مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ الإدارية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة - العدد الثالث (من أول يونيه سنة 1960 إلى آخر سبتمبر سنة 1960) - صـ 1118

(117)
جلسة 18 من يونيه سنة 1960

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة علي بغدادي ومحمود محمد إبراهيم وعبد المنعم سالم مشهور وحسني جورجي المستشارين.

القضية رقم 254 لسنة 5 القضائية

رسوم قضائية - فصل المحكمة الإدارية في النزاع رغم عدم سداد الرسم الواجب قانوناً - تطبيق لائحة الرسوم القضائية الصادرة بالقانون رقم 90 لسنة 1944 في هذه الحالة - عدم أداء الرسوم لا يعتبر سبباً سائغاً للطعن في الحكم وإنما يلزم المدعي بأداء كامل الرسم المستحق عقب صدور الحكم - أساس ذلك.
إنه ولئن كانت لائحة الرسوم القضائية الصادر بها القانون رقم 90 في 19 من يوليه سنة 1944 - وهي نافذة في شأن القضايا التي تطرح على مجلس الدولة طبقاً للقانون - توجب أداء الرسوم المستحقة على الدعوى قبل نظرها على الوجه المفصل في المادتين التاسعة والعاشرة منها. وتنص في المادة الثالثة عشرة منها على أن "تستبعد المحكمة القضية من جدول الجلسة إذا لم تستوف الرسوم المستحقة عليها بعد قيدها" - إلا أن هذا الإجراء لا يكون له محل إذا فصلت المحكمة في النزاع المطروح عليها، وذلك أن المادة 14 من اللائحة المشار إليها تنص على أن "يلزم المدعي بأداء كامل الرسوم المستحقة، كما يلزم بدفع الباقي عقب صدور الحكم ولو استؤنفت، ومع ذلك إذا صار الحكم انتهائياً جاز لقلم الكتاب تحصيل الرسوم المستحقة من المحكوم عليه"، ومؤدى ذلك أن رسوم الدعوى تصبح واجبة الأداء عقب صدور الحكم ولو استؤنف، ويلزم المدعي بأدائها كاملة، ويجوز تحصيلها من المحكوم عليه بها إذا صار الحكم نهائياً. ومؤدى ذلك كله أن عدم أداء رسم الدعوى كله أو بعضه قبل صدور الحكم فيها لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم، وتصبح الرسوم المستحقة واجبة الأداء، ويتخذ قلم الكتاب في شأن تحصيلها الإجراءات التي تنص عليها اللائحة، ولا يكون هناك محل لاستبعاد القضية من جدول الجلسة، بعد أن فصلت المحكمة في المنازعة.


إجراءات الطعن

بتاريخ 4 من فبراير سنة 1959 أودعت سكرتيرية هذه المحكمة صحيفة طعن مقدم من السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة في الحكم الصادر بجلسة 8 من ديسمبر سنة 1958، من المحكمة الإدارية لوزارتي الأشغال والحربية في القضية رقم 407 لسنة 3 ق، المرفوعة من عبد المجيد مصطفى عبد الوهاب، ضد وزارة الأشغال، القاضي برفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات. ويطلب السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة للأسباب الواردة في صحيفة طعنه الحكم بقبوله شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء باستبعاد طلب منح المدعي الدرجة التاسعة من بدء تعيينه من جدول المحكمة لحين أداء الرسم المستحق عنه و(احتياطياً) بأحقية المدعي في منحه العلاوات المقررة لوظيفة قياس بالتطبيق لأحكام كادر عمال اليومية بأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 12 من أغسطس سنة 1951، وما يترتب على ذلك من آثار.
أعلنت صحيفة الطعن للحكومة في 21 من فبراير سنة 1959، وللمدعي في أول مارس سنة 1959، وعين لنظر الطعن أمام هيئة فحص الطعون جلسة 21 من فبراير سنة 1960، وأحيل إلى المحكمة العليا لجلسة 2 من إبريل سنة 1960، وبعد تداوله بالجلسات وسماع ما روئي لزوماً لسماعه من إيضاحات أرجئ النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع ما روئي لزوماً لسماعه من إيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما هو ثابت من أوراق الطعن، تتحصل في أن المدعي رفع الدعوى أمام المحكمة الإدارية لوزارتي الأشغال والحربية، قال فيها أنه حاصل على الشهادة الابتدائية والتحق بالخدمة في 27 من نوفمبر سنة 1943 بمصلحة المساحة بوظيفة خدمة سايره، وأنه طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 12 من أغسطس سنة 1951 يحق له طلب تسوية حالته لوظيفته في الدرجة التاسعة المقررة لمؤهله من بدء تعيينه وإطلاق علاواته، وطلب الحكم بتسوية حالته بالتطبيق للقانون، وما يترتب على ذلك من اعتباره في الدرجة التاسعة من بدء تعيينه وإطلاق علاواته مع إلزام المدعى عليه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقد أجابت الجهة الإدارية على الدعوى بأن المدعي حاصل على شهادة الدراسة الابتدائية سنة 1937 وعين بخدمة مصلحة المساحة في 27 من نوفمبر سنة 1943 بأجر يومي قدره 60 مليماً ثم سويت حالته طبقاً لقواعد الإنصاف بمنحه 200 مليم يومياً من تاريخ التعيين ومنح علاوتين مقدار كل منهما عشرين مليماً يومياً في أول مايو سنة 1947 وأول مايو سنة 1950 - فبلغت أجرته 240 مليماً يومياً وهو ما يوازي نهاية مربوط الدرجة التاسعة المقررة لمؤهله وفقاً لقواعد الإنصاف. أما عن طلب منحه الدرجة التاسعة فإن القانون رقم 569 لسنة 1955 الخاص بوضع عمال القناة على درجات بالميزانية قضى بشغل الدرجات التاسعة الخالية بالوزارات والمصالح من بين عمال القنال الحاصلين على الشهادة الابتدائية أو ما يعادلها بالاشتراك مع مستخدمي اليومية أو الخدمة الخارجين عن هيئة العمال بها الحاصلين على نفس المؤهل حسب الأقدمية ويمكن النظر في طلبه بالمقارنة مع زملائه من حيث الأقدمية وفي حدود الدرجات الخالية.
طلب المفوض أمام المحكمة الإدارية استبعاد طلب الدرجة التاسعة من الجدول لأن القرار الصادر بإعفاء المدعي من الرسوم اقتصر على طلب تطبيقه قرار مجس الوزراء الصادر في 12 من أغسطس سنة 1951 بشأن إطلاق علاوات حملة المؤهلات باليومية إلى 360 مليماً ولم يسدد المدعي الرسم عن هذا الطلب الذي لم يشمله قرار المعافاة ورأى الموافقة على إطلاق علاوات المدعي إلى أن يبلغ أجره 300 مليم وهو نهاية مربوط درجات العمال العاديين.
ومن حيث إن المحكمة الإدارية قضت في 8 من ديسمبر سنة 1958 برفض الدعوى وألزمت المدعي بمصروفاتها وأقامت قضاؤها على أن التسويات الواردة بكادر العمال وهى ضرب من الإنصاف قرره المشرع لعمال اليومية إنما قصد به تحقيق الإنصاف بالنسبة إلى من لم ينل من أرباب اليومية إنصافاً سابقاً أو من نال في الإنصاف السابق حقاً أدنى مما يستحق بتطبيق هذا الكادر، ولا يفيد منه من شملهم الإنصاف السابق الصادر به كتاب المالية المؤرخ 6 من سبتمبر سنة 1944 والكتب الدورية المكملة له تطبيقاً لقرارات مجلس الوزراء الصادر في 30 من يناير سنة 1944، 12، 29 من أغسطس سنة 1944 وأنه تفريعاً على مبدأ تخصص الإنصاف لا يجوز كأصل عام ازدواج الإفادة من قواعد الإنصاف وأن من نال إنصافاً سابقاً في ظل سلك معين لا يكون له حق جديد تقرر لأفراد سلك آخر. وقد طبقت قواعد الإنصاف على المدعي ورفع أجره إلى مائتي مليم وهو أجر يزيد على الأجر المقرر لأمثاله في الدرجة المخصصة لوظيفة قياس (160/ 300) وخلصت المحكمة من ذلك إلى أن طلب المدعي بمنحه الدرجة التاسعة وبزيادة أجره بإطلاق علاواته طبقاً لكادر العمال حتى يصل إلى نهاية مربوط الدرجة المقررة لوظيفته بكادر العمال على غير أساس سليم من القانون.
ومن حيث إن الطعن يقوم في الشق الأول منه على أنه ما دام أن القرار الصادر بإعفاء المدعي من الرسوم القضائية عن الدعوى التي يرفعها بطلب تطبيق قرار مجلس الوزراء الصادر في 12 من أغسطس سنة 1951 بشأن إطلاق علاوات حملة المؤهلات باليومية فكان يتعين على المحكمة استبعاد الطلب الثاني الخاص بمنحه الدرجة التاسعة لعدم أداء الرسم عنه ويقوم الطعن في الشق الثاني منه على أنه طبقاً لكتاب وزارة المالية الدوري رقم 234 - 9/ 53 المؤرخ 8 من مارس سنة 1947 بشأن علاوات حملة المؤهلات باليومية الذين اتصفوا طبقاً لأحكام الكتاب الدوري رقم ف 234 - 9/ 53 المؤرخ 6/ 9/ 1944 - ومما تلاه من كتب دورية ينص على منح هؤلاء العمال العلاوات طبقاً لأحكام القواعد التي يتضمنها الكتاب الدوري رقم ب 234 - 9/ 53 المؤرخ 16 من أكتوبر سنة 1945 ومما تلاه من كتب دورية بشأن منح علاوات عمال اليومية ومفاد هذا الكتاب أن عمال اليومية الذين سبق إنصافهم يحق لهم الحصول على العلاوات المنصوص عليها في كادر عمال اليومية في حدود ربط الدرجات المعين عليها كل منهم. وإذ كان المدعي يشغل حرفة قياس وهى من الحرف الواردة في الكشف رقم (1) من الكشوف المرفقة بكتاب وزارة المالية الدوري المؤرخ 16 من أكتوبر سنة 1945 وهذا الكشف الخاص برؤساء العمال ومن في حكمهم بمربوط قدره 160 مليماً يومياً في الدرجة (160/ 240 مليماً) المعدلة بقرار مجلس الوزراء المؤرخ 12 من أغسطس 1951 الذي قضى برفع نهاية المربوط إلى 300 مليم وبتعديل العلاوة المستحقة لرؤساء العمال إلى 20 مليماً يومياً كل سنتين بدلاً من كل ثلاث سنوات فإن المدعي يكون مستحقاً للعلاوات المقررة لحرفة قياس حتى يصل أجره إلى نهاية المربوط ومقداره 300 مليم يومياً.
ومن حيث إن الثابت من ملف خدمة المدعي أنه حاصل على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية سنة 1947 والتحق بالخدمة بوزارة التجارة بأجر يومي قدره 100 مليم على اعتماد مراقبة الصادرات اعتباراً من 4 أغسطس سنة 1940.. إلى أن انتقل في 18 من مايو سنة 1943 ثم عين بمصلحة المساحة بوظيفة قياس كتابي على اعتماد نزع الملكية بتفتيش مساحة طنطا اعتباراً من 27 من نوفمبر سنة 1943 وسويت حالته طبقاً لقواعد الإنصاف ومنح أجراً قدره 200 مليم من هذا التاريخ.
ومن حيث إنه بتاريخ 29 من إبريل سنة 1959 أرسلت مصلحة المساحة كتابها رقم 4/ 6/ 3338 للسيد رئيس هيئة المفوضين رداً على هذا الطعن قالت فيه أن المدعي من ضمن عمال اليومية الكتبة الذين لا يشغلون درجات بكادر العمال وبالتالي فليست لهم علاوات مقررة وإنما يمنحون زيادات في أجورهم كلما سمحت حالة الاعتمادات المعينين عليها ولما كان اعتماد التسجيل المعين عليه المذكور قد سمح بزيادة أجرته فقد منح استناداً إلى كتاب ديوان الموظفين رقم 26 - 5/ 10 المؤرخ 24 من نوفمبر سنة 1955 - وكتاب وزارة الأشغال رقم 3/ 98/ 13 (41526) المؤرخ 18 من أكتوبر سنة 1954 زيادات مقدار كل منها 20 مليماً يومياً في أول مايو سنة 1952 وفي أول مايو سنة 1954 وفي أول مايو سنة 1956 وفي أول مايو سنة 1958 وبلغت أجرته بهذه الزيادات 320 مليماً يومياً وسيمنح مثل هذه الزيادة كلما سمحت حالة الاعتمادات المعين عليها حتى يبلغ أجره 360 مليماً يومياً وقد صرفت إليه الفروق المستحقة عن التسوية المشار إليها اعتباراً من 12 من أغسطس سنة 1951 تاريخ قرار مجلس الوزراء الذي قضى برفع عمال اليومية الكتبة إلى 360 مليماً بدلاً من 240 مليماً.
ومن حيث إنه بالنسبة للوجه الأول من أوجه الطعن وهو الخاص باستبعاد الطلب الثاني من طلبات المدعي وهو طلب منحه الدرجة التاسعة لعدم سداد الرسم المستحق على هذا الطلب ولأن قرار الإعفاء من الرسوم لم تشمله. فإنه ولئن كانت لائحة الرسوم القضائية الصادر بها القانون رقم 90 في 19 من يوليه سنة 1944 - وهى نافذة في شأن القضايا التي تطرح على مجلس الدولة طبقاً للقانون - توجب أداء الرسوم المستحقة على الدعوى قبل نظرها على الوجه المفصل في المادتين التاسعة والعاشرة منها وتنص في المادة الثالثة عشرة منها على أن تستبعد المحكمة القضية من جدول الجلسة إذا لم تستوف الرسوم المستحقة عليها بعد قيدها إلا أن هذا الإجراء لا يكون له محل إذا فصلت المحكمة في النزاع المطروح عليها وذلك أن المادة 14 من اللائحة المشار إليها تنص على أن "يلزم المدعي بأداء كامل الرسوم المستحقة كما يلزم بدفع الباقي منها عقب صدور الحكم ولو استؤنف - ومع ذلك إذا صار الحكم انتهائياً جاز لقلم الكتاب تحصيل الرسوم المستحقة من المحكوم عليه" ومؤدى ذلك أن رسوم الدعوى تصبح واجبة الأداء عقب صدور الحكم ولو استؤنفت ويلزم المدعي بأدائها كاملة، ويجوز تحصيلها من المحكوم عليه بها إذا صار الحكم نهائياً. ومؤدى ذلك كله أن عدم أداء رسم الدعوى كله أو بعضه قبل صدور الحكم فيها لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم وتصبح الرسوم المستحقة واجبة الأداء ويتخذ قلم الكتاب في شأن تحصيلها الإجراءات التي تنص عليها اللائحة ولا يكون هناك محل لاستبعاد القضية من جدول الجلسة بعد أن فصلت المحكمة في المنازعة.
ومن حيث إنه لذلك يكون هذا الوجه من أوجه الطعن على غير أساس سليم من القانون متعيناً رفضه.
ومن حيث إنه بالنسبة للوجه الثاني من أوجه الطعن فإنه ولئن كان كتاب دوري المالية رقم 234/ 53 المؤرخ 8 من مارس سنة 1947 المشار إليه يقضي بمنح علاوات دورية لعمال اليومية من حملة المؤهلات السابق إنصافهم طبقاً للقواعد التي تضمنها الكتاب الدوري رقم ف 234/ 9/ 53 المؤرخ 16 من أكتوبر سنة 1945 إلا أن مناط الإفادة من هذا الكتاب أن يكون العامل معيناً على درجة من درجات كادر العمال، ولما كان يبين من كتاب مدير عام مصلحة المساحة رقم 4/ 6/ 3338 المؤرخ 29 إبريل سنة 1959 أن المدعي ليس معيناً على درجة من درجات كادر العمال فمن ثم لا يفيد من أحكام الكتاب الدوري المؤرخ 8 من مارس سنة 1947 سالف الذكر. وعلى هذا الأساس يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدعوى قد طابق القانون في النتيجة التي انتهى إليها، ويتعين الحكم برفض الطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً.