أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة الثامنة والعشرون - صـ 771

جلسة 13 من يونيه سنة 1977

برياسة السيد المستشار حسن علي المغربي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد صلاح الدين الرشيدي، وقصدي اسكندر عزت، والسيد محمد مصري شرعان، ومحمد علي بليغ.

(160)
الطعن رقم 246 لسنة 47 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
حق محكمة الموضوع في القضاء بالبراءة. مشروط باشتمال حكمها على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت فيها.
(2) إثبات "بوجه عام". "اعتراف". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
القول بأن اعتراف المتهم قصد به إبعاد التهمة عن والده. يدحضه وفاة هذا الوالد قبل حصول واقعة الدعوى.
1- لما كان من المقرر إنه وإن كان لمحكمة الموضوع أن تقضي بالبراءة متى تشككت في صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت لأن ملاك الأمر يرجع إلى وجدان القاضي وما يطمئن إليه غير أن ذلك مشروط بأن يشتمل الحكم على ما يفيد أن المحكمة محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام عن بصر وبصيرة وأن تكون الأسباب التي تستند إليها في قضائها من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبته عليها.
2- إن مجرد توجيه الإجراءات أول الأمر ضد والد المطعون ضده ليس من شأنه أن يشكك في ثبوت التهمة قبل المطعون ضده طالما أنه بعد اعترافه بالتهمة المسندة إليه سارت الإجراءات واستأنفت ضده، هذا إلى أن الحكم لم يفطن إلى ما قرره المطعون ضده من أن والده قد توفى منذ نحو شهرين سابقين على الواقعة مما لا يتأتى معه أن يكون قد استهدف من اعترافه إبعاد الاتهام عن والده ومن ثم فإن ما استند إليه الحكم المطعون فيه لا يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها وينطوي على تعسف في الاستنتاج ويتنافر في حكم العقل والمنطق مع ما خلص إليه مما يعيبه ويوجب نقضه في خصوص ما قضى به في الدعوى المدنية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه زرع الدخان المبين بالمحضر بدون تصريح وطلبت عقابه بالمواد 1 و2 و3 من القانون رقم 92 لسنة 1964 وادعت مصلحة الجمارك قبل المتهم مدنياً بمبلغ 1800 جنيه. ومحكمة صدفا الجزئية قضت في الدعوى غيابياً بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لوقف التنفيذ والمصادرة وإلزامه بأن يؤدي لمصلحة الجمارك مبلغ 1800 جنيه. فعارض وقضى في معارضته باعتبارها كأن لم تكن. فاستأنف، ومحكمة أسيوط الابتدائية بهيئة استئنافية قضت في الدعوى حضورياً اعتبارياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فعارض وقضى في معارضته بقبولها شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المعارض فيه وبراءة المتهم والمصادرة ورفض الدعوى المدنية وإلزام رافعتها المصروفات. فطعنت مصلحة الجمارك في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما تنعاه المدعية بالحقوق المدنية على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بتبرئة المطعون ضده من تهمة زراعة الدخان دون ترخيص ورفض الدعوى المدنية المرفوعة عليه قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال ذلك بأنه أسس قضاءه على أن التحريات التي أجريت عن الواقعة وإجراءات محضر الضبط لم تكن موجهة إلى المطعون ضده بل كانت منصرفة إلى والده وإن اعتراف المطعون ضده في ذلك المحضر إنما كان لإبعاد الاتهام عن والده في حين أن الثابت من الأوراق أن الإذن بتحريك الدعوى وتوجيه الاتهام إنما كان متخذاً ضد المطعون ضده شخصياً وقد اعترف في محضر الضبط بالتهمة المسندة إليه وأفصح عن أن والده كان قد توفى منذ سنة سابقة على واقعة الضبط مما لا يؤدي إلى النتيجة التي خلص إليها الحكم ويعيبه بما يوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه إنه انتهى إلى القضاء ببراءة المتهم المطعون ضده ورفض الدعوى المدنية قبله – مستنداً إلى أن تقرير التحريات وإجراءات الضبط والمحضر الذي حرر في شأنها إنما كانت موجهة ضد والد المطعون ضده وأن المطعون ضده لم يكن هو المقصود بالاتهام وأن اعترافه في محضر الضبط بأنه هو الذي زرع الدخان المضبوط كان لمجرد درء الاتهام عن والده. لما كان ذلك وكان من المقرر إنه وإن كان لمحكمة الموضوع أن تقضي بالبراءة متى تشككت في صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت لأن ملاك الأمر يرجع إلى وجدان القاضي وما يطمئن إليه غير أن ذلك مشروط بأن يشتمل الحكم على ما يفيد أن المحكمة محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام عن بصر وبصيرة وأن تكون الأسباب التي تستند إليها في قضائها من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبته عليها، لما كان ذلك وكان يبين من الاطلاع على المفردات المنضمة – تحقيقاً لما أثير في وجه الطعن - إنه وإن كانت التحريات والإذن الصادر من وكيل عام الجمارك باتخاذ الإجراءات والمحضر المؤرخ 22/ 7/ 1971 المحرر عن ضبط الواقعة في تاريخه – جميع هذه الإجراءات – كانت قد اتخذت ضد........ – والد المطعون ضده – إلا أنه عندما سئل المطعون ضده في المحضر اللاحق المؤرخ 28/ 7/ 1971 اعترف بأنه هو الذي زرع الدخان المضبوط في أرضه وبأنه اشترى بذوره من السوق بالغنايم وأن والده توفى منذ شهرين سابقين فطلب مراقب مأموريات ضرائب الإنتاج بخطابه المؤرخ 21/ 9/ 1972 رفع الدعوى الجنائية ضده وقيدت النيابة العامة التهمة ضده وأقامت عليه الدعوى الجنائية على مقتضاها، لما كان ذلك وكان مجرد توجيه الإجراءات أول الأمر ضد والد المطعون ضده ليس من شأنه أن يشكك في ثبوت التهمة قبل المطعون ضده طالما إنه بعد اعترافه بالتهمة المسندة إليه سارت الإجراءات واستؤنفت ضده، هذا إلى أن الحكم لم يفطن إلى ما قرره المطعون ضده من إن والده قد توفى منذ نحو شهرين سابقين على الواقعة مما لا يتأتى معه أن يكون قد استهدف من اعترافه إبعاد الاتهام عن والده ومن ثم فإن ما استند إليه الحكم المطعون فيه لا يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها وينطوي على تعسف في الاستنتاج ويتنافر في حكم العقل والمنطق مع ما خلص إليه مما يعيبه ويوجب نقضه في خصوص ما قضى به في الدعوى المدنية والإحالة مع إلزام المطعون ضده المصروفات.