أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الحادية والأربعون - صـ 275

جلسة 6 من فبراير سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ حسن غلاب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود رضوان نائب رئيس المحكمة وصلاح عطية، ورضوان عبد العليم وأنور جبرى.

(48)
الطعن رقم 2534 لسنة 59 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن. عدم ايداعها".
عدم تقديم الطاعن أسبابا لطعنه. أثره: عدم قبول الطعن شكلا. أساس ذلك ؟
(2) مواد مخدرة. جلب. حكم "ما لا يعيبه فى نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
خطأ الحكم فى بيان تاريخ الواقعة والقبض على الطاعن. غير مؤثر فى منطقة أو فى النتيجة التى انتهى اليها. ما دام أن القبض على الطاعن قد تم بعد ضبط المواد المخدرة فى حيازة محكوم عليه أخر اعترف بارتكابه والطاعن لجريمة الجلب.
(3) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". حكم "ما لا يعيبه فى نطاق التدليل".
حق محكمة الموضوع فى الأخذ باعتراف المتهم فى حق نفسه وعلى غيره من المتهمين ولو لم يكن معززاً بدليل آخر. متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع.
تناقض اقوال المتهم أو تضاربها فى بعض تفاصيلها. لا يعيب الحكم ما دام استخلص الحقيقة منها بما لا تناقض فيه.
(4) إثبات "اعتراف". اكراه. دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". بطلان. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعى بأن المتهم أجبر على الاعتراف دون بيان وجه ما ينعاه عليه أو الاشارة إلى الاكراه المبطل له. لا يعد دفعاً ببطلانه.
إثاره هذا الدفع لأول مرة أمام النقض. غير جائز. علة ذلك ؟
(5) مواد مخدرة. جلب. تهريب جمركى. إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". حكم "ما لا يعيبه فى نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن ما لا يقبل منها".
تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم. موضوعى.
حق محكمة الموضوع فى تجزئة الدليل. ولو كان اعترافا.
الجدل الموضوعى فى تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع فى تجزئته ووزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها. غير جائز أمام النقض.
(6) إثبات "بوجه عام". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل".
حق محكمة الموضوع فى التعويل على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة.
(7) مواد مخدرة. جلب. جريمة "أركانها".
الجلب فى حكم المادة 33 من القانون رقم 182 لسنة 1960. ماهيته ؟
(8) مواد مخدرة. جلب. جريمة "أركانها". قصد جنائى. قانون "تفسيره".
استيراد المواد المخدرة. لا يعدو أن يكون حيازة مصحوبة بالنقل عبر الحدود إلى داخل الجمهورية.
(9) مواد مخدرة. جلب. جريمة "أركانها". فاعل أصلى. مسئولية جنائية.
الحيازة المادية للمخدر. ليست شرطاً لاعتبار الشخص حائزاً لمادة مخدرة. كفاية ان يكون سلطانه مبسوطاً على المخدر.
(10) فاعل اصلى. مسئولية جنائية. قانون "تفسيره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الفاعل الأصلى فى حكم المادة 39 عقوبات ؟
الجدل الموضوعى فى تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها. غير جائز أمام النقض.
(11) بطلان. دفوع "الدفع ببطلان الاجراءات". قبض. تفتيش "تفتيش بإذن". نقض "الصفة فى الطعن" "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لا صفة لغير من وقوع في حقه الاجراء الباطل في الدفع ببطلانه. ولو كان يستفيد منه. أساس ذلك؟
(12) قبض. تفتيش "تفتيش باذن". دفوع "الدفع ببطلان القبض والتفتيش". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إثارة الدفع ببطلان القبض واذن التفتيش. لأول مرة أمام النقض غير جائزة. علة ذلك ؟
(13) تفتيش "اذن التفتيش. اصداره. بياناته". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم ايجاب بيان اسم النيابة التى يتبعها مصدر الاذن بالتفتيش. أساس ذلك ؟
(14) مأمور الضبط القضائى. استدلالات. إجراءات "إجراءات التحقيق". استجواب.
حق مأمور الضبط القضائى فى سؤال المتهم دون استجوابه.
(15) اثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه فى نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
احالة الحكم فى بيان أقوال شهود الاثبات إلى أقوال أحدهم. على الرغم من وجود اختلاف فى جزئية غير مؤثرة فى عقيدة المحكمة التى خلصت اليها لا يعيبه.
مثال:
(16) دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إجراءات "إجراءات المحاكمة" محكمة الجنايات "الاجراءات أمامها". محاماة.
ندب المحكمة محاميا مقيداً ابتدائيا للترافع عن المتهم فى جناية دون اعتراض من المتهم. لا بطلان فى الإجراءات.
استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده. أمر موكول إلى تقديره هو حسبما يوحى به ضميره واجتهادة وتقاليد مهنته.
(17) ارتباط. عقوبة "عقوبة الجريمة الاشد".
مناط تطبيق كل من فقرتى المادة 32 عقوبات والتفرقة بينها فى تحديد العقوبة ؟
(18) مواد مخدرة. جلب. جريمة "أركانها". قصد جنائى. تهريب جمركى. قانون "تفسيره".
جريمة جلب الجواهر المخدرة. مناط تحققها ؟
الاقليم الجمركى والخط الجمركى. ماهية كل منها فى مفهوم المواد الثلاث الأولى من القانون 66 لسنة 1963؟
تخطي الحدود الجمركية أو الخط الجمركي بغير استفاء الشروط المنصوص عليها في القانون 182 لسنة 1960. يعد جلباً محظوراً.
(19) تهريب جمركى. جريمة "أركانها". قانون "تفسيره".
التهريب الجمركى فى مفهوم المادة 121 من القانون 66 لسنة 1963 ؟
(20) مواد مخدرة. جلب. تهريب جمركى. جريمة "أركانها". عقوبة "تطبيقها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الجواهر المخدرة من البضائع الممنوعة. مجرد ادخالها إلى البلاد قبل الحصول على ترخيص. يتحقق به. الركن المادى لجريمتى الجلب والتهريب الجمركى.
وجوب الاعتداد بالجريمة الأولى ذات العقوبة الأشد دون عقوبة الجريمة الثانية أصلية كانت أو تكميلية. أساس ذلك ؟
1 - لما كان المحكوم عليه الثانى..... وأن قرر بالطعن بالنقض فى الميعاد القانونى إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه. ولما كان من المقرر أن الطعن بالنقض هو مناط اتصال المحكمة به وأن إيداع الأسباب التى بنى عليها الطعن فى الميعاد الذى حدده القانون هو شرط لقبوله، وأنهما يكونان معا وحده إجرائية لا يقوم أحدهما مقام الآخر أو يغنى عنه، فإن الطعن المقدم من المحكوم عليه الثانى...... يكون غير مقبول شكلا.
2 - خطأ الحكم المطعون فيه فى بيان تاريخ الواقعة وكذا تاريخ القبض على الطاعن لا يعدو أن يكون خطأ ماديا غير مؤثر فى منطق الحكم أو فى النتيجة التى انتهى إليها - طالما أن القبض على الطاعن قد تم بعد ضبط المواد المخدرة فى حوزة المحكوم عليه الآخر واعترافه بارتكابه والطاعن لجريمة الجلب - ومن ثم يضحى هذا النعى غير سديد.
3 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة فى الأخذ باعتراف المتهم فى حق نفسه وعلى غيره من المتهمين متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع ولو لم يكن معززاً بدليل آخر، وكان لا يعيب الحكم أو يقدح فى سلامته تناقض رواية هذا المتهم أو تضاربها فى بعض تفاصيلها مادام قد استخلص الحقيقة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه وما دام لم يورد هذه التفصيلات أو يركن إليها فى تكوين عقيدته وهو الحال فى الدعوى المطروحة ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص يكون غير سديد.
4 - لما كان يبين من الرجوع إلى محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع عن المحكوم عليه الآخر لم يدفع ببطلان الاعتراف الصادر من المحكوم عليه الآخر ولم يقل أنه كان وليد اكراه أو اجراءات باطلة وكل ما قاله الدفاع عنه فى هذا الصدد هو أنه قد أجبر عليه دون أن يبين وجه ما ينعاه على هذا الاعتراف مما يشكك فى سلامته ولا يمكن القول بأن هذه العبارة المرسلة التى ساقها تشكل دفعا ببطلان الاعتراف أو تشير إلى الاكراه المبطل له وكل ما يمكن أن تنصرف إليه هو التشكيك فى الدليل المستمد من الاعتراف توصلا إلى عدم تعويل المحكمة عليه فإنه لا يقبل من الطاعن اثارته لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتطلبه من إجراء تحقيق موضوعى تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة.
5 - من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من شئون محكمة الموضوع وحدها وهى حرة فى تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إلى ذات الأدلة بالنسبة لمتهم آخر وإذا كانت المحكمة قد اطمأنت إلى اعتراف المحكوم عليه الآخر وأخذت به بالنسبة له وللطاعن دون متهم آخر قضت ببراءته، وكان من حق محكمة الموضوع أن تجزئ الدليل ولو كان اعترافا فتأخذ بما تطمئن إليه وتطرح ماعداه لتعلق ذلك بسلطتها فى تقدير أدلة الدعوى فإن ما يثيره الطاعن فى صدد اعتراف المحكوم عليه الآخر وأخذ الحكم به فى حقه دون متهم آخر لا يخرج عن كونه جدلا موضوعيا فى تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع فى تجزئته ووزن عناصر الدعوى وستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز اثارته أو الخوض فيه أمام محكمة لنقض.
6 - لا تثريب على المحكمة إن هى أخذت بتحريات رجال المباحث ضمن الأدلة التى استندت إليها لما هو مقرر من أن للمحكمة أن تعول فى تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة كما هى الحال فى الحكم المطعون فيه.
7 - لما كان ما أورده الحكم يتحقق به توافر جريمة جلب جوهر مخدر فى حق الطاعن، ذلك بأن الشارع اذ عاقب فى المادة 33 من القانون رقم 182 لسنة 1960 فى شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 على جلب المواد المخدرة فقد دل على أن المراد بالجلب فى الأصل هو استيراده - بالذات أو بالواسطة ملحوظا فى ذلك طرحه وتداوله بين الناس سواء كان الجالب قد استورده لحساب نفسه أو لحساب غيره متى تجاوز بفعله الخط الجمركى قصدا من الشارع إلى القضاء على انتشار المخدرات فى المجتمع الدولى.
8 - لما كان استيراد المواد المخدرة لا يعدو فى واقع الأمر أن يكون حيازة مصحوبة بالنقل عبر الحدود إلى داخل أراضى الجمهورية فهو فى مدلوله القانونى الدقيق ينطوى ضمنا على عنصر الحيازة إلى جانب دلالته الظاهرة عليها.
9 - لا يشترط لاعتبار الجانى حائزا لمادة مخدرة أن يكون محرزا عاديا للمادة المخدرة بل يكفى لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطا عليها ولو لم تكن فى حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصيا غيره.
10 - لما كانت المادة 39 من قانون العقوبات اذ نصت على أن يعتبر فاعلا فى الجريمة من يدخل فى ارتكابها إذا كانت تتكون من جملة أعمال فيأتى عمدا عمل من الأعمال المكونة لها فقد دلت على أن الجريمة إذا تركبت من عدة أفعال سواء بحسب طبيعتها أو طبقا لخطة تنفيذها فإن كل من تدخل فى هذا التنفيذ بقدر ما يعد فاعلا مع غيره فيها ولو أن الجريمة لم تتم بفعله وحده بل تمت بفعل واحداً وأكثر ممن تدخلوا معه فيها متى و جدت لدى الجانى نية التدخل تحقيقا لغرض مشترك هو الغاية النهائية من الجريمة بحيث يكون كل منهم قد قصد قصد الفاعل معه فى ايقاع تلك الجريمة المعينة واسهم فعلا بدور فى تنفيذها، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت فى منطق سائغ وتدليل مقبول أن الطاعن والمحكوم عليه الآخر قد أتفقت كلمتهما على جلب المواد المخدرة وأن كل منهما اسهم - تحقيقا لذلك - بالدور الذى أعد له فى خطة تنفيذ تلك الجريمة على النحو الذى أورده الحكم فى بيانه لواقعة الدعوى، وكان الطاعن لا يجادل فى أن ما عول عليه الحكم من أدلة له مأخذه الصحيح من الأوراق، وقد انصبت مجادلتهم على ما استخلصه الحكم من هذه الأدلة ورتب عليه أن كلا منهما قد ارتكب جريمة الجلب، وكان ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص لا يخرج عن كونه جدلا موضوعيا فى تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز معه إثارته أمام محكمة النقض فإن منعى الطاعن بقاله الخطأ فى تطبيق القانون يكون غير سديد.
11 - لما كانت التحريات وإذن التفتيش عن المتهمين الآخرين، فلا صفة للطاعن فى النعى على الحكم بالقصور فى الرد على هذا الدفاع لما هو مقرر من أنه لا صفة لغير من وقع فى حقه الإجراء أن يدفع ببطلانه ولو كان يستفيد منه لأن تحقق المصلحة لاحق لوجود الصفة فيه.
12 - لما كان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئا أمام محكمة الموضوع بخصوص ما يدعيه من بطلان القبض عليه لحصوله خارج الاختصاص المكانى للشاهد بغير إذن من النيابة العامة، كما لم يدفع أى من المتهمين ببطلان إذن التفتيش لصدوره عن جريمة مستقبلة ولخلوه مما يكشف عن صفة وكيل النيابة الذى أصدره ومكان إصداره وكانت مدونات الحكم قد خلت مما يرشح لبطلان إذن التفتيش فإنه لا يقبل طرح ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض نظرا لأنه يقتضى تحقيقا تنأى عنه وظيفة محكمة النقض.
13 - من المقرر أنه لا يصح أن ينعى على الاذن بعدم بيان اسم النيابة التى يتبعها مصدر الاذن إذ ليس فى القانون ما يوجب ذكر الاختصاص المكانى مقرونا باسم وكيل النيابة مصدر الاذن بالتفتيش ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد يكون غير مقبول وعلى غير أساس.
14 - من المقرر طبقا للمادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية أن لمأمور الضبط القضائى أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة إليه دون أن يستجوبه تفصيلا وأن يثبت فى محضره ما يجيب به المتهم بما فى ذلك اعترافه بالتهمة ويكون هذا المحضر عنصرا من عناصر الدعوى.
15 - لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه احال فى بيان أقوال الشاهد..... إلى ما حصله من أقوال شاهد الاثبات...... كما يبين من الاطلاع على المفردات التى أمرت المحكمة بضمها تحقيقا لما أثاره الطاعن بشأن الخطأ فى الاسناد أن أقوال شاهد الاثبات..... متفقة فى جملتها وما حصله الحكم من أقوال......... ولم تختلف عن دور الطاعن فى جريمة الجلب. لما كان ذلك، وكانت إحالة الحكم فى أقوال...... إلى أقوال الشاهد....... رغم الخلاف فى تلك الجزئية غير مؤثر فى عقيدة المحكمة التى خلصت إليها، وكانت أقوال شهود الاثبات وأقوال المحكوم عليه الآخر متفقة فى أن الطاعن والمحكوم عليه الآخر قد جلب المخدر المضبوط إلى داخل البلاد ومن ثم فلا يعيب الحكم ما شابه من خطأ فى الاسناد فى هذه الجزئية.
16 - لما كان البين من الاطلاع على إفادة نقابة المحامين أن المدافع عن الطاعن الأستاذ......... المحامى مقيدا بجدول الابتدائى بتاريخ...... وإذ كان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن المحكمة ندبت الأستاذ المحامى سالف الذكر للدفاع عن فترافع عنه بما هو مدون بمحضر الجلسة الذى خلا من أى اعتراض للطاعن على هذا الاجراء، وكان استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده أمر موكولا إلى تقديره هو حسبما يوحى به ضميره واجتهاده وتقاليد مهنته، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الوجه لا يكون له محل.
17 - إن المادة 32 من قانون العقوبات إذ نصت فى فقرتها الأولى على أنه: "إذا كون الفعل الواحد جرائم متعدده وجب اعتبار الجريمة التى عقوبتها أشد والحكم بعقوبتها دون غيرها فقد دلت بصريح عبارتها على أنه فى الحالة التى يكون فيها للفعل الواحد عدة أوصاف، يجب اعتبار الجريمة التى تمخض عنها الوصف أو التكييف القانونى الأشد للفعل والحكم بعقوبتها وحدها دون غيرها من الجرائم التى قد تتمخض عنها الأوصاف الأخف والتى لا قيام لها البته مع قيام الجريمة ذات الوصف الأشد، إذ يعتبر الجانى كأن لم يرتكب غير هذه الجريمة الأخيرة وذلك على خلاف حالة التعدد الحقيقى للجرائم المرتبطة بعضها ببعض بحيث لا تقبل التجزئة التى اختصت بها الفقرة الثانية من المادة 32 سالفة الذكر، إذ لا أثر لاستبعاد العقوبات الأصلية للجرائم الأخف فى وجوب الحكم بالعقوبات التكميلية المتعلقة بهذه الجرائم ضرورة أن العقوبة التكميلية انما تتعلق بطبيعة الجريمة ذاتها لا بعقوبتها.
18 - لما كان الجلب فى حكم القانون رقم 182 لسنة 1960 فى شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها ليس مقصورا على استيراد الجواهر المخدرة من خارج الجمهورية وادخالها المجال الخاضع لاختصاصها الاقليمى كما هو محدود دوليا، بل يمتد أيضا إلى كل واقعة يتحقق بها نقل الجواهر المخدرة - ولو فى نطاق ذلك المجال - على خلاف الأحكام المنظمة لجلبها المنصوص عليها فى المواد من 3 إلى 6 التى رصد لها الشارع الفصل الثانى من القانون المذكور ونظم فيها جلب الجواهر المخدرة وتصديرها، فاشترط لذلك الحصول على ترخيص كتابى من الجهة الادارية المختصة لا يمنح إلا للأشخاص والجهات التى بينها بيان حصر، وبالطريقة التى رسمها على سبيل الالزام والوجوب، فضلا عن حظره تسليم ما يصل إلى الجمارك من تلك الجواهر إلا بموجب إذن سحب كتابى تعطيه الجهة الادارية المختصة للمرخص له بالجلب أو لمن يحل محله فى عمله، وايجابة على مصلحة الجمارك فى حالتى الجلب والتصدير تسلم إذن السحب أو التصدير من صاحب الشأن واعادته إلى تلك الجهة، وكان البين من نصوص المواد الثلاث الأولى من قانون الجمارك الصادر بالقرار بقانون رقم 66 لسنة 1963، أنه يقصد بالاقليم الجمركى هو الحدود السياسية الفاصلة بين جمهورية مصر والدول المتأخمة وكذلك شواطئ البحار المحيطة بالجمهورية وضفتا قناة السويس وشواطئ البحيرات التى تمر بها هذه القناة يمتد نطاق الرقابة الجمركية البحرى من الخط الجمركى الى مسافة ثمانية عشر ميلا بحريا فى البحار المحيطة به، أما النطاق البحرى فيحدد بقرار من وزير المالية وفقا لمقتضيات الرقابة ويجوز أن تتخذ داخل النطاق تدابير خاصة لمراقبة بعض البضائع التى تحدد بقرار منه، وهو ما يتأدى إلى أن تخطى الحدود الجمركية أو الخط الجمركى بغير استيفاء الشروط التى نص عليها بالقرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 والحصول على الترخيص المطلوب من الجهة الادارية المنوط بها منحه، يعد جلبا محظورا.
19 - النص فى المادة 121 من قانون الجمارك على أن "يعتبر تهريبا ادخال البضائع من أى نوع الى الجمهورية أو اخراجها منها بطرق غير مشروعة بدون أداء الضرائب الجمركية كلها أو بعضها أو بالمخالفة للنظم المعمول بها بينما اشترط لتوافر الجريمة بالنسبة إلى غير الممنوع من البضائع أن يكون ادخالها الى البلاد أو اخراجها منها مصحوبا بطرق غير مشروعة.
20 - المادة 33 من القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966، تنص على أن يعاقب بالاعدام وبغرامة من ثلاثة آلاف جنيه إلى عشرة آلاف جنيه (أ) كل من صدر أو جلب جواهر مخدرة قبل الحصول على الترخيص المنصوص عليه فى المادة 3 وكان الأصل على مقتضى هذا النص وسائر أحكام القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 أن الجواهر المخدرة هى من البضائع الممنوعة، فإن مجرد ادخالها إلى البلاد قبل الحصول على الترخيص سالف الذكر يتحقق به الركن المادى المكون لكل من جريمتى جلبها المؤثمة بالمادة 33 آنفه البيان وتهريبها المؤثمة بالمادة 121 من قانون الجمارك، وهو ما يقتضى إعمال نص الفقرة الأولى من المادة 32 من قانون العقوبات والاعتداد فحسب بالجريمة ذات العقوبة الأشد وهى جريمة جلب الجواهر المخدرة - والحكم بالعقوبة المقررة لها بموجب المادة 33 من القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل، دون العقوبات المقررة لجريمة التهريب الجمركى بموجب المادة 122 من قانون الجمارك أصلية كانت أم تكميلية واذ كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد يكون فى غير محله.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: أولا: جلبا إلى أراضى جمهورية مصر العربية جوهراً مخدراً (هيروين) قبل الحصول على ترخيص كتابى من الجهة الادارية المختصة. ثانيا: هربا البضائع المبينة بالتحقيقات موضوع التهمة الأولى إلى داخل أراضى جمهورية مصر العربية. المتهم الثانى وآخر حاز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (هيروين) فى غير الأحوال المصرح بها قانونا. واحالتهما إلى محكمة جنايات دمياط لمعاقبتهما طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الأحالة وأدعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن وزير المالية بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الجمارك مدنيا قبل المتهمين بمبلغ 110.486.000 جنيه والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمواد 1/ 1، 2، 3، 7/ أ، 33/ أ، 34/ أ، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل والبند 103 من الجدول رقم واحد الملحق به والمعدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 والمواد 1، 2، 3، 4، 122، 129/ 1 - 2 من القانون رقم 66 لسنة 1963 المعدل بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريم كل منهما مبلغ ثلاثة آلاف جنيه وبمصادرة المخدر المضبوط ورفض الدعوى المدنية.
فطعن كل من المحكوم عليهما وهيئة قضايا الدولة نيابة عن وزير المالية بصفته فى هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

من حيث إن المحكوم عليه الثانى....... وأن قرر بالطعن بالنقض فى الميعاد القانونى إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه. ولما كان من المقرر أن الطعن بالنقض هو مناط اتصال المحكمة به وأن إيداع الأسباب التى بنى عليها الطعن فى الميعاد الذى حدده القانون هو شرط لقبوله، وأنهما يكونان معا وحده إجرائية لا يقوم أحدهما مقام الآخر أو يغنى عنه، فإن الطعن المقدم من المحكوم عليه الثانى...... يكون غير مقبول شكلا.
أولا: الطعن المقدم من المحكوم عليه............
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتى جلب جواهر مخدرة وتهريبها قد شابه البطلان والفساد فى الاستدلال والقصور فى التسبيب والخطأ فى تطبيق القانون والاخلال بحق الدفاع ذلك بأنه أخطأ فى تاريخ الواقعة وكذا تاريخ القبض على الطاعن وعول فى إدانته أساسا على اعتراف المحكوم عليه الآخر رغم تناقضه وكونه وليد اكراه وإجراءات باطلة وعلى الرغم من اطراحه بالنسبة للمتهم الآخر الذى قضى ببراءته رغم أن الاعتراف يشمله. فضلا عن أن هذا الاعتراف لم يرد ما يؤيده سوى تحريات الشرطة التى لا تصلح دليلا بذاتها. هذا إلى أن الواقعة المنسوبة للطاعن لا تشكل جريمة الجلب التى دانه الحكم بها. يضاف إلى ذلك أن إذن النيابة بضبط وتفتيش المتهمين الثانى والثالث صدر باطلا لصدوره عن جريمة مستقبلة ولخلوه مما يكشف عن صفة وكيل النيابة الذى أصدره ومكان إصداره. كما رفض الحكم بغير سبب سائغ الدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات. وفضلاً عن ذلك فقد اعتور - الحكم البطلان إذ عول على الإجراءات التى أتخذها العميد.... قبل الطاعن من قبض واستجواب لوقوعها خارج اختصاصه المكانى ودون إذن من النيابة العامة واحال الحكم فى بيان شهادة..... إلى شهادة...... رغم اختلاف شهادتيهما فى بعض الوقائع وأخيراً فإن المحامى الذى ندبته المحكمة للدفاع عن الطاعن غير مقبول للمرافعة أمام المحاكم الابتدائية ولم يتسن له الالمام بالدعوى وكان دفاعه شكليا لا يتحقق به الغرض الذى استهدفه الشارع من إيجاب حضور محام مع كل متهم بجناية كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
من حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما فى حقه أدلة سائغة تؤدى الى ما رتب عليها مستمدة من أقوال شهود الاثبات واعتراف المحكوم عليه الآخر وما ثبت من تقرير معمل التحليل وجواز سفر الطاعن. لما كان ذلك، وكان خطأ الحكم المطعون فيه فى بيان تاريخ الواقعة وكذا تاريخ القبض على الطاعن لا يعدو أن يكون خطأ مادياً غير مؤثر فى منطق الحكم أو فى النتيجة التى انتهى إليها - طالما أن القبض على الطاعن قد تم بعد ضبط المواد المخدرة فى حوزة المحكوم عليه الآخر واعترافه بارتكابه والطاعن لجريمة الجلب - ومن ثم يضحى هذا النعى غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عول على اعتراف المحكوم عليه الآخر وحصله فى أنه والطاعن قد جلب المخدر المضبوط إلى البلاد. وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة فى الأخذ باعتراف المتهم فى حق نفسه وعلى غيره من المتهمين متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع ولو لم يكن معززاً بدليل آخر، وكان لا يعيب الحكم أو يقدح فى سلامته تناقض رواية هذا المتهم أو تضاربها فى بعض تفاصيلها ما دام قد استخلص الحقيقة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه وما دام لم يورد هذه التفصيلات أو يركن إليها فى تكوين عقيدته وهو الحال فى الدعوى المطروحة ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان يبين من الرجوع إلى محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع عن المحكوم عليه الآخر لم يدفع ببطلان الاعتراف الصادر من المحكوم عليه الآخر ولم يقل أنه كان وليد اكراه أو إجراءات باطلة وكل ما قاله الدفاع عنه فى هذا الصدد هو أنه قد أجبر عليه دون أن يبين وجه ما ينعاه على هذا الاعتراف مما يشكك فى سلامته ولا يمكن القول بأن هذه العبارة المرسلة التى ساقها تشكل دفعاً ببطلان الاعتراف أو تشير إلى الاكراه المبطل له وكل ما يمكن أن تنصرف إليه هو التشكيك فى الدليل المستمد من الاعتراف توصلاً إلى عدم تعويل المحكمة عليه فإنه لا يقبل من الطاعن أثارته لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتطلبه من إجراء تحقيق موضوعى تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من شئون محكمة الموضوع وحدها وهى حرة فى تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إلى ذات الأدلة بالنسبة لمتهم آخر وإذا كانت المحكمة قد اطمأنت إلى اعتراف المحكوم عليه الآخر وأخذت به بالنسبة له وللطاعن دون متهم آخر قضت ببراءته، وكان من حق محكمة الموضوع أن تجزئ الدليل ولو كان اعترافا فتأخذ بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها فى تقدير أدلة الدعوى فإن ما يثيره الطاعن فى صدد اعتراف المحكوم عليه الآخر وأخذ الحكم به فى حقه دون متهم آخر لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً فى تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع فى تجزئته ووزن عناصر الدعوى وستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز أثارته أو الخوض فيه أمام محكمة لنقض. لما كان ذلك، وكان لا تثريب على المحكمة إن هى أخذت بتحريات رجال المباحث ضمن الأدلة التى استندت إليها لما هو مقرر من أن للمحكمة أن تعول فى تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة كما هى الحال فى الحكم المطعون فيه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى فى قوله "تخلص فى أن التحريات السرية للعميد....... بالاشتراك مع العقيد....... والمقدم....... قد أكدت قيام المتهمين الأولين (الطاعن وآخر) بجلب المواد المخدرة إلى داخل البلاد والاتجار فيها فأستصدر الأول إذنا بالتفتيش وتوجه صحبه الشاهدين الثانى والثالث وقوة من الشرطة السريين لمكان الضبط حيث شاهد المتهم الثانى وفى يده حقيبة وبتفتيشها عثر أسفل الملابس الموجودة بها على كيس أبيض شفاف عليه خطوط حمراء وسوداء بداخلها ثلاثة أكياس أخرى من البلاستك الأبيض الشفاف يحتوى كل كيس على مادة بيج اللون عبارة عن بودرة ثبت أنها من مادة الهيروين. وبمواجهته بالمضبوطات اعترف بحيازتها وملكيته لتلك المادة المضبوطة وأنه جلبها بالاشتراك مع المتهم الأول (الطاعن) من جمهورية لبنان إلى داخل البلاد وقد تأكد ذلك من الاطلاع على جواز سفرهما إذ تبين أنهما وصلا إلى ميناء القاهرة الجوى بتاريخ...... وسافرا سويا إلى مدينة الاسكندرية حيث أقاما فى فندق....... وقد تم ضبط المتهم الأول بذلك الفندق وإذ ووجه بذلك الاتهام أنكر صلته بالمواد المخدرة مقرراً أنه كان على صلة بالمتهم الثانى بلبنان وأنهما حضرا سويا منها إلى الاسكندرية" ثم خلص إلى إدانة الطاعن والمحكوم عليه الآخر بجلب الجوهر المخدر المضبوط إلى داخل البلاد. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم يتحقق به توافر جريمة جلب جوهر مخدر فى حق الطاعن، ذلك بأن الشارع إذ عاقب فى المادة 33 من القانون رقم 182 لسنة 1960 على جلب المواد المخدرة فقد دل على أن المراد بالجلب فى الأصل هو استيراده - بالذات أو بالواسطة ملحوظاً فى ذلك طرحه وتداولة بين الناس سواء كان الجالب قد استورده لحساب نفسه أو لحساب غيره متى تجاوز بفعله الخط الجمركى قصداً من الشارع إلى القضاء على انتشار المخدرات فى المجتمع الدولى، وإذ كان استيراد المواد المخدرة لا يعدو فى واقع الأمر أن يكون حيازة مصحوبة بالنقل عبر الحدود إلى داخل أراضى الجمهورية فهو فى مدلوله القانونى الدقيق ينطوى ضمنا على عنصر الحيازة إلى جانب دلالته الظاهرة عليها، وكان لا يشترط لاعتبار الجانى حائزاً لمادة مخدرة أن يكون محرزاً عاديا للمادة المخدرة بل يكفى لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطاً عليها ولو لم تكن فى حيازته المادية أو كان محرزاً للمخدر شخصياً غيره، وكانت المادة 39 من قانون العقوبات إذ نصت على أن يعتبر فاعلاً فى الجريمة من يدخل فى ارتكابها إذا كانت تتكون من جملة أعمال فيأتى عمداً عملاً من الأعمال المكونة لها فقد دلت على أن الجريمة إذا تركبت من عدة أفعال سواء بحسب طبيعتها أو طبقا لخطة تنفيذها فإن كل من تدخل فى هذا التنفيذ بقدر ما يعد فاعلاً مع غيره فيها ولو أن الجريمة لم تتم بفعله وحده بل تمت بفعل واحد أو أكثر ممن تدخلوا معه فيها متى و جدت لدى الجانى نية التدخل تحقيقا لغرض مشترك هو الغاية النهائية من الجريمة بحيث يكون كل منهم قد قصَد قصْد الفاعل معه فى ايقاع تلك الجريمة المعينة وأسهم فعلاً بدور فى تنفيذها، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت فى منطق سائغ وتدليل مقبول أن الطاعن والمحكوم عليه الآخر قد أتفقت كلمتهما على جلب المواد المخدرة وأن كل منهما أسهم - تحقيقاً لذلك - بالدور الذى أعد له فى خطة تنفيذ تلك الجريمة على النحو الذى أورده الحكم فى بيانه لواقعة الدعوى، وكان الطاعن لا يجادل فى أن ما عول عليه الحكم من أدلة له مأخذه الصحيح من الأوراق، وقد أنصبت مجادلتهم على ما استخلصه الحكم من هذه الأدلة ورتب عليه أن كلاً منهما قد ارتكب جريمة الجلب، وكان ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً فى تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز معه إثارته أمام محكمة النقض فإن منعى الطاعن بقاله الخطأ فى تطبيق القانون يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكانت التحريات وإذن التفتيش عن المتهمين الآخرين فلا صفة للطاعن فى النعى على الحكم بالقصور فى الرد على هذا الدفاع لما هو مقرر من أنه لا صفة لغير من وقع فى حقه الاجراء أن يدفع ببطلانه ولو كان يستفيد منه لأن تحقق المصلحة لاحق لوجود الصفة فيه. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئا أمام محكمة الموضوع بخصوص ما يدعيه من بطلان القبض عليه لحصوله خارج الاختصاص المكانى للشاهد بغير إذن من النيابة العامة، كما لم يدفع أى من المتهمين ببطلان إذن التفتيش لصدوره عن جريمة مستقبلة ولخلوه مما يكشف عن صفة وكيل النيابة الذى أصدره ومكان إصداره وكانت مدونات الحكم قد خلت مما يرشح لبطلان إذن التفتيش فإنه لا يقبل طرح ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض نظراً لأنه يقتضى تحقيقا تنأى عنه وظيفة محكمة النقض. هذا فضلا عن أنه لما كان من المقرر أنه لا يصح أن ينعى على الاذن بعدم بيان اسم النيابة التى يتبعها مصدر الاذن إذ ليس فى القانون ما يوجب ذكر الاختصاص المكانى مقرونا باسم وكيل النيابة مصدر الاذن بالتفتيش ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد يكون غير مقبول وعلى غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر طبقا للمادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية أن لمأمور الضبط القضائى أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة إليه دون أن يستجوبه تفصيلاً وأن يثبت فى محضره ما يجيب به المتهم بما فى ذلك اعترافه بالتهمة ويكون هذا المحضر عنصراً من عناصر الدعوى وتحقق النيابة ما ترى وجوب تحقيقه منه وللمحكمة أن تستند فى حكمها إلى ماورد به ما دام قد عرض مع باقى أوراق الدعوى على بساط البحث والتحقيق أمامها بالجلسة - وإذ كان الثابت من مطالعة أوراق الطعن أن المحكوم عليه الآخر قد اعترف شفاهة للضابط عقب ضبطه بإحرازه للجوهر المخدر وبجلبه له من خارج البلاد ثم قام بضبط الطاعن بعد أن ثبت من التحريات اشتراكه مع المحكوم عليه الآخر فى جلب المواد المخدرة الذى قرر للضابط شفاهة أنه أقرض المحكوم عليه الآخر مبلغ خمسة آلاف وخمسمائة دولار لشراء كمية من المواد المخدرة فى مقابل تسلمه مبلغ تسعة آلاف دولار فى القاهرة فإنه لا تثريب على الضابط إن أثبت أقوال المتهمين فى محضره دون أن يستجوبهم تفصيلاً وللمحكمة أن تعول عليها فى حكمها مادامت قد اطمأنت إليه ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد يكون فى غير محله. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه احال فى بيان أقوال الشاهد........ إلى ما حصله من أقوال شاهد الاثبات......., كما يبين من الاطلاع على المفردات التى أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لما أثاره الطاعن بشأن الخطأ فى الاسناد أن أقوال شاهد الاثبات....... متفقة فى جملتها وما حصله الحكم من أقوال........ ولم تختلف إلا فى أن الأخير لم يسأل عن تحرياته اللاحقة لضبط المحكوم عليه الآخر عن دور الطاعن فى جريمة الجلب. لما كان ذلك، وكانت إحالة الحكم فى أقوال....... إلى أقوال الشاهد....... رغم الخلاف فى تلك الجزئية غير مؤثر فى عقيدة المحكمة التى خلصت إليها، وكانت أقوال شهود الاثبات وأقوال المحكوم عليه الآخر متفقة فى أن الطاعن والمحكوم عليه الآخر قد جلب المخدر المضبوط إلى داخل البلاد ومن ثم فلا يعيب الحكم ما شابه من خطأ فى الاسناد فى هذه الجزئية. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على افادة نقابة المحامين أن المدافع عن الطاعن الأستاذ......... المحامى مقيداً بجدول - الابتدائى بتاريخ......... وإذ كان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن المحكمة ندبت الأستاذ المحامى سالف الذكر للدفاع عن فترافع عنه بما هو مدون بمحضر الجلسة الذى خلا من أى اعتراض للطاعن على هذا الاجراء، وكان استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده أمراً موكولا إلى تقديره هو حسبما يوحى به ضميره واجتهاده وتقاليد مهنته، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الوجه لا يكون له محل. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس واجب الرفض موضوعا.
ثانيا/ الطعن المقدم من السيد وزير المالية بصفته:
حيث إن السيد وزير المالية بصفته ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضدهما بجريمة جلب جوهر مخدر - وتهريبه قد أخطأ فى تطبيق القانون، ذلك بأنه أغفل القضاء بالتعويض المنصوص عليه فى المادة 122 من القانون رقم 66 لسنة 1963 مما يعيبه بما يوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الأوراق أن الحكم المطعون فيه قضى بمعاقبة المطعون ضدهما بالاشغال الشاقة المؤبدة وبتغريم كل منهما ثلاثة آلاف جنيه وبمصادرة المخدر المضبوط وذلك عن جريمتى جلب جوهر مخدر وتهريبه اللتين دانه بهما. فطعن السيد وزير المالية بصفته فى هذا الحكم بطريق النقض وحيث إن المادة 32 من قانون العقوبات إذ نصت فى فقرتها الأولى على أنه "إذ كون الفعل الواحد جرائم متعددة وجب اعتبار الجريمة التى عقوبتها أشد والحكم بعقوبتها دون غيرها فقد دلت بصريح عبارتها على أنه فى الحالة التى يكون فيها للفعل الواحد عدة أوصاف، يجب اعتبار الجريمة التى تمخض عنها الوصف أو التكييف القانونى الأشد للفعل والحكم بعقوبتها وحدها دون غيرها من الجرائم التى قد تتمخض عنها الأوصاف الأخف والتى لا قيام لها البتة مع قيام الجريمة ذات الوصف الأشد، إذ يعتبر الجانى كأن لم يرتكب غير هذه الجريمة الأخيرة وذلك على خلاف حالة التعدد الحقيقى للجرائم المرتبطة بعضها ببعض بحيث لا تقبل التجزئة التى اختصت بها الفقرة الثانية من المادة 32 سالفة الذكر، إذ لا أثر لاستبعاد العقوبات الأصلية للجرائم الأخف فى وجوب الحكم بالعقوبات التكميلية المتعلقة بهذه الجرائم ضرورة أن العقوبة التكميلية أنما تتعلق بطبيعة الجريمة ذاتها لا بعقوبتها. لما كان ذلك، وكان الجلب فى حكم القانون رقم 182 لسنة 1960 فى شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها ليس مقصورا على استيراد الجواهر المخدرة من خارج الجمهورية وادخالها المجال الخاضع لاختصاصها الاقليمى كما هو محدود دولياً، بل يمتد أيضا إلى كل واقعة يتحقق بها نقل الجواهر المخدرة - ولو فى نطاق ذلك المجال - على خلاف الأحكام المنظمة لجلبها المنصوص عليها فى المواد من 3 إلى 6 التى رصد لها الشارع الفصل الثانى من القانون المذكور ونظم فيها جلب الجواهر المخدرة وتصديرها، فاشترط لذلك الحصول على ترخيص كتابى من الجهة الادارية المختصة لا يمنح إلا للأشخاص والجهات التى بينها بيان حصر، وبالطريقة التى رسمها على سبيل الالزام والوجوب، فضلا عن حظره تسليم ما يصل إلى الجمارك من تلك الجواهر إلا بموجب إذن سحب كتابى تعطيه الجهة الادارية المختصة للمرخص له بالجلب أو لمن يحل محله فى عمله، وايجابه على مصلحة الجمارك فى حالتى الجلب والتصدير تسلم إذن السحب أو التصدير من صاحب الشأن وإعادته إلى تلك الجهة، وكان البين من نصوص المواد الثلاث الأولى من قانون الجمارك الصادر بالقرار بقانون رقم 66 لسنة 1963، أنه يقصد بالأقليم الجمركى هو الحدود السياسية الفاصلة بين جمهورية مصر والدول المتاخمة وكذلك شواطئ البحار المحيطة بالجمهورية وضفتا قناة السويس وشواطئ البحيرات التى تمر بها هذه القناة ويمتد نطاق الرقابة الجمركية البحرى من الخط الجمركى الى مسافة ثمانية عشر ميلاً بحريا فى البحار المحيطة به، أما النطاق البحرى فيحدد بقرار من وزير المالية وفقا لمقتضيات الرقابة ويجوز أن تتخذ داخل النطاق تدابير خاصة لمراقبة بعض البضائع التى تحدد بقرار منه، وهو ما يتأدى إلى أن تخطى الحدود الجمركية أو الخط الجمركى بغير استيفاء الشروط التى نص عليها بالقرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 والحصول على الترخيص المطلوب من الجهة الادارية المنوط بها منحه، يعد جلباً محظوراً. لما كان ذلك، وكان النص فى المادة 121 من قانون الجمارك المشار إليها على أن "يعتبر تهريباً ادخال البضائع من أى نوع إلى الجمهورية أو اخراجها منها بطرق غير مشروعة بدون آداء الضرائب الجمركية كلها أو بعضها أو بالمخالفة للنظم المعمول بها بينما اشترط لتوافر الجريمة بالنسبة إلى غير الممنوع من البضائع أن يكون ادخالها إلى البلاد أو اخراجها منها مصحوبا بطرق غير مشروعة. لما كان ذلك، وكانت المادة 33 من القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966، تنص على أن "يعاقب بالاعدام وبغرامة من ثلاثة آلاف جنيه إلى عشرة آلاف جنيه (أ) كل من صدر أو جلب جواهر مخدرة قبل الحصول على الترخيص المنصوص عليه فى المادة 3". وكان الأصل على مقتضى هذا النص وسائر أحكام القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 سالف البيان أن الجواهر المخدرة هى من البضائع الممنوعة، فإن مجرد ادخالها إلى البلاد قبل الحصول على الترخيص سالف الذكر، يتحقق به الركن المادى المكون لكل من جريمتى جلبها المؤثمة بالمادة 33 آنفة البيان وتهريبها المؤثمة بالمادة 121 من قانون الجمارك المشار إليها، وهو ما يقتضى إعمال نص الفقرة الأولى من المادة 32 من قانون العقوبات والاعتداد فحسب بالجريمة ذات العقوبة الأشد وهى جريمة جلب الجواهر المخدرة - والحكم بالعقوبة المقررة لها بموجب المادة 33 من القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل، دون العقوبات المقررة لجريمة التهريب الجمركى بموجب المادة 122 من قانون الجمارك المار ذكره - أصلية كانت أم تكميلية وإذ كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد يكون فى غير محله. لما كان ما تقدم فإن الطعن المقدم من المدعى بالحقوق المدنية يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.