أن تجزئ أي دليل يطرح عليها ولو كان اعترافاً وتأخذ منه بما تطمئن إليه وتطرح سواه، فإنه لا يعيب الحكم أن تكون المحكمة قد أطرحت جانباً من اعترافه بعد أن اطمأنت إلى العينة المضبوطة التي صار تحليلها، فإن ما يثيره الطاعن في طعنه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى ومبلغ كفايتها للإدانة مما لا شأن لمحكمة النقض به. لما كان ذلك، وكانت المادة الثالثة من القانون رقم 92 لسنة 1964 قد نصت على أنه يحكم بتعويض قدره "عشرون جنيهاً عن كل كيلو جرام أو جزء منه من التبغ الجاف أو منتجاته" ويجوز مضاعفة التعويض في حالة العود وهو ما يقتضي من المحكمة عند قضائها بالتعويض أن تحدد كمية الدخان المهربة مقدرة بالكيلو جرامات حتى يبين مطابقة التعويض لأحكام القانون. ولما كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد قضى بإلزام الطاعن بتعويض قدره 146.401 جنيهاً لمصلحة الجمارك دون أن يبين كمية الدخان المهرب الذي حكم على أساسه بالتعويض، الأمر الذي يعجز هذه المحكمة عن مراقبة تطبيق القانون على الوجه الصحيح على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يستوجب نقضه في شقه الخاص بالتعويض والإحالة.